الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كأنما الأغصان لما انثنت
…
أمام بدر التم في غيهبه
بنت مليك خلف شباكها
…
تفرجت منه على موكبه
قال البدر الدماميني: ظاهر عبارته تشبيه الأغصان في حالة انثنائها أمام البدر في الدجى ببنت مليك تطل من شباكها للنظر في موكب أبيها، وذلك عن مظان التشبيه بمعزل، ومقصوده أن البدر في حالة ظهوره من خلال الأغصان المنثنية على الصفة المذكورة، يشبه بنت مليك على تلك الحالة تمثيلا للهيئة الاجتماعية، لكن اللفظ لا يساعده على ذلك المطلوب، فانه جعل الأغصان مبتدأ وأخبر عنه بقوله: بنت مليك، فلم يتم له المراد.
على انه مع ما فيه مأخوذ من قول ابن قرناص الحموي:
وحديقة عناء ينتظم الندى
…
بفروعها كالدر في الأسلاك
والبدر يشرق من خلال غصونها
…
مثل المليح يطل من شباك
ومما عابوه من التشبيه قول ابن وزير في تشبيه الماء الجاري على الرخام:
لله يوم بحمام نعمت به
…
والماء ما بيننا من حوضه جار
كأنه فوق شفاف الرخام ضحى
…
ماء يسيل على أثواب قصار
وإياه عنى ابن الذروي بقوله:
لشاعر أوقد الطبع الذكاء له
…
فكاد يحرقه من فرط الذكاء
أقام يجهد أياما قريحته
…
فشبه الماء بعد الجهد بالماء
وبلغ الآخر من السخافة أقصى غاياتها حيث قال:
كأننا والماء من حولنا
…
قوم جلوس حولهم ماء
وقد يتصرف في التشبيه القريب المبتذل بما يجعله غريبا، ويخرجه من الابتذال، كقول أبي الطيب:
لم تلق هذا الوجه شمس نهارها
…
إلا بوجه ليس فيه حياء
فان تشبيه الوجه الحسن بالشمس قريب مبتذل، لكن حديث الحياء أخرجه نم الابتذال إلى الغرابة، لاشتماله على زيادة دقة وخفاء.
ومثله قول الآخر:
إن السحاب لتستحي إذا نظرت
…
إلى نداك فقاسته بما فيها
وكقول رشيد الدين الوطواط:
عزماته مثل النجوم ثواقبا
…
لو لم يكن للثاقبات أفول
وقول البديع الهمذاني:
وكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا
…
لو كان طلق المحيا يمطر ذهبا
والبدر لو لم يغب والشمس لو انطلقت
…
والأسد لو لم تصد والبحر لو عذبا
فان الشروط المذكورة أخرجت التشبيهات المبتذلة إلى الغرابة. وهذا يسمى التشبيه المشروط، وقد يتصرف في القريب الإجمالي بما يخرجه إلى الغريب التفصيلي.
كقول ابن بابك:
ألا يا رياض الحزن من أبرق الحمى
…
نسيمك مسروق ووصفك منتحل
حكيت أبا سعد فنشرك نشره
…
ولكن له صدق الهوى ولك الملل
فان تشبيه نشر الرياض بنشر الممدوح قريب إجمالي، ولكن ادعاء كونه مسروقا من نشر الممدوح، والاستدراك المذكور، أخرجه إلى الغرابة والتفصيل.
ومثله قول الآخر:
فو الله ما أدري أزهر خميلة
…
بطرسك أم در يلوح على نحر
فإذا كان زهرا فهو صنع سحابة
…
وإن كان درا فهو من لجة البحر
فإذا نظرت إلى تشبيه الخط الحسن بالزهر والدر، كان قريبا إجماليا، وإذا قيد بقوله: خميلة، المفيدة لنضارة الزهر الموجبة لزيادة الحسن، وقوله: على نحر، المفيد لملاحظة بياض الطرس خرج إلى الغرابة والتفصيل، لكن يقرب تعاطيها، فإذا أخذ معهما معنى حسن التحليل الذي يلوح من قوله: صنع سحابة، ولج البحر، بعدا وزاده في الحسن.
وقد يعتبر الحسن بالجمع بين عدة تشبيهات، وإن كان كل واحد منها منفردا غير مستحق للتحسين، لأن الواحد منها قد يسبق إليه كل ذهن، وأما الجمع بينها فيتوقف على فكر وهو على نوعين: أحدهما، أن يؤتى لمشبه واحد بتشبيهات كثيرة كقول البحتري:
كأنما يبسم عن لؤلؤ
…
منضد أو برد أو أقاح
الثاني، أن تؤخذ أعضاء أو أحوال الشخص، فيشبه كل منها بشيء على الترتيب كقول ابن سكرة:
أنا من خده وعينيه والثغ
…
ر ومن ريقه البعيد المرام
بين ورد ونرجس وتلالي
…
أقحوان وبابلي المدام
الفصل الخامس في الأداة
.
وهي ما يتوصل به إلى وصف المشبه بمشاركته للمشبه به في الوجه وهي (الكاف) نحو قولك: زيد كالأسد، و (كأن) نحو زيد كأنه أسد، و (مثل) نحو قولك: هو مثل الأسد، وما في معنى (مثل) كلفظة (نحو) وما يشتق من لفظة (مثل) و (شبه) من المسائلة والمشابهة وما يؤدي معنى ذلك: كالمضاهاة، والمحاكاة، والمساواة، والمناظرة.
والأصل في الكاف ونحوها أن يليها المشبه به، وقد يليها مفرد لا يتأتى التشبيه به، وذلك إذا كان المشبه به مركبا، كقوله تعالى "مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح" إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء، بل المراد تشبيه حالها في نضرتها وبهجتها، وما يتعقبها من الهلاك والفناء، بحال النبات الحاصل من الماء، يكون أخضر ناضرا شديد الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن.
وأما قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله" فليس من هذا القبيل، أعنى مالا يلي المشبه به (الكاف) لأن التقدير: كونوا كالحواريين أنصارا لله وقت قول عيسى: من أنصاري إلى الله، على أن (ما) مصدرية، والزمان مقدر، كقولهم: آتيك خفوق النجم؛ أي زمان خفوقه، فالمشبه به وهو كون الحواريين أنصارا لله مقدر يلي الكاف، حذف لدلالة ما أقيم مقامه عليه، إذ لا يخفى أن ليس المراد تشبيه كون المؤمنين أنصارا بقول عيسى للحواريين: من أنصاري إلى الله. وقد يذكر فعل ينبئ عن حال التشبيه من القرب والبعد، كما في (علمت زيدا أسدا) ، إن قرب التشبيه أو أريد أنه مشابه للأسد مشابهة قوية لما في العلم من التحقيق، وكما في (حسبت) أو (خلت زيدا أسدا) أن بعد التشبيه أدنى بعد، لما في الحسبان من الدلالة على الظن دون التحقيق.
وهذا تمام الكلام في الأشياء الخمسة التي يستدعيها التشبيه. وبقى الكلام في أقسامه، فإن له تقسيما باعتبار طرفيه، وآخر باعتبار الغرض، وآخر باعتبار الأداة.
وأما تقسيمه باعتبار طرفيه فهو أربعة أقسام: الأول - تشبيه المفرد بالمفرد.
وهما غير مقيدين، كتشبيه الخد بالورد، أو مقيدان كقولهم: هو الراقم على الماء، فإن المشبه هو الساعي المقيد بان لا يحصل من سعيه على شيء، والمشبه به هو الراقم المقيد بكون رقمه على الماء، لان وجه الشبه فيه هو التسوية بين الفعل وعدمه، وهو موقوف على اعتبار هذين القيدين. أو مختلفان، أي أحدهما غير مقيد والآخر مقيد، كقوله: والشمس كالمرآة في كف الأشل، فإن المشبه وهو الشمس غير مقيد، والمشبه به وهو المرآة مقيد بكونه في كف الأشل، وعكسه كتشبيه المرآة في كف الأشل بالشمس.
الثاني -تشبيه المركب بالمركب.
وهو ما طرفاه كثرتان مجتمعان، كما في قول البحتري:
ترى أحجاله يصعدن فيه
…
صعود البرق في الغيم الجهام
لا يريد به تشبيه بياض الحجول على الانفراد بالبرق، بل مقصوده الهيئة الخاصة الحاصلة من مخالفة أحد اللونين بالآخر، ومنه بيت بشار السابق ذكره.
الثالث -تشبيه المفرد بالمركب.
كما مر من تشبيه الشقيق بأعلام ياقوت منشورة على رماح من زبرجد.
الرابع -تشبيه المركب بالمفرد.
كقول أبي تمام:
يا صاحبي تقصيا نظريكما
…
تريا وجوه الأرض كيف تصور
تريا نهارا مشمسا قد شابه
…
زهر الربى فكأنما هو مقمر
شبه النهار المشمس الذي اختلط به أزهار الربوات، فنقصت باخضرارها من ضوء الشمس حتى صارت تضرب إلى السواد، بالليل المقمر، فالمشبه مركب، والمشبه به مفرد. وأيضا أن تعدد طرفاه فهو إما ملفوف أو مفروق فالملفوف أن يؤتى على طريق العطف أو غيره بالمشبهات أولا، ثم بالمشبه به.
كقول امرئ القيس:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا
…
لدى وكرها العناب والحشف البالي
والمفروق أن يؤتى بمشبه ومشبه به، ثم آخر وآخر.
كقول ابن سكرة: الخد ورد والصدغ غالية=والريق خمر والثغر من برد وإن تعدد طرفه الأول (أعني المشبه) دون الثاني سمي تشبيه التسوية.
كقول الآخر:
صدغ الحبيب وحالي
…
كلاهما كاليالي
وثغره في صفاء
…
وأدمعي كاللآلي
وإن تعدد طرفه الثاني -أعني المشبه به- دون الأول، سمي تشبيه الجمع.
كقول الصاحب بن عباد:
أتتني بالأمس أبياته
…
تعلل روحي بروح الجنان
كبرد الشباب وبرد الشراب
…
وظل الأمان ونيل الأماني
وعهد الصبا ونسيم الصبا
…
وصفو الدنان ورجع القيان
وأما تقسيمه باعتبار وجهه فهو: إما تمثيل، وإما مجمل أو مفصل، وإما قريب أو بعيد.
فالتمثيل: ما وجهه وصف منتزع من متعدد أمرين، أو أمور، كما مر من تشبيه الثريا، والتشبيه في بيت بشار، وتشبيه الشمس بالبوتقة المحماة، وتشبيهها بالمرآة في كف الأشل، إلى غير ذلك، وغير التمثيل ما كان بخلاف ذلك كما سبق في الأمثلة المذكورة.
كقول أبي بكر الخالدي:
يا شبيه البدر حسنا
…
وضياء ومنالا
وشبه الغصن لينا
…
وقواما واعتدالا
أنت مثل الورد لونا
…
ونسيما وملالا
زارنا حتى إذا ما
…
سرنا بالقرب زالا
والقريب: هو الذي ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر لظهور وجهه.
والبعيد بخلافه، وقد سبق بيانهما في الفصل الرابع.
وأما تقسيمه باعتبار الغرض فهو: إما مقبول أو مردود، وقد مر بيان ذلك في الأحوال.
وأما (تقسيمه) باعتبار الأداة فهو: إما مؤكد أو مرسل.
فالمؤكد: ما حذفت أداته كقوله تعالى "وهي تمر مر السحاب".
وقول الحماسي:
هم البحور عطاء حين تسألهم
…
وفي اللقاء إذا تلقاهم بهم
والمرسل: ما ذكرت أداته كقوله تعالى "مثلهم كمثل الذي استوقد نارا" وقوله تعالى "عرضها كعرض السماء والأرض" إلى غير ذلك.
واعلم أن المشبه قد ينتزع من نفس التضاد، لاشتراك الضدين فيه، ثم ينزل منزلة بواسطة تمليح أو تهكم، فيقال للجبان: ما أشبهه بالأسد، وللبخيل: هو حاتم.
ولنقتصر من الكلام على التشبيه على هذا المقدار، فقد طال بنا السرح وخرجنا عن شرط الاختصار، على أننا قد جاوزنا مخدراته في منصات الظهور، وأوردنا ما لا يسعى الأديب عن معرفته في المنظوم والمنثور، ولم نقتد بشراح البديعيات في طي الكلام على عزته في هذا الباب، فإن مقام التشبيه أشرف قدرا من أن يطوى عنه كشحا، ويضرب صفحا عند أولي الألباب.
ولنذكر الآن جملة من محاسن التشبيهات على جاري عادتنا في هذا الكتاب.
فمنها قول محمد بن عبد الله الكاتب:
كأن الثريا صدر باز محلق
…
سما حيث لا يبدو له غير جؤجؤ
حكت طبقا فيروزجيا أديمه
…
نثرن عليه سبع حبات لؤلؤ
وقول ابن المعتز: كأن الثريا في أواخر ليلها=تفتح نور أو لجام مفضفض وقوله:
وأرى الثريا في السماء كأنها
…
قدم تبدت من ثياب حداد
وقوله:
كأن الثريا فيه در تقاربت
…
جمان وهي من سلكه فتبددا
وقول التهامي:
وللثريا ركود فوق أحلنا
…
كأنها قطعة من فروة النمر
(وقال) آخر:
كأن الثريا والصباح يكدها
…
قناديل رهبان دنت لخمود
وقول ابن هاني الأندلسي من قصيدة:
كأن رقيب النجم أجدل مرقب
…
يقلب تحت الليل في ريشه طرفا
كأن بني نعش ونعشا مطافل
…
بوجرة قد أضللن في مهمه خشفا
كأن سهيلا في مطالع أفقه
…
مفارق ألف لم يجد بعده ألفا
كأن سهاها عاشق بين عواد
…
فآونة يبدو وأونة يخفى
كأن معلى قطبها فارس له
…
لواءان مركوزان قد ذكره الزحفا
كأن قدامى النسر والنسر واقع
…
قصصن فلم تسمو الخوافي به ضعفا
كأن أخاه حين دوم طائرا
…
أتى دون نصف البدر فاختطف النصفا
كأن الهزيع الآبنوسي لونه
…
سرى بالنسيج الخسرواني ملتفا
كأن ظلام الليل إذ مال ميلة=صريع مدام بات يشربها صرفا
كأن عمود الصبح خاقان معشر
…
من الترك نادى بالنجاشي فاستخفى
كأن لواء الشمس غرة جعفر
…
رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفا
أبو الحسن حازم بن محمد القرطاجني من قصيدة عارض بها قصيدة ابن هاني:
كأن الدجى لما تولت نجومه
…
مدبر حرب قد هزمنا له صفا
أن عليه للمجرة روضة
…
مفتحة الأنوار أو نثرة زغفا
كأنا وقد ألقى إلينا هلاله
…
سلبناه جاما أوب قصمنا له وقفا
كان السها إنسان عين غريقة
…
من الدمع يبدو كلما ذرفت ذرفا
كأن سهيلا فارس عاين الوغى
…
ففر ولم يشهد طرادا ولا زحفا
كأن سنا المريخ شعلة قابس
…
تخطفها عجلان يقذفها قذفا
كأن أفول النسر طرف تعلقت
…
به سنة ما هب منها ولا أغفى
وقول مؤلفه عفا الله عنه من قصيدة أولها:
سرت سحرا والنجم للغرب مائل
…
ولون الدجى من رهبة الصبح حائل
وقد همت الظلماء بالأفق بالسرى
…
كماهم بالسير الخليط المزائل
كأن النجوم الزهر عيس نوافر
…
كأن الدجى ركب من الزنج قافل
كأن الثريا إذ تجلت خواتم
…
تحدثت بها من كف خود أنامل
كأن سهيلا للنجوم مراقب
…
كأن السها صب من العشق ناحل
كأن عري الأفق بيداء سملق
…
كأن مبادي الصبح فيه مناهل
فوافت يباريها الصباح مماثلا
…
وهل يستوي مثلان حال وعاطل
وله أيضاً من أخرى أولها:
أحباي من الود مني فراسخ
…
وإن حال دوني عن لقاكم فراسخ
كأن نهاري بعدكم ناب حية
…
وليلي إذا ما جن أسود سالخ
نأيتم فما حر الفراق مفارق
…
فؤادي ولا جمر الصبابة بايخ
وكيف وأنفاسي من الشوق والجوى
…
لنار الأسى بين الضلوع نواقح
لئن نسخ البين المشت وصالنا
…
فما هو للحب المبرح ناسخ
وليل كيوم الحشر طولا أرقته
…
وبين جفوني والمنام برازخ
وكم ليلة مدت دجاها كأنما
…
كواكبها فيها رواس رواسخ
أرقت بها والصبح قد حالف الدجى
…
فما نسرها سار ولا الديك صارخ
كأن نجوم الأفق غاصة لجة
…
توحلن فالأقدام منها سوائخ
كأن حناديس الظلام أداهم
…
لها غرر ملء الجباه شوادخ
كأن سهيلا راح قابس جذوة
…
فوافى وأنضاء النجوم روابخ
كأن صغار الشهب في غسق الدجى
…
فراخ نسور والبروج مفارخ
كأن معلى القطب فارس حومة
…
على قرنه في ملتقى الكر شامخ
كأن رقيق الجو برد مفوف
…
له موهن الظلماء بالمسك ضامخ
كأن ذكا باعت من المشتري ابنها
…
فلم تستقل بيعا ولا هو فاسخ
ابن نباتة السعدي:
وخطه ضيم قد أبيت وليلة
…
سريت فكان المجد ما أنا صانع
هتكت دجاها والنجوم كأنها
…
عيون لها ثوب السماء براقع
ابن طبا طبا:
وقد لاحت الشعرى العبور كأنها
…
تقلب طرف بالدموع هموع
أبو نواس:
ويمين الجوزاء تبسط باعا
…
لعناق الدجى بغير بنان
وكأن النجوم أحداق روم
…
ركبت في محاجر السودان
هارون العلمي دليل بن المهلب حين هرب من سجن عمر بن عبد العزيز:
وقوم هم كانوا الملوك هديتهم
…
بظلماء لم يؤنس بها المعين كوكب
ولا قمر إلا ضئيل كأنه
…
سوار حناه صائغ السور مذهب
ابن المعتز:
انظر إلى حسن هلال بدا
…
يهتك من أنواره الحندسا
كمنجل قد صيغ من عسجد
…
يحصد زهر الدجى نرجسا
وله:
قد انقضت دولة الصيام وقد
…
بشر سقم الهلال بالعيد
قال آخر:
يتلو الثريا كفاغر شره
…
يفتح فاه لأكل عنقود
السري الرفاء:
ولاح لنا الهلال كشطر طوق
…
على لبات زرقاء اللباس
وله:
أما رأيت الهلال يرمقه
…
قوم أن رأوه أهلال
كأنه قيد فضة حرج
…
فض عن الصائمين فاختالوا
علاء الدين النابلسي:
هلال شوال ما زالت مطالعه
…
يرنو إليه الورى من شدة الفرح
كأصبعي كف ندمان أشار إلى
…
ساق لطيف يروم الأخذ للقدح
وقد جمع بعض الأفاضل في تشبيه الهلال ما يقارب السبعين.
بديع الزمان الهمذاني:
سماء الدجى ما هذه الحدق النجل
…
أصدر الدجى حال وجيد الفصحى عطل
لك الله من حزم أجوب جيوبه
…
كأني في أجفان عين الردى كحل
كأن الدجى نقع وفي الجو حومة
…
كواكبها جند طوائرها رسل
كأن القرى سكرى ولا سكر بالقرى
…
كأن الثرى ثكلى وما بالثرى ثكل
كأن مطايانا سماء كأننا
…
نجوم على أقتابها برجها الرحل
كأن السرى ساق كأن الكرى طلى
…
كأنها لها شرب كأن المنى نقل
كأنا جياع والمطي لنا فم
…
كأن الفلا زاد كأن السرى أكل
كأن ينابيع الثرى ثدي مرضع
…
وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل
كأن فمي قوس لساني لها يد
…
مديحي له نزع به أملي نبل
كأن دوائي مطفل حبشية
…
كأني لها بعل ونقشس لها نسل
كأن يدي في الطرس غواص لجة
…
له كلمي در به قيمي تغلو
السكب المازني:
كأن الرباب دوين السحاب
…
نعام تعلق بالأرجل
الصاحب بن عباد في الثلج: وكأن السماء صاهرت الأر_ض فكان النثار من كافور بعض شعراء المغرب في كوكب منقض:
وكوكب أبصر العفريت مسترقا
…
للسمع فانقض يذكي أثره لهبه
كفارس حل أعصار عمامته
…
فجرها كلها من خلفه عذبه
سيف الدولة بن حمدان في قوس قزح:
وساق صبيح للصبوح دعوته
…
فقام في أجفانه سنة الغمض
يطوف بكاسات العقار كأنجم
…
فما بين منفض علينا ومنقض
وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا
…
على الجو دكناء الحواشي على الأرض
يطرزها قوس السحاب بأصفر
…
على أحمر في أخضر أثر مبيض
كأذيال خود أقبلت في غلائل
…
مصبغة والبعض أقصر من بعض
قال الثعالبي: هذا من التشبيهات الملوكية التي لا يكاد يحضر مثلها السوقة.
والبيت الأخير أخذ معناه أبو علي المؤدب البغدادي فقال في فرس أدهم محجل:
لبس الصبح والدجنة بردي
…
ن فأرخى بردا وقلص بردا
الأديب أبو بكر بن بقي المغربي:
وفتية لبسوا الأدراع تحسبها
…
سلخ الأراقم إلا أنها رسب
إذا الغدير كسا أعطافهم حلقا
…
طفا من البيض في هاماتهم حبب
المعتمد بن عباد:
ولما اقتحمت الوغى دارعا
…
وقنعت وجهك بالمغفر
حسبنا محياك شمس الضحى
…
عليها سحاب من العنبر
بعضهم:
وفحم كأيام الوصال فعاله
…
ومنظره في العين يوم صدود
كأن لهيب النار بين خلاله
…
بوارق لاحت في غمائم سود
الصنوبري في الشمعة:
مجدولة في قدها
…
حاكية قد الاسل
كأنها عمر الفتى
…
والنار فيها كالأجل
غيره فيها:
كأنها نخلة بلا سعف
…
تحمل جمارة من النار
وقول الآخر:
كأن دخان الند من فوق جمرها
…
بقايا ضباب في رياض شقيق
أبو علي الصنعي في المجمرة:
هذي الشقائق قد أبصرت حمرتها
…
مع السواد على قضبانها الذلل
كأنها دمعة قد غسلت كحلا
…
حارت بها وقفة في وجنتي خجل
بعضهم في باكورة الورد:
كم وردة تحكي بسبق الورد
…
طليعة تسرعت من جند
قد ضمتها في الغصن قرص البرد
…
ضم فم لقبلة من بعد
مجير الدين بن تميم:
سيقت إليك من الحدائق وردة
…
وأتتك قبل أوانها تطفيلا
طمعت بلثمك إذ رأتك فجمعت
…
فمها إليك كطالب تقبيلا
أيدمر المحيوي في النرجس:
وكأن نرجسه المضاعف خائض
…
في المياه لف ثيابه في رأسه
القاضي التنوخي:
ورياض حاكت لهن الثريا
…
حللا كان غزلها للرعود
نثر الغيث در دمع عليها
…
فتحلت بمثل در العقود
أقحوان معانق لشقيق
…
كثغور تعض ورد الخدود
وعيون من نرجس تتراءى
…
كعيون موصولة التسهيد
وكأن الشقيق حين تبدى
…
ظلمة الصدغ في خدود الغيد
وكأن الندى عليها دموع
…
في جفون مفجوعة بفقيد
السري الرفاء:
وبكر شربناها على الورد بكرة
…
فكانت لنا وردا إلى ضحوة الغد
إذا قام مبيض اللباس يديرها
…
توهمته يسعى بكم مورد
أبو بكر الخالدي وهو نهاية في الخلاعة والظرف:
كأنما من ثناياها ومبسمها
…
أيدي الغمام سرقن البرق والبردا
وقوله:
ومدامة صفراء في قارورة
…
زرقاء تحملها يد بيضاء
فالراح شمس والحباب كواكب
…
والكف قطب والأناء سماء
أخوه أبو عثمان الخالدي:
إن شهر الصيام إذ جاء في فص
…
ل ربيع أودى بحسن وطيب
فكأن الورد المضعف في الصو
…
م حبيب يمشي بجنب رقيب
بعضهم في (تشبيه) النار:
انظر إلى النار وهي مضرمة
…
وجمرها بالرماد مستور
شبه دم من فواخت ذبحت
…
وفوقه ريشهن منثور
ابن نباتة السعدي في فرس محجل:
تختال منه على أغر محجل
…
ماء الدياجي قطرة من مائه
وكأنما لطم الصباح جبينه
…
فاقتص منه فخاض في أحشائه
ابن القيرواني:
وأسرى نعاس يمموا كعبة الندى
…
فهم سجد فوق المذاكي وركع
على كل نشوان العنان كأنما
…
جرى في وريديه الرحيق المشعشع
شكائمها معقودة بسياطها
…
تخال بأيدينا أراقم تلسع
والبيت الآخر مأخوذ من قول أبي الطيب:
تجاذب فرسان الصباح أعنة
…
كأن على الأعناق منها أفاعيا
ظافر الحداد:
أنظر لقرن الشمس بازغة
…
في الشرق تبدو ثم ترتفع
كسبيكة الزجاج ذائبة
…
حمراء ينفخها فتتسع
ابن المعتز في الشمس والغيم:
تظل الشمس ترمقنا بلحظ
…
مريض مدنف من خلف ستر
تحاول فتق غيم وهو يأبى
…
كعنين يريد نكاح بكر
ابن خفاجة الأندلسي:
والنقع يكسر من سنا شمس الضحى
…
فكأنه صدأ على دينار
ابن النبيه:
والظل يسبح في الغدير كأنه
…
صدأ يلوح على حسام مرهف
بعضهم:
صل الراح بالراحات واغنم مسرة
…
بأقداحها واعكف على لذة الشرب
ولا تخش أوزارا فأوراق كرمها
…
أكف غدت تستغفر الله للذنب
آخر في مصلوب، وهو من الغايات:
كأنه عاشق قد مد ساعده
…
يوم الفراق إلى توديع مرتحل
أو قائم من نعاس فيه لوثته
…
مواصل لتمطيه من الكسل
وأما أحسن قول ابن حمديس فيه أيضاً:
ومرتفع في الجذع إذ حط قدره
…
أساء إليه ظالم وهو محسن
كذي غرق مد الذراعين سابحا
…
من الجو بحرا عومه ليس يمكن
وتحسبه من جنة الخلد دانيا
…
يعانق حورا لا تراهن أعين
ولعمر الخياط فيه أيضاً:
انظر إليه كأنه متظلم
…
في جذعه لحظ السماء بطرفه
بسط اليدين كأنه يدعو على
…
من قد أشار على الأمير بحتفه
ابن خفاجة:
وأسود يسبح في لجة
…
لا تكتم الحصباء غدرانها
كأنها في شكلها مقلة
…
زرقاء والأسود إنسانها
الماموني في كوز أخضر:
وبديعة للريم منها جيدها
…
تتحير الأبصار في إبداعها
كخريدة في مرط خز أخضر
…
رفعت يدا لترد فضل قناعها
بعضهم:
بأبي حبيب زارني متنكرا
…
فبدأ الوشاة له فولى معرضا
فكأنني وكأنه وكأنها
…
أمل ونيل حال بينهما القضا
العناياتي:
قلبي على قدك الممشوق بالهيف
…
طير على الغصن أو همز على الألف
الشيخ جمال الدين العصامي:
فنجان قهوة ذا المليح وعينه ال
…
كحلاء حارت فيهما الألباب
فسوادها كسوادها وبياضها
…
كبياضها ودخانها الأهداب
ابن المعتز:
كأنه وكأن الكأس في فمه
…
هلال أول شهر غاب في الشفق
ابن المنير الطرابلسي في النواعير:
لنواعيرها على الماء ألحان
…
تهيج الشجى لقلب المشوق
فهي مثل الأفلاك شكلا وفعلا
…
قسمت قسم جاهل بالحقوق
بين عال خال ينكسه الده
…
ر ويعلو بسافل مرزوق
المفجع البصري في مغن جميل جدر فازداد حسنا:
يا قمرا جدر حين استوى
…
فزاده وزادت هموم
كأنما غنى لشمس الضحى
…
فنقطته طربا بالنجوم
أبو جعفر الأعمى المغربي:
هل استمالك جسم ابن الأمير وقد
…
سالت عليه من الحمام أنداء
كالغصن باشر حر النار من كتب
…
فظل من أعطافه الماء
وقول الأبيوردي:
بأبي ريم تبلج لي
…
عن رضى في طية غضب
وسعى بالكأس مترعة
…
كضرام النار تلتهب
فهي شمس في يدي قمر
…
وكلا عقديهما الشنب
وما أحسن قوله بعده:
ولها من ذاتها طرب
…
فلهذا يرقص الحبب
آخر:
وكأنه والكأس في يده
…
فلهذا يرقص الحبب
ابن المعتز في إبريق في فمه قطرة:
كأن أبريقها والراح في فمه
…
ديك تناول ياقوتا بمنقار
ابن مكنسة:
إبريقنا عاكف على قدح
…
كأنه الأم ترضع الولدا
أو عابد من بني المجوس إذا
…
توهم الكأس شعلة سجدا
أبو منصور البغوي:
تراءت لنا من خدرها بسوالف
…
كما لاح بدر من خلال سحاب
وهز الصبا صدغا لها فوق خدها
…
كما روحت نار بريش غراب
أبو الفرج الببغاء: