الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نوادر المدح في أوصافه نشقت
…
منها الصبا وأتتنا وهي في شمم
قال في شرحه: الشمم للنسيم نادرة، بل نكتة لم أسبق إليها.
وبيت المقري قوله:
فصدره البحر بر القلب من كرم
…
وقبله البر صدر البحر في عظم
ولم ينظم السيوطي هذا النوع.
وبيت بديعية العلوي قوله:
بحر له ساحل يغني الأنام إذا
…
جاءوه قبل دخول البحر من عدم
وبيت بديعية الطبري قوله:
نوادر المدح فاحت غير آونة
…
ريح الصبا شممت أكرم بذي الشمم
قال في شرحه: النادرة فيه نسبة الشمم إلى الريح. انتهى. وهي نادرة بيت ابن حجة بعينها.
وبيت بديعيتي قولي:
فهل نوادر قولي إذ أتت علمت
…
بأنها مدح خير العرب والعجم
النادرة فيه التعجب الذي أفهمه الاستفهام من مجيء نوادر الكلام حتى كأنها علمت أنها مدح أشرف الأنام عليه الصلاة والسلام.
التطريز
تطريز مدحي في علياه منتظم
…
في خير منتظم في خير منتظم
التطريز في اللغة: مصدر طرزت الثوب إذا جعلت له طرازا أي علما، وهو معرب، وثوب مطرز بالذهب وغيره، أي معلم. وفي الاصطلاح يطلق علي معنيين: أحدهما: أن يؤتى في الكلام بمواضع متقابلة كأنها طراز.
هكذا عرفه الطيبي في البيان، ومثله بقول أبي تمام:
أعوام وصل كاد ينسى طولها
…
ذكر النوى فكأنها أيام
ثم انبرت أيام هجر أعقبت
…
بأسى فخلنا أنها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
…
فكأنها وكأنهم أحلام
الثاني: أن يبتدي المتكلم من ذوات غير مفصلة، ثم يخبر عنها بصفة واحدة من الصفات مكررة بحسب العدد الذي قدره في تلك الجمل الأول، فتكون الذوات في كل جملة متعددة تقديرا، والجمل متعددة لفظا، وعدد الجمل التي وصفت بها الذوات (لا عدد الذوات) عدد تكرار واتحاد لا تعداد تغاير، هكذا قرره الشيخ صفي الدين الحلي في شرح بديعيته.
ومثله بقول ابن الرومي:
أموركم بني خاقان عندي
…
عجاب في عجاب في عجاب
قرون في رؤوس في وجوه
…
صلاب في صلاب في صلاب
ومنه قول عضد الدولة:
طربت إلى الصبوح مع الصباح
…
وشرب الكأس والغرور الملاح
وقد حبس الدجي عنا براح
…
تسل نفوسها فوق الجسوم
شموعك والكؤوس مع الندامى
…
نجوم في نجوم في نجوم
وبيت بديعية الصفي قوله:
فالجيش والنقع تحت الجو مرتكم
…
في ظل مرتكم في ظل مرتكم
قال ابن حجة: هذا البيت لا يخلو من أن يكون للعقادة فيه بعض تركم. انتهى. والعقادة في لفظه لا في معناه.
ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.
وبيت بديعية الموصلي قوله:
للدين والنقع تطريز لمحترم
…
في نظم محترم في نظم محترم
قال ابن حجة في وصف هذا البيت: لم أفهم منه غير لفظة التطريز.
وبيت بديعية ابن حجة قوله:
شملي بتطريز مدحي فيه منتظم
…
يا طيب منتظم يا طيب منتظم
وبيت بديعية المقري قوله:
شعري ونائله والخلق منسجم
…
في أي منسجم في أي منسجم
ولم ينظم السيوطي، ولا الطبري هذا النوع.
وبيت بديعية العلوي قوله:
فالوصل والقرب في التمكين منتظم
…
في ضمن منتظم في خير منتظم
وبيت بديعيتي قولي:
تطريز مدحي في علياه منتظم
…
في خير منتظم في خير منتظم
التكرار
تكرار قولي حلا في الباذخ العلم اب
…
ن الباذخ العلم ابن الباذخ العلم
التكرار، وقد يقال: التكرير، فالأول اسم، والثاني مصدر من كررت الشيء: إذا أعدته مرارا، وهو عبارة من تكرير كلمة فأكثر باللفظ والمعنى لنكتة، ونكتة كثيرة:
منها التوكيد، كقوله تعالى "كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون". فالتكرير تأكيد للردع والإنذار، فقوله: كلا: ردع وتنبيه، على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن يكون الدنيا جميع همه، وأن لا يهتم بدينه. وسوف تعلمون: إنذار، ليخافوا فينتبهوا من غفلتهم، أي سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه، إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله. وفي الإتيان بلفظ (ثم) دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول، كما تقول لمن تنصحه، أقول لك: لا تفعل ثم لا تفعل، وذلك لأن أصل ثم للدلالة على تراخي الزمان، لكنها قد تجيء لمجرد التدرج في درج الارتقاء، من غير اعتبار التراخي والبعد بين تلك الدرج، ولا لأن الثاني بعد الأول في الزمان، وذلك إذا تكرر الأول بلفظ الأول نحو والله ثم والله. وكقوله تعالى "وما أدريك ما يوم الدين، ثم ما أدريك ما يوم الدين".
وقول كثير عزة:
فو الله ثم الله ما حل قبلها
…
ولا بعدها مخلوقة حيث حلت
ومنها زيادة التنبيه على ما ينفى التهمة والإيقاظ من سنة الغفلة، ليكمل تلقي الكلام بالقبول، كما في قوله تعالى "وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع" فانه كرر فيه النداء لذلك.
ومنها تذكر ما قد بعد بسبب طول الكلام، وهذا التكرير قد يكون مجردا عن رابط كما في قوله تعالى "ثم أن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا أن ربك من بعدها لغفور رحيم".
وكما في قول الشاعر:
لقد علم الحي اليماني أنني
…
إذا قلت أما بعد إني خطيبها
وقد يكون مع رابط كما في قوله تعالى "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبهم بمفازة من العذاب"، فقول: فلا تحسبهم، تكرير لقوله: لا تحسبن الذين يفرحون، لبعده من المفعول الثاني.
ومنها زيادة التوجع والتحسر كما في قول الحسين بن مطير:
فيا قبر معن أنت أول حفرة
…
من الأرض خطت للسماحة مضجعا
ويا قبر معن كيف واريت جوده
…
وقد كان منه البر والبحر مترعا
ومنها التهويل نحو "الحافة ما الحافة" و"القارعة ما القارعة".
ومنها زيادة الاستبعاد كما في قوله تعالى "هيهات هيهات لما توعدون".
وقول الشاعر:
وهيهات هيهات العقيق وأهله
…
وهيهات خل بالعقيق نواصله
ومنها زيادة المدح كقول أبي تمام:
بالصريح الصريح والأروع الأر
…
وع منهم وباللباب اللباب
ومنها التعظيم كقوله تعالى "وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين".
ومنها التلذذ بذكر المكرر كما في قوله:
سقى الله نجدا والسلام على نجد
…
ويا حبذا نجد على النأي والبعد
نظرت إلى نجد وبغداد دونه
…
لعلي أرى نجدا وهيهات من نجد
فكرر لفظة نجد خمس مرات لتلذذه بذكرها، كما قيل:
أعد ذكر نعمان لنا أن ذكره
…
هو المسك ما كررته يتضوع
ومنها التنويه بشأن المذكور، كقول أبي الطيب:
العارض الهتن ابن العارض الهتن اب
…
ن الفارض الهتن ابن الفارض الهتن
وقول ابن النبيه: الطاهر النسب ابن الطاهر النسب اب_ن الطاهر النسب ابن الطاهر النسب وقد عاب قوم علي أبي الطيب هذا التكرار وقالوا: انه من العي تكرار اللفظ.
قال العكبري في شرحه: سمعت شيخي أبا الفتح يقول: إن كان هذا من العي، فحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصله، فقد قال عليه السلام: الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وأما ابن الأثير فانه عاب ألفاظ البيت من حيث هي، واستثقل لفظ العارض والهتن وقال: لو قال بدل العارض، السحاب، لم يكن هجنا. وليس كما زعم، فإن لفظ العارض والهتن فصيح عذب.
وقال ابن وكيعك لولا انتهاء القافية لمضى في العارض الهتن إلى آدم عليه السلام. وبانتهاء الغاية أعلمنا أن نهاية عدد آبائه المستحقين للمدح ثلاثة ثم يقف هناك.
وأحسن من هذا قول البحتري:
الفاعلون إذا لدينا بجودهم
…
ما يفعل الغيث في شؤبوبه الهتن
فجاء بالمعنى عاما من غير عدد ولا لفظ مستبرد، فهو أرجح كلاما وأحسن لفظا.
وما أشبه برد بيت أبي الطيب ببيت قاله امرؤ القيس وهو:
ألا أنني بال على جمل بال
…
يقود بنا بال ويتبعنا بال