الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
فَصْلٌ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ، فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
دِيَتُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَيِّتِ بَدَلَ نَفْسِهِ، وَنَفْسُهُ لَهُ، فَكَذَا بَدَلُهَا، قَالَ أَحْمَدُ:«قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ» ، فَتُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتَجْهِيزُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحُوزُ وَرَثَتُهُ مِنْ أَمْلَاكِهِ مَا اسْتَغْنَى عَنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مِلْكٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَصَيْدٍ وَقَعَ فِي أُحْبُولَةٍ نَصَبَهَا خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ فَيَتَوَجَّهُ فِي ضَمَانِ الْمَيِّتِ الْخِلَافُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا تَدْخُلُ فِي وَصِيَّتِهِ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الْمَوْتُ، فَلَا يَجُوزُ وُجُوبُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَدَّمُ سَبَبَهُ، إِذْ بِالْمَوْتِ تَزُولُ أَمْلَاكُهُ (فَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَعَلَى الْأُولَى تُحْسَبُ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ وصيته بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْهُ قَدْرُ ثُلُثِهَا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا تُحْسَبُ الدِّيَةُ، وَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ دِيَتِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِهِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا الْوَرَثَةُ.
[تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ]
فَصْلٌ (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَالْأَعْيَانِ، وَلِأَنَّهَا هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَصَحَّتْ فِي الْحَيَاةِ كَالْمُقَارَنَةِ، وَسَوَاءٌ وَصَّى بِهَا أَبَدًا، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، لَكِنْ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي سُكْنَى الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ
مُعَيَّنَةً، صَحَّ، فَإِذَا أَوْصَى بِهَا أَبَدًا، فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا وَبَيْعُهَا، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إِلَّا لِمَالِكِ نَفْعِهَا، وَلَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا وَأَخْذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنَ الثُّلُثِ، أُجِيزَ مِنْهَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَقَالَ: إِذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَسْلِيمِ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَبَيْنَ ثُلُثِ الْمَالِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ، حَتَّى يُسْتَكْمَلَ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَيْعَهُ بِيعَ، وَلَنَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَوَجَبَ تَنْفِيذُهَا عَلَى صِفَتِهَا، فَإِنْ أُرِيدَ تَقْوِيمُهَا، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةٌ بِمُدَّةٍ، قُوِّمَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ الْمَنْفَعَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهَا.
فَرْعٌ: لِلْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ الْعَبْدِ أَوِ الدَّارِ إِجَارَتُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَلَهُ إِخْرَاجُ الْعَبْدِ عَنِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْعِهِ، فَمَلَكَ إِخْرَاجَهُ، وَإِجَارَتَهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ.
(فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، صَحَّ) لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِهَا (فَإِذَا أَوْصَى بِهَا أَبَدًا فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ، وَمَنَافِعُهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِشَيْءٍ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَهَا صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِلرَّقَبَةِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا، فَإِنْ وَهَبَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ مَنَافِعَهُ لِلْعَبْدِ أَوْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ، صَحَّ، وَلِلْوَرَثَةِ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ، (وَ) لَهُمْ (بَيْعُهَا) لِأَنَّهَا أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَصَحَّ بَيْعُهَا لِغَيْرِهَا، وَتُبَاعُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَيَقُومُ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْحَشَرَاتِ، وَرُدَّ: بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِعْتَاقُهَا، وَتَحْصِيلُ وِلَايَتِهَا، وَثَوَابِ عِتْقِهَا بِخِلَافِ الْحَشَرَاتِ.
(وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إِلَّا لِمَالِكِ نَفْعِهَا) لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ لَهُ الرَّقَبَةُ وَالْمَنْفَعَةُ، فَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ الشَّجَرِ، وَبَيْعِ الزَّرْعِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَفِي كِتَابَتِهَا الْخِلَافُ.
(وَلَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا) أَيْ: بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِتَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، وَصَاحِبَ الْمَنْفَعَةِ يَتَضَرَّرُ بِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، جَازَ، وَإِنْ طَلَبَتِ التَّزْوِيجَ، وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهَا وَهُوَ مُقْدِمٌ عَلَيْهَا، وَوَلِيُّهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: هُمَا (وَ) لَهُمْ (أَخْذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ
الْبِضْعِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: مَهْرُهَا لِلْوَصِيِّ، وَإِنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ قُتِلَتْ، فَلَهُمْ قِيمَتُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَشْتَرِي بِهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَلِلْوَصِيِّ اسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًى،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَبَ) فِي اخْتِيَارِ الْمُؤَلِّفِ، وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ (لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبِضْعِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا) مُفْرَدَةً، وَلَا مَعَ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ تَابِعَةٌ لِلرَّقَبَةِ، فَتَكُونُ لِصَاحِبِهَا (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: مَهْرُهَا لِلْوَصِيِّ) لِأَنَّهُ مِنْ مَنَافِعِهَا.
(وَإِنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ، يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا لِاعْتِقَادِ الْوَاطِئِ: أَنَّهُ وَطِئَ فِي مِلْكٍ، كَالْمَغْرُورِ بِأَمَةٍ (وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِهَا) لِأَنَّهُ امْتَنَعَ رِقُّهُ، فَوَجَبَ جَبْرُ مَا فَاتَ مِنْ رِقِّهِ (عِنْدَ الْوَضْعِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وُجِدَ، وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ لَا تُعْلَمُ قِيمَتُهُ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُ أَوَّلِ حَالَةٍ يُعْلَمُ بِهَا (عَلَى الْوَاطِئِ) لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ رِقَّهُ (وَإِنْ قُتِلَتْ فَلَهُمْ قِيمَتُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ صَادَفَ الرَّقَبَةَ، وَهُمْ مَالِكُوهَا، وَفَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ حَصَلَ ضِمْنًا.
وَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ كَالْإِجَارَةِ (وَفِي الْآخَرِ يَشْتَرِي بِهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا) لِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، تَعَلَّقَ بِبَدَلِهَا إِذَا لَمْ يَبْطُلْ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَيُفَارِقِ الزَّوْجَةَ وَالْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ يَبْطُلُ بِتَلَفِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَالِكِ النَّفْعِ (وَلِلْوَصِيِّ) أَيْ لِمَالِكِ نَفْعِهَا (اسْتِخْدَامُهَا) حَضَرًا وَسَفَرًا (وَإِجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِنَفْعِهَا، وَهَذَا مِنْهُ، فَإِنْ قَتَلَهَا وَارِثُهَا، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: إِنْ قُتِلَتْ، فَرَقَبَةٌ بِثَمَنِهَا مَقَامَهَا، وَقِيلَ: لِمَالِكِ نَفْعِهَا، قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى (وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا) لِأَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ بِزَوْجٍ، وَلَا مَالِكٍ لِلرَّقَبَةِ، وَالْوَطْءُ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِهِمَا، وَمَالِكُ الرَّقَبَةِ لَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إِلَى هَلَاكِهَا، لَكِنْ أَيُّهُمَا وَطِئَهَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ؛ لِوُجُودِ الْمِلْكِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ وَلَدَتْ، فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ صَاحِبَ الْمَنْفَعَةِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛
فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي كَسْبِهَا، وَالثَّانِي: عَلَى مَالِكِهَا، وَالثَّالِثُ: عَلَى الْوَصِيِّ، وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ مَالِكَ الرَّقَبَةِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، وَفِي وُجُوبِ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ فِي اخْتِيَارِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَهُ الْمَهْرُ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، إِنْ كَانَ هُوَ الْوَاطِئُ، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا: تَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، إِذَا وَطِئَ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَلَدُهُ مَمْلُوكًا.
(وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًى، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي حُكْمِهَا كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّفْعِ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا هُوَ مِنَ الرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا (وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي كَسْبِهَا) لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إِيجَابُهَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ لِكَوْنِهِ لَا نَفْعَ لَهُ، وَعَلَى مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِكَوْنِهِ لَا رَقَبَةَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا إِيجَابُهَا فِي كَسْبِهَا، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى إِيجَابِهَا عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ كَسْبَهَا مِنْ مَنَافِعِهَا، فَعَلَيْهِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، فَقِيلَ: تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَالثَّانِي: عَلَى مَالِكِهَا) أَيْ مَالِكِ الرَّقَبَةِ، ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الرَّقَبَةِ، فَكَانَتْ عَلَى مَالِكِهَا كَنَفَقَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ، وَلِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَتَّبِعُ النَّفَقَةَ، وَوُجُوبُ التَّابِعِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَتْبُوعِ عَلَيْهِ (وَالثَّالِثُ: عَلَى الْوَصِيِّ) أَيْ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَفْعَهَا فَكَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ كَالزَّوْجِ، وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَمَةِ، بَلْ حُكْمُ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَنَفْعُهَا بَعْدَ الْوَصِيِّ لِوَرَثَتِهِ قَطَعَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي هِبَةِ نَفْعِ دَارِهِ وَسُكْنَاهَا شَهْرًا وَتَسْلِيمِهَا، وَقِيلَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي.
(وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ
مِنَ الثُّلُثِ، وَالثَّانِي تَقُومُ بِمَنْفَعَتِهَا، ثُمَّ تَقُومُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، فَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبَتِهَا، وَلِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا، صَحَّ، وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجْهَانِ) لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَجْهُولَةٌ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا، فَوَجَبَ اعْتِبَارُ جَمِيعِهَا (أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا مِنَ الثُّلُثِ) يَعْنِي يُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا، وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُ ثَمَنِهَا مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ أَمَةً لَا مَنْفَعَةَ لَهَا، لَا قِيمَةَ لَهَا غَالِبًا (وَالثَّانِي: تُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا، ثُمَّ تُقَوَّمُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَنْفَعَتِهَا مِائَةً، وَمَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ عَشَرَةً، عَلِمْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ تِسْعُونَ، وَكَذَا إِذَا أَوْصَى بِنَفْعِهَا وَقْتًا مُقَدَّرًا، مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ وَحْدَهُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِإِمْكَانِ تَقْوِيمِهِ مُفْرَدًا، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا. وَإِنْ أَطْلَقَ فَمَعَ الرَّقَبَةِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: بَلْ يُقَسِّطُهُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى أَحَدِهِمَا.
(وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبَتِهَا، وَلِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا، صَحَّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَنْتَفِعُ بِعِتْقِهَا وَوَلَائِهَا وَبَيْعِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَالثَّانِي: ظَاهِرٌ (وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكُهَا.
تَنْبِيهٌ: أَوْصَى بِثَمَرِ شَجَرَةٍ لِزَيْدٍ، وَبِرَقَبَتِهَا لِعَمْرٍو، لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا إِجْبَارَ الْآخَرِ عَلَى سَقْيِهَا، وَلَا مَنْعَهُ مِنْهُ، إِذَا لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ يَبِسَتِ الشَّجَرَةُ، أَوْ بَعْضُهَا، فَهُوَ لِعَمْرٍو، وَإِنْ وَصَّى بِثَمَرَتِهَا، أَوْ حَمْلِ أَمَتِهِ أَوْ شَاتِهِ، فَلَمْ تَحْمِلْ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ، وَإِنْ قَالَ: لَكَ ثَمَرَتُهَا، أَوْ حَمْلُ الْحَيَوَانِ أَوَّلَ عَامٍ بِثَمَرٍ، أَوْ بِحَمْلٍ، صَحَّ، وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِلَبَنِ شَاتِهِ وَصُوفِهَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، صَحَّ، وَيُقَوَّمُ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْعَيْنِ، وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِهِ، وَلِآخَرَ بِنَبْتِهِ صَحَّ، وَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْإِنْفَاقِ، فَفِي إِجْبَارِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ، إِذَا انْهَدَمَ، وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِخَاتَمٍ، وَلِآخَرَ بِفَصِّهِ، صَحَّ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِفَاعُ بِهِ إِلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ قَلْعَ الْفَصِّ مِنْهُ، أُجِيبَ إِلَيْهِ، وَيُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى بَيْعِهِ أَوْ لُبْسِهِ، جَازَ (وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، صَحَّ) إِنْ صَحَّ بَيْعُهُ؛
وَصَّى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، صَحَّ، وَيَكُونُ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، أَوْ بِنَجْمٍ مِنْهَا، صَحَّ، وَإِنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ، وَبِمَا عَلَيْهِ لِآخَرَ صَحَّ، فَإِنْ أَدَّى، عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْمَالِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَالْقِنِّ (وَيَكُونُ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، أَشْبَهَتِ الشِّرَاءَ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ عَجَزَ، عَادَ رَقِيقًا لَهُ، فَإِنْ عَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ رِقَّهُ لَا يُنَافِيهَا، وَإِنْ أَدَّى إِلَيْهِ بَطَلَتْ، فَإِنْ قَالَ: إِنْ عَجَزَ وَرَقَّ، فَهُوَ لَكَ بَعْدَ مَوْتِي، فَعَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، صَحَّتْ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِهِ، بَطَلَتْ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِي، فَهُوَ لَكَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، أَوْ بِنَجْمٍ مِنْهَا، صَحَّ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِمَا لَيْسَ مُسْتَقِرًّا، كَمَا تَصِحُّ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ كَحَمْلِ الْجَارِيَةِ، وَحِينَئِذٍ لِلْمُوصَى لَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَالِ عِنْدَ حُلُولِهِ وَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَيَعْتِقُ بِأَحَدِهِمَا، وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ عَلَيْهِ، وَفِي الْخِلَافِ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا عَجَزَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ تَعْجِيزَهُ، وَأَرَادَ الْوَصِيُّ إِنْظَارَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ، قُدِّمَ قَوْلُ الْوَارِثِ، وَمَتَى عَجَزَ فَهُوَ عَبْدٌ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ وَصَّى بِمَا يُعَجِّلُهُ الْمُكَاتَبُ، صَحَّ، فَإِنْ عَجَّلَ شَيْئًا، فَهُوَ لِلْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا حَتَّى حَلَّتْ نُجُومُهُ، بَطَلَتْ.
(وَإِنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ، وَبِمَا عَلَيْهِ لِآخَرَ، صَحَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الرَّقَبَةِ وَالدَّيْنِ مَمْلُوكٌ لِلْمُوصِي، فَصَحَّ كَغَيْرِهِ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ (فَإِنْ أَدَّى) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ (عَتَقَ) لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْمُكَاتَبِ، وَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ (وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ) قِنٌّ (لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ) حَيْثُ فَسَخَهَا؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُوصِي، فَأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ (وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْمَالِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ قَبَضَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي فَسْخِ الْكِتَابَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ، قُدِّمَ قَوْلُ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ، فَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً، فَأَوْصَى بِمَا