المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجناس التام والمطرف - أنوار الربيع في أنواع البديع

[ابن معصوم الحسني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌أنوار الربيع في أنواع البديع

- ‌حسن الابتداء وبراعة الاستهلال

- ‌الجناس المركب والمطلق

- ‌الجناس الملفق

- ‌الجناس المذيل واللاحق

- ‌الجناس التام والمطرف

- ‌الجناس المصحف والمحرف

- ‌الجناس اللفظي والمقلوب

- ‌الجناس المعنوي

- ‌الاستطراد

- ‌الاستعارة

- ‌المقابلة

- ‌وإن هم استخدموا عيني لرعيهم=أو حاولوا بذلها فالسعد من خدمي

- ‌الافتنان

- ‌اللف والنشر

- ‌الالتفاف

- ‌الاستدراك

- ‌تأليف السيد علي صدر الدين معصوم المدني

- ‌ حققه وترجم لشعرائه شاكر هادي شاكر

- ‌ الجزء الثاني

- ‌الإبهام

- ‌الطباق

- ‌إرسال المثل

- ‌الأمثال السائرة

- ‌التخيير

- ‌النزاهة

- ‌الهزل المراد به الجد

- ‌التهكم

- ‌تنبيهان

- ‌القول بالموجب

- ‌التسليم

- ‌الاقتباس

- ‌المواربة

- ‌التفويف

- ‌الكلام الجامع

- ‌المراجعة

- ‌المناقصة

- ‌المغايرة

- ‌الجزء الثالث

- ‌تتمة باب المغايرة

- ‌التوشيح

- ‌التذييل

- ‌تشابه الأطراف

- ‌التتميم

- ‌الهجو في معرض المدح

- ‌الاكتفاء

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌الاستثناء

- ‌مراعاة النظير

- ‌التوجيه

- ‌التمثيل

- ‌عتاب المرء نفسه

- ‌القسم

- ‌حسن التخلص

- ‌الإطراد

- ‌العكس

- ‌الترديد

- ‌المناسبة

- ‌الجمع

- ‌الانسجام

- ‌تناسب الأطراف

- ‌ائتلاف المعنى مع المعنى

- ‌المبالغة

- ‌ الإغراق

- ‌ الغلو

- ‌التفريق

- ‌التلميح

- ‌العنوان

- ‌التسهيم

- ‌التشريع

- ‌المذهب الكلامي

- ‌نفي الشيء بإيجابه

- ‌الرجوع

- ‌تنبيهات

- ‌تجاهل العارف

- ‌الاعتراض

- ‌حصر الجزئي وإلحاقه بالكلي

- ‌التهذيب والتأديب

- ‌الاتفاق

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌المماثلة

- ‌التوشيع

- ‌التكميل

- ‌شجاعة الفصاحة

- ‌التشبيه

- ‌الفصل الأول في الطرفين

- ‌الفصل الثاني في الوجه

- ‌تنبيهات

- ‌الفصل الثالث في الغرض

- ‌الفصل الرابع في الأحوال

- ‌الفصل الخامس في الأداة

- ‌الفرائد

- ‌التصريع

- ‌الاشتقاق

- ‌السلب والإيجاب

- ‌المشاكلة

- ‌ما لا يستحيل بالانعكاس

- ‌التقسيم

- ‌الإشارة

- ‌تشبيه شيئين بشيئين

- ‌الكناية

- ‌الترتيب

- ‌المشاركة

- ‌التوليد

- ‌الإبداع

- ‌الإيغال

- ‌النوادر

- ‌التطريز

- ‌التكرار

- ‌التنكيت

- ‌حسن الإتباع

- ‌الطاعة والعصيان

- ‌البسط

- ‌المدح في معرض الذم

- ‌الإيضاح

- ‌التوهيم

- ‌الألغاز

- ‌الإرداف

- ‌الاتساع

- ‌التعريض

- ‌جمع المؤتلف والمختلف

- ‌الإيداع

- ‌تنبيهات

- ‌المواردة

- ‌الالتزام

- ‌المزاوجة

- ‌المجاز

- ‌التفريع

- ‌التدبيج

- ‌التفسير

- ‌التعديد

- ‌حسن النسق

- ‌حسن التعليل

- ‌التعطف

- ‌الاستتباع

- ‌التمكين

- ‌التجريد

- ‌إيهام التوكيد

- ‌الترصيع

- ‌التفصيل

- ‌الترشيح

- ‌الحذف

- ‌التوزيع

- ‌التسميط

- ‌التجزئة

- ‌سلامة الاختراع

- ‌تضمين المزدوج

- ‌ائتلاف اللفظ مع المعنى

- ‌الموازنة

- ‌ائتلاف اللفظ مع الوزن

- ‌ائتلاف الوزن مع المعنى

- ‌ائتلاف اللفظ مع اللفظ

- ‌الإيجاز

- ‌التسجيع

- ‌تنبيهات

- ‌التسهيل

- ‌الإدماج

- ‌الاحتراس

- ‌حسن البيان

- ‌العقد

- ‌تنبيهات

- ‌التشطير

- ‌المساواة

- ‌براعة الطلب

- ‌حسن الختام

- ‌كلمة الختام للمؤلف

الفصل: ‌الجناس التام والمطرف

فكأنها عند المزاج لطافة

وهم يخيله توهم هاجس

ومن أحسن ما يستشهد به لهذا النوع قول الصفي الحلي من قصيدة:

وبارق كسقيط الزند مقتدحا

له يد لزناد الشوق قد قدحت

بدا فأذكرني أرض الصراة وقد

تكللت بالكلا والشيح واتشحت

والريح نافحة والسحب سافحة

والغدر طافحة والورق قد صدحت

الشاهد في البيت الثالث فقط، وفي الأول الاشتقاق والجناس المذيل وفي الثاني الجناس المطلق.

وأما الجناس المضارع، فكقوله تعالى:(وهم ينهون عنه وينأون عنه) وقوله) صلى الله عليه وآله وسلم (: الخيل معقود بنواصيها الخير، الأجر والمغنم إلى يوم القيامة.

وقول الشريف الرضي) رضي الله عنه (:

لولا تذكر أيامي بذي سلم

وعند رامة أوطاري وأوطاني

لما قدحت بنار الوجد في كبدي

ولا بللت بماء الدمع أجفاني

وقوله أيضاً من قصيدة طويلة:

لا يذكر الرمل الأحن مغترب

له إلى الرمل أوطار وأوطان

وما أحسن قوله بعد هذا البيت:

تهفو إلى البان من قلبي نوازعه

وما بي البان بل من داره البان

ومنه قول الكافي العمان:

وما خلقت عيون العين أما

نظرن سوى بلايا للبراي

فاللام والراء والنون من مخرج واحد عند قطرب والجرمي وابن دريد والفراء.

وقول أبي جعفر الرامي من مقصورة له في وصف السيف: مهند كأنما صيقله=أشربه بالهند ماء الهندبا فالميم والباء من مخرج واحد.

وقول الشيخ حسين الطبيب من قصيدة يمدح بها الوالد:

سأكسوك من مكنون نظمي وشائعاً

تناط بجيد الدهر منها وشائح

والصفي لم ينظم هذا النوع، وقل من فرق بينه وبين اللاحق. ومن الناس من يسمي كل ما اختلف بحرف، جناس التصريف، سواء كان من المخرج أو من غيره.

وبيت الصفي في الجناس المذيل واللاحق قوله:

أبيت والدمع هامٍ هامل سرب

والجسم من أضم لحمٌ على وضم

وبيت العز الموصلي قوله:

يذيل العذل جار جارح بأذى

كلاحقٍ ما حق الآثار في الأكم

قال بعضهم: لو عزا أحد هذا البيت والذي قبله - يعني بيته في الجناس الملفق - إلى الجان ما شككت في قوله.

وبيت ابن حجة قوله:

وذيل الهم همل الدمع لي فجرى

كلاحق الغيث حيث الأرض في ضرم

عدم إطراء ابن حجة لهذا البيت، أبين حجة على ثقله وركنه.

والشيخ عبد القادر الطبري غير الترتيب الذي جرى عليه الشيخ صفي الدين، فقرن المذيل بالمعنوي، واللاحق بالتام. فقال في المذيل:

معنى ابن يتم أبي النعمان كنت لهم

وذيل الصبر صبا بالغرام عمي

أقول: لم يظهر لي المذيل في هذا البيت. فإن أراد به لفظتي (الصبر) و (صبا) فهذا لاحق لا مذيل. وأم معنى البيت وارتباط شطريه. فقد عجزت عن أن أحوم حوله. وقال في الجناس اللاحق:

يا خير ما تم لي خير يلاحقني

به ولم يرع شرع الحب كالعجم

الجناس اللاحق ظاهر في هذا البيت، ولكن انظر ما معنى قوله (ولم يرع شرع الحب كالعجم) ؟ وبيت بديعتي هو قولي:

ويل الدم دمعي يوم فرقتهم

وراح حبي يلبي لاحقاً بهم.

المذيل في قولي (الدم) و (الدمع) واللاحق في (حبي) و (لبي) ومعنى البيت أبين من أن يبين. ولا يخفى ما في تذييل الدمع من اللطف. فإنه كناية عن الدمع قد نزف يوم فراقهم من كثرة البكاء فبكى دما، فكأن الدم صار كالذيل للدمع. وبين شطري البيت أشد الارتباط لفظا ومعنى.

وبيت إسماعيل المقري قوله:

ملا الملام فؤادي ويحكم وكفى

لا تكثروا تكفروا في لومه بهمِ.

‌الجناس التام والمطرف

يا زيد زيد المنى مذ تم طرفني

وقال هم بهمِ تسعد بقربهم

من أنواع الجناس: التام والمطرف.

ص: 24

أما الجناس التامس ويسمى الكامل، فهو ما تماثل ركناه لفظاً وخطا واختلفا معنى من غير تفاوت في تركيبهما ولا اختلاف في حركاتهما، سواء كان من اسمين أو فعلين، أو من اسم وفعل، أو اسم وحرف. فإن كان من نوع واحد سمي مماثلاً، أو من نوعين سمي مستوفى. وهذا الجناس من أكمل أصناف التجنيس وأرفعها رتبة، وأولها في الترتيب الأصلي، وشاهده من القرآن الكريم، قوله تعالى:(ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ) قيل: وليس في القرآن العظيم من صنف التام غير هذه الآية. وقول بعضهم: أن في كونها من الجناس التام نظراً لكون الساعة الأولى التي بمعنى القيامة، منقولة من الساعة الثانية التي هي جزء من أجزاء الجديدين، ليس بشيء. لأن النقل لا يضر ويكفي في ذلك اختلاف المعنى. وقد استخرج ابن حجر من القرآن جناساً آخر تاماً وهو قوله تعالى:(يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) فالأبصار في الآية الأولى جمع البصر الذي هو النظر، وفي الآية الثانية جمع البصر الذي هو العقل.

ومن الشعر قول ابن الرومي:

للسود في السود آثار تركن بها

وقعاً من البيض يثني أعين البيض

وقول الراجز:

يا عامر بن مالك يا عما

أفنيت عما وجبرت عما

أراد بالعم الأول أخا أبيه، وبالثاني الجمع الكثير. يقول: أفنيت قوماً وجبرت آخرين.

وقول الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى:

يا ويح قلبي من دواعي الهوى

إذا رحل الجيران عند الغروب

أتبعتهم طرفي وقد أزمعوا

ودمع عيني كفيض الغروب

بانوا وفيهم طفلة حرة

تفتر عن مثل أقاح الغروب

فالغرب الأول: غروب الشمس، والثاني: جمع غرب وهو الدلو العظيمة المملوءة، والثالث: جمع غرب وهو الوهدة المنخفضة. وقول أبي العلاء المعري، ونبه على الجناس فيه مع التغزل البديع:

معانيك شتى والعبارة واحد

فطرفك مغتال وزندك مغتال

فمغتال الأول، من اغتاله بمعنى أهلكه، والثاني بمعنى الغيل بالفتح وهو الساعد الريان الممتلي، وقوله أيضاً:

لم تلق غيرك إنساناً نلوذ به

فلا برحت لعين الدهر إنسانا

وزعم الحاتمي أن أفضل تجنيس وقع لمحدث، قول عبد الله بن طاهر ذي اليمينين:

وإني للثغر المخوف لكالي

وللثغر يجري ظلمه لرشوف

ومنه قول الغزي:

وخز الأسنة والخضوع لناقص

أمان عند ذوي النهي مران

والرأي أن تختار فيما دونه ال

مران وخز أسنة المران

وقول أبي الفتح البستي:

يا أكثر الناس إحساناً إلى الناس

وأحسن الناس أعراضاً عن الناسي

نسيت وعدك والنسيان مغتفر

فاعذر فأول ناسٍ أول الناس

وقولي في مطلع قصيدة:

يا هماماً له المعالي قصور

لا تلمني أن عن مني قصور

وقول شيخنا العلامة محمد بن علي الشامي:

أيهٍ بذكر معاهد وأناس

طابت بذكر حديثهم أنفاسي

أذكرنني حيث الأحبة جيرة

حالي بهم حالي وكاسي كاسي

وقولي من مطلع قصيدة:

إليك فقلبي لا تقر بلابله

إذا ما شدت فرع الغصون بلابله

وقلت بعد المطلع:

تهيج له ذكرى حبيب مفارق

زرود وحزوى والعقيق منازله

سقاهن صوب الدمع مني ووبله

منازل لا صوب الغمام ووابله

بحل بها من لا أصرح باسمه

غزال على بعد المزار أغازله

تقسمه للحسن عبلٌ ودفة

فرن وشاحاه وصمت خلاخله

وما أنا بالناسي ليالي بالحمى

تقضت وورد العيش صفو مناهله

ليالي لاظبي الصريم مصارم

ولا ضاق ذرعاً بالصدود مواصله

وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى

وما عادل في شرعة الحب عاذله

يلومونه جهلاً عليه وإنما

له وعليه بره وغوائله

فلله قلب قد تمادى صبابة

على اللوم لا تنفك تغلي مراجله

وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى

رداح حماها من قنا الخط ذابله

تميس كما ماس الرديني مائداً

وتهتز عجباً مثل ما اهتز عامله

مهفهفة الكشحين طاوية الحشا

فما مائد الغصن الرطيب ومائله

تعلقتها عصر الشبيبة والصبا

وما علقت بي من زماني حبائله

ص: 25

حذرت عليها آجل البعد والنوى

فعاجلني من فادح البين عاجله

إلى الله يا أسماء نفسا تقطعت

عليك غراماً لا أزال أزاوله

وخطب بعاد كلما قلت هذه

أواخره كرت علي أوائله

وقولي من قصيدة وهي من أوائل نظمي:

من لصب شفه جور النوى

كلما أوجعه التذكار أنا

وإذا هبت صبا نجدٍ صبا

قلبه شوقاً إلى نجدٍ وحنا

وقول أبي تمام: ما ماتِ من كرم الزمان فإنه=يحيا لدى يحيى بن عبد الله وقول محمد بن عبد الله بن يحيى كناسة الأسدي الكوفي وهو ابن أخت إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى.

وسميته يحيى ليحيا ولم يكن

إلى رد أمر الله فيه سبيل

وقول ابن فضالة المجاشعي القيرواني وقيل ابن شرف:

إن تلقك الغربة في معشر

قد أجمعوا فيك على بغضهم

فدارهم ما دمت في دارهم

وأرضهم ما دمت في أرضهم

وقول سيدنا العلامة السيد ماجد بن هاشم البحراني المتوفى سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله تعالى.

وأحوى أطار القلب مني وما انطوى

عليه جناحا مضرحي ولا نسر

عققنا العلا إن سامنا دلج السرى=إليه إلى أحقاف قاف ولا نسر وقوله أيضاً:

وذي هيف ما الورد يوما ببالغ

مدى وجنتيه في احمرار ولا نشر

برئنا من الإسلام أن سيم وصله

علينا بما فوق النفوس ولا نشر

وقوله أيضاً:

يعز جناب الظبي أن قسته به

وما هو منه في سكون ولا نفر

فرتنا ظبا الأعداء إن قال قائل

فروا كل جيب في هواه ولا نفر

وقلت أنا معارضاً له في ذلك:

وأهيف قد قدَّ القلب بقده

وما هو عند حدي سنان ولا نصل

صلتنا لظى الهيجاء إن سامنا هوى

على حبه صلي النفوس ولا نصل

وقلت أيضاً:

ومزر بضوء الشمس لم نر وجهه

ولا ماثلته في علو ولا نبل

بلينا جوى إن رام منا تذللا

بلاء نفوس في هواه ولا نبل

ومنه قول أبي سهل سعد بن عبد الله التكملي:

ألا قالت إمامة إذا رأتني

وماء الوجه بالجادي شيبا

تعرتك الهموم فقلت حقا=هموم تجعل الولدان شيبا وقول أبي سهل النيلي:

من وجهه يطلع نجم المشتري

ياقوته يثمر شهداً فاشتر

يا من له باللحظ سيف الأشتر

إذا وجدت الحر عبداً فاشتر

وقول أبي منصور اللخيمي:

ودعت إلفي وفي يدي يده

مثل غريق به تمسكت

فرحت عنه وراحتي عطرت

كأنني بعده تمسكت

ونظم الصفي الحلي هذا الجناس أحسن من هذا فقال:

غيري بحبل هواكم يتمسك

وأنا الذي بترابكم يتمسك

وقال آخر: وأعظم الناس ظلماً من كلفت به=لأنه زاهد في راغب فيه

السحر في عينيه والروح في يده

والورد في خده والند في فيه

وما ألطف قول القائل:

أقول لطبي مر بي وهو راتع

أأنت أخو ليلى فقال يقال

فقلت يقال المستقيل من الهوى

إذا مسه ضر فقال يقال

وذكر الثعالبي في اليتيمة: إن البيت الأول للمجنون والثاني لأبي الحسن بن أحمد بن رامين مجيزاً به بيت المجنون والله أعلم.

وللمطوعي في أبي منصور الثعالبي:

كلام أبي منصور فيه عذوبة

ينوب عن الماء الزلال بمن يظمأ

فنزوى متى نروي بدائع نظمه

ونظما إذا لم نرو يوماً له نظما

وقال آخر وأجاد:

إذا ما نازعتك الحرص نفس

فأمسكها عن الشهوات أمسك

ولا تحرص ليوم أنت فيه=وعد فرزق يومك رزق أمسك وقول أبي العلاء المعري:

وأقتال حرب يفقد السلم عندهم

على غيرهم أمضي القضاء وأقتال

وقول الأديب الماموني:

لي على الناس فضل نظم ونثر

من أباه هجرته وأباه

وإذا ما أتى صفقت قفاه

وقفا من أعانه وقفاء

رحم الله من أراد محالا

فنهاه عن المحال نهاء

وقول الشيخ حسين بن شهاب الدين الطبيب:

فوا خجلتا إن كان في الدمع قلة

إذا جمع العشاق موعدنا غدا

أفاق الألي علاطيتهم خمرة الصبا

وراح فؤادي مغرماً مثلما غدا

وقول الآخر:

مضى عصر الشباب كلمح برق

وعصر الشيب بالأكدار شيبا

ص: 26

وما أعددت قبل الموت زادا

ليوم يجعل الولدان شيبا

وقول الآخر:

قد أصبح آخر الهوى أوله

فالعاذل في هواك مالي وله

بالله عليك خل ما أوله

وارحم دنفاً لدى حشاه وله

ولا بأس هنا بإيراد قصيدة الشيخ العلامة جمال الدين محمد بن أصبغ الأزدي اللغوي في نظم ما اشترك في اسم العجوز، فإنها من هذا النوع مع ما اشتملت عليه من الفائدة، وقد جعلها مشترك بين اثنتين وستين معنى، وفسر معانيها الشيخ أثير الدين أبو حيان النحوي وهي:

ألا تب من معاطات العجوز

ونهنه عن مواطات العجوز

ولا تركب عجوزاً في عجوزٍ

ولا روعٍ ولا تك بالعجوز

وإن أزمت بأقوام عجوز

فعش فيها بأبوال العجوز

وإن تزر العجوز بلا عجوز

فقطره على متن العجوز

وإن غاضت عجوز بني زيادٍ

غداة غد لها أهل العجوز

وما إن للعجوز إذا ألمت

سوى استعمال أدمغة العجوز

وإن جلد العجوز جلدت يوما

به أحد أفاق من العجوز

وهي للعجوز شراع بر

ولذ قبل العجوز على العجوز

وكانت طسم تقري في عجوز

مكللة بأسنمة العجوز

وما يهدي العجوز إلى عجوز

أحب إليه من ريح العجوز

وإن بدت القلادة من عجوز

فبعها بالنضار وبالعجوز

وإن حملت عجوزكم عجوزاً

جلت صدء العجوز عن العجوز

ومن أكل العجوز بلا عجوز

فانذره بإقبال العجوز

وإن بزغت عجوز في عجوز

فشك عجوز زينب بالعجوز

وإن عبثت بسر حكم عجوز

فذدها عن أولئك بالعجوز

وكم عبد تفرد في عجوز

رجاء الفوز في يوم العجوز

وإن لحقتك في الشعري عجوز

فمل عنها إلى ظل العجوز

وإن بلغ العجوز إليك نقداً

فحررها بوزنك بالعجوز

وسر نحو العجوز بقصد صدق

فقصد الصدق أنفع للعجوز

ومن يولي العجوز قلا وهجرا

فذاك أعز من بيض العجوز

ومن ربط العجوز على عجوز

أضر بمن يجوز على العجوز

وفي سيتي عجوزكم اضطراب

فسوهما وصد جأب العجوز

وقد ناط الإمام بنا عجوزاً

وسرنا تحت خافقة العجوز

وما للمرأ آنس من عجوز

إذا ما حم من رب العجوز

وطلق ذي العجوز وكن مجداً

على تحصيل هاتيك العجوز

فكم فوق العجوز من استجابت

لدعوته ملائكة العجوز

علته من عرى التقوى عجوز

تطنب بالأمان من العجوز

سألت الله يبقي لي عجوزاً

ويكفيني تباريح العجوز

قلت بقي للعجوز معان أخرى لم ينظمها الشيخ، فنظمتها بتوفيق الله تعالى فقلت:

ومن ركب العجوز فلا يبالي

إذا ما اضطر من أكل العجوز

ولا تخلي عجوزك من سهام

إذا ما استطعت أعمال العجوز

وكلم أمسى عجوز في عجوز

بمرتبة أجل من العجوز

ورب فتى يرى نقع العجوز

بمفرقه أجل من العجوز

ولا ترج الجسيم فكم عجوز

لعمر الله أجدى من عجوز

ولا ترم الصغير فكل عضب

لقبضته افتقار للعجوز

عسى عدل يزول الجور منه

وترعى الشاة فيه مع العجوز

وقد جمع الشيخ بهاء الدين أبو حامد أحمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن تمام السبكي معاني العين في قصيدة نظمها في أخيه قاضي القضاة جمال الدين حسين، يهنيه بالتدريس في بعض المدارس. وكتب مقابل كل واحدة تفسيرها وهي:

هنيئاً قد أقر الله عيني

فلا رمت العدى أهلي بعين

وقد وافى المبشر لي فأكرم

بخير ربيئة وافى وعين

يخبرني بأن أخي أتاه

مناه وسعده من كل عين

فلو سمح الزمان لكنت أعطي

له ما فيه من ورق وعين

ألا يا شامة الشام افتخاراً

بمن بسناه يغشو كل عين

فتى إن عدت الأعيان قالت

له الأيام إنك أنت عيني

وحبركم حوى من بحر علم

يروي الطالبين بكل عين

ويلقي في العلوم لكل وفد

غزير فوائد كغدير عين

وواسطة لعقد بني أبيه

كأوسط لفظة تدعى بعين

وقاض أمره في الناس ماض

فلا يخشى من استقبال عين

ص: 27

وينصب بينهم قسطاس حق

خلت من كل تطفيف وعين

له نواران من ورع وعلم

تخالهما كبدر دجى وعين

بصير عدله ذا المطل عدلا

ويجعل كل ذي شخص وعين

ويحجب من تأمله صبيا

كما حجب الغزالة ضوء عين

لئن شرفت دمشق به ومصر

فقد سارت محاسنه لعين

وتعظم كل أرض حل فيها

ولو حقرت حقارة رأس عين

يجود بكل ما في راحتيه

إذا بخلت بنو الدنيا بعين

ويوسع للورى بادي القرى إن

مزادة غيره شحت بعين

وعم نداه في شرقٍ وغرب

فلم يحوج إلى شاق وعين

جمال الدين فضلك ليس يحصى

فدونك قطرة من سحب عين

برغمي أن أهني من بعاد

وحقي أن أجيء لكم بعين

ومذ سفه المعيشة غيبتني

وراسك لم أفز فيها بعين

ولو أستطيع جئت ولو جثيا

على ركبي إليك بكل عين

ولولا ما أروم من التلاقي

لأذهب بينكم نفسي وعيني

وكنت كعين قطر سال قدما

فما أزكى وأحسن سيل عين

متى ألقاكم من عين شمس

وقد حلت ركابكم بعين

وهن أخاك تاج الدين عني

فإن كليكما خلي وعيني

وقوماً وادعياً لأبيكما إذ

لنا منه أبر أب وعين

به زكت الفورع وطاب منه

غصون أخرجتها خير عين

فدام بقاؤه ما لاح برق

وأطرب صوت قمري وعين

ولا زالت أعاديه تردى

بكل مذلة وبكل عين

ومن ينظر إليه بعين سوء

يقابله الإله بكل عين

وقد جمعت معاني العين طرأ

قصيدي لم تدع معنى لعين

فلو عاش الخليل لقال هذي

معان ما رأتها قط عين

وقد ضاقت قوافيها وركت

وذلك لالتزام لفظ عين

ولو لم التزم هذي لفاقت

قصد أديب أرض الجامعين

ولولا ذا لطاب لها ختام

بذكر مليكها القاضي حسين

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في رشف الزلال: والهلال اسم مشترك فقال:

أٌول وربما نفع المقال

إليك سهيل إذا طلع الهلال

تكاثرني بآلات المعاني

وكيف يكاثر البحر الهلال

أتطمع أن تنال المجد قبلي

وانى يسبق النجب الهلال

وتبسم حين تبصرني نفاقاً

وشخصي في جوانحك الهلال

وتبطن شرة في لين مس

كما لانت مع اللمس الهلال

وتنتظر الرزايا بي ولكن

عليك تدور بالشر الهلال

كأن وجوههم في كل مثوى

وفرط صلابة في الهلال

وأعراضاً أذيلت للأهاجي

كما يبدو على القدم الهلال

وما تغني الكتائب عن صدوع

بها أن يرأب الصدع الهلال

وأعجب كيف يكرمكم كتاب

وأعجب من لبيبكم الهلال

وقد زاد على ذلك الإمام شرف الدين ابن بنت أبي سعيد القاهري فعدها سبعة عشر فقال:

إن شعري قد حط سعري حتى

صار قدري كمثل قدر الهلال

ثم نحوي جر المكاره نحوي

فاعتراني منها كلسع الهلال

وأصول الفروع وصولي

لمرامي فبعده كالهلال

وأصول الكلام منها كلامي

فتخلفت في الورى كهلال

ثم حرزي قد جر حرزي حتى

ربط الذل بي كربط الهلال

وعروضي قد حط قدر عروضي

فرماني صحبي كرمي الهلال

ثم ظبي لأجله زال طيبي

وأتاني بمثل طعن الهلال

وبياني قد جث كسب بناني

بعد صيدي به كصيد الهلال

ثم نثري مثل النثار ومنه

خف رزقي عني بمثل الهلال

علم الأنساب حال الأنساب عني (كذا)

فأتى الدهر لي بطحن الهلال

ثم خطى قد حط حظي حتى

فاتني في الورى جميع الهلال

وكذا الرمل أثقل الرأس مني

وكساني ثوبا كمثل الهلال

ونجومي تحت التخوم رمتني

بعد وردي كود الهلال (كذا)

ولقد كنت أنشر العلم دهراً

لست فيه مواجراً كالهلال

فتركت العلوم مما دهاني

بعد سبقي كل الورى في الهلال

وتصوفت إذ سبقت البرايا

بخشوع وفقتهم في الهلال

ثم إني زهدت في الزهد أيضاً

بعد أن كنت لاحقاً بالهلال

وما أحسن قول الحريري في مقاماته في هذا النوع:

ص: 28

لا تبك ألفا نأى ولا دارا

ودر مع الدهر كيفما دارا

واتخذ الناس كلهم سكنا

ومثل الأرض كلها دارا

واصبر على خلق من تعاشره

وداره فاللبيب من دارى

ولا تضع فرصة السرور فما

تدري أيوماً تعيش أم دارا

واعلم بأن المنون جائلة

وقد أدارت على الورى دارا

وأقسمت لا تزال قانصة

ماكر عصرا المحيا وما دارا

وكيف ترجو النجاة من شرك

لم ينج منه كسرى ولا دارا

وأما الجناس المطرف: فهو ما زاد أحد ركنيه على الآخر بحرف في طرفه الأول، وهو عكس المذيل. فإن المذيل تكون الزيادة في آخره كما مر، فهي كالمذيل. وقد يسمى هذا الجناس، المردوف، والناقص. وفي تسميته اختلاف كثير، ولكن المطرف أولاها، لأنه مطابق للمسمى، إذا الزيادة فيه كالطرف لأنها في أوله. وخير الأسماء ما طابق المسمى.

وهذه الزيادة قد تكون في أول الركن الثاني، كقوله تعالى:(والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق) وقول البستي: عسى تحظى في غدك برغدك. وقول الأهوازي: من حسنت حاله استحسن محاله.

وقول أبي الحسن الباخرزي:

سأعمر بالشراب شباب عمري

فترك الشرب قبل الشيب لوم

وأبذل فضل مالي قبل موتي

فمورث ماله عندي ملوم

وقول الآخر:

يا ناقلاً قول الذي

في العرض مني قد لغا

أقصر فما اسمعني

سوء سوى من بلغا

وقول ابن جابر الأندلسي:

فيا راكب الوجناء هل أنت عالم

فداؤك نفسي كيف تلك المعالم

وقوله أيضاً:

صاد قلبي وصدعني صدودا

وانثنى يسحب الذوائب سودا

فرأيت الصباح في الليل يبدو

وشهدت الرشا يصيد الأسودا

وقول الثعالبي:

هذه ليلة لها بهجة الطاوو

س حسنا واللون الغدافِ

رقد الدهر فانتبهنا وسارقنا حظا من السرور الشافي

بمدام صاف وخل مصاف

وحبيب واف وسعد مواف

وقول أبي الحسن علي بن الأنجب المالكي:

ولمياء تحيي من تحيي بريقها

كأن مزاج الراح بالمسك من فيها

وما ذقت فاها غير أني رويته

عن الثقة المسواك وهو موافيها

وقول أبي الفتح البستي:

يا غزالاً أره ند وصدا

بعد أن كان للوصال تصدى

بيننا للرقيب سد فلا تج

مع على ذي الهوى من السد صدا

وقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني:

كبر على العلم يا خليلي

ومل إلى الجهل ميل هانم

وكن حماراً تكن سعيدا

فالسعد من طالع البهائم

وقول الآخر:

أيام أنسي قد كانت بقربكم

بيضاً فحين نأيتم أصبحت سودا

ذممت عيشي مذ فارقت أرضكم

من بعد ما كان مغبوطاً ومحسودا

وقول المستظهر من خلفاء المغرب:

يا غزالاً نقض العه

د ولم يوف بوعد

أنسيت العهد إذ بت

نا على مفرش ورد

ونجوم الليل تسري

ذهباً في لازورد

وقول أبي الحجاج الأندلسي الداني:

أبى الله إلا أن أفارق منزلا

يطالعني وجه المنى في سافرا

كأن على الأيام حين غشيته

يميناً فلم أحلله إلا مسافرا

وقول ذي الوزارتين أبي عبد الله محمد بن الخطيب:

أقمنا برهة ثم ارتحلنا

كذاك الدهر حال بعد حال

وكل بداية فإلى انتهاء

وكل إقامة فإلى ارتحال

ومن سام الزمان دوام حال

فقد وقف الرجاء على المحال

وقول شيخنا محمد بن علي الشامي:

قام للناس في العشية سوق

من فسوق وقام لي ألف سوق

وقد تكون في أول الركن الأول، كقول أبي علي الحسين بن أبي الطيب الباخرزي، وهو والد الأديب أبي الحسن علي الباخرزي المشهور صابح دمية القصر: أنزه المناظر والمجالس، ما سار فيه ناظر الجالس.

وقول البستي: اشتغل عن لذاتك، بعمارة ذاتك. وقوله:

أبا العباس لا تحسب بأني

لشيبي من حلي الأشعار عار

فلي طبع كسلسال معين

زلال من ذرى الأحجار جار

إذا ما أكبت الأدوار زندي

فلي زند على الأدوار وار

وقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني:

وكم سبقت منه إلي عوارف

ثنائي من تلك العوارف وارف

ص: 29