الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ
الْفُرُوضُ سِتَّةٌ، وَهِيَ نَوْعَانِ: نِصْفٌ وَرُبُعٌ وَثُمُنٌ وَثُلُثَانِ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ، وَهِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَحَازَ الْأَكْبَرَانِ هُنَاكَ ثُلْثًا
…
وَبَاقِي الْمَالِ أَحْرَزَهُ الصَّغِيرُ
الْخَامِسَةُ: امْرَأَةٌ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ وَلَدًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَخِيهِ لِأَبِيهِ، وَلَهُ خَمْسَةُ ذُكُورٍ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ مِثْلَهُمْ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ مِثْلَهُمْ، ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا الْأَوَّلُ، وَرِثَ خَمْسَةٌ نِصْفًا، وَخَمْسَةٌ ثُلُثًا، وَخَمْسَةٌ سُدُسًا، وَيُعَايَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: خَمْسَةَ عَشَرَ ذُكُورًا وَرِثُوا مَالَ مَيِّتٍ لِذَلِكَ، فَأَوْلَادُ الزَّوْجِ الثَّانِي مِنْهَا، هُمْ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ، وَأَوْلَادُ عَمِّهِ وَأَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا أَوْلَادُ عَمٍّ فَقَطْ، وَأَوْلَادُهَا مِنَ الْأَجْنَبِيِّ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ فَقَطْ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ.
[بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ]
ِ وَمَعْنَى أُصُولِ الْمَسَائِلِ: الْمَخَارِجُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا فُرُوضُهَا، وَالْمَسَائِلُ جَمْعُ مَسْأَلَةٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ سَأَلَ سُؤَالًا وَمَسْأَلَةً، فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِمَعْنَى مَسْأَلَةٍ، أَيْ مَسْئُولَةٍ بِمَعْنَى سَأَلَ عَنْهَا، وَفِيهِ الْعَوْلُ أَيْضًا، يُقَالُ: عَالَتْ، أَيْ: ارْتَفَعَتْ، وَهُوَ ازْدِحَامُ الْفَرَائِضِ، بِحَيْثُ لَا يَتَّسِعُ لَهَا الْمَالُ، فَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ فُرُوضِهِمْ، كَمَا يُقَسَّمُ مَالُ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَطَاءٌ: لَا تَعُولُ الْمَسَائِلُ، وَيَلْزَمُهُ مَسْأَلَةٌ فِيهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ، فَإِنْ حَجَبَ الْأُمَّ إِلَى السُّدُسِ، خَالَفَ مَذْهَبَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ، وَإِنْ نَقَّصَ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ، رَدَّ النَّقْصَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهْبِطْهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَرْضٍ إِلَى مَا بَقِيَ، وَإِنْ أَعَالَ الْمَسْأَلَةَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَتَرَكَ مَذْهَبَهُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": وَلَا نَعْلَمُ الْيَوْمَ قَائِلًا بِمَذْهَبِهِ.
(الْفُرُوضُ) الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (سِتَّةٌ وَهِيَ نَوْعَانِ: نِصْفٌ) بَدَأَ الْفَرْضِيُّونَ بِهِ لِكَوْنِهِ مُفْرَدًا، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، قَالَ: وَكُنْتُ أَوَدُّ لَوْ بَدَءُوا بِالثُّلُثَيْنِ؛ لَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُ ابْنَ الْمُنَجَّا، وَالْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْوَنِّيَّ، بَدَأا بِهِ، فَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ، وَهُوَ فَرْضُ خَمْسَةٍ
تَخْرُجُ مِنْ سَبْعَةِ أُصُولٍ: أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ، وَثَلَاثَةٌ تَعُولُ، فَالَّتِي لَا تَعُولُ: هِيَ مَا كَانَ فِيهَا فَرْضٌ وَاحِدٌ أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَالنِّصْفُ وَحْدَهُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَالثُّلُثُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالرُّبُعُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالثُّمُنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، فَهَذِهِ الَّتِي لَا تَعُولُ، وَأَمَّا الَّتِي تَعُولُ: فَهِيَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا فَرْضٌ أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ النِّصْفِ سُدُسٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ ثُلُثَانِ، فَهِيَ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَرُبُعٌ) وَهُوَ فَرْضُ اثْنَيْنِ (وَثُمُنٌ) وَهُوَ فَرْضٌ وَاحِدٌ (وَثُلُثَانِ) وَهُوَ فَرْضُ أَرْبَعَةٍ (وَثُلُثٌ) وَهُوَ فَرْضُ اثْنَيْنِ (وَسُدُسٌ) وَهُوَ فَرْضُ سَبْعَةٍ (وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ سَبْعَةِ أُصُولٍ: أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ، وَثَلَاثَةٌ تَعُولُ) لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا فَرْضٌ مُفْرَدٌ، فَأَصْلُهَا مِنْ مُخْرَجِهِ، وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ فَرْضٌ مِنْ نَوْعِهِ، فَأَصْلُهَا مِنْ مُخْرَجِ أَقَلِّهِمَا؛ لِأَنَّ مُخْرَجَ الْكَبِيرِ دَاخِلٌ فِي مُخْرَجِ الصَّغِيرِ (فَالَّتِي لَا تَعُولُ، هِيَ مَا كَانَ فِيهَا فَرْضٌ) ، وَمَا بَقِيَ (أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) كَنِصْفَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ زَوْجٌ، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَتُسَمَّى الْيَتِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ مُتَسَاوِيَانِ، وُرِّثَ بِهِمَا الْمَالُ، وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا (فَالنِّصْفُ وَحْدَهُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَالثُّلُثُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالرُّبُعُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالثُّمُنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، فَهَذِهِ الَّتِي لَا تَعُولُ) لِأَنَّ الْعَوْلَ ازْدِحَامُ الْفُرُوضِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ هُنَا.
(وَأَمَّا الَّتِي تَعُولُ، فَهِيَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا فَرْضٌ أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ النِّصْفِ سُدُسٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ ثُلُثَانِ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ) لِأَنَّ مُخْرَجَ النِّصْفِ مِنِ اثْنَيْنِ، وَالسُّدُسِ مِنْ سِتَّةٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ، فَيُكْتَفَى بِهِ، وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالنِّصْفُ مِنِ اثْنَيْنِ، فَضُرِبَ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَكُنْ سِتَّةً، وَذَلِكَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مُخْرَجُ السُّدُسِ. زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ، أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ (وَتَعُولُ) وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي السِّهَامِ نَقْصٌ فِي أَنْصِبَاءِ الْوَرَثَةِ إِلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ إِحْدَاهُمَا مِنْ أَبَوَيْنِ وَالْأُخْرَى مِنْ أَبٍ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُمٍّ، وَتُسَمَّى الْمُبَاهَلَةَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ الصَّحَابَةَ فِيهَا، فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ، وَاتَّفَقَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَكِنْ لَمْ يُظْهِرِ النَّكِيرَ فِي حَيَاتِهِ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ، دَعَا إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، وَقَالَ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ، إِنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالَجٍ عَدَدًا، لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا إِذَا ذَهَبَ النِّصْفَانِ، فَأَيْنَ مَحَلُّ الثُّلُثِ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمُوا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، وَأَخَّرُوا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، مَا عَالَتْ مَسْأَلَةٌ قَطُّ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَا
سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إِلَى عَشَرَةٍ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَ الرُّبُعِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ عَلَى الْأَفْرَادِ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَظْهَرْتَ هَذَا زَمَنَ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ مَهِيبًا فَهِبْتُهُ.
وَإِلَى تِسْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ، وَيُسَمَّى عَوْلُهَا الْغَرَّاءَ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمُبَاهَلَةِ، وَاشْتَهَرَ الْقَوْلُ بِهَا (إِلَى عَشَرَةٍ) كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ مِنْ أُمٍّ، وَهِيَ أُمُّ الْفُرُوخِ.
وَمَنْ عَالَتْ مَسْأَلَتُهُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ، لَمْ يَكُنِ الْمَيِّتُ إِلَّا امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ زَوْجٍ (وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي مَسْأَلَةٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفٍ وَنِصْفٍ وَثُلُثَيْنِ (وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَ الرُّبُعِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) أَيِ الثُّلُثَانِ أَوِ الثُّلُثُ أَوِ السُّدُسُ (فَهِيَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ) لِأَنَّ مُخْرَجَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ لَا مُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا، فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ، وَالرُّبُعُ وَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ، فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَبْلُغْ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ فِي هَذَا الْأَصْلِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَجْلِ فَرْضِ الرُّبُعِ، وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِمَا كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَخَمْسَةِ بَنِينَ.
(وَتَعُولُ عَلَى الْإِفْرَادِ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ) فَعَوْلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْهَا إِذَا كَانَ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ لَهُ رُبُعٌ وَنِصْفٌ وثلث، كَزَوْجَةٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَهُ رُبُعٌ، وَسُدُسٌ، وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَجَدَّةٍ، وَأُخْتَيْنِ مِنْ أَبَوَيْنِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ رُبُعٌ، وَنِصْفٌ، وَسُدُسَانِ، كَزَوْجٍ، وَبِنْتٍ، وَبِنْتِ ابْنٍ، وَأُمٍّ، وَعَوْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ، كَزَوْجٍ، وَأَبَوَيْنِ، وَابْنَتَيْنِ، وَعَوْلُ سَبْعَةَ عَشَرَ اثْنَتَانِ: كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ وَجَدَّتَيْنِ، وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ، وَثَمَانِيَةِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ، وَمَتَى عَالَتْ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ لَمْ يَكُنِ الْمَيِّتُ فِيهَا إِلَّا رَجُلًا، وَإِنَّمَا كَانَ عَوْلُ هَذَا الْأَصْلِ عَلَى الْأَفْرَادِ؛ لِأَنَّ فِيهَا فَرْضًا يُبَايِنُ سَائِرَ فُرُوضِهَا، وَهُوَ الرُّبُعُ، فَإِنَّهُ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ فَرْدٌ، وَسَائِرُ فُرُوضِهَا أَزْوَاجٌ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ، عَلِمْتَ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ تَعُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْتَارًا، الْأَوَّلُ بِمِثْلِ نِصْفِ سُدُسِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ بِمِثْلِ رُبُعِهَا وَسُدُسِهَا، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلَيْسَ فِي العدد الأصم مَا يَكُونُ أَصْلًا لِلْمَسْأَلَةِ، وَتَنْقَسِمُ مِنْهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي سَائِرِ الْعَوْلِ.
مِنْ ذَلِكَ، وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَ الثُّمُنِ سُدُسٌ أَوْ ثُلُثَانِ فَاجْعَلْهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَتُسَمَّى الْبَخِيلَةُ؛ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا، وَالْمِنْبَرِيَّةُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه سُئِلَ عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: صَارَ ثُمُنُهَا تِسْعًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) بِالسَّبْرِ (وَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَ الثُّمُنِ سُدُسٌ أَوْ ثُلُثَانِ فَاجْعَلْهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) فَإِنَّكَ تَضْرِبُ مُخْرَجَ الثُّمُنِ فِي مُخْرَجِ الثُّلُثَيْنِ، أَوْ فِي وَفْقِ مُخْرَجِ السُّدُسِ تَبْلُغُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ نَذْكُرِ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الثُّمُنِ، لِكَوْنِهِ فَرْضَ الزَّوْجَةِ مَعَ الْوَلَدِ، وَلَا يَكُونُ الثُّلُثُ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِوَلَدِ الْأُمِّ، وَالْوَلَدُ يُسْقِطُهُمْ، وَلِلْأُمِّ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَابْنَتَانِ، وَمَا بَقِيَ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ، وَسِتَّةَ عَشَرَ بِنْتًا، وَأُخْتٌ.
(وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَهُ ثُمُنٌ، وَنِصْفٌ، وَثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأَبَوَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ ثُمُنُ سُدُسَانِ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ، وَلَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِلَّا رَجُلًا، بَلْ لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، إِلَّا وَهُوَ رَجُلٌ (وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا) بِالسَّبْرِ، وَفِي " التَّبْصِرَةِ " رِوَايَةٌ إِلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ يَحْجِبُ الزَّوْجَيْنِ بِالْوَلَدِ الْكَافِرِ وَالْقَاتِلِ وَالرَّقِيقِ، وَلَا يُوَرِّثُهُمْ فَعَلَى قَوْلِهِ: إِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَأُمٌّ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ، وَوَلَدٌ كَافِرٌ، فَلِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَلِلْأُمِّ وَالْمَرْأَةِ السُّدُسُ وَالثُّمُنُ سَبْعَةً، وَتَعُولُ إِلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ (وَتُسَمَّى الْبَخِيلَةُ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْأُصُولِ عَوْلًا، وَلَمْ تَعُلْ إِلَّا بِمِثْلِ ثُمُنِهَا (وَالْمِنْبَرِيَّةُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه سُئِلَ عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: صَارَ ثُمُنُهَا تِسْعًا) وَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ، يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَ لَهَا الثُّمُنُ ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَصَارَ لَهَا بِالْعَوْلِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ التُّسْعُ.
تَنْبِيهٌ: إِنَّمَا اخْتُصَّتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِالْعَوْلِ دُونَ الْأَرْبَعَةِ لِوَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَوْلَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ إِذَا كَثُرَتِ الْفَرَائِضُ، فَزَادَتِ الْأَجْزَاءُ عَلَى الْمُخْرَجِ، وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا الِاثْنَانِ، فَلِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمُخْرَجُ اثْنَيْنِ لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا نِصْفَيْنِ أَوْ نِصْفًا، وَمَا بَقِيَ، وَلَا يَجْتَمِعُ فِي فَرِيضَةٍ ثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ، لِيَحْصُلَ الْعَوْلُ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ، فَلِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي مَسْأَلَةٍ ثُلُثَانِ وَثُلُثَانِ، وَلَا ثُلُثٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ، فَلِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي مَسْأَلَةٍ