الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كلمة (لا) فعدها حرفا واحدا كما عدها الحريري في الرقطاء كقوله: أخلاق سيدنا، عامي.
والمشدد يعد حرفا واحدا، نظرا إلى الصورة، ولهذا سمي الخليل نحو (مد) و (ود) ثنائيا.
وبيت بديعية صفي الحلي في هذا النوع مبني على التعرية نمن النقط وهو:
آل رسول محل العلم ما حكموا
…
لله إلا وعدوا سادة الأمم.
ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.
قال ابن حجة: وأما الشيخ عز الدين فقد تعذر عليه نظم الحذف للحروف المنقوطة لأجل تسمية النوع في البيت، إذ فيه الذال، والفاء، ولا بد من التورية بتسمية النوع كما شرط أولا، فكل منا جنح (في) باب الحذف إلى جهة.
أما الشيخ عز الدين فإنه ذكر أنه نظم في بيت الحروف النورانية المقطعة، وسمى الحذف في بيته إسقاطا فقال:
أروم إسقاط ذنبي بالصلاة على
…
محمد وعلى صديقه العلم.
وأما ابن حجة فإنه حذف من بيته الأحرف التي تنقط من تحت فقال:
وقد أمنت وزال الخوف منخذفا
…
نحو العدو ولم أحقر ولم أضم.
وبيت بديعية المقري قوله:
شديد حلم سديد حلمه يقظ
…
يقضي ويمضي ويرضي غير متهم.
قال في شرحه: المحذوف منه ثلاثة عشر حرفا، وهي عدا ما ذكر في البيت.
وبيت بديعية العلوي قوله:
الله أودعه سرا وعلمه
…
علما سما محكم الإحكام والحكم.
وبيت بديعيتي التزمت فيه حذف الحروف المنقوطة من جميع ألفاظه، إلا اسم النوع ضرورة، والعذر فيه واضح، وهو قولي:
حذفت ود سوى آل الرسول ولم
…
أمدح سواهم ولم أحمد ولم أرم.
ولم أقف على بيت السيوطي في هذا النوع. وأما الطبري فلم ينظمه، والله أعلم.
التوزيع
.
توزيع لفظي لمدحي فيهم شرفي
…
في النشأتين ففخري في مديحهم.
هذا النوع من مستخرجات الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته وشرحها، وهو أن يوزع المتكلم حرفا من حروف الهجاء في كل لفظة من كلامه نظما كان أو نثرا، بشرط عدم التكلف.
وقد حاء في الكتاب العزيز مثل ذلك بغير قصد، وذلك لإعجازه وانسجامه وفصاحته، وكونه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وهو قوله تعالى:(كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا) فالكاف ملزوم في جميع الكلمات سوى الفاصلة.
وكقول سليم الهوى النبلي وهي قصيدة لزم في كلماتها القاف أولها:
رشقت قلبي أحاق الرشاق
…
فسقامي لسقام بالحداق.
وقول الحظوري وفي كل كلمة همزة:
بأبي أغيد أذاب فؤادي
…
إذ تناءي وأظهر الأغراضا.
رشأ يألف الخباء فإن [..=.] أبدي لآمليه انقباضا.
وبيت بديعية الصفي قوله (ولزم فيه حرف الميم) :
محمد المصطفى المختار من ختمت
…
بمجده مرسلو الرحمن للأمم.
ولم ينظم ابن جابر ولا الموصلي ولا ابن حجة ولا السيوطي ولا الطبري هذا النوع، أما إغفالا أو إهمالا.
وبيت بديعية المقري قوله: (ولزم فيه حرف الراء) :
عسير حرب يسير الرعب ينصره
…
شهرا بشير نذير طاهر الأرم.
وبيت بديعية العلوي قوله (ولزم فيه حرف الميم) :
محمد المجتبى المحبو من ملك
…
بما يكرم من مجد ومن نعم.
وبيت بديعيتي قولي (والملزوم فيه حرف الياء) :
توزيع لفظي لمدحي فيهم شرفي
…
في النشأتين ففخري في مديحهم.
التسميط
.
سمطت من فرحي في وصفهم مدحي
…
ولم أنل منحي إلا بجاههم.
التسميط مأخوذ من السمط- بكسر السين المهملة وسكون الميم- وهو خيط النظم، كأنهم جعلوا القافية كالسمط، والأجزاء المسجعة بمنزلة حبات العقد، أو من السمط بمعنى القلادة، كأنهم جعلوا البيت بتفصيله بالأجزاء المسجعة كالقلادة المفصلة بالجواهر المناسبة. وهو عبارة عن أن يجعل الشاعر البيت من قصيدة، أو كل بيت منها، أربعة أقسام، ثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابع.
كقول جنوب الهذلية:
وحرب وردت
…
وثغر سددت.
وعلج شددت
…
عليه الحبالا.
ومال حويت
…
وخيل حميت.
وضيف قريت
…
يخاف الوكالا.
وكقول الحريري والشاهد فيما عدا المطلع:
أيا من يدعي الفهم
…
إلى كم يا أخا الوهم.
تعبي الذم والذنب
…
وتخطي الخطأ الجم.
أما بان لك العيب
…
أما أنذرك الشيب.
وما في نصحه ريب
…
ولا سمعك قد صم.
أما نادى بك الموت
…
أما أسمعك الصوت.
أما تخشى من الفوت
…
فتحتاط وتهتم.
فكم تسدر في السهو
…
وتختال من الزهو.
وتنصب إلى اللهو
…
كأن الموت ما عم.
وحتام تجافيك
…
وابطاء تلا فيك.
طباعا جمعت فيك
…
عيوبا شملها انضم.
إذا أسخطت مولاك
…
فما تقلق من ذاك.
وإن أخفق مسعاك
…
تلظيت من الهم.
وإن لاح لك النقش
…
من الأصفر تهتش.
وإن مر بك النعش
…
تغاممت ولا غم.
تعاصي الناصح البر
…
وتعتاص وتزور.
وتنقاد لمن غر
…
ومن هان ومن نم.
وتسعى في هوى النفس
…
وتحتال على الفلس.
وتنسى ظلمة الرمس
…
ولا تذكر ما ثم.
ولو لاحظك الحظ
…
لما طاح بك اللحظ.
ولا كنت إذا الوعظ
…
جلا الأحزان تغتم.
ستذري الم لا الدمع
…
إذا عاينت لا جمع.
يقي في عرصة الجمع
…
ولا خال ولا عم.
كأني بك تنحط
…
إلى القبر وتنغط.
وقد أسلمك الرهط
…
إلى أضيق من سم.
هناك الجسم ممدود
…
ليستأ كله الدود.
إلى أن ينخر العود
…
ويمسي العظم قد رم.
ومن بعد فلا بد
…
من العرض إذا اعتد.
صراط جسره مد
…
على النار لمن أم.
فكم من مرشد ضل
…
ومن ذي عزة ذل.
وكم من عالم زل
…
وقال الخطب قد طم.
فبادر أيها الغر
…
لما يحلو به المر.
فقد كاد يهي العمر
…
وما أقلعت عن ذم.
ولا تركن إلى الدهر
…
وإن لان وإن سر.
فتلقى كمن اغتر
…
بأفعى تنفث السم.
وخفض من تراقيك
…
فإن الموت لاقيك.
وسار في تراقيك
…
وما ينكل إن هم.
وجانب صعر الخد
…
إذا ساعدك الجد.
وزم النطق إن ند
…
فما أسعد من زم.
ونفس عن أخي البث
…
وصدقه إن نث.
ورم العمل الرث
…
فقد أفلح من رم.
ورش من ريشه انحص
…
بما عم وما خص.
ولا تأس على النقص
…
ولا تحرص على اللم.
وعاد الخلق الرذل
…
وعود كفك البذل.
ولا تستمع العذل
…
ونزهها عن الضم.
وزود نفسك الخير
…
ودع ما يعقب الضير.
وهيئ مركب السير
…
وخف من لجة اليم.
بذا وصيت يا صاح
…
وقد بحت كمن باح.
فطوبى لفتى راح
…
بآدابي يأتم.
وقوله أيضاً:
لزمت السفار
…
وجبت القفار.
وعفت النفار
…
لا جني الفرح.
وخضت السيول
…
ورضت الخيول.
لجر ذيول
…
الصبي والمرح.
ومطت الوقار
…
وبعت العقار.
لحسو العقار
…
ورشف القدح.
ولولا الطماح
…
إلى شرب راح.
لما كان باح
…
فمي بالملح.
ولا كان ساق
…
دهائي الرفاق.
بأرض العراق
…
بحمل السبح.
فلا تغضبن
…
ولا تصخبن.
ولا تعتبن
…
فعذري وضح.
ولا تعجبن
…
لشيخ أبن.
بمغنى أغن
…
ودن طفح.
فإن المدام
…
تقوي العظام.
وتشقي السقام
…
وتنفي الترح.
وأصفى السرور
…
إذا ما الوقور.
أماط ستور
…
الحيا واطرح.
وأحلى الغرام
…
إذا المستهام.
أزال اكتتام
…
الهوى وافتضح.
فبح بهواك
…
وبرد حشاك.
فزند أساك
…
به قد قدح.
وداو الكلوم
…
وسل الهموم.
ببنت الكروم
…
التي تقترح.
وخص الغبوق
…
بساق يسوق.
بلاء المشوق
…
إذا ما طمح.
وشاد يشيد
…
بصوت تميد.
جبال الحديد
…
له إن صدح.
وعاص النصيح
…
الذي لا يبيح.
وصال المليح
…
إذا ما سمح.
وجل في المحال
…
ولو بالمحال.
ودع ما يقال
…
وخذ ما صلح.
وخالف أباك
…
إذا ما أباك.
ومد الشباك
…
وصد من سنح.
وصاف الخليل
…
وناف البخيل.
وأول الجميل
…
ووال المنح.
ولذ بالمتاب
…
أمام الذهاب.
فمن دق باب
…
كريم فتح.
وبعضهم يسمي كل ذلك تسجيعا، والصحيح أن بينهما فرقا، وهو أن التسجيع يلزم فيه أن يكون سجع أجزائه على روي البيت، وأن تكون أجزاؤه متزنة، وعددها محصورا، بخلاف التسميط. وذهب الخليل رحمه الله إلى أن الشعر المسمط هو الذي يكون في صدر البيت أبيات مشطورة، أو منهوكة مقفاة، ثم تجمعها قافية مخالفة لازمة للقصيدة حتى تنقضي.
كقول امرئ القيس:
ومستلئم كشفت بالرمح ذيله
…
أقمت بعضب ذي سفاسق ميله.
فجئت به في ملتقى الكر خيله
…
تركت عناق الطير تحجل حوله.
كأن على سرباله نضح جريال.
وقول المطرزي:
يا خليلي اسقياني بالزجاج
…
حلب الكرمة من غير مزاج.
أنا لا ألتذ سمعا باللجاج
…
فاسقنيها قبل تغريد الدجاج.
قبل أن يؤذن صبحي بانبلاج.
إن أردت الراح فاشربها صباحا
…
بعد أن تصحب أترابا ملاحا.
جمعوا حسنا وأنسا ومزاحا
…
وغدوا كالبحر علما وسماحا.
فهم مفتاح باب الابتهاج.
وقول الحريري وهو شطور الأبيات المنهوكة:
خل ادكار الأربع
…
والمعهد المرتبع.
والظاعن المودع
…
وعد عنهم ودع.
واندب زمانا سلفا
…
سودت فيه الصحفا.
ولم تزل معتكفا
…
على القبيح الشنع.
كم ليلة أودعتها
…
مآثما أبدعتها.
لشهوة أطعمتها
…
في مرقد ومضجع.
وكم خطى حثثتها
…
في خزية أحدثتها.
وتوبة نكثتها
…
لملعب ومرتع.
وكم تجرأت على
…
رب السماوات العلى.
ولم تراقبه ولا
…
صدقت فيما تدعي.
وكم غمطت بره
…
وكم أمنت مكره.
وكم نبذت أمره
…
نبذ الحذا المرقع.
وكم ركضت في اللعب
…
وفهت عمدا بالكذب.
ولم تراع ما يجب
…
من عهده المتبع.
فالبس شعار الندم
…
وسكب شآبيب الدم.
قبل زوال القدم
…
وقبل سوء المصرع.
واخضع خضوع المعترف
…
ولذ ملاذ المقترف.
واعص هواك وانحرف
…
عنه انحراف المقلع.
إلام تسهو وتني
…
ومعظم العمر فني.
فيما يضر المقتني
…
ولست بالمرتدع.
أما ترى الشيب وخط
…
وخط في الرأس خطط.
ومن يلح وخط الشمط
…
بفوده فقد نعي.
ويحك يا نفس احرصي
…
على ارتياد المخلص.
وطاوعي وأخلصي
…
واستمعي النصح واعي.
واعتبري بمن مضى
…
من القرون وانقضى.
واخشي مفاجاة القضا
…
وحاذري أن تخدعي.
وانتهجي سبل الهوى
…
وادكري وشك الردى.
وإن مثواك غدا
…
في قعر لحد بلقع.
آهاً له بيت البلى
…
والمنزل القفر الخلا.
ومورد السفر الألى
…
واللاحق المتبع.
بيت يرى من أودعه
…
قد ضمه واستودعه.
بعد الفضاء والسعة
…
قيد ثلاث أذرع.
لا فرق أن يحله
…
داهية أو أبله.
أو معسر أو من له
…
ملك كملك تبع.
وبعده العرض الذي
…
يحوي الحيي والبذي.
والمبتدي والمحتذي
…
ومن رعى ومن رعي.
فيا مفاز المتقي
…
وربح عبد قد وقي.
سوء الحساب الموبق
…
وهول يوم الفزع.
ويا خسار من بغى
…
ومن تعدى وطغى.
وشب نيران الوغى
…
لمطعم أو مطمع.
يا من عليه المتكل
…
قد زاد ما بي من وجل.
لما اجترحت من زلل
…
في عمري المضيع.
فاغفر لعبد مجترم
…
وارحم بكاه المنسجم.
فأنت أولى من رحم
…
وخير مدعو دعي.
ومن التسميط نوع أخر يسمى تسميط التقطيع، وهو أن يسجع جميع أجزاء تفعيل البيت على روي يخالف القافية، وهو عزيز الوقوع.
كقول ابن أبي الإصبع:
وأسمر مثمر بمزهر نضر
…
من مقمر مسفر عن منظر حسن.