المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشاهد في الهلال والغزال، فإنهما يحتملان أن يكونا بمعنى القمر - أنوار الربيع في أنواع البديع

[ابن معصوم الحسني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌أنوار الربيع في أنواع البديع

- ‌حسن الابتداء وبراعة الاستهلال

- ‌الجناس المركب والمطلق

- ‌الجناس الملفق

- ‌الجناس المذيل واللاحق

- ‌الجناس التام والمطرف

- ‌الجناس المصحف والمحرف

- ‌الجناس اللفظي والمقلوب

- ‌الجناس المعنوي

- ‌الاستطراد

- ‌الاستعارة

- ‌المقابلة

- ‌وإن هم استخدموا عيني لرعيهم=أو حاولوا بذلها فالسعد من خدمي

- ‌الافتنان

- ‌اللف والنشر

- ‌الالتفاف

- ‌الاستدراك

- ‌تأليف السيد علي صدر الدين معصوم المدني

- ‌ حققه وترجم لشعرائه شاكر هادي شاكر

- ‌ الجزء الثاني

- ‌الإبهام

- ‌الطباق

- ‌إرسال المثل

- ‌الأمثال السائرة

- ‌التخيير

- ‌النزاهة

- ‌الهزل المراد به الجد

- ‌التهكم

- ‌تنبيهان

- ‌القول بالموجب

- ‌التسليم

- ‌الاقتباس

- ‌المواربة

- ‌التفويف

- ‌الكلام الجامع

- ‌المراجعة

- ‌المناقصة

- ‌المغايرة

- ‌الجزء الثالث

- ‌تتمة باب المغايرة

- ‌التوشيح

- ‌التذييل

- ‌تشابه الأطراف

- ‌التتميم

- ‌الهجو في معرض المدح

- ‌الاكتفاء

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌الاستثناء

- ‌مراعاة النظير

- ‌التوجيه

- ‌التمثيل

- ‌عتاب المرء نفسه

- ‌القسم

- ‌حسن التخلص

- ‌الإطراد

- ‌العكس

- ‌الترديد

- ‌المناسبة

- ‌الجمع

- ‌الانسجام

- ‌تناسب الأطراف

- ‌ائتلاف المعنى مع المعنى

- ‌المبالغة

- ‌ الإغراق

- ‌ الغلو

- ‌التفريق

- ‌التلميح

- ‌العنوان

- ‌التسهيم

- ‌التشريع

- ‌المذهب الكلامي

- ‌نفي الشيء بإيجابه

- ‌الرجوع

- ‌تنبيهات

- ‌تجاهل العارف

- ‌الاعتراض

- ‌حصر الجزئي وإلحاقه بالكلي

- ‌التهذيب والتأديب

- ‌الاتفاق

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌المماثلة

- ‌التوشيع

- ‌التكميل

- ‌شجاعة الفصاحة

- ‌التشبيه

- ‌الفصل الأول في الطرفين

- ‌الفصل الثاني في الوجه

- ‌تنبيهات

- ‌الفصل الثالث في الغرض

- ‌الفصل الرابع في الأحوال

- ‌الفصل الخامس في الأداة

- ‌الفرائد

- ‌التصريع

- ‌الاشتقاق

- ‌السلب والإيجاب

- ‌المشاكلة

- ‌ما لا يستحيل بالانعكاس

- ‌التقسيم

- ‌الإشارة

- ‌تشبيه شيئين بشيئين

- ‌الكناية

- ‌الترتيب

- ‌المشاركة

- ‌التوليد

- ‌الإبداع

- ‌الإيغال

- ‌النوادر

- ‌التطريز

- ‌التكرار

- ‌التنكيت

- ‌حسن الإتباع

- ‌الطاعة والعصيان

- ‌البسط

- ‌المدح في معرض الذم

- ‌الإيضاح

- ‌التوهيم

- ‌الألغاز

- ‌الإرداف

- ‌الاتساع

- ‌التعريض

- ‌جمع المؤتلف والمختلف

- ‌الإيداع

- ‌تنبيهات

- ‌المواردة

- ‌الالتزام

- ‌المزاوجة

- ‌المجاز

- ‌التفريع

- ‌التدبيج

- ‌التفسير

- ‌التعديد

- ‌حسن النسق

- ‌حسن التعليل

- ‌التعطف

- ‌الاستتباع

- ‌التمكين

- ‌التجريد

- ‌إيهام التوكيد

- ‌الترصيع

- ‌التفصيل

- ‌الترشيح

- ‌الحذف

- ‌التوزيع

- ‌التسميط

- ‌التجزئة

- ‌سلامة الاختراع

- ‌تضمين المزدوج

- ‌ائتلاف اللفظ مع المعنى

- ‌الموازنة

- ‌ائتلاف اللفظ مع الوزن

- ‌ائتلاف الوزن مع المعنى

- ‌ائتلاف اللفظ مع اللفظ

- ‌الإيجاز

- ‌التسجيع

- ‌تنبيهات

- ‌التسهيل

- ‌الإدماج

- ‌الاحتراس

- ‌حسن البيان

- ‌العقد

- ‌تنبيهات

- ‌التشطير

- ‌المساواة

- ‌براعة الطلب

- ‌حسن الختام

- ‌كلمة الختام للمؤلف

الفصل: الشاهد في الهلال والغزال، فإنهما يحتملان أن يكونا بمعنى القمر

الشاهد في الهلال والغزال، فإنهما يحتملان أن يكونا بمعنى القمر وولد الظبي، وهذا هو المعنى القريب المورى به، ويحتمل أن يراد به جزآن من الرحل. فإن الهلال في اصطلاحهم منفرج مقدم الرحل، والغزال للرحل كالقربوس للسرج، وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه. ولولا ذكر الشداد قبلهما لما تهيأت التورية فيهما.

وأما ما استشهد به ابن حجة وغيره على هذا القسم من قول ابن سناء الملك يمدح الملك المظفر صاحب حماة:

وسيرك فينا سيرة عمرية

فروحت عن قلب وأفرجت عن كرب

وأظهرت فينا من سميك سنة

فأظهرت ذاك الفرض من ذلك الندب

وقولهم: لولا ذكر السنة لما تهيأت التورية في الفرض والندب، ولا فهم منهما الحكمان الشرعيان اللذان صحت بهما التورية، فليس بصحيح. فإن كلا من الفرض والندب يهيئ الآخر للتورية ولو لم يذكر السنة -كما هو ظاهر- فهو القسم الثالث من أقسام التورية المهيأة، لا من هذا القسم.

الثاني _ ما تهيأت بلفظ بعدها. قال ابن حجة: ومن أمثلته نثرا قول علي عليه السلام في الأشعث بن قيس: انه كان يحوك الشمال باليمين. فالشمال يحتمل أن تكون جمع شملة، وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه، ويحتمل أن يراد به الشمال التي هي إحدى اليدين، وهذا هو المعنى القريب المورى به. ولولا ذكر اليمين بعد الشمال ما تنبه السامع لمعنى اليد. انتهى.

قال بعض المحققين: توارى وجه التورية عن هذا المثال، وليس فيه غير إبهام الطباق بين اليمين والشمال، لما قالوه: من أن التورية إطلاق لفظ له معنيان يمكن حمله على كل منهما. ووصف الشمال بالحياكة نفى أن يراد بها مقابل اليمين، فانحصر لفظ الشمال في معنى الجمع كما لا يخفى. انتهى، وهو في محله.

والمثال الصحيح لهذا القسم قول ابن الربيع:

لولا التطير بالخلاف وإنهم

قالوا مريض لا يعود مريضا

لقضيت نحبي في جنابك خدمة

لأكون مندوبا قضى مفروضا

فإن المندوب يحتمل أن يكون اسم مفعول من ندب الميت: إذا بكاه، وهو المعنى البعيد الذي قصده الناظم وورى عنه، ويحتمل أن يكون خلاف المفروض، وهذا هو المعنى القريب المورى به، وذكر المفروض بعده هو الذي هيأه للتورية، ولو لم يكن لما كان فيه تورية البتة.

الثالث - ما وقعت فيه التورية بلفظين أو أكثر، لولا كل منهما لم تتهيأ التورية في الآخر.

كقول عمر ابن أبي ربيعة في محبوبته الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر، وقد تزوجها بن عبد الرحمن بن عوف:

أيها المنكح الثريا سهيلا

عمرك كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت

وسهيل إذا استقل يماني

فإن كلا من الثريا وسهيل هيأ صاحبه للتورية، فلفظ الثريا هيأ سهيلا لاحتمال أن يراد به الكوكب المعروف، ولفظ سهيل هيأ الثريا لاحتمال أن يراد بها المنزلة المعروفة، لكون أحدهما شماليا والآخر جنوبيا، وهذا هو المعنى القريب المورى به. ومراد الشاعر إنما هو صاحبته الشامية الدار والقبيلة، لأنها من بني أمية الأصغر بن عبد شمس، وسهيل اليماني الدار لا القبيلة، وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه، فتم له ما أراد من الإنكار على من جمع بينهما بألطف وجه.

ومنه قول المعري:

إذا صدق الجد افترى العم للفتى

مكارم لا تكري وإن كذب الخال

فإن كلا من الجد والعم والخال يهيئ صاحبه للتورية بظاهر معناه، ومراده بالجد: الحظ، وبالعم: الجماعة، وبالخال: المخيلة.

‌تنبيهات

الأول - الفرق بين اللفظ الذي تتهيأ به التورية، واللفظ الذي تترشح به، واللفظ الذي تتبين به: أن الأول لو لم يذكر لما تهيأت التورية أصلا، والثاني والثالث إنما هما مقويان للتورية، ولو لم يذكرا لكانت التورية موجودة. غير أن الثاني يكون من لوازم المعنى القريب المورى به، والثالث يكون من لوازم المعنى البعيد المورى عنه.

الثاني - ليس كل لفظ مشترك يتصور فيه التورية، بل لا بد من اشتهار معانيه وتداولها على الألسنة بخلاف اللغات الغريبة، إلا أن يختص قوم باشتهار لغة غريبة بينهم، فينبغي اعتبار حال المخاطب بها.

ص: 360

وإذ قد كشفنا اللثام عن عرائس أنواع التورية بأسرها، وفككنا رقاب أقسامها من وثاقها وأسرها، فها نحن نورد شيئاً من أمثلتها لتتميم الفائدة وتكملتها، ولم نرتبها حسب ترتيب الأنواع والأقسام، تشحيذا للأذهان، وتهذيبا للأفهام.

فمنها قول الشيخ تقي الدين السروجي:

في الجانب الأيمن من خدها

نقطة مسك أشتهي شمها

حسبته لما بدا خالها

وجدته من حسنه عمها

ومنه أخذ الشيخ عز الدين الموصلي فقال وأجاد:

لحظت في وجنتها شامة

فابتسمت تعجب من حالي

قالت قفوا واستمعوا ما جرى

قد هام عمي الشيخ في خالي

وقال آخر:

مذ همت من وجدي في خالها

ولم أصل منه إلى اللثم

قالت تعالوا واسمعوا ما جرى

خالي قد هام به عمي

والأصل في ذلك كله ما أنشده القاضي شمس الدين بن خلكان في تاريخه لبعضهم:

ومورد الوجنات أغيد خاله

بالحسن من فرط الملاحة عمه

كحل الجفون وكان في أجفانه

كحل فقلت سقى الحسام وسمه

قلت: وقد صدرت وعجزت أنا هذين البيتين ولم أخرج الأول عن التورية فقلت:

ومورد الوجنات أغيد خاله

قد كاد يفتن بالوسامة عمه

إن خص قلبي بالغرام فربه

بالحسن من فرط الملاحة عمه

كحل الجفون وكان في أجفانه

عضب حكى ناب الشجاع وسمه

وبكى بطرف ذي أحورار زانه

كحل فقلت سقى الحسام وسمه

ومن مخترعات القاضي الفاضل في التورية قوله:

وهذا الترب أم خد لثمنا

فآثار الشفاه عليه شامة

وهذي روضة تندى وسطري

بها غصن وقافيتي حمامة

ومثله قوله:

أما الثريا فنعل تحت أخمصه

وكل قافية قالت لذلك طا

وقوله:

وكنت وكنا والزمان مساعد

فصرت وصرنا وهو غير مساعد

وزاحمني في ورد ريقك شارب

ونفسي تأبى شركة في المورد

ومنه أخذ الشيخ عز الدين الموصلي فقال:

لقد كنت لي وحدي ووجهك حضرتي

وكنا وكانت للزمان مواهب

فعارضني في ورد خدك عارض

وزاحمني في ورد ثغرك شارب

وأول شارب ورد منهل هذه التورية -فيما أظن- قول الأول:

ليس في صحة لناظره

حصة فهو دائم السقم

صرت من ريقه وطلعته

شارب الخمر عابد الصنم

وله نسخة قد اختصرت

من فؤادي ولقبت بفم

فوه عين الحياة شاربها

خضر لم يصل إلى الظلم

ومن بديع التورية أيضاً قول القائل:

وأعجب ما شاهدته فيه أنه

يكلم قلبي لحظه وهو ساكت

ومثله قولي من قصيدة:

وما كلمتني يوم زمت رحالها

ولكن قلبي راح وهو مكلم

ومنه قول مجير الدين بن تميم:

يا أيها الملك المنصور لا برحت

أعوام عمرك لا يحصى له عدد

تجر في جمعة ذيل الخميس فلا

يبقى إلى السبت في أرض العدى أحد

وقوله في رئيس اسمه الصدر:

بودي أرى في خدمة الصدر دائما

وأنفق ما تبقي من العمر

واصحبه حتى الممات منعما

كفى شرفا ادعى به صاحب الصدر

وقوله في شكوى الزمان وذم أهله:

تعبدت أصنام الزمان جهالة

وضيعت عمري عند من لا له عند

فما فيهم إلا يعوق فقدته

ولا يرتجى منهم يغوث ولا ود

وقوله في رئيس صرف واعتقل:

لئن صرفت وحاشا

ك فالدنانير تصرف

وما اعتقلت كريما

إلا وأنت مثقف

وقوله:

وكيف أخفي غراما

أقام بين ضلوعي

والمرسلات جفوني

والذاريات دموعي

ومنه قول ابن سيناء الملك:

ومع المشيب فبعد عندي صبوة

يبلي القميص وفيه عرف المندل

أنا جد أنصار النبي لأنني

يا أشهل العينين عبد الأشهل

وقوله:

ليس إلا دمعي الذي من رأى جف

ني رآه كأن دمعي هدبي

أنجم الدمع لا تغيب شروقا

مع أني ريتها في الغرب

وممن أولع بالتورية كثيرا الشيخ سراج الدين الوراق فإنه ممن جعلها له بضاعة، وساعده عليها اللقب والصناعة، حتى قيل له: لولا قلبك وصناعتك لذهب نصف شعرك. فمما ورى فيه بلقبه قوله:

إلهي قد جاوزت سبعين حجة

فشكرا لنعماك التي ليس تكفر

ص: 361

وعمرت في الإسلام فازددت بهجة

ونورا كذا يبدو السراج المعمر

وعمم نور الشيب رأسي فسرني

وما ساءني أني سراج منور

وقوله:

بني اقتدى بالكتاب العزيز

وراح لبري سعيا وراجا

فما قال لي أف مذ كان لي

لكوني أبا ولكوني سراجا

وقوله:

وكنت حبيبا إلى الغانيات

فألبسني الشيب هجر الحبيب

وكنت سراجا بليل الشباب

فأطفأ نوري نهار المشيب

وكتب لي بعض الرؤساء:

بكتبك راج لي أملي وقصدي

وفي يدك النجاح لكل راج

ولولا أنت لم يرفع مناري

ولا عرف الورى قدر السراج

وقال وقد اجتمع برئيسين يلقب أحدهما شمس الدين، والآخر بدر الدين:

لما رأيت الشمس والبدر معا

قد انجلت دونهما الدياجي

حقرت نفسي ومضيت هاربا

وقلت ما ذي ساعة السراج

وقال فيمن يلقب بضياء الدين:

أمولانا ضياء الدين دم لي

وعش فبقاء مولانا بقائي

فلولا أنت ما أغنيت شيئا

وما يغني السراج بلا ضياء

ومما أجاد فيه قوله:

كم قطع الجود من لسان

قلَّد في نظمه النحورا

وها أنا شاعر سراج

فاقطع لساني أزدك نورا

ومما ورّى فيه بصناعة الوراقة قوله:

يا خجلتي وصحائفي مسودة

وصحائف الأبرار في إشراق

وموبخ لي في القيامة قائل

أكذا تكون صحائف الوراق

وكتب إلى أبي الحسين الجزار في عيد الأضحى:

أجبت بعيد النحر من كان سائلي

عن الحال في عيدي وقد مر ذكره

إذا بطل الجزار والعيد عيده

فلا تسأل الوراق فالعذر عذره

وقوله:

نصب الحشا غرضا فقرطس إذ رمى

وهي القلوب سهامها الأحداق

وسألته وصلا فقال يحجني

يا ليت شعري أينا الوراق

ومن لطائفه في غير لقبه وصناعته:

رفضوا الشعر جهدهم ورموه

بينهم بالهوان والازدراء

فلو أن الكتاب كان بأيديه

م محوا منه سورة الشعراء

وقوله في المعنى:

وأحمق أضافنا ببقله

لنسبة بينهما ووصله

فمن أقل أدبا من سفله

قد مد في وجه الضيوف رجله

وقوله وهو في غاية الحسن:

ومهفهف عني يميل ولم يمل

يوما إلي فقلت من ألم الجوى

لما لا تميل إلي يا غصن النقا

فأجاب كيف وأنت من جهة الهوى

ومنه قوله:

وقفت بأطلال الأحبة سائلا

ودمعي يسقي ثم عهدا ومعهدا

ومن عجب أني أروي ديارهم

وحظي منها حين أسألها الصدا

ومنه قوله:

وبي من البدو كحلاء الجفون بدت

في قومها كمهاة بين آساد

بنت عليها المعالي من ذوائبها

بيتا من الشعر لم يمدد بأوتاد

وأوقدت وجنتاها النار لا لقرى

لكن لأفئدة منا وأكباد

فلو بدت لحسان الحضر قمن لها

على الرؤوس وقلن الفضل للبادي

وممن رفعت له راية التورية فكان عرابتها، وأهل في مانوس مقطوعاته غرابتها، الشيخ أبو الحسين الجزار فمن مقاطيعه قوله موريا في صناعته:

أني لمن معشر سفك الدماء لهم

دأب وسل عنهم إن رمت تصديقي

تضيء بالدم إشراقا عراصهم

وكل أيامهم أيام تشريق

وكتب إليه الشيخ نصير الدين الحمامي موريا عن صناعته:

ومذ لزمت الحمام صرت بها

خلا يداري من لا يداريه

أعرف حر الأشيا وباردها

وآخذ الماء من مجاريه

فأجابه أبو الحسين الجزار بقوله:

حسن التأني مما يعين على

رزق الفتى والخطوب تختلف

والعبد مذ صارت في جزراته

يعرف من أين تؤكل الكتف

ومن لطائفه البديعة ما كتب إلى بعض الرؤساء، وقد منع من الدخول إلى بيته في يوم فرح:

أمولاي ما من طباعي الخروج

ولكن تعملته من خمولي

أتيت لبابك أرجو الغنى

فأخرجني الضرب عند الدخول

وكتب إلى بعض الرؤساء يستهديه قطرا:

أيا علم الدين الذي جود كفه

براحته قد أخجل الغيث والبحرا

لئن أمحلت أرض الكنافة إنني

لأرجو لها من سحب راحتك القطرا

هذا القطر تحلى به الشيخ جمال الدين محمد بن نباتة بقوله:

ص: 362

لجود قاضي القضاة أشكو

عجزي عن الحلو في صيامي

والقطر أرجو ولا عجيب

للقطر يرجى من الغمام

ومن لطائف مجون أبي الحسين الجزار قوله:

تزوج الشيخ أبي شيخة

ليس لها عقل ولا ذهن

لو برزت صورتها في الدجى

ما جسرت تبصرها الجن

كأنها في فرشها رمة

وشعرها من حولها قطن

وقائل قل لي ما سنها

فقلت ما في فمها من سن

وقوله يمدح رئيسا اسمه علي:

أقول لفقري مرحبا لتيقني

بأن عليا بالمكارم قاتله

وقوله في مطلع قصيدة:

يمضي الزمان وأنت هاجر

أو ما لهذا الهجر آخر

يا من تحكم في القلوب

بحاجب منه وناظر

مولاي لا تنس المحب فإن

هـ لهواك ذاكر

وإذا رقدت منعما

فاذكر شقيا فيك ساهر

شتان ما بيني وبينك

في الهوى لو كنت عاذر

النار في كبدي وظلم

ك بارد والجفن فاتر

وممن علا في التورية مقامه، وتحلى بدررها نظامه، ناصر الدين حسن بن النقيب فمن بدايع تغزلاته قوله:

وما لي سوى عين نظرت لحسنها

وذاك لجهلي بالعيون وغرتي

وقالوا به في الحب عين ونظرة

لقد صدقوا عين الحبيب ونظرتي

ومن لطائفه قوله:

أنت طوقتني صنيعا وأسمع

تك شكرا كلاهما ما يضيع

فإذا ما شجاك سجعي فإني

أنا ذاك المطوق المسموع

وقوله:

أبيات شعرك كالقصور

ولا قصور بها يعوق

ومن العجائب لفظها

حر ومعناها رقيق

وقوله:

جودوا لنسجع بالمدي

ح على علاكم سرمدا

فالطير أحسن ما يغر

د عندما يقع الندا

ومن لطائف الحكيم شمس الدين بن دانيال قوله:

يا سائلي عن حرفتي في الورى

وضيعتي فيهم وإفلاسي

ما حال من درهم إنفاقه

يأخذه من أعين الناس

وقوله:

ما عاينت عيناي في عطلتي

أقل من حظي ومن بختي

قد بعت عبدي وحماري معا

وصرت لا فوقي ولا تحتي

ومن بدائع القاضي محي الدين بن عبد الظاهر قوله:

لقد قال كعب في النبي قصيدة

وقلنا عسى في فضلها نتشارك

فإن شملتنا بالجوائز رحمة

كرحمة كعب فهو كعب مبارك

وقوله:

شكرا لنسمة أرضكم

كم بلغت عني تحية

لا غرو إن حفظت أحا

ديث الهوى فهي الذكية

وهذه النكتة أخذها الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

يا طيب نشر هب لي من نحوكم

فأثار كامن لوعتي وتهتكي

أهدى تحيتكم وأشبه لطفكم

وروى شذاكم إن ذا نشر ذكي

وأشار إلى هذه السرقة الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة بقوله: -ولم يخرج عما نحن فيه من التورية-

إن ابن أبيك لم تزل سرقاته

تأتي بكل قبيحة وقبيح

نسب المعاني في النسيب لنفسه

جهلا فراح كلامه في الريح

لا تسلني عن أول العشق أني

أنا فيه قديم هجر وهجره

من دموعي ومن جبينك أرخ

ت غراما بمستهل وغره

لكن تعقبه بعضهم، بان المستهل في البيت بكسر الهاء، لأنه يناسب الدموع، والمستهل الذي يؤرخ به إنما هو بفتح الهاء، من قولهم: استهل الهلال، ببناء الفعل لما لم يسم فاعله، فقولهم، كتب لمستهل شهر كذا؛ أي لوقت استهلاله، فلا تصح التورية في مستهل.

وقال البدر الدماميني في شرح التسهيل: فإن قلت: فهل له من وجه؟ قلت: يمكن أن يجعل المستهل اسم فاعل من قولهم: استهل الهلال، بمعنى تبين -ذكره في الصحاح- فيكون المراد بالمستهل بكسر الهاء، الهلال المتبين، ويصير حاصل قولهم: كتب لمستهل شهر كذا، بمثابة قولك: كتب لهلال كذا، أي وقت هلاله على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه والمراد بوقت الهلال وقت ظهوره، وهذا غاية ما يظهر فيه.

وقد زاحمه الشيخ جمال الدين بن نباتة على هذه التورية فقال:

أخط سؤالي بالرقاع ولا أرى

جفاءك يا هذا بوصلك ينسخ

ويذبح جفني بالدموع وماله

سوى الشهر بعد الشهر في البعد يسلخ

ترى هل لعامي من جبينك غرة

بها لا بدمعي المستهل يؤرخ

لئن أشبهت منك الغصون معاطفا

لقد أصبحت أيضاً تنبيه وتشمخ

ص: 363

ومن بديع اقتباس القاضي المذكور بالتورية قوله:

بأبي فتاة من كمال صفاتها

وجمال بهجتها تحار الأعين

كم قد دفعت عواذلي من وجهها

لما تبدت بالتي هي أحسن

وألم به الشيخ عز الدين الموصلي وما خرج عن إيضاحه بقوله رحمه الله تعالى:

قد سلونا عن المليح بخود

ذات وجه به الجمال تفنن

ورجعنا عن التهتك فيه

ودفعناه بالتي هي أحسن

ومنه قوله:

يا سيدي إن جرى من مدمعي ودمي

للعين والقلب مسفوح ومسفوك

لا تخش من قود يقتص منك به

فالعين جارية والقلب مملوك

ومنه قوله:

ذو قوام يجور منه اعتدال

كم طعين به من العشاق

سلب القضيب لينها فهي غيظا

واقفات تشكوه بالأوراق

ومنه قوله:

يا رب كأس صرت من شربها

من بعد رشفي ريق معشوقي

ملتهب الأحشاء نارا لأن

شربتها منه على الريق

ومن لطائف الشيخ عبد العزيز الأنصاري شيخ الشيوخ بحماة قوله:

أفدي حبيبا رزقت منه

عطف محب على حبيب

بوجنة ما أتم ربحي

وقد غدا وردها نصيبي

ومنه قوله:

ولا تنس وجدي بك يا شادنا

بحبه أنسيت أحبابي

ما لي على هجرك من طاقة

فهل إلى وصلك من باب

ومنه قوله:

مرضت ولي جيرة كلهم

عن الرشد في صحبتي حائد

فأصبحت في النقص مثل الذي

ولا صلة لي ولا عائد

ومن لطائفه قوله:

أكملت ستا وأربعين بها

أخلت همومي من راحتي ربعي

وجزت في السبع خائفا وجلا

لأنني جائز على سبع

ومن لطائف مجونه قوله:

سألته من ريقه شربة

أطفئ بها من كبدي حره

فقال أخشى يا شديد الظما

أن تتبع الشربة بالجر

ومن بدائع الأمير مجير الدين بن تميم قوله:

لما لبست لبعده ثوب الضنى

وغدوت من ثوب اصطباري عاريا

أجريت واقف أدمعي من بعده

وجعلته وقفا عليه جاريا

ومن نكتة الغريبة قوله في سجادة:

أيا حسنها سجادة سندسية

يرى للتقى والزهد فيها توشم

إذا ما رآها الناسكون ذووا الحجى

أمامهم صلوا عليها وسلموا

ومن لطائفه قوله:

وعيرني بالشيب قوم أحبهم

فقلت وشأن العاشقين التجمل

بعثتم إلى رأسي المشيب بهجركم

ومهما أتى منكم على الرأس يحمل

ومن بدائع نكتة قوله:

وليلة بت أسقى في غيابها

راحا تسل شبابي من يد الهرم

ما زلت أشربها حتى نظرت إلى

غزالة الصبح ترعى نرجس الظلم

ومن لطائف نكتة في أغزاله قوله:

خليلي قد صاد الفؤاد بحسنه

غزال به عذر المحبين واضح

ولا غرو أن صاد الفؤاد بلحظة

ألم تعلما أن العيون جوارح

ومن لطائف نكته قوله:

قالوا رأيناك كل وقت

تهيم بالشرب والغناء

فقلت أني فتى قنوع

أعيش بالماء والهواء

وقال في إهداء مهرة حمراء وهي من مخترعاته:

هنيتها يا مالكي مهرة

جميلة الخلق بوجه جميل

مؤخرها والعنق قد أوقعا

قلب الأعادي في العريض الطويل

قد لبست من شفق حلة

تخبرنا أن أباها أصيل

ومن محاسن بدر الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي قوله:

عرج على الزهر يا نديمي

ومل إلى ظله الظليل

فالروض يلقاك بابتسام

والريح تلقاك بالقبول

ومنه قوله:

وحديقة مطلولة باكرتها

والشمس ترشف ريق أزهار الربا

يتكسر الماء الزلال على الحصى

فإذا جرى بين الرياض تشعبا

ومن هنا أخذ الشيخ برهان الدين إبراهيم القيراطي فقال من قصيدة:

وكأن ذاك النهر فيه معصم

بيد النسيم منقش ومكتب

وإذا تكسر ماؤه أبصرته

في الحال بين رياضه يتشعب

ومنه قوله:

أدر كؤوس الراح في روضة

قد نمقت أزهارها السحب

الطير فيها شبق مغرم

وجدول الماء بها صب

ومن هنا أخذ الشيخ جمال الدين بن نباته قوله:

دمعي عليك مجانس قلبي

فارث على الحالين للصب

ومنه قوله:

البرد قد ولى فمالك راقدا

يا أيها المدثر المزمل

ص: 364

أو ما ترى وجه الربيع وحسنه

والروض يضحك والحيا يتهلل

ومن لطائف تغزلاته قوله:

حلا نبات الشعر يا عاذلي

لما بدا في خده الأحمر

فشافني ذاك العذار الذي

نباته أحلى من السكر

ومثله في اللطف قوله:

شوقي إليك على البعاد تقاصرت

عنه خطاي وفصرت أقلامي

واعتلت النسمات فيما بيننا

مما أحملها إليك سلامي

ومنه قوله أيضاً:

تعشقته لدن القوام مهفهفا

شهي اللما أحوى المراشف أشنبا

وقالوا بدا حب الشباب بوجهه

فيا حسنه وجها إلينا محببا

ومن نكته اللطيفة الغريبة البديعة قوله:

وذى قوام أهيف

بين الندامى قد نشط

قام يقط شمعة

فهل رأيت البدر قط

ومنه قوله:

وبمهجتي المتحملون عشية

والركب بين ملازم وعناق

وحداتهم أخذت حجازا بعدما

غنت وراء الركب في عشاق

ومن لطائفه الغريبة قوله:

رفقا بصب مغرم

أبليته صدا وهجرا

وافاك سائل أدمعي

فرددته في الحال نهرا

ومن لطائف قوله:

يا عاذلي فيه قل لي

إذا بدا كيف أسلو

يمر بي كل وقت

وكل ما مر يحلو

ومن لطائف القاضي محي الدين بن قرناص الحموي قوله:

مذ أتينا نبغي زيارة دوح

قد حبانا بالجود والأكرام

ناولتنا أيدي الغصون ثمارا

أخرجتها لنا من الأكمام

وقوله في مليح معذر:

ووجنة قد غدت كالورد حمرتها

وأشبه الآس ذاك العارض النضر

كأن موسى كليم الله أقبسها

نارا وجر عليها ذيله الخضر

وهذا المعنى استعمله في شجرة نارنج فقال:

نارنجة برزت في منظر عجب

زبرجد ونضار صاغه المطر

كأن موسى كليم الله أقبسها

نارا وجر عليها ذيله الخضر

ومن لطائفه في أغزاله قوله:

هويت في مكتب غلاما

قلبي بهجرانه جريح

أهيف أضحى ضعيف خط

وإنما شكله مليح

ومنه قوله:

قبلت خط عذراه لما بدا

وهصرت لين قوامه المياس

وطلبت لي من خده المحمر ما

يشفي الجوى فجاءني بآلاس

ومن لطائفه في أغزاله قوله:

إن الذين ترحلوا

نزلوا بعين ناضرة

أنزلتهم في مقلتي

فإذا هم بالساهرة

ومن طرائف الشاب الظريف شمس الدين محمد بن العفيف التلمساني قوله فيما يكتب على كأس: -وأجاد: -

أدور لتقبيل الندامى ولم أزل

أجود بنفسي للندامى وأنفاسي

وأكسو أكف الشرب ثوبا مذهبا

فمن أجل هذا لقبوني بالكاس

ومن هنا أخذ الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة فقال مضمنا:

يا صاح قد حضر الشراب ومنيتي

وحظيت بعد الهجر بالإيناس

وكسى العذار الخد حسنا فاسقني

واجعل حديثك كله في الكاس

وقوله وقد أهدى مجموعا:

يا أيها الصدر الذي وجه العلا

منه يزان بمنظر مطبوع

لا يعتقد قلبي يحبك وحده

ها قد بعثت لسيدي مجموعي

ومن نكته البديعة التي لم يسبق إليها قوله:

كان ما كان وزالا

فاطرح قيلا وقالا

أيها المعرض عنا

حسبك الله تعالى

أخذه القاضي مجد الدين فقال:

يا غصنا في الرياض مالا

حملتني في هواك مالا

يا رائحا بعدما سباني

حسبك رب السما تعالى

ومن لطائفه أيضاً قوله:

يا ساكنا قلبي المعنى

وليس فيه سواء ثاني

لأي معنى كسرت قلبي

وما التقى فيه ساكنان

وقد أورد على البيتين إيراد حسن، وهو أن الساكنين إذا اجتمعا كسر أحدهما وهو الأول، وكلامه يؤدي إلى أن المكسور غيرهما.

قال بعضهم: يمكن توجيه ما في البيتين بجعل في للسببية، أي لأي سبب كسرت قلبي والحال انه ما التقى فيه ساكنان، بسبب سكونه وإخلاده إلى حضيض الاطمئنان، وعدم تحركه واضطرابه خوفا من طروق نار الهجر، فيكون القلب إذا أحد الساكنين. ويحسن توجه السؤال عن كسره بلامين فتدبر. انتهى كلامه.

ونظم بعضهم جوابا للبيتين وهما:

سكنته وهو ذو سكون

لم يثنه عن هواي ثاني

فكان كسري له قياسا

لما التقى فيه ساكنان

وقال في مليح بدوي:

ص: 365

بدوي كم جدلت مقلتاه

عاشقا في مقاتل الفرسان

ذو محيا يصيح يا لهلال

ولحاظ تقول يا لسنان

وقال في مليح جرح بسكين:

لم تجرح السكين كف معذبي

إلا لمعنى للغرام يحقق

هي مثل ما قد قيل جارحة له

ولكل جارحة إليه تشوق

وقال يصف بساطا:

بساط يملأ الأحداق حسنا

ويهدي للقلوب به سرورا

ويشرح حين يبسط كل صدر

وخير البسط ما شرح الصدورا

وقوله وقد احتجب بعض أصحابه عنه:

ولقد أتيت إلى جنابك قاضيا

باللثم للعتبات بعض الواجب

وأتيت أقصد زورة أحيا بها

فرددت يا عيني هناك بحاحب

ومنه قوله:

أيسعدني يا طلعة البد طالع

ومن شقوتي خط بخدك نازل

ولو أن قسا واصف منك وجنة

لأعجزه نبت بها وهو باقل

أخذه الشيخ جمال الدين فقال:

تطاولت الأغصان تحكي قوامه

وعند التناهي يقصر المتطاول

وأعيا فصيح الوقت نبت عذاره

وعير قسا بالفهامة باقل

ومن لطائف نكت ابن العفيف قوله:

وافى بوجه كالهلال مركب

في قامة غصنية هيفاء

وبمقلة خفق الفؤاد وقد رنت

وكذا الجنون يكون عن سوداء

ومن لطائف اختراعاته قوله:

بدا وجهه من فوق أسمر قده

وقد لاح من ليل الذوائب في جنح

فقلت عجيب كيف لم يذهب الدجى

وقد طلعت شمس النهار على رمح

ومنه قوله والنكتة بديعية غريبة:

أسكرني باللفظ والمقلة ال

كحلاء والوجنة والكاس

ساق يريني قلبه قسوة

وكل ساق قلبه قاسي

ومنه قوله مع حسن التضمين:

جلا ثغرا وأطلع لي ثنايا

يسوق بها المحب إلى المنايا

وانشد ثغره يبغي افتخاراً

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

ومن لطائفه قوله:

بأبي شادن غدا الوجه منه

يخجل النيرين في الإشراق

سلب القضب لينها فهي غيظا

واقفات تشكوه بالأوراق

ومن نكته البديعة الغريبة قوله:

ومستتر من سنا وجهه

بشمس لها ذلك الصدغ في

كوى القلب منى بلام العذار

فعرفني أنها لام كي

ومن نكته التي تطفل الناس بعده عليها قوله:

بأبي أفدي حبيبا

تيم القلب غراما

عذر العازل فيه

مذ رأى العارض لاما

ومن محاسن سيف الدين بن المشد في التورية قوله:

ومجلس راق من واش يكدره

ومن رقيب له باللوم إلمام

ما فيه ساع سوى الساقي وليس به

على الندامى سوى الريحان نمام

ومن لطائفه قوله:

لئن صرفت وحاشا

ك فالدنانير تصرف

وما اعتقلت كريما

إلا وأنت مثقف

ومن لطائفه أيضاً قوله:

لعبت بالشطرنج مع شادن

رشاقة الأغصان من قده

أحل عقد البند من خصره

والثم الشامات من خده

ومن بدايع الشيخ علاء الدين الوادعي قوله:

أثخنت عينها الجراح ولا إث

م عليها لأنها نعساء

زاد في عشقها جنوني فقالوا

ما بهذا فقلت بي سوداء

وقوله:

والروض يهدي مع نسيم الصبا

نشر خزاماه وريحانه

وراسل القمري ورقاءه

يشدو على أوتار عيدانه

وقوله:

لي مع الطرف كاتب يكتب الشو

ق إليه إذا الفؤاد أمله

سلسل الدمع في صحيفة خدي

هل رأيتم مسلسلات ابن مقلة

وقوله:

قلبي مطيع في هواك وأنت لي

من بين دوح الحسن غصن خلاف

وقوله:

كيف أقوى لحمل سخط وبعد

بعد ما كان عن رضى وتداني

فتكرم بعطفة والتفاف

مثلها في الأغصان والغزلان

وقوله:

قال لي العاذل المفند فيها

يوم وافت وسلمت مختاله

قم بنا ندعي النبوة في العش

ق فقد سلمت علينا الغزالة

وقوله:

وليلة خلت مجلسنا سماء

وصحبي كالثريا في اجتماع

فبات الطرف يرعى البدر منهم

إلى أن حل منزلة الذراع

وقوله:

يا عز والله العزيز الذي

قضى على نفسي بإذلالها

ما خطرت من نحوكم نسمة

إلا تمسكت بأذيالها

وقوله:

رمتني سود عينيه

فأصمتني ولم تبطي

ص: 366

وما في ذاك من بدع

سهام الليل لا تخطي

وقوله:

أهل نجد هل تنجدون محبا

صاده بالغوير ظبي ملول

كم دماء مطلولة في هواه

وبها روض خده مطلول

وحديث عن السقام صحيح

قد رواه عن طرفه مكحول

ومن بدايع الشيخ جمال الدين بن نباتة قوله:

ومولع بفخاخ

يمدها وشباك

فقالت العين ماذا

يصيد قلت كراك

وقوله:

أسعد بها يا قمري برزة

سعيدة الطالع والغارب

صرعت طيرا وسكنت الحشا

فما تعديت عن الواجب

وقوله:

وبمهجتي رشأ يميس قوامه

فكأنني نشوان من شفتيه

شغف العذار بخده وأراه قد

نعست لواحظه فدب عليه

وقوله:

بروحي عاطر الأنفاس ألمى

ملي الحسن حالي الوجنتين

له خالان في دينار خد

تباع له القلوب بحبتين

أخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

بروحي عاطر الأنفاس أضحت

عليه شامة شرط المحبة

كأن الحسن يعشقه قديما

فنقطة بدينار وحبه

فلما وقف الشيخ جمال الدين على هذين البيتين قال: لا إله إلا الله، سرق الشيخ صلاح الدين _كما يقال_ من الحبتين حبة.

قال الشيخ جمال الدين: قلت:

يا عاذلي شمس النهار جميلة

وجمال فاتنتي ألذ وأزين

فانظر إلى حسنيهما متأملا

وادفع ملامك بالتي هي أحسن

(فأخذه الشيخ صلاح الدين مع البحر، بل أخذ الكل مع القافية وقال:

بأبي فتاة من كمال صفاتها

وجمال بهجتها تحار الأعين

كم قد دفعت عواذلي عن وجهها

لما تبدت بالتي هي أحسن)

وقوله:

فديتك أيها الرامي بقوس

وطرفك يا ضنا جسدي عليه

لقوسك نحو حاجبك انجذاب

وشبه الشيء منجذب إليه

وقوله:

أشكوا إلى الله ما أكابد من

دمامل مسني بها الضر

فالليل عندي من حالها سنة

فما لليلي ولا لها فجر

وقوله:

بروحي فاتر الأجفان ساج

كأن الحسن لفظ وهو معنى

تفرد وهو فتان التثني

فيا الله من فرد تثنى

أخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

وأهيف حاز قدا

قد حار فيه المعنى

تراه في الحسن فردا

لكنه يتثنى

وقوله:

بروحي جيرة أبقوا دموعي

وقد رحلوا بقلبي واصطباري

كأنا للمجاورة اقتسما

فقلبي جارهم والدمع جاري

وقوله:

لك يا أزرق اللواحظ مرأى

قمري أضحى على الخلق ينهى

يا لها من سوالف وخدود

ليس تحت الزرقاء أحسن منها

وقوله:

يا مجريا دمعي وموقف لوعتي

من جسمي المضني على الأطلال

يا من إذا سألوه عن بدر الدجى

والمسك قال أخي الشقيق وخالي

وقوله:

هنيتم آل الشهيد بنجمكم

وبوجه مولود لكم ما أزهره

من قبل ما عملت لديه عقيقة

عملت له المدح الجواري جوهره

أخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

أيا أندى الورى كفا ووجها

وأقومهم إلى العليا طريقة

لقد جاءتك جوهرة المعاني

فلا تبخل علينا بالعقيقة

وقوله:

يا غائبين تعللنا لغيبتهم

بطيب عيش ولا والله لم يطب

ذكرت والكاس في كفي لياليكم

فالكأس في راحة والقلب في تعب

وقوله:

بقلت وجنة المليح وقد ولى

زمان الصبا الذي كنت أملك

يا عذار الحبيب دعني فإني

لست في ذا الزمان من خل بقلك

وقوله:

إني إذ آنست هما طارقا

عجلت باللذات قطع طريقه

ودعوت ألفاظ المليح وكاسه

فنعمت بين حديثه وعتيقه

وقوله:

لله خال على خد الحبيب له

والعاشقين كما شاء الهوى عبث

أورثته حبة القلب القتيل به

وكان عهدي أن الخال لا يرث

وقوله:

وأغيد جارت في القلوب لحاظه

وأسهرت الأجفان أجفانه الوسنا

أجل نظرا في حاجبيه وطرفه

ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى

وقوله:

بروحي مشروط على الخد أسمر

دنا ووفى بعد التجنب والسخط

وقال على اللثم اشترطنا فلا تزد

فقبلته ألفا على ذلك الشرط

وقوله:

ص: 367

وا حربا من هوى رشيق

معتدل كالقضيب مائل

عذراه لا يجيب دمعي

وسائل لا يجيب سائل

وقوله:

وضعت سلاح الصبر عنه فما له

يقاتل بالألحاظ من لا يقاتله

وسال عذار فوق خديه جائر

على مهجتي فليتق الله سائله

وقوله:

أفديه لدن القوام منعطفا

يسل من مقلتيه سيفين

وهبت قلبي له فقال عسى

نومك أيضاً فقلت من عيني

وقوله:

مبقل الخد أدار الطلا

وقال لي في حبها عاتبي

عن أحمر المشروب ما تنتهي

قلت ولا عن أخضر الشارب

وقوله:

يا واصف الخيل بالكميت وبال

نهد أرحني من طول وسواس

لا نهد إلا من صدر غانية

ولا كميت إلا من الكاس

ومن هنا أخذ الشيخ فخر الدين ابن مكانس وقال:

ان ذكرت الخيل في الميدان

فاشرب كميتا واعل فوق نهد

وقوله:

إذا سألوني عن هوى قد كتمته

سكت أراعي واشيا ورقيا

وجاوب عني سائل من مدامعي

فيا لك دمعي سائلا ومجيبا

ومن اختراعاته الغريبة مع بديع التضمين قوله:

لما رأيت نهودها قد أقبلت

ورأت لقلبي عشقه يتجدد

قالت وقد رأت اصفراري من به

وتنهدت فأجبتها المتنهد

وقوله:

وتاجر قلت له اذرنا

رفقا بقلب صبره خاسر

ومقلة ينهب طيب الكرى

منها على عينيك يا تاجر

وهذه النكتة زاحمه فيها الشيخ زين الدين بن الوردي وزنا وقافية ومعنى وقال:

وتاجر شاهدت عشاقه

والحرب فيما بينهم دائر

قال علام اقتتلوا هكذا

قلت على عينيك يا تاجر

وقوله:

يا حبذا خد الحبيب

وقد أضاء شريقه

إن لم يكن في الحسن نف

س الروض فهو شقيقه

أخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

فديت حبيبا ضرج الحسن وجهه

وصب على خديه ذوب عقيق

إذا أبصر الروض المدبج خده

يقول لنا هذا أخي وشقيقي

وقوله:

نسبوه حسنا للهلال وعينه

للظبي تنسب لا رميت ببينه

فإذا بدا فإلى هلال أصله

وإذا رنا فهو الغزل بعينه

وقوله:

يرنو فيشرق حسنه

في ناظري ولهانه

فهو الغزالة والغزا

ل بعينه وعيانه

وقوله:

دعوني في حلي من العيش ما شيا

ومرتقبا من بعده عفو راحم

أمد إلى ذات الأساور مقلتي

وأسأل للأعمال حسن الخواتم

وقوله:

سلت مهجة قد كان صدعها الأسى

فلا آخذ الله الأسى بصدوعها

وعين على حالي بعاد وجفوة

عفا الله عما قد جرى من دموعها

ومن نكتة البديعة في المدائح قوله:

لنا ملك قد قاسمتنا هباته

فنشر العطا ونظم الثنا منا

يذكرنا أخبار معن بجوده

فننشي له لفظا وينشي لنا معنا

وقوله:

لا عدمنا لابن الأثير يراعا

جاريا للعفاة بالأرزاق

كلما ماس في المهارق كالغص

ن رأيت الندى على الأوراق

وقال وقد كتب إليه الملك المؤيد صاحب حماة:

فديتك من ملك يكاتب عبده

بأحرفه اللاتي حكتها الكواكب

ملكت بها رقي وأنحلني الأسى

فها أنا ذا عبد رقيق مكاتب

وقال يهنئ الصاحب شمس الدين بخلعة:

تهن مدى الأيام بالخلع التي

وجدنا بها الأيام واضحة الأنس

أضاء بها وجه الزمان وأهله

ولم لا ومن أطواقها مطلع الشمس

وقوله:

قصدت معاليك أرجو الندى

وأزجي من العسر داء فينا

فما كان بيني وبين اليسار

سوى أن مددت إليك اليمينا

وقوله يهني محتسبا:

تهن بها حسبة أدركت

بأيام فضلك ما ترتقب

فإنك من أسرة تصطفي

وترزق من حيث لا تحتسب

ومنه بقوله يهني بعيد النحر:

تهن بعيد النحر وابق ممتعا

بأمثاله سامي العلي نافذ الأمر

تقلدنا فيه قلائد أنعم

وأحسن ما تبدو القلائد في النحر

ومنه قوله _وقد أرسل إليه شرف الدين خالد القيسراني هدية جليلة في وقتها:

لك الله ما أزكى وأشرف همة

وأحمد صنعا حيث تبلى المحامد

فأنت الذي قرت برؤيته العلى

وهنئت الدنيا بأنك خالد

وقوله:

ص: 368

فديناك يا بن المحسنين مجودا

بأقلامه أو جائدا بمكارمه

فحاتم عند الجود في بطن كفه

وياقوت عند الخط في فص خاتمه

وقال يداعب صديقا له يروم ولاية القضاء:

رب إن ابن عامر مولع الفك

ر معنى في صبحه والمساء

يتمنى عند الجود في بطن كفه

وياقوت عند الخط في فص خاتمه

ومن لطائفه في هذا الباب قوله:

لقد عدناكم لما ضعفتم

فلا والله ما جاز يتمونا

أقيموا في ضناكم أو أفيقوا

فإن عدنا فإنا ظالمونا

ومن لطائفه قوله:

فقد لقبوا الراح بالعجوز وما

تخرج ألقابهم عن العاد

ألانت الغادة التي امتنعت

فصح إن العجوز قواده

وقال يداعب صديقاً له طلق زوجة تسمى دنيا:

قل لابن بغلان الذي أصبحت

كرته بين الورى خاسره

ظلمت دنياك وفارقتها

ورحت لا دنيا ولا آخره

وقوله:

تبسم الشيب بذقن الفتى

يوجب سح الدمع من جفنه

حسب الفتى بعد الصبا ذلة

أن يضحك الشيب على ذقنه

وقوله:

لله تصنيف له رونق

كرونق الحبات في عقدها

كادته تصانيف الورى عنده

تمت للهيبة في جلدها

وقوله وقد توفي له ولد لم يبلغ حولا:

يا راحلا من بعدها بعدما أقبلت

مخائل للخير مرجوة

لم تكتمل حولا وأورثتني

ضعفا فلا حول ولا قوة

ومثله قوله في ولده عبد الرحيم:

يا لهف قلبي على عبد الرحيم ويا

شوقي إليه ويا شجوتي ويا دائي

في شهر كانون وافاه الحمام لقد

أحرقت بالنار يا كانون أحشائي

ومنه قوله فيه:

آه لشمل قد وهي سلكه

وكان ذا در بعبد الرحيم

فليتني لاقيت عنه الردى

وعاش ذاك الدر درا يتيم

وقال في رثاء طفل:

بدا وفي خاله توار

فيا لها طلعة شريقه

جوهرة ما عملت إلا

دموع عيني لها عقيقه

وقال في رثاء ولده أيضاً:

قالوا فلان قد جفت أفكاره

نظم القريض فلا يكاد يجيبه

هيهات نظم الشعر منه بعدما

سكن التراب وليده وحبيبه

ومن محاسن الشيخ صلاح الدين الصفدي في باب التورية قوله:

أفديه ساجي العيون حين رنا

أصاب مني الحشا بسهمين

أعدمني الرشد في هواه ولا

أفلح شيء يصاب بالعين

وقوله:

لقد شب جمر القلب من فيض عبرتي

كما أن رأسي شاب من موقف البين

فإن كنت ترضى لي مشيبي والبكا

تلقيت ما ترضاه بالرأس والعين

وقوله:

ان عيني مذ غاب شخصك عنها

يأمر السهد في كراها وينهى

بدموع كأنهن الغوادي

لا تسل ما جرى على الخد منها

وقوله:

ان لم تصدقني تصدق بالكرى

ليزورني فيه الخيال الزائل

وانظر إلى فقري لوصلك واغتنم

أجري وقل للدمع قف يا سائل

وقوله:

كن كيف شئت فإن قد

رك قد علا عندي وعزا

مات السلو تعيش أن

ت أما رأيت الصبر عزا

وقوله:

قالوا حكى بدر الدجى وجه الذي

تهوى فقلت لهم قفوا وتربصوا

أنا ما أصدق من عليه كلفة

فإذا حكى شيئاً يزيد وينقص

وقوله:

يقولون حاكاه الهلال فلا تزغ

عن الحق واعرف ذاك إن كنت تنصف

فقلت إذا ما صار بدرا مكملا

حكاه ومع هذا عليه تكلف

وقوله:

أقول وحر الرمل قد زاد وقده

ومالي إلى شم النسيم سبيل

أظن نسيم الجو قد مات وانقضى

فعهدي به في الشام وهو عليل

وقوله:

قل للعذول يسترح من عذلي

ما أصبح المعشوق عندي مشتهى

وارتد قلبي عن سيوف لحظه

وكل شيء بلغ الحد انتهى

وقوله:

أنفقت كنز مدائحي في ثغره

وجمعت فيه كل معنى شارد

وطلبت منه جزاء ذلك قبلة

فأبى وراح تغز لي في البارد

وقوله:

سكن البدو من أحب فقالوا

زاد أهل الغرام في البعد بعدا

قلت بالله هل سمعتم ببدر

غاب عن عاشقيه لما تبدا

وقوله:

أملت أن تتعطفوا بوصالكم

فرأيت من هجرانكم ما لا يرى

وعلمت أن بعادكم لا بد أن

يجري له دمعي وكذا جرى

وقوله:

ص: 369

تناءى الذي أهوى فمت صبابة

فقال عجيب كل أمرك في الهوى

صبرت لطرفي إذ رمتك سهامه

ولم تتصبر إذ رمتك يد النوى

وقوله:

بأسياف الجفون قتلت نفسا

مبرأة عن الشكوى زكية

فما أقوى جفونك وهي مرضى

وأقدرها على قتل البرية

وقوله:

جاء بقد قد ثنته الصبا

ورنحت أعطافه السامية

ومذ غدا في لينه واحدا

كانت له ريح الصبا ثانية

وقوله:

يا قلب صبرا على الفراق ولو

روعت ممن تحب بالبين

وأنت يا دمع أن أبحت بما

أخفيت وجدا سقطت من عيني

وقوله:

لولا شفاعة شعره في صبه

ما كان زار ولا أزال سقاما

لكن تطاول في الشفاعة عنده

وغدا على أقدامه يتراما

وقوله:

قالوا علا نيل مصر في زيادته

لقد بلغ الأهرام حين طما

فقلت هذا عجيب في بلادكم

إن ابن ستة عشر يبلغ الهرما

وقوله:

لجود قاضي القضاة أشكو

عجزي عن الحلو في صيامي

والقطر أرجو ولا عجيب=فالقطر يرجى من الغمام وقوله:

قلت له إذ هز لي ذقنه

ولام فيمن همت في عشقها

تذكر إذ غنت فنادى نعم=فقلت وا شوقي إلى حلقها وقوله:

مللت كتابا أخلق الدهر جلده

وما أحد في دهره بمخلد

إذا عاينت كتبي الجديدة حاله

يقولون لا تهلك أسى وتجلد

ومن محاسن الشيخ زين الدين بن الوردي:

يا سائلي تصبرا

عن لثم فيه لا تسل

ما تستحي تبدلني

بالصبر عن ذاك العسل

وقوله:

ومليح إذا النحاة رأوه

فضلوه على بديع الزمان

برضاب عن المبرد يروي

ونهود تروي عن الرماني

وقوله:

قالت إذا كنت تهوى

أنسي وتخشى نفوري

صف ورد خدي وإلا

أجور ناديت جوري

وقوله:

ضممتها عند اللقا ضمة

منعشة للكلف الهالك

قالت تمسكت وإلا فما

هذا الشذا قلت بأذيالك

وقوله:

وأغيد يسألني

ما المبتدأ والخبر

مثلهما لي مسرعا

فقلت أنت القمر

وقوله:

مهفهف القد إذا ما انثنى

يقول لا تخش من الرد

ما أنت حملي يا كثيب النقا

ولست يا غضن النقا قدي

لو نلت من خديه تقبيلة

تزين الريحان بالورد

وقوله:

هويت أعرابية ريقها

عذب ولي فيها عذاب مذاب

رأسي من شيبان والطرف من

نبهان والعذال فيها كلاب

وقوله:

تقويم قدك مال يا من يغره

در يقصر دونه التقويم

إني لأبكي من جفاك ولي أب

وثغر يضحك منه وهو يتيم

وقوله:

قلت لفرا فرى أديمي

وزاد صدأ وزاد هجرا

قد فر صبري وفر نومي

قال نعم مذ عشقت فرا

وقوله:

ووعدت أمس بأن تزور فلم تزر

فغدوت مسلوب الفؤاد مشتتا

ي مهجة في النازعات وعبرة

في المرسلات وفكرة في هل أتى

ومن أغراضه اللطيفة قوله في صديق له بالمعرة يقال له شمس:

لي بالمعرة شمس

رضاه غير مرادي

فلا تذموه اني

أدري بشمس بلادي

وقوله:

يا شمس أشعلت شمعا

عليك عشر الأصابع

رغما لمن قال قبلي

الشمع في الشمس ضائع

ومنه قوله في آل النصيبي بحلب:

فؤادي إلى آل النصيبي مائل

وودي لهم في محضري ومغيبي

فبيني وبين القوم تجانس

إذا طاب أصل الورد كان نصيبي

وقوله:

لي صاحب واسمه سراج

ما قر لي عنده قرار

لسانه محرق لقلبي

إن لسان السراج نار

وقوله:

مرض الفؤاد وصح ودي فيهم

وأقام تذكاري وصبري نازح

إنسان عيني كم سهادا كم بكا

يا أيها الإنسان إنك كادح

وقوله:

يا آل بيت النبي بذلت

في حبكم روحه فما غبنا

من جاء عن بيته يحدثكم

قولوا له البيت والحديث لنا

وقوله:

من ولي الحسبة يصبر على

تعرض الواقف والسائر

فليس يحظى بالمنى والغنى

فيهم سوى المحتسب الصابر

زوجة مجد الدين والداها

في أخذ عرض المجد أشبهاها

ص: 370

أن أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها

ومن تحريرات القيراطي قوله:

لما تبدا قوام قامته

وحاجباه لناظر العين

رأيت موتي بسيف ناظره

من قيد رمح وقاب قوسين

وقوله:

تنفس الصبح فجاءت لنا

من نحوه الأنفاس مسكيه

وأطربت في العود قمرية

وكيف لا تطرب عوديه

وقوله:

أرتاح للأقمار وهي طوالع

وشموس راح للمغارب تجنح

ويهزني زجل الطيور بلحنها

والروض بالزهر النظيم موشح

وقوله:

شبه السيف والسنان بعيني

من لقتلي بين الأنام استحلا

فأبي السيف والسنان وقالا=حدنا دون ذاك حاشا وكلا وقوله:

أهيم بأعطاف القدود صبابة

وإن هي زادتني جفا وتباعدا

ويعجبني بين الأنام تطفلي

عليها إذا شاهدتهن موائدا

وقوله:

عبدك يا من جفا وصد وما

درى بصب يموت بالكمد

جرى على الخد من مدامعه

في الحب ما لا جرى على أحد

وقوله:

جزت النقا فحويت لين غصونه

وكثيب واديه وجيد غزاله

وأخذت حسن البدر منه وقد بدا

في أفقه بتمامه وكماله

وقوله:

يا هاجرا أوقعني هجره

وصده في حالة صعبه

أخذت قلبي بالتجني وما

تركت لي منه ولا حبه

ومن لطائف ابن المعمار:

لما تبدا عذار الحب قلت له

رفقا ومهلا عليه أيها الجاني

ولا تخشن فما في الخد محتمل

بأن تخط عليه عرق ريحان

وقوله:

تملك قلبي خادم قد هويته

من الهند معسول اللمى أهيف القد

أقول لصحبي حين يرنو بلحظه

خذوا حذركم قد سل صارمه الهندي

ومن لطائفه قوله مع التضمين:

عزمت على رقيا محاسن وجهه

بأنوار آيات الضحى حين أقبلا

فلما بدا يفتر عن نظم ثغره

بدأت ببسم الله في النظم أولا

وقوله:

أيا بدر المحاسن حزت جودا

وفضلا شاع بين العالمينا

وكنت من الكرام فحزت خطا

فصرت من الكرام الكاتبينا

وقوله:

قسما بما أوليت من أحسانه

وجميله ما عشت طول زماني

هذا وإن كنتم على سفر به

فتيمموا منه صعيدا طيبا

وقوله:

قد ذبت من كربي لفقد النسا

أفور كالتنور من ناريه

وقد طغى الماء فمن لي بأن

أحمل بالجود على جارية

ومن لطائف العلامة شمس الدين بن الصائغ الحنفي رحمه الله تعالى في باب التورية قوله:

من هجر سلمى ما سلمت ومن ترى

يقوى لحمل الشوق والهجران

لا تغترر يوما بحلو رضابها

فلقد بدا من قدها مران

وقوله:

ثنى غصنا ومد عليه فرعا

كحظي حين أطلب منه وصلا

وأسبله على الأرداف منه

ولم أرى مثل ذاك الفرع أصلا

وقوله:

هجرت فأحشائي توقد جمرها

هذا وليست في المحبة فاتره

وتظل تحرقني بنيران الجفا

ومن الذي يقوى لنار الهاجره

وقوله:

يا مليحا رووا لنا عنه حسنا

وقبيح إن لم يكن ثم حسنى

طبت لفظا مع الرواة ولكن

ينبغي أن تكون في الدهر معنى

وقوله:

بروحي أفدي خاله فوق خده

ومن أنا في الدنيا فأفديه بالمال

تبارك من أخلى من الشعر خده

وأسكن كل الحسن في ذلك الخالي

وقوله في الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد:

لتقي الدين ذقن

تملأ الكف وتفضل

فاعمل المنخل منها

لدقيق العيد وانخل

وقوله:

جفني عليك ساهر

بحرقة قد ذقتها

ودمعتي جارية

إن زرتني أعتقتها

وقوله في قيم حمام:

وقيم قيم في حسن صنعته

حاز الجمال على حسن من الترف

لو يخدم البدر أنقى من البدر من كلف

لكنه لم يزل ما بي من الكلف

ومن أغراضه البديعة في الشطرنج قوله:

تأمل ترى الشطرنج كالدهر دولة

نهارا وليلا ثم بؤسا وأنعما

محركها باق وتفنى جميعها

وبعد الفنا تحيا وتبعث أعظما

وقوله:

فاخرت الأقلام سمر القنا

والسعد في الأقسام مكتوب

فقلت للخطي لا تستطل

كلاكما للخط منسوب

وقوله:

ص: 371

ولائم زاد لوما

في أسود أشتهيه

وقال أسود تهوى

فقلت عينك فيه

ومن مختارات الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة قوله:

قل للهلال وغيم الأفق يستره

حكيت طلعة من أهواه بالبلج

لك البشارة فاخلع ما عليك فقد

ذكرت ثم على ما فيك من عوج

وقوله في غلام يدعى مقبلا:

يا من تحجب عن محب صادق

ما زال عنه كل حين يسأل

من لي بيوم فيه تقبل باللقا

ويقال لي هذا حبيبك مقبل

وقوله في فانوس مع حسن التضمين:

وكأنما الفانوس نجم نير

منع الظلام من الهجوم طلوعه

أو عاشق أجرى الدموع بحرقة

من حر نار تحتويه ضلوعه

وقوله:

يحكي سنا الفانوس من بعد لنا

برقا تألق موهنا لمعانه

فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه

والماء ما سمحت به أجفانه

ومن نكته الغريبة في باب التورية قوله -وكتب به إلى ابن الزين المعروف بلبيكم-:

يا شاعرا قد حاز حسن بديهة

وتطيعه درر النجوم إذا نظم

وتجيبه قبل السؤال لنقده

وتقول يا ابن الزين لبيكم نعم

ومن بدائع الشيخ بدر الدين الزغاري قوله:

قالت وقد أنكرت سقامي

لم أر ذا السقم يوم بينك

لكن أصابتك عين غيري

فقلت لا عين بعد عينك

وقوله:

قيل لي إذا رأيت أقمار تم

عن بدور السماء للطرف تلهي

أي وجه أضناك قلت دعوني

فسقامي قد صح من كل وجه

وقوله مضمنا وأجاد:

يقول العاذلون نرى رمادا

على خديه من شعر العذار

فقلت لهم صدقتم غير إني

أرى خلل الرماد وميض النار

وقوله:

وافى كتابك يا خليلي بعدما

حكمت علي ببعدك الأيام

لكن أرى نار اشتياقي لم تكن

بردا علي وفيه منك سلام

وقوله:

سرت من بعيد الدار لي نفحة الصبا

وقد أصبحت حسرى من السير ظالعه

فمن عرق مبلولة الجيب بالندى

ومن تعب أنفاسها متتابعه

ومن لطائف الشيخ شهاب الدين الحاجبي قوله:

لها عين لها غزل وغزو

مكحلة ولي عين تباكت

وحاكت في فعايلها المواضي

فيا لك مقلة غزلت وحاكت

وقوله:

وصفت خصره الذي

أخفاه ردف راجح

قالوا وصف جبينه

فقلت ذاك واضح

وقوله:

عودوا لصب بكى عليكم

يا جيرة ودعوا وساروا

فدمع عينه عاد بحرا

وقلبه ماله قرار

وقوله:

لا تبعثوا غير الصبا بتحية

ما طاب في سمعي حديث سواها

حفظت أحاديث الهوى وتضوعت

نشرا فيا لله ما أذكاها

وقوله:

وخذوا حديثا قد ألم بمهجتي

وازداد حتى أهملته العذل

ثاني المعاطف كنت أول عاشق

في حبه ولكل ثان أول

يرنوا فيحلوا للمتيم لحظه

إذ ذاك لحظ بالنعاس معسل

وتميل منه شمائل لم أدر من

مشموله أو حركتها الشمال

متلون الأوصاف سيف لحاظه

ماض ولكن هجره مستقبل

منها قوله:

أيجود لي دهر بطيف خياله

وأظنه برجوع ذلك يبخل

أم كيف يأتي الطيف جفنا بابه

بالفتح من أرق الصبابة مقفل

وقوله:

لم أنس أيام الصبا والهوى

لله أيام النجا والنجاح

ذاك زمان مر حلو الجنى

ظفرت فيه بحبيب وراح

ومن محاسن الشيخ زين الدين بن العجمي:

وافى وفي كميه ورد أحمر

حيا به مذ شب تحت لثامه

فرشفت حلو الراح من خرطومه

وجنيت ورد الخد من أكمامه

وقوله:

أنظر إلى الغدران كيف تجمدت

أمواجها فزهت وراقت منظرا

وحكت سطورا في طروس خطها

قلم النسيم بلطفه لما انبرا

وقوله:

أفدي الذي ساقت حروب الهوى

بحسن ساقيها لمشتاقها

جادلت عذالي على حسنها

فقامت الحرب على ساقها

وقوله:

قاسوا حماة بجلق فأجبتهم

هذا قياس باطل وحياتكم

فعروس جامع جلق ما مثلها

شتان بين عروسنا وحماتكم

وقوله:

غنى على القانون حتى غدا

من طرب يهتز عطف الجليس

داوى قلوبا من غليل الأسى

وكان فيها من هواها رسيس

ص: 372

وصاحت الجلاس عجبا به

يا صاحب القانون أنت الرئيس

ومن لطائف الشيخ عز الدين الموصلي في باب التورية قوله:

يقول وقد بدا قمرا وغصنا

حباه حسنه هيفا بلين

تنشق مسك أصداغي حلالا

فهذا الطيب من عرق الجبين

وقوله:

حديث عذار الحب باد وساقه

له أوجه تبدي لقلبي اشتياقه

درى إننا نسعى إلى الحسن كلنا

فأبدى لنا ذاك الحديث وساقه

وقوله:

حديث عذار الحب في خده جرى

كمسك على الورد الجني مسطرا

فقبلته حتى محوت رسومه

كأن لم يكن ذاك الحديث ولا جرى

وقوله:

ذو حور أصابني

بعينه لما نظر

فليس قتل صبه

إلا كلمح بالبصر

وقوله:

وبي ناتف للعارضين يقول صف

نبات عذار زان في الحسن منظري

فناديت يا حلو الشمائل ما الذي

يقول لساني في النبات المكرر

ومن محاسن الشيخ جمال الدين عبد السوسي في باب التورية قوله:

أهوى غزالا عليه صبري

قد بان في الحب وهو عذري

قد أسرت مقلتاه قلبي

فرحت مملوكه بأسري

وقوله:

تهاون بي شمس الندى وهو صاحب

وأظهر لي أضعاف ما تظهر العدى

نزلت به أبغي الندى وهو طالع

وعند طلوع الشمس يرتفع الندى

وقوله:

زجرت النفس عن نذل لئيم

أقر بموعدي غلطا وأنكر

وقد ذكرته عنه مرارا

وهيهات المؤنث لا يذكره

ومن محاسن الصاحب فخر الدين بن مكانس قوله:

يقول مفندي إذا همت وجدا

بخد خلت فيه الشعر نملا

أتعرف خده للعشق أهلا

فقلت له نعم أهلا وسهلا

وقوله:

زارت معطرة الشذا ملفوفة

كي تختفي فأبى شذا العطر

يا معشر الأدباء هذا وقتكم

فتناظموا في اللف والنشر

وقوله:

علقتها معشوقة خالها

إذ عمها بالحسن قد خصصا

يا وصلها الغالي ويا حبسها

لله ما أغلى وما أرخصا

وقوله:

ومقلة ظبي يرشق القلب سهمها

ولكنه رشق يزال به الهم

على نفسه فليبك من ضاع عمره

وليس له منها نصيب ولا سهم

ومن أغراضه الغريبة (قوله في ولده) مجد الدين:

أرى ولدي قد زاده الله بهجة

وكمله في الخلق والخلق مذ نشا

سأشكر ربي حيث أوتيت مثله

وذلك فضل الله يؤتيه من يشا

وقال يمدح الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام:

يا بن عم النبي إن أناسا

قد توالوك بالسعادة فازوا

أنت للعمل في الحقيقة باب

يا إماما وما سواك مجاز

وقوله:

وا سوأتاه إذا وقفت بموقف

ما مخلصي فيه سوى الاقرار

وسواد وجهي عند أخذ صحيفتي

وتطلعي فيها شبيه القار

ومن محاسن (ولده) مجد الدين فضل الله بن (عبد الرحمن) قوله:

وأغيد بت منه

في نار خديه أقلى

رمى من اللحظ سهما

به نموت ونبلى

وقوله:

قالوا وقد هزوا لنا

قاماتهم والأعينا

إن رمت تلقانا فلج

بين السيوف والقنا

وقوله:

يقولون هل من الحبيب بزورة

ومناكم المطلوب قلت لهم منا

فقالوا لنا غوصوا على قده وما

يحاكي إذا ما اهتز قلت لهم غصنا

وقوله:

بحق الله دع ظلم المعنى

ومتعه كما يهوى بأنسك

وكف الصد يا مولاي عمن

بيومك رحت تهجره وأمسك

وقوله:

قال خلي لحبيبي صل فتى

بك قد أضحى معنى مغرما

قال هل يولم إن واصلته

قال إن فاز بثغر أولما

وقوله:

يا لائمي إن فقدت الصبر في قمر

أصداغه سلبت أهل الهوى وسبت

كلت سيوف اصطباري عنه حين بدا

آس العذار على وجناته ونبت

ومن مدائحه يهني والده بعوده من السفر:

هنيت يا أبتي بعودك سالما

وبقيت ما طرد الظلام نهار

ملئت بطون الكتب فيك مدائحا

حتى لقد عظمت بك الأسفار

وقال فيه أيضاً وقد أهدى له هدية حسنة:

تناهيت في بري إلى أن هديتني

ولولاك كنت الدهر في الغي ساديا

وأهديت لي ما حير العقل حسنه

فلا زلت في الحالين للعبد هاديا

ص: 373

ومن لطائف الشيخ أبي الفضل بن أبي الوفاء:

عبدك الصب المعنى

عرف الفقر وذاقه

فلكم فاخر محتا

جا شكا فقرا وفاقه

ومن مخترعاته في باب التورية مع بديع التضمين:

ما خادم واسمه في در مبسمه

إلا أغن غضيض الطرف مكحول

وريقه مع ثناياه التي انتظمت

كأنه منهل بالراح معلول

وقوله:

سألتها رشف ريق

مستعذب الطعم حلو

قالت فصفني ارتجالا

فقلت بعد التروي

وقوله:

ذكرك لي في اللوم مستحسن

واللوم عندي غير مستحسن

كم قلت للمعرب في لومه

إن جئت نحوي قط لا تلحني

وقوله:

تعنت دهر لج فينا بخطبه

وذللنا من بعد عز وأنكانا

قسا وانثنى يختال في جبروته

وجرر أذيالا علينا وأردانا

ومن محاسن الشيخ بدر الدين الدماميني:

قلت له والدجى مول

ونحن في مجلس التلاق

قد عطس الصبح يا حبيبي

فلا تشمته بالفراق

وقوله:

يا عذولي في مغن مطرب

حرك الأوتار لما سفرا

كم تهز العطف به طربا

عندما تسمع منه وترا

وقوله:

بدا وقد كان اختفى

وخاف من مراقبه

فقلت هذا قاتلي

بعينه وحاجبه

وقوله:

أمنيتي أنت يا مليحا

ما مثله في الزمان ثان

فكيف يبدي جفاك خوفا

وأنت لي غاية الأمام

وقوله:

وعزيز الجمال أوجب ذلي

وهواه علي أصبح فرضا

فهو في الحسن والجمال سماء

صرت يا صاح منه بالذل أرضا

وقوله:

تناسبت أوصاف من وصله

ينفي عن القلب جميع الكرب

في الخد تسهيل ومن ثغره

يطيب للصب ارتشاف الضرب

وقوله:

لا ما عذاريك هما أوقعا

قلب المحب الصب في الحين

فجد له بالوصل واسمح به

ففيك قد هام بلامين

وقوله:

في ليلة البدر أتى

حبي فقرت مقلتي

وقال لي يا بدر قم

فقلت هذي ليلتي

وقوله:

قم بنا نركب طرف الل

هو سبقا للمدام

واثن يا صاح عناني

لكميت ولجام

ومن مختارات الشيخ الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني:

سألوا عن عاشق في

قمر باد سناه

أسقته مقلتاه=قلت لا بل شفتاه وقوله:

أتى من أحبائي رسول فقال لي

ترفق وهن واخضع تفز برضانا

فكم عاشق قاسى الهوى إن يحبنا

فصار عزيزا حين ذاق هوانا

وقوله:

خاض العواذل في حديث مدامعي

لما رأو كالبحر سرعة سيره

فحبسته لأصون سر هواكم

حتى يخوضوا في حديث غيره

وقوله:

يا عاذلي وسهام اللحظ ترشقني

عن قوس حاجب بدر خده قبسي

أن تستطع لنجاتي في الهوى سببا

فاستنبط العلم لي من أسهم وقس

وقوله:

ولم أنس إذ زار الحبيب بروضة

فغارت من المحبوب أعينها المرضى

ولاحت بخد الورد حمرة خجلة

حياء رأينا طرف نرجسها غضا

وقوله:

نحن أهل الهوى بلوناه قدما

بين خوف من أهله وأمان

وشربنا خمر الهوى كل حين

بكؤوس قد أترعت وأوان

وقوله:

سرت وخلفتني غريبا

في الربع أصلي جوى بنازك

أغث حشا أحرقت غراما

في ربعك المعتلي ودارك

وقوله:

وبدر تم جميل

محجب بالدلال

إذا همست بأني

أسلو هواه بدالي

وقوله:

نهاني حبيبي أن أطيع عواذلي

لكي أتهنا بالوصال الذي سرا

فقلت فدتك النفس سمعا وطاعة

فلم أر نهيا منه أهنأ ولا أمرا

وقوله:

وأهيف حياني بطيب وصاله

ومن ريقه الخمر الحرام حلالي

أدار لي الكأسين خمرا وريقة

ونزهني عن جفوة وملال (لي)

وقوله:

تجرد من أحب فقال لي من

يلوم وأظهر الحسد المكتم

أجاد لك الحبيب بلمس جسم

له كالخز قلت نعم وأنعم

وقوله:

تيه فلان الدين مع فقره

أقوى دليل أنه جاهل

لثوبه بالصقل من فوقه

قعاقع ما تحتها طائل

وقوله:

يا أيها الشيخ المطيع هواه دع

هذي الدعابة قد أتى داعي الردى

ص: 374

وخيوط هذا الشيب لا تنسج بها

ثوب التصابي فهي ما خلقت سدا

وقوله:

خليلي ولي العمر منا ولم تنب

وننوي فعال الصالحين ولكنا

في وصفها ألسن الأقلام قد نطقت

وطال شرحي في لامية العجم

وقوله:

أرخت لنا ذوائبا من شعرها

عشرا وفرق الفجر فيها يسري

فصرت بالفجر لها معوذا

لما بدا بين ليال عشر

وقوله:

أرشفني ريقه وعانقني

وخصره يلتوي من الدقه

فصرت من خصره وريقته

أهيم بين الفرات والرقه

وقوله:

قال أراك الحمى تعوض

بغصن قدي إذا جفاكا

فقلت من بعد قد حبي

والله ما أشتهي أراكا

وقوله:

برامة لي ظبي

تخشى الأسود مرامه

كم هام قلبي فيه

بين العذيب ورامه

وقوله:

هويت غصنا لأطيار القلوب على

قوامه في رياض الوجه تغريد

قالت لواحظه إنا نسود على

بيض الظبا قلت أنتم أعين سود

وقوله:

جاد النسيم على الربا

بندى يديه وقال لي

أنا ما أقصر عن ندى

وكما علمت شمائلي

ومن التواري التي وقعت لناظمها عفوا بل سحرا من غير كد قول القائل:

قاسوك بالغصن في التثني

قياس جهل بلا انتصاف

فذاك غصن الخلاف يدعي

وأنت غصن بلا خلاف

ومن ذلك قول جلال الدين شاعر ماردين قديما:

ويوم يرد يد أنفاسه

تخمش الأوجه من قرصها

يوم تود الشمس من برده

لو جرت النار إلى قرصها

ومثله قول شرف الدين بن منقذ:

ولرب ليل تاه فيه نجمه

وقطعته سهرا فطال وعسعسا

وسألته عن صبحه فأجابني

لو كان في قيد الحياة تنفسا

ومثله قول أمين الدين السليماني:

أضيف الدجى معنى إلى لون شعره

فطال ولولا ذاك ما خص بالجر

وحاجبه نون الوقاية ما وقت

على شرطها فعل الجفون من الكسر

ومنه قول محاسن الشواء:

ولما أتاني العاذلون عدمتهم

وما فيهم إلا للحمى قارض

وقد بهتوا لما رأوني ساهيا

وقالوا به عين فقلت وعارض

ومثله قول إبراهيم بن عبد الله الغرناطي:

يا رب كأس لم تشج شمولها

فأعجب لها جسما بغير مزاج

لما رأينا السحر من أشكالها

جملا نسبناها إلى الزجاجي

ومنه قول فخر الدين بن الجنان الشاطبي:

تؤمون الحجاز وما علمتم

بأن القلب بيتكم العتيق

وألفاظي العذيب وأضلعى المنحن

ى ودموع مقلتي العقيق

ومثله قول الشريف محمد قاضي الجماعة بغرناطة وهو:

حدائق أنبتت فيها الغوادي

ضروب النور رائقة البهاء

فما يبدو بها النعمان إلا

نسبناه إلى ماء السماء

ومنه قول الشيخ شمس الدين الأدفوي:

كم للنسيم على الربا من نعمة

وفضيلة بين الورى لن تجحدا

ما زارها وشكت إليه فاقة

إلا وهز لها الشمائل بالندى

ومثله في الحسن واللطافة قول الشيخ موفق الدين الحكيم:

لله أيامنا والشمل مجتمع

نظما به خاطر التفريق ما شعرا

وا لهف قلبي على عيش ظفرت به

قطعت مجموعة المختار مختصرا

وقول علاء الدين بن البطريق ناظر الجيش ببغداد:

دار السراج بديعة

فيها تصاوير بمكنه

تحكي كتاب كليلة

فمتى أراها وهي دمنة

ويعجبني في هذا الباب قول القائل في حمام:

إن حمامك التي نحن فيها

أي ماء لها وأية نار

قد نزلنا فيها على ابن معين

وروينا عنه صحيح البخار

ويعجبني من نظم المواليا في هذا الباب قول القائل:

حبي ومحبوبتي مذ بان يوم البين

رأوا عشا ليلة الاثنين قبل الحين

فصرت أنظر إلى زينة وألمح زين

وأقول يا قلب ما أحلى ليلة الاثنين

ويعجبني قول الشيخ حامد الحكاك:

ثار الغرام الذي في مهجتي خامد

وسال دمعي الذي كنت أعهدو جامد

وأنا ببغداد والمحبوب في آمد

مصيبتي عظمت وأنا لها حامد

قال المؤلف عفا الله عنه:

ص: 375

هذا الذي أوردته من شواهد التورية هو عيون ما أورده ابن حجة في شرح بديعيته، فإنه جاء بالطم والرم، ولم يميز بين الروح والجرم، أورد الغث والسمين، وجمع بين الرخيص والثمين. وهذا حين أورد ما للمتأخرين والمعاصرين في هذا الباب، مما يرق ويروق لأولي الألباب: فمن محاسن الشيخ الأديب يحيى بن محمد بن حامد الصفدي المعروف بابن مليك الحموي قوله:

ومذ تاه الليل وقد ضللنا

بليل ليس يهدي سالكوه

فأشرق وجه من أهوى ونادى

أنا ابن جلا ألا لا تنكروه

ووجه الصبح وافانا سريعا

وقال وقد حكاه أنا أخوه

فقلت لصاحبي أنعم صباحا

لعمرك قد تعارفت الوجوه

وقوله:

قلت مذ سل فؤادي

وانثنى عني وولى

يا رشيق القد رفقا

بمحب مات ملا

وقوله:

بأبي من رنت وماست دلالا

ربة الحسن والحياء البديع

لا تقل كالغزال والغصن قدا

لا ولا البدر فهي ست الجميع

وقوله:

قد كان لي فرو جديد طالما

قد كنت أقلبه بغير تكلف

واليوم لي قد قال حين قلبته

قلبي يحدثني بأنك متلفي

وقوله:

ووالله إني ما تركتك سلوة

ولم يحل لي هجر ولا مر في بالي

ولكن أرى القالين زادوا وإنني

عليك الذي يخشى من القيل والقال

وقوله:

بي سكري قد تلج ثغره

وحلا ممازجة بماء الكوثر

بالله حلو حديثه كرر على

سمعي فما أحلى حديث السكري

وقوله:

وعدت أصيلا بالزيارة بكرة

لما رأتني بالصدود بخيلا

فعليك يا طرفي الرقاد محرم

حتى تشاهد بكرة وأصيلا

وقوله:

بأبي رشا قد دق منه خصره

عذب اللمى حلو القوام رشيق

مالي جعلت تغزلي في خصره

إلا لعلمي فيه وهو دقيق

وقوله:

يا جارة لصدودها لي ألبست

ثوب السقام ولم تخف من عار

دمعي لطول جفاك أضحى جاريا

فعلام لا ترعي حقوق الجار

وقوله:

وقالوا هلال الأفق في الوضع قد حكى

لحسن الذي تهواه واتضح الحق

فقلت نعم حاكى الهلال جبينه

ولكن غدا في الحسن بينهما الفرق

وقوله:

تهنيك تاج الدين من خلعة

في حسنك الباهي عليها خفر

من فلك الأزرار قد أطلعت

شمسا وبدر التم منها ظهر

وقد غدا السعد لها ناظرا

لما بدا الطالع فيها القمر

وقوله:

يا عاذلي عاد لي مفتاح وانتعشت

روحي فكن عاذري ان رمت اصلاحا

أما ترى لي أبواب الهنا فتحت

لما اتخذت لها في الحب مفتاحا

وقوله:

إن عيني مذ غاب مثقال عنها

أورثتني البكا وعز اصطباري

وعلى مثل مثقال عيني تبكي

لا على درهم ولا دينار

وقوله:

أتيتك أعرج يا ذا العلا

وغير نوالك لا أرتجي

عساك تحدث عن جابر

حديث صحيح عن الأعرج

وقوله:

رب بدر بات يجلي ليلة

شمس راح من لماه معتصر

وعجيب تحت أذيال الدجى

اجتماع الشمس عندي والقمر

وقوله:

فرطت في ذا الخريق حتى

مني قد استملك الخطاما

وصحت إذ لم أجد سبيلا

إليه يا حسرتي على ما

وقوله:

تهن بشكل مولود سعيد

بديع الوصف زاد على السماع

أتى والشمل مجتمع فأكرم

بشمل قد تولد في اجتماع

وقوله:

سهام عينيك دائي

وأصل ما بي وسقمي

وقد أخذت نصيبي

منها ورحت بسهمي

وقوله:

لقد طال بي وجدي ولازمني الأسى

وضاقت على المشتاق في حبك السبل

وقد أصبح القلب الكئيب كما ترى

معنى بوراق وما عنده وصل

وقوله:

عذار حبي لام

والثغر كالميم أضحى

وعذلي فيه ولوا

مذ عاينوا الصدغ كالحا

وقوله:

كتبت إليك أشكوا شجو حالي

وما ألقاه من ألم افتقاري

لعل إذا قرأت اليوم خطي

ترق لحالتي يا خير قاري

وقوله:

أمولاي إن الفقر قد صال وقد طغى

ومال على ضعفي وبالغ في جرحي

لعل إذا ضاقت وسدت مذاهبي

أتوب ونصر الله يؤذن بالفتح

وقوله:

ص: 376

أنا قاصم الأعداء في يوم الوغى

ومجدل الفرسان عند طعان

وإذا تكنَّت في الحروب أنالها

وتطاولت ناديت يال سنان

وقوله:

أهديتموا لي لبنا طيبا

في طاسة عن فضلكم تعرب

أمسكها والله عيبا أرى

وردها فارغة أعيب

وإنما أطعمني فيكم

أصلكم واللبن الطيب

وقوله:

ألا يا بني الروم القتال فدونكم

فأنا تدرعنا الحديد إلى الحشر

وما برحت للفتح تتلو رماحنا

وأسيافنا تتلو بها آية النصر

وقوله:

علقتها خودا لها مقلة

تزري بالحاظ الظبا السارحة

يا فتية العشق خذوا حذركم

فإنما مقلتها جارحة

وقوله:

رجوتك عونا فخاب الرجا

وقل الوفاء وعز الطلب

لذا انقطع الحبل ما بيننا

وقد زاد قبضي بهذا السبب

ومن بدائع العلامة ابن الحجاج الغرناطي قوله في الحافظ علم الدين أبي القاسم بن محمد بن يوسف البزالي:

نوى النوى علم الدين الرضى فأنا

من بعد فرقته بالشام ذو ألم

فلا تلمني على حبي دمشق فقد

أصبحت فيها زمانا صاحب العلم

وقال في الحافظ شمس الدين الذهبي:

رحلت نحو دمشق الشام متبعا

رواية عن ذوي الأحلام والأدب

ففزت في كتب الآثار حين غدت

تروى بسلسلة عظمى من الذهب

وقال في قاضي القضاة العالم الشهير صاحب التفسير عماد الدين الكندي:

ولما اختبرت ذوات الورى

تعجبت من حسن ذات العماد

فتلك التي لم أكن مبصرا

مدى عمري مثلها في البلاد

وقال:

بكيت شجا ففاض الدمع يحكي

يتامى الدر إذ يهوي تواما

وسلت من محاجرها سيوفا

فخفت على المحاجر واليتاما

وقال:

لعمرك ما ثغره باسم

ولكنه حبب لاعب

ولو لم يكن ريقه مسكرا

لما دار من حوله الشارب

وقال وقد وقف حاجب السلطان على عين ماء ببعض الثغور وشرب منها:

تعجبت من ثغر هذي البلاد

ومولاي من عينها شارب

فلله ثغر أرى شاربا

وعين بدا فوقها حاجب

وقال:

وحمراء في الكأس مشمولة

تحث على العود في كل بيت

فلا غزو أن جائني سابقا

إلى الأنس خل بحث الكميت

وقال:

أتوني فعابوا من أحب جماله

وذاك على سمع المحب خفيف

فما فيه عيب غير أن جفونه

مراض وإن الخصر منه ضعيف

وقال:

أيا عجبا كيف تهوى الملوك

محلي وموطن أهلي وناسي

وتحسدني وهي مخدومة

وما أنا إلا خديم بفاس

وقال:

لي المدح يروى حيث كنت كأنما

تصورت مدحا للورى وثناء

ومالي هجاء فأعجبن لشاعر

وكاتب سر لا يقيم هجاء

وقال:

ومهاة تقول أن هي كلت

ودعا للمزاج خل ممازج

دار ذا الردف إن في الأزر مني

رمل يبرين يا طبيب وعالج

وقال:

أيا ضوء الصباح ارفق بصب

تسيل دموعه في الخد سيلا

وكنت بليلة ليلاء طالت=فها أنا في الورى مجنون ليلى وقال يخاطب شيخه سيف الدين:

لمولاي سيف الدين في الفقه بيننا

مقام اجتهاد ليس يلحقه الحيف

فتقليده فرض على أهل عصرنا

ولا عجب عندي إذا قلد السيف

وقال:

رعى الله معطار النسيم فإنه

رأى من غصون البان ما شاء من عطف

وأيدي من حديث الغيث وهو مسلسل

لذاك لعمري ليس يخلو من الضعف

وترشحت التورية بكون المحدثين يقولون الحديث المسلسل لا يخلو من الضعف، ولو في التزام التسلسل، مع كون متن الحديث صحيحا، كما قرر في محله.

وقال:

نظرت إلى روض الجمال بخده

وسقيته دمعا به العين تكلف

فصح حديث الحسن عن ورد خده

وإن كان أضحى وهو راو مضعف

ويعجبني قول الشيخ علاء الدين المارديني:

أنظر صحاح المبسم السكري

رواية صحت عن الجوهري

وصحح النظام في ثغره

ما قد رواه خاله العنبري

معتزلي أصبح لما بدا

في خده عارضه الأشعري

قد كتب الحسن على خده

يا أعين الناس قفي وانظري

أمطر دمعي عارض قد بدا

يا مرحبا بالعارض الممطر

ص: 377

وجه لأزهار إليها جامع

من لي بذاك الجامع الأزهر

أشهرت لحظا يا فقيها به

قد راحت الروح على الأشهر

وللأستاذ الشيخ محمد البكري:

أنا المعشوقة السمرا

وأجلى في الفناجين

وعود الهند لي طيب

وذكري شاع في الصين

وللشيخ أحمد المدني المعروف باليتيم:

أرسلت رسلي لقهوة سحرا

فما أتوا سرعة من الكسل

فقيل صفها فقلت مقتبسا

جاءت على فترة من الرسل

وله أيضاً:

ما الحال قالوا صف لنا

فلعل ما بك أن يزاح

فأجيب ما يخفاكم

حال السراج مع الرياح

وقد سبقه لمثله في كثير من شعره السراج الوراق.

وللشيخ عبد الرحمن بن كثير المكي:

كبار زماننا أضحوا صغارا

وقد غضب الزمان على الكبار

كان زماننا من قوم لوط

له ولع بتقديم الصغار

وللعلامة محمد بن حجر المكي:

يا ذا الذي من خاله حبة

سوداء في الخد الشديد الصفا

دعني أقبلها تزيل الضنى

فالحبة السوداء فيها الشفا

وله في مليح اسمه علي:

لعلي محاسن

ما لها قط مشبه

وبشامات خده

كرم الله وجهه

ولمحمد الخياط المحلي:

لنا صاحب ما زال يتبع بره

بمن وذاك البر بالمن لا يسوى

سلوناه لا بغضا ولا عن ملالة

ولكن لأجل المن تستعمل السلوى

ومثله قول التلمساني: هواكم هو المن الذي ماله سلوى=وحبكم عندي هو الغاية القصوى ومن محاسن الأردبيلي قوله في غلام يهودي:

من آل إسرائيل علقته

أوقعني بالصد في التيه

قد أنزل السلوى على قلبه

وأنزل المن على فيه

وللشيخ يوسف المغربي في رجل يعرف بالعاملي:

إن اليهودي غدا عاملا

في الناس بالجور وبالباطل

يعمل في الدين كما يشتهي=فلعنه الله على العامل وله من قصيدة أخرى:

اشرب ولا تعيب على عاذل

فشله في الناس لم يعتب

وإن تسكن يا سيدي طالبا

درا وياقوتا من المطلب

فالكأس والصهباء فيها المعنى

فخذ حديث الكنز عن مغربي

وله يمدح أستاذه يحيى الأصيلي:

مدحت البحر إذ أضحى يحاكي

علوم البر ذي الفخر الجليل

وإني إن مدحت يوما

فمدحي فيه للبر الأصيلي

وللشيخ يحيى الأصيلي:

من منصفي من ظالم

بيت المظالم بيته

أخفيه خشية بأسه

وأود لو سميته

وهذا كقول السراج الوراق:

رزقت بنتا ليتها لم تكن

في ليلة كالدهر قضيتها

فقيل ما سميتها قلت لو

مكنت فيها كنت سميتها

وقد قيل أن التورية لم تعقد له، لأنه إنما قال: سممتها، وقيل: مثله يسمى إبهام التورية، والصحيح أنه من باب (تقضى البازي) بمعنى تقضض وفي كلام بعضهم ما يقتضي اطراده.

وله أيضاً:

إلا أن لي يا آل صديق أحمد

لشمس الهدى منكم به الكرب ينجلي

فلي منه أستاذ ولي منه مرشد

ولي منه قطب ذو اتصال ولي ولي

ومثله قول ابن مكانس:

نعم نعم محضتهم

صدق الولا تطولا

وما رعوا عهدا ولا

مودة ولا ولا

وله أيضاً:

لي صاحب متمرض

متقلق في ذاته

يا رب صبرني عسى

أقوى على مرضاته

وهذا مأخوذ من قول جارية المعتمد بن عباد لمولاها: يا مولاي لا نقوى على مرضاتك في مرضاتك.

وله:

أتيت جنينة أستاذنا

وقد جمعت كل معنى كمل

بها آي ورد وآس به

تفرق شمل عداه وفل

والفل نوع من الياسمين بلغة أهل اليمن، ذكي الرائحة، ولم يذكره أهل اللغة، فهو لغة مولدة، وسماه البيطار في مفرداته: النمارق.

وكتب لخالة بالإسكندرية:

لخالي في الإسكندرية رغبة

ومن بعده قد حال لي في الهوى حال

فإن يك أضحى ثغرها موطنا له

فيا حبذا في ذلك الثغر لي خال

وله:

مذ بان من أهوى همت

عيني بماء منهمر

فقلت للقلب إذا

لم تلق صبرا فاستعر

وللشيخ عبد الواحد الرشيدي:

قلت للنائب الذي

قد رأينا معائبه

لست عندي بنائب

إنما أنت نائبه

وهو كقول آخر:

ص: 378

وقاض لنا حكمه باطل

وأحكام زوجته ماضيه

فيا ليته لم يكن قاضيا

ويا ليتها كانت القاضية

وللشيخ محمد بن بدر الدين الزيات في الفاضل العزي:

إلى الفاضل العزي وجهت مطلبي

لأظفر منه بالذخيرة والكنز

وقالوا تذلل تبلغ المجد والعلى

فقلت لهم قد نلت ذلك بالعز

ولصفي الدين بن محمد العزي في مليح متجانس:

علي رفقا بمن ذابت حشاشته

صب أزل الكرى عن مقلتيه وصب

حديد قلبك يا نحاس يمنعه

لجين جسمك والنوم المصون ذهب

وله في صديقه الصحافي:

يا عاذلي في هواه

تلاف قبل تلافي

وهات لي الدن واجمع

بيني وبين الصحافي

وللشيخ أحمد بن عواد في بعض الحبوش:

حبشية حسنية أبصرتها

تهتز كالغصن الرطيب المثمر

فسألتها عن جنسها ما خفي

قالت فما تبغيه جنسي أم حري

وهذا كقول آخر:

بي أمحري ناعم الخدين ذو

شرطين فعلهما كفعل الخنجر

لم أدر مذ صافحت صفحة خده

ورد زها هو أم خديد أم حر

وها هو هنا أمر لا كما قال فيه:

من كل معنى بديع لو يمر على

فهم السقيم ولو في نومه شفيا

وقلما أبصرته عين ذي أدب

إلا وراح بذاك البرء مكتفيا

ويعجبني قول بعض المتأخرين:

أسرفت في الصد فخف خالقا

لا يرتضي إسراف مخلوق

يا هاجرا من لم يذق وصله

جرعته الصبر على الريق

وللشيخ شهاب الدين أحمد المعروف بقعود:

لي حبيب من هجره زاد سكري

وسلوي هواه أقبح ذنب

جاءني داعيا وقال أنت إني

أولم اليوم قلب المحب

ومثله لابن مكانس:

قال خلي لحبيبي صل فتى

فيك قد أضحى معنى مغرما

قال هل يولم إن واصلته

قال إن فاز بثغر أو لما

وله: وحقك لو أتلفت مالي جميعه=لما رضي الواشون فيك مكارمي

ولو أنني أولمت ألف وليمة

لأجلك لم يشكر عذولي ولا يمي

وللشيخ سري الدين بن الصايغ الحنفي:

قلت لتاج الدين في خلوة

وقد علاه عبده الأكبر

التاج يعلو فوقه غيره

قال نعم ياقوت أو جوهر

وللشيخ محي الدين الغزي (أحمد الدين الغزي ابنه) :

يا راكب البغلة الشموص

وقائد المهر والقلوص

بساحل المرج لا تعرج

وانزل على ساحل الخصوصي

بساحل المرج لا تعرج

وانزل على ساحل الخصوصي

أحب مصر التي تسامت

ففضلها جاء بالنصوص

لأن مقت الإله ربي

قد حل في الروم بالخصوص

وللشيخ نور الدين بن الجزار الشافعي في (الوجه) وهو منهل معروف بطريق مكة شرفها الله تعالى:

ولما رأيت الوجه سال من الحيا

وقد طاب فيه للحجيج مقام

وعاينت ركب الحج حل بسفحه

وقد ضربت في جانبيه خيام

ومدوا إلى الغيث الهطول أكفهم

فجاد عليهم بالعطاء غمام

فقلت على الوجه المليح تحية

مباركة من ربنا وسلام

وللقيراطي فيه أيضاً:

أتيت إلى الحجاز فقلت لما

تبدى وجهه لي وارتويت

وكم في الأرض من وجه مليح

ولكن مثل وجهك ما رأيت

وللحافظ ابن حجر العسقلاني وقد مر به فوجده مسننا:

أتينا إلى الوجه المرجى نواله

فشح ولم يسمح بطيب نداه

وأسفر عن وجه وما فيه من حيا

فقلت دعوه ما أقل حياة

ولما عاد إليه وجده ممطرا قد صفت مشاربه واخضرت جوانبه، وطاب به القيل فقال:

أرانا الجميل الوجه معتذرا لنا

فأوليته شكرا وما زلت مثنيا

وأطرقت نحو الأرض رأسي خجلة

وما أسطعت رفع الرأس من كثر الحيا

وللأديب أبي عبد الله الفيومي فيه:

ولما وجدنا الوجه عند وروده

خليا من الماء القراح فناؤه

زممت مطي ثم قلت ترحلوا

فلا خير في وجه إذا قل ماؤه

وللشهاب المنصوري في مليح اسمه يونس:

لست لأغصان النقا مادحا

لأن حبي قده أميس

ولست بالأقمار مستأنسا

لأن عندي قمري يونس

وللشيخ نور الدين علي العسيلي:

بكفك طوفان تروى به الورى

وعهدي بالطوفان يأتي بتنكيد

ص: 379

ولا غرو أن أرست بنا سفن الرجا

ببابك يا مولى النوال على الجودي

وله في عيد يسمى فرجا:

إني ابتليت بزنجي قبائحه

ليست تعد على ما فيه من عوج

كل الأمور إذا ضاقت لها فرج

إلا أموري إذا ضاقت فمن فرج

وللشيخ علي الحنائي:

أرى من صدغك المعوج دالا

ولكن تقطعت من مسك خالك

فصارت داله بالنقط ذالا=فها أنا هائم من أجل ذلك وهو أحسن من قول الخوارزمي:

وأراك خديه ولاح عليهما

صدغان ذو خال وآخر خالي

فكأن ذا ذال خلت من نقطة

وكأن ذا دال ونقطة ذال

ومن قول أبي بكر الزوزني:

نقطت خدك ذالا

فالويل من شكل ذلك

لو أن ذلك ذالي

سجدت من أجل ذلك

وله:

أسروه من ثغر العدو فأصبحوا

أسرى بمبسمه الشهي وثغره

أسروه كي يمسي أمير جماله

فهو الذي ملك الفؤاد بأسره

وله:

وافي وأنفاسي تصعد من جوى

فقال أمن كأس الصبابة تغتبق

وهل تحت رق الحب قلبك في لظى

فقلت أجل ان القلوب لتحترق

ولابن المبلط نحوه:

يا نائما وقنه

من فوقه كفحل جن

يحقنه بمائه

مالي أراك تحت قن

وللشهاب المنصوري:

قلبي بحبك قد علق

فامنن له وصلا ورق

يا من يحمل مهجتي

في حبه ما لم تطق

ها قد ملكت جوا نحي

فانظر تجدها تحترق

عيناك تسترق الحشا=ولكل حر تسترق وللأديب ماميه الرومي:

قال عواذلي بدعد في الهوى

فتنت أم بزينب وسلما

أم الرباب أم سعاد قل لنا

أجبتهم إن هي إلا أسما

وله:

إذا شمت برق الأبرقين على النقا

تذكرت ثغرا قد تبسم بالضيا

ولو شاهدت سحب الغمام مدافعي

وما قد جرى منها لأدركها الحيا

وله:

فديت من الهلال غدا نطاقه

يصد وليس للهجران طاقه

وكم أدنى فؤادا في هواه

إلى الأشجان معصمه وساقه

وله:

لمرسل الدمع فوق الوجنتين نبا

وأمر قلبي غدا بين الورى عجبا

صبا إلى وصب يشكو تحكمه

فيا له من فؤاد قد شكا وصبا

وله:

هل من جانب الحجاز هلال

هام فيه قلبي الشجى ورامه

ولقد لعلع المنى لمحب

قد رأى بارق العذيب وشامه

وله:

ميز بني العسال تلقى منهم

رشا يصول بلحظه الغزال

لا غرو إن طعن الفؤاد قوامه

فالطعن منسوب إلى العسال

وله:

بي غزال قد غزاني لحظه

فاطر القلب بصاد وسبا

جسمه الأبيض يحكي فضة

وبه كنز اصطباري ذهبا

وله:

هذا زمان أصبحت فيه

غني فضل فقير مال

إن كنت أضحيت ذا افتقار

فهل لأهل الغنى كمالي

وله:

يا تاج دين سما بين الأنام ومن

غدا مدى الدهر كهف الخائف الراجي

أهديت در نظامي بالمديح لكم=والدر أحسن ما يهدى إلى التاج وللقاضي تاج الدين المالكي في البرقع الشرقي المعروف بالحجاز وهو أول من ابتكر هذا المعنى:

بدا البرقع الشرقي كالشفق الذي

على فرقه لاح الهلال بلا فرق

وأبدى عجيبا في عجيب لأنه

أرانا هلال الأفق يبدو من الشرق

وتلاه القاضي أحمد بن عيسى المرشدي فقال:

وخود كبدر التم في جنح مضون

حماها عن الأبصار برقعها الشرقي

سوى طرة مثل الهلال بدت لنا

على شفق والفرق كالفجر في الأفق

فقلت لها لاح والفجر طالع

من الغرب أم لاح الهلال من الشرق

وللقاضي تاج الدين المالكي أيضاً:

غنيت بحلية حسنها

عن لبس أصناف الحلي

وبدت بهيكلها البديع

تقول شاهد واجتلى

تجد المحاسن كلها

قد جمعت في هيكلي

وتلاه أيضاً القاضي أحمد المرشدي فقال:

أنا ربة الحسن الجلي

لمؤملي المتأمي

صدري ووجهي منية

للمجتني والمجتلي

فالحظ بديع محاسني

من تحت أنواع الحلي

تجد المحاسن والحلي

جمالها من هيكلي

وللقاضي يحيى بن سيد عمر الحسيني المكي في ذلك:

أفدي كعوبا ذات حسن ناهدا

قد صاغها الباري بأجمل هيكل

ص: 380