الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورب أخ خليق بالتقالي
…
ومغترب جدير بالصفاء.
وله من أخرى:
وتفرق البعداء بعد مودة
…
صعب فكيف تفرق القرباء.
وله من أخرى:
لو رجعنا إلى العقول يقينا
…
لرأينا الممات في الميلاد.
وله من أخرى:
يا ليت أني ما اقتنيتك صاحبا
…
كم قينة جلبت أسى لفؤادي.
ومنها:
برد القلوب بمن نحب بقاءه
…
مما يجر حرارة الأكباد.
وله من أخرى:
ومن يسأل الركبان عن حال غائب
…
فلا بد أن يلقى بشيرا وناعيا.
وله من أخرى:
وأفجع الناس من ولت حبائبه
…
ولا عناق ولا ضم ولا قبل.
ومنها:
ومن لم يعظه بياض الشيب أدركه
…
في غرة حتفه المقدور والأجل.
من أخطأته سهام الموت قيده
…
طول السنين فلا لهو ولا جذل.
وضاق من نفسه ما كان متسعا
…
حتى الرجاء وحتى العزم والأمل.
وللرجال أحاديث فاحسنها
…
ما نمق الجود لا ما نمق البخل.
ومنها:
ليس المعاد إلى الدنيا بمتفق
…
ولا رجوع لمن يمضي به الأجل.
وكيف نأمل أن تبقى الحياة لنا
…
وغير راجعة أيامنا الأول.
غيره: وما أحسن أن يعذر المرء نفسه=وليس له من سائر الناس عاذر.
آخر: وما ينفع الأصل من هاشم=إذا كانت النفس من باهله.
آخر:
فنذل الرجال كنذل النبات
…
فلا للثمار ولا للحطب.
آخر:
لا يغرس الشر غارس أبدا
…
إلا اجتنى من ثماره ندما.
فهذه نبذة من الأمثال للمتقدمين والمتأخرين، وقد ألف في ذلك جماعة منهم: ابن أبي الأصبع، له كتاب الأمثال؛ ابتدأ فيه بذكر ما وقع في الكتاب العزيز من الأمثال، والحق بها أمثال دواوين الإسلام، وختم الجميع بذكر أمثال العامة. وذكر في كتابه المسمى بتحرير التحبير: أنه استخرج أمثال أبي تمام من شعره، فوجدها تسعين نصيفاً وثلثمائة بيت وأربعة وخمسين بيتا واستوعب أمثال أبي الطيب المتنبي، فوجدها مائة نصيف وثلاثة وسبعين نصيفاً، وأربعمائة بيت؛ ولكنه أخرج من أمثال أبي الطيب ما ولده من أمثال أبي تمام، ومدار الناس الآن على أمثال أبي الطيب المتنبي دون غيرها غالبا. وقد جمع منها ابن حجة في شرح بديعيته جملة حسنة، ولكني وقفت للصاحب كافي الكفاءة إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى على رسالة جمع فيها أمثال أبي الطيب السائرة لمخدومه فخر الدولة، ووجد بخط فخر الدولة على نسخة الأصل علامات على رؤوس بعض الأبيات، وهي علامات ما اختاره من الأمثال. وقد رأيت أن أثبت الرسالة المذكورة بعينها؛ وأثبت العلامات المزورة لفخر الدولة؛ وهي خاء معجمة؛ علامة الانتخاب. وإنما نقلتها على ما هي عليه تعجبا من جودة نقده؛ ودلالة اختياره على أنه اختيار الملوك وذوي الهمم العالية؛ وبالله التوفيق ومنه الهداية إلى سوء الطريق.
الأمثال السائرة
. من شعر المتنبي جمعها الصاحب كافي الكفاءة لمخدومه فخر الدولة قال الصاحب كافي الكفاءة إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى: الحمد لله الذي ضرب الأمثال للناس "لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها" وصلى الله على أفصح العرب وسر عبد المطلب، صلى الله عليه وعلى آله أخيار الأمم، وأنوار الظلم، كم مثل ضرب فيه الحجة الواضحة؛ والحكمة البالغة. ثم إن الله قد أحيا بالأمير السيد شاهنشاه فخر الدولة، وفلك الأمة أطال الله بقاه، ونصر لواه داثر العلوم والآداب؛ وأقام برأيه ورايته أسواقهما، وكانت في يد الكساد بل الذهاب. فهو يقدم على المعرفة، ويقرب على التبصرة، لا كالملوك الذين يقال لهم:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
…
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.
ومن نعم الله- أدام الله النعم لديه- إن الله قرن ألفاظه بفصل المقال، ووشح كلامه بضرب الأمثال، هي لب اللب، يضع فيه الهناء مواضع النقب. وهذا الشاعر مع تميزه وبراعته وتبريزه في صناعته، له في الأمثال خصوصا مذهب سبق به أمثاله. فأمليت ما صدر عن ديوانه من مثل واقع في فنه، بارع في معناه ولفظه، ليكون تذكرة في المجلس العالي؛ تلحظها العين العالية، وتعيها الأذن الواعية. ثم إن أمر أعلى الله أمره، أمليت- بمشيئة الله- ما وقع من الأمثال؛ في كل ديوان جاهلي أو مخضرم أو إسلامي، فما أجد من الأدباء من عمل في ذلك كتابا مقنعا، أو جمعا مسبعا. قرن الله السعادات بأيامه والمناجح بأعلامه.
قال المتنبي:
فعد بها لا عدمتها أبدا
…
خير صلات الكريم أعودها.
إني لأعلم واللبيب خبير
…
أن الحياة وان حرصت غرور.
صبرا بني إسحاق عليه تكرما
…
إن العظيم على العظيم صبور.
يممت شاسع دارهم عن نية
…
إن المحب على البعاد يزور.
فموتي في الوغى عيشي لأني
…
رأيت العيش في أرب النفوس.
خ أهون بطول الثواء والتلف
…
والسجن والقيد يا أبا دلف.
خ لو سكناي فيه منقصة
…
لم يكن الدر ساكن الصدف.
خ غير اختيار قبلت برك بي
…
والسجن والقيد يا أبا دلف.
خ إذا قيل رفقا للحلم موضع
…
وحلم الفتى في غير موضعه جهل.
يفنى الكلام ولا يحيط بوصفكم
…
أيحيط ما يفنى بما لا ينفد.
يفدي بنيك عبيد الله حاسدهم
…
بجبهة العير يفدى حافر الفرس.
خير الطيور على القصور وشرها
…
يأوي الخراب ويسكن الناووسا.
وما الكرام الطريف وإن تقوى
…
بمنتصف من الكرم التلاد.
وإن الجرح يفثي بعد حين
…
إذا كان البناء على فساد.
يجني الغنى للئام لو عقلوا
…
ما ليس يجني عليهم العدم.
هم لا موالهم وليس لهم
…
والعار يبقى والجرح يلتئم.
ودهر ناسه ناس صغار
…
وإن كانت لهم جثث ضخام.
وما أنا نهم بالعيش فيهم
…
ولكن معدن الذهب الرغام.
خليلك أنت لا من قلت خلي
…
وإن كثر التجمل والكلام.
ولو حيز الحفاظ بغير عقل
…
تجنب عنق صيقله الحسام.
وسبه الشيء منجذب إليه
…
وأشبهنا بدنيانا الطغام.
ولو لم يرع غلا مستحق
…
لرتبتهم أسامهم المسام.
ولو لم يعل إلا ذو محل
…
تعالى الجيش وانحط القتال.
ومن خبر الغواني فالغواني
…
ضياء في بواطنه ظلام.
تلذ له المروءة وهي تؤذي
…
ومن يعشق يلذ له الغرام.
وقبض نواله شرف وعز
…
وقبض نوال بعض القوم ذام.
أقامت في الرقاب له أياد
…
هي الأطواق والناس الحمام.
وما الفضة البيضاء والتبر واحد
…
نفوعان للمكدي وبينهما صرف.
وزارك بي دون الملوك تحرج
…
إذا عن بحر لم يجز لي التيمم.
ولكن عين قرة في قربه
…
حتى كأن مغيبه الأقذاء.
خ ولن حبا خامر القلب في الصبا
…
يزيد على مر الزمان ويشتد.
خ وأصبح شعري منهما في مكانه
…
وفي عنق الحسناء يستحسن العقد.
في سعة الخافقين مضطرب
…
وفي بلاد من أختها بدل.
أبلغ ما يطلب النجاح به ال
…
طبع وعند العمق الزلل.
ومن يك ذا فم مريض
…
يجد مرا به الماء الزلالا.
ما كل من طلب المعالي نافذا
…
فيها ولا كل الرجال فحولا.
خ الحب ما منع الكلام الألسنا
…
وألذ شكوى عاشق ما أعلنا.
خ وانه المشير عليك في بضلة
…
والحر ممتحن بأولاد الزنا.
خ ومكائد السفهاء واقعة بهم
…
وعداوة الشعر بئس المقتنى.
لعنت مقارنة اللئيم فإنها
…
ضيف يجر من الندامة ضيفا.
وأنفس ما للفتى لبه
…
وذو اللب يكره إنفاقه.
لا افتخار إلا لمن لا يضام
…
مدرك أو محارب لا ينام.
خ ذل من يغبط الذليل بعيش
…
رب عيش أخف منه الحمام.
خ كل حلم أتى بغير اقتدار
…
حجة لا جيء إليها اللئام.
من يهن يسهل الهوان عليه
…
ما لجرح بميت إيلام.
إن بعضا من القريض هذاء
…
ليس شيئا وبعضه أحكام.
وربما فارق الإنسان مهجته
…
يوم الوغى غير قال خشية العار.
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن
…
يخلوا من الهم أخلاهم من الفطن.
فقر الجهول إلى عقل بلا أدب
…
فقر الحمار إلى رأس بلا رسن.
لا تعجبن مضيما حسن بزته
…
وهل يروق دفينا جودة الكفن.
غلى مثل ما كان الفتى يرجع الفتى
…
يعود كما يبدي ويكري كما أرمى.
إنعم ولذ فللأمور أواخر
…
أبدا كما كانت لهن أوائل.
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
…
فهي الشهادة لي بأني كامل.
خ في الناس أمثلة تدور حياتها
…
كمماتها ومماتها كحياتها.
خ ولا ينفع إلا مكان غير سخاؤه
…
وهل نافع لولا الأكف القنا السمر.
ضروب الناس عشاق ضروبا
…
فاعذرهم أشفهم حبيبا.
خ ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
…
عدوا له ما من صداقته بد.
وأكبر نفسي عن جزاء بغيبة
…
وكل اغتياب جهد من لا له جهد.
فما في سجاياكم منازعة العلى
…
ولا في طباع التربة المسك والند.
خ من الحلم أن يستعمل الجهل دونه
…
إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم.
خ إذا لم تكن نفس النسيب كأصله
…
فماذا الذي تغني الكريم المناصب.
لو كان يمكنني سفرت عن الصبا
…
فالشيب قبل الأوان تلثم.
والهم يخترم الجسيم نحافة
…
ويشيب ناصية الصبي ويهرم.
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
…
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.
والناس قد نبذوا الحفاظ فمطلق
…
ينسى الذي يولى وعاف يندم.
لا تخدعنك من عدو دمعة
…
وارحم شبابك من عدو يرحم.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
…
حتى يراق على جوانبه الدم.
يؤذي القليل من اللئام بطبعه
…
من لا يقل كما يقل ويلؤم.
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
…
ذا عفة فلعلة لا يظلم.
ومن البلية عذل من لا يرعوي
…
عن جهله وخطاب من لا يفهم.
والذل يظهر في الذليل مودة
…
وأود منه لمن يود الأرقم.
خ ومن العداوة ما ينالك نفعه
…
ومن الصداقة ما يضر ويؤلم.
أفعال من تلد الكريم كريمة
…
وفعال من تلد الأعاجم أعجم.
خ ولكن الغيوث إذا توالت
…
بأرض مسافر كره الغماما.
خ فطعم الموت في أمر حقير
…
كطعم الموت في أمر عظيم.
خ يرى الجبناء أن العجز عقل
…
وتلك خديعة الطبع اللئيم.
خ وكل شجاعة في المرء تغني
…
ولا مثل الشجاعة في الحكيم.
خ وكم من عائب قولا صحيحا
…
وآفته من الفهم السقيم.
ولكن تأخذ الأذهان منه
…
على قدر القرائح والفهوم.
كلام أكثر من تلقى ومنظره
…
مما يشق على الأذهان والحدق.
إلف هذا الهواء أوقع في الأن
…
فس إن الحمام مر المذاق.
والأسى قبل فرقة الروح عجز
…
والأسى لا يكون بعد الفراق.
والغنى في يد اللئيم قبيح
…
قدر قبح الكريم في الإملاق.
ومن قبل النطاح وقبل يلني
…
تبين لك النعاج من الكباش.
خ ويظهر الجهل بي وأعرفه
…
والدر در برغم من جهله.
فصرت كالسيف حامدا يده
…
لا يحمد السيف كل من حمله.
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
…
بان تسعدا والدمع أشفاه ساجمه.
وقد يتزيا بالهوى غير أهله
…
ويستصحب الإنسان من لا يلائمه.
قفي تغرم الأولى من اللحظ مهجتي
…
بثانية والمتلف الشيء غارمه.
وما خضب الناس البياض لأنه
…
قبيح ولكن أحسن الشعر فاحمه.
وما كل سيف يقطع الهام حده
…
وتقطع لزبات الزمان مكارمه.
خ وإذا كانت النفوس كبارا
…
تعبت في مرادها الأجسام.
فكثير من الشجاع التوقي
…
وكثير من البليغ السلام.
خ ولو جاز الخلود خلدت فردا
…
ولكن ليس للدنيا خليل.
خ ومن لم يعشق الدنيا قليل
…
ولكن لا سبيل إلى وصال.
خ نصيبك في حياتك من حبيب
…
نصيبك في منامك من خيال.
خ ولو كان النساء كمن فقدنا
…
لفضلت النساء على الرجال.
خ وما التأنيث لاسم الشمس عيب
…
ولا التذكير فخر للهلال.
خ فإن تفق الأنام وأنت منهم
…
فإن المسك بعض دم الغزال.
إلام طماعية العاذل
…
ولا رأي في الحب للعاقل.
خ يراد من القلب نسيانكم
…
وتأبى الطباع على الناقل.
خذوا ما أتاكم به واغنموا
…
فإن الغنيمة في العاجل.
خ أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
…
والطعن عند محبيهم كا القبل.
ولا يجير عليه الدهر بغيته
…
ولا تحصن درع مهجة البطل.
بذي الغباوة من إنشادها ضرر
…
كما تضر رياح الورد بالجعل.
إذا ما تأملت الزمان وصرفه
…
تيقنت أن الموت ضرب من القتل.
هل الولد المحبوب إلا تعلة
…
وهل خلو الحسناء إلا أذى البعل.
وما الدهر أهل أن تؤمل عنده
…
حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل.
وربما قالت العيون وقد
…
تصدق فيها ويكذب النظر.
أعاذك الله من سهامهم
…
ومخطئ من رميه القمر.
وإذا وكلت إلى كريم رأيه
…
في الجود بأن مذيقه من محضه.
إن الرياح إذا عمدن لناظر
…
أغناه مقبلها عن استعجاله.
دون الحلاوة في الزمان مرارة
…
لا تختطى إلا على أهواله.
وهل تغني الرسائل في عدو=إذا ما لم يكن ظبي رقاقا.
وإن جزعنا له فلا عجب
…
ذا الجزر في البحر غير معهود.
فما ترجى النفوس من زمن
…
أحمد حاليه غير محمود.
من يعرف الشمس لا ينكر مطالعها
…
أو يبصر الخيل لا يستكرم الرمكا.
خ وما ذاك بخل بالنفوس على القنا
…
ولكن صدم الشر بالشر أحزم.
أهل الحفيظة إلا أن تجربهم
…
وفي التجارب بعد الغي يجتدع.
ليس الجمال لوجه صح مارنه
…
أنف العزيز بقطع العز يجتدع.
والمشرفية ما زالت مشرفة
…
دواء كل كريم أوهي الوجع.
خ لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمق
…
فليس يأكل إلا الميت الضبع.
خ من كان فوق محل الشمس موضعه
…
فليس يرفعه شيء ولا يضع.
خ فقد يظن شجاعا من به خرق
…
وقد يظن جبانا من به زمع.
إن السلاح جميع الناس تحمله
…
وليس كل ذوات المخلب السبع.
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى
…
وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا.
خ وحيد من الخلان في كل بلدة
…
إذا عظم المطلوب قل المساعد.
بذا قضت الأيام ما بين أهلها
…
مصائب قوم عند قوم فوائد.
وكل يرى طرق الشجاعة والندى
…
ولكن طبع النفس للنفس قائد.
فإن قليل الحب بالعقل صالح
…
وإن كثير الحب بالجهل فاسد.
وقد فارق الناس الأحبة قبلنا
…
وأعيا دواء الموت كل طبيب.
وللترك للإحسان خير لمحسن
…
إذا جعل الإحسان غير ربيب.
فرب كئيب ليس تندى جفونه
…
ورب كثير الدمع غير كئيب.
وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها
…
ويجهد أن يأتي لها بضريب.
خ أعيذها نظرات منك صادقة
…
إن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم.
خ وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
…
إذا استوت عنده الأنوار والظلم.
خ إذا رأيت نيوب الليث بارزة
…
فلا تظنن أن الليث يبتسم.
إن كان سركم ما قال حاسدنا
…
فما لجرح إذا أرضاكم ألم.
وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة
…
إن المعارف في أهل النهي ذمم.
شر البلاد مكان لا صديق به
…
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم.
وشر ما قنصته راحتي قنص
…
شهب البزاة سواء فيه والرخم.
وإن كان ذنبي كل ذنب فإنه
…
محا الذنب كل المحو من جاء تائبا.
وما صبابة مشتاق على أمل
…
من اللقاء كمشتاق بلا أمل.
والهجر أقتل لي مما أراقبه
…
أنا الغريق فما خوفي من البلل.
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به
…
في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل.
إ كنت ترضى بأن يعطوا الجزى بذلوا
…
منها رضاك ومن للعور بالحول.
خ لعل عتبك محمود عواقبه
…
فربما صحت الأجسام بالعلل.
لأن حلمك حلم لا تكلفه
…
ليس التكحل في العينين كا لكحل.
وما ثناك كلام الناس عن كرم
…
ومن يسد طريق العارض الهطل.
خ وليس يصح في الإفهام شيء
…
إذا احتاج النهار إلى دليل.
خ وما كمد الحساد شيئا قصدته
…
ولكنه من يزحم البحر يغرق.
خ وإطراق طرف العين ليس بنافع
…
إذا كان طرف القلب ليس بمطرق.
خ ومن كنت بحرا له يا علي لا يقبل الدر الإكبارا.
ليالي بعد الظاعنينا شكول
…
طوال وليل العاشقين طويل.
وبتن بحصن الران رزحى من الوجى
…
وكل عزيز للأمير ذليل.
فإن تكن الأيام أبصرن صولة
…
فقد علم الأيام كيف تصول.
أبدري ما أرابك من يريب
…
وهل ترقى إلى الفلك الخطوب.
يجشمك الزمان أذى وحبا
…
وقد يؤذى من المقة الحبيب.
خ لكل أمريء من دهره ما تعودا
…
وعادات سيف الدولة الطعن في العدى.
خ وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
…
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا.
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
…
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.
ووضع الندى في وضع السيف بالعلي
…
مضر كوضع السيف في موضع الندى.
وقيدت نفسي في ذراك محبة
…
ومن وجدا الإحسان قيدا تقيدا.
وأتعب من ناداك من لا تجيبه
…
وأغيظ من عاداك من لاتشاكل.
وما تركوك معصية ولكن
…
يعاف الورد والموت الشراب.
ترفق أيها المولى عليهم
…
فإن الرفق بالجاني عتاب.
خ وما جهلت أياديك البوادي
…
ولكن ربما خفي الصواب.
خ وكم ذنب مولده دلال
…
وكم بعد مولده اقتراب.
خ وجرم جره سفهاء قوم
…
وحل بغير جارمه العذاب.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
…
وتأتي على قدر الكرام المكارم.
تفيت الليالي كل شيء أخذته
…
وهن لما يأخذن منك غوارم.
ومن طلب الفتح الجليل فإنما
…
مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم.
أينكر ريح الليث حتى يذوقه
…
وقد عرفت ريح الليوث البهائم.
وما تنفع الخيل الكرام ولاالقنا
…
إذا لم يكن فوق الكرام كرام.
فإن كنت لا تعطي الذمام طواعة
…
فعوذ الأعاذي بالكريم ذمام.
وشر الحمامين الزؤامين عيشة
…
يذل الذي يختارها ويضارم.
خ وما الحسن في وجه الفتى شرفا له
…
إذا لم يكن في فعله والخلائق.
وما بلد الإنسان غير الموافق
…
ولا أهله الأدنون غير الأصادق.
وما يوجع الحرمان من كف حارم
…
كما يوجع الحرمان من كف رازق.
ولو لم يبق لم تعش البقايا
…
وفي الماضي لمن بقى اعتبار.
لعل بينهم لبنيك جند
…
فأول قرح الخيل المهار.
وما في سطوة الأرباب عيب
…
ولا في ذلة العبدان عار.
لك إلف يجره وإذا ما
…
كرم الأصل كان للألف أصلا.
إن خير الدموع عينا لدمع
…
بعثته رعاية فاستهلا.
وإذا لم تجد من الناس كفؤا
…
ذات خدر تمنت الموت بعلا.
ولذيذ الحياة أنفس للنف
…
س وأشهى من أن تمل وأحلى.
وإذا الشيخ قال أفٍّ فما مل حياة وإنما الضعف ملا.
آلة العيش صحة وشباب
…
فإذا وليا عن المرء ولا.
أبدا تسترد ما تهب الدن
…
يا فيا ليت جودها كان بخلا.
وهي معشوقة على الغدر لا تحفظ عهدا ولا تتمم وصلا.
كل دمع يسيل منها عليها
…
وبفك اليدين عنها تخلى.
رب أمر أتاك لا تحمد الفعال فيه وتحمد الإفعالا.
والعيان الجلي يحدث للظن
…
زوالا وللمراد انفعالا.
وإذا ما حلا الجبان بأرض
…
طلب الطعن وحده والنزالا.
أقسموا لا رأوك إلا بقلب
…
طالما غرت العيون الرجالا.
إنما أنفس الأنيس سباع
…
يتفارسن جهرة واغتيالا.
من أراد التماس شيء غلابا
…
واغتصابا لم يلتمسه سؤالا.
كل غاد لحاجة يتمنى
…
أن يكون الغضنفر الرئبالا.
ورفلت في حلل الثناء وإنما
…
عدم الثناء نهاية الإعدام.
الرأي قبل شجاعة الشجعان
…
هو أول وهي المحل الثاني.
ولربما طعن الفتى أقرانه
…
بالرأي قبل تطاعن الأقران.
لولا العقول لكان أدنى ضيغم
…
أدنى إلى شرف من الإنسان.
وتوهموا لعب الوغى والطعن في ال
…
هيجاء غير الطعن في الميدان.
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم
…
ماذا يزيدك في إقسامك القسم.
لا تطلبن كريما بعد رؤيته
…
إن الكرام بأسخاهم يدا ختموا.
ولا تبال بشعر بعد شاعره
…
قد أفسد القول حتى أحمد الصمم.
وما عاقني غير قول الوشاة
…
وإن الوشايات طرق الكذب.
ومن ركب الثور بعد الجوا
…
د أنكر أظلافه والغبب.
وإذا خامر الهوى قلب صب
…
فعليه لكل عين دليل.
زودينا من حسن وجهك ما دا
…
م فحسن الوجوه حال تحول.
إن تراني أدمت بعد بياض
…
فحميد من القنا الذبول.
وكثير من السؤال اشتياق
…
وكثير من رده تعليل.
ما الذي عنده تدار المنايا
…
كالذي عنده تدار الشمول.
غدرت يا موت كم أفنيت من عدد
…
بمن أصبت وكم أسكت من لجب.
وإن تكن تغلب الغلباء عنصرها
…
فإن في الخمر معنى ليس في العنب.
وعاد في طلب المتروك تاركه
…
أنا لنغفل والأيام في الطلب.
فلا تنلك الليالي أن أيديها
…
إذا ضربن كسرن النبع بالغرب.
ولا يعن عدوا أنت قاهره
…
فإنهن يصدن الصقر بالخرب.
وإن سررن بمحبوب فجعن به
…
وقد أتينك في الحالين بالعجب.
وربما احتسب الإنسان غايتها
…
وفاجأته بأمرٍ غير محتسب.
وما قضى أحد منها لبانته
…
ولا انتهى أرب إلا إلى أرب.
تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم
…
إلا على شجب والخلف في الشجب.
فقيل تخلص نفس المرء سالمة
…
وقيل تشرك جسم المرء في العطب.
ومن تفكر في الدنيا ومهجته
…
أقامه الفكر بين العجز والتعب.
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
…
وحسب المنايا أن يكن أمانيا.
تمنيتها لما تمنيت أن أرى
…
صديقاً فاعيا أو عدواً مداحيا.
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى
…
ولا تنفى حتى تكون ضواريا.
فإن دموع العين غدر بربها
…
إذا كن أثر الغادرين جواريا.
إذا الجود لم يرزق خلاص من الأذى
…
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا.
وللنفس أخلاق تدل على الفتى
…
أكان سخاء ما أتى أم تساخيا.
خلقت الوفا لو رحلت إلى الصبا
…
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا.
قواصد كافور توارك غيره
…
ومن قصد البحر استقل السواقيا.
حسن الحضارة مجلوب بتطرية
…
وفي البداوة حسن غير مجلوب.
فما الحداثة من حلم بمانعة
…
قد يوجد الحلم في الشبان والشيب.
أبى خلق الدنيا حبيبا تديمه
…
فما طلبي منها حبيبا ترده.
وأسرع مفعول فعلت تغيرا
…
تكلف شيء في طباعك ضده.
وأتعب خلق الله من زاد همه
…
وقصر عما تشتهي النفس وجده.
خ فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله
…
ولا مال في الدنيا لمن قل مجده.
وفي الناس من يرضى بميسور عيشه
…
ومركوبه رجلاه والثوب جلده.
وما الصارم الهندي إلا كغيره
…
إذا لم يفارقه النجاد وغمده.
وما منزل اللذات عندي بمنزل
…
إذلم أبجل عنده وأكرم.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
…
وصدق مل يعتاده من توهم.
أصادق نفس المرء من قبل جسمه
…
واعرفها في فعله والتكلم.
وأحلم عن خلي وأعلم أنه
…
متى أجزه حلما على الجهل يندم.
وإن بذل الإنسان لي جود عابس
…
جزيت بجود الباذل المتبسم.
وما كل هاو للجميل بفاعل
…
ولا كل فعال له بمتمم.
ولم أرج إلا أهل ذاك ومن يرد
…
مواطر من غير السحائب يظلم.
فأحسن وجه في الورى وجه محسن=وأيمن كف في الورى كف منعم.
خ وأشرفهم من كان أشرف همة
…
وأكثر إقداماً على كل معظم.
خ لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها
…
سرور صديق أو إساءة مجرم.
ولكن ما يمضي من الدهر فائت
…
فجد لي بحظ البادر المتغنم.
إنما تنجح المقالة في المر
…
ء إذا وافقت هوى في الفؤاد.
قد يصيب الفتى المشير ولم يج
…
هد ويشوي الصواب بع اجتهاد.
وإذا الحلم لم يكن في طباع
…
لم يحلم تقدم الميلاد.
خ وإطاعتك أسد دهرك والطا
…
عة ليست خلائق الآساد.
وإذا كان في الأنابيب خلف
…
وقع الطيش في صدور الصعاد.
كيف لاي ترك الطريق لسيل
…
ضيق عن أتيه كل واد.
خ وما الخيل إلا كالصديق قليلة
…
وإن كثرت في أعين من لا يجرب.
إذا لم تشاهد غير حسن شياتها
…
وأعضائها فالحسن عنك مغيب.
لحا الله ذي الدنيا مناخا لراكب
…
فكل بعيد الهم فيها معذب.
وكل أمريء يولي الجميل محبب
…
وكل مكان ينبت العز طيب.
ولو جاز أن يحووا علاك وهبتها
…
ولكن من الأشياء ما ليس يوهب.
وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا
…
لمن بات في نعمائه يتقلب.
وقد يترك النفس التي لا تهابه
…
ويخترم النفس التي تتهيب.
فما يديم سرور ما سررت به
…
ولا يرد عليك الفائت الحزن.
يا من نعيت على بعد بمجلسه
…
كل بما زعم الناعون مرتهن.
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
…
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
غير أن الفتى يلاقي المنايا
…
كالحات ولا يلاقي الهوانا.
ولو أن الحياة تبقى لحي
…
لعددنا أضلنا الشجعانا.
خ وإذا لم يكن من الموت بد
…
فمن العجز أن تكون جبانا
كل ما لم يكن من الصعب في الأن
…
فس سهل فيها إذا هو كانا.
فإن يك إنسانا مضى لسبيله
…
فإن المنايا غاية الحيوان.
قال الزمان قولا له فاسمعه
…
إن الزمان على الإمساك عذال.
القاتل السيف في جسم القتيل به
…
وللسيوف كما للناس آجال.
يروعهم منه دهر صرفه أبدا
…
مجاهر وصروف الدهر تغتال.
خ لطفت رأيك في وصلي وتكرمتي
…
عن الكريم على العلياء يحتال.
لولا المشقة ساد الناس كلهم
…
الجود يفقر والإقدام قتال.
وإنما يبلغ الإنسان طاقته
…
ما كل ماشية بالرجل شملال.
إنا لفي زمن ترك القبيح به
…
من أكثر الناس إحسان وإجمال.
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته
…
ما قاته وفضول العيش أشغال.
ولما صار ود الناس خبا
…
جزيت على ابتسام بابتسام.
وصرت أشك فيمن أصطفيه
…
لعلمي أنه بعض الأنام.
خ وآنف من أخي لأبي وأمي
…
إذا لم أجده من الكرام.
أرى الأجداد تغلبها كثيرا
…
على الأولاد أخلاق اللئام.
عجبت لمن له قد وحد
…
وينبو نبوة العضب الكهام.
ومن يجد المطي إلى المعالي
…
فلا يذر المطي بلا سنام.
ولم أرى في عيوب الناس شيئا
…
كنقص القادرين على التمام.
ويصدق وعدها والوعد شر
…
إذا ألقاك في الكرب العظام.
فإن لثالث الحالين معنى
…
سوى معنى انتباهك والمنام.
وللسر منه موضع لا يناله
…
نديم ولا يفضي إليه شراب.
وما العشق إلا غرة وطماعة
…
يعرض قلب نفسه فيصاب.
وغير فؤادي للغواني رمية
…
وغير بناني للزجاج ركاب.
خ أعز مكان في الدنيا سرج سابح
…
وخير جليس في الزمان كتاب.
خ أيا أسدا في جسمه روح ضيغم
…
وكم أسد أرواحهن كلاب.
وقد تحدث الأيام عندك شيمة
…
وتنعمر الأوقات وهي يباب.
ولكنك الدنيا إلي حبيبة
…
فما عنك لي إلا إليك ذهاب.
أنوك من عبد ومن عرسه
…
من حكم العبد على نفسه.
ما من يرى أنك في وعده
…
كمن يرى أنك في حبسه.
ولا يرجى الخير عند امرئ
…
مرت يد النخاس في رأسه.
فقل ما يلؤم في ثوبه
…
إلا الذي يلؤم في غرسه.
خ لاشيء أقبح من فحل له ذكر
…
تقوده أمة ليست لها رحم.
وإذا أتت الإساءة من وضيع
…
ولم ألم المسيء فمن ألوم.
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبها
…
أني بما أنا باك منه محسود.
جود الرجال من الأيدي وجودهم
…
من اللسان فلا كانوا ولا الجود.
العبد ليس لحر صالح بأخ
…
لو أنه في ثياب الحر مولود.
لا تشتر العبد إلا والعصا معه
…
إن العبيد لأنجاس مناكيد.
إن امرءاً أمة حبلى تدبره
…
لمستضام سخين العين مفؤود.
خ من علم الأسود المخصي مكرمة
…
أقومه البيض أم آباؤه الصيد.
خ أم أذنه في يد النخاس دامية
…
أم قدره وهو بالفلسين مردود.
خ وذاك أن الفحول الفحول البيض عاجزة
…
عن الجميل فكيف الخصية السود.
فتى زان في عيني أقصى قبيلة
…
وكم سيد في حلة لا يزينها.
وما كل منة قال قولا وفي
…
وما كل من سيم خسفا أبى.
ولابد للقلب من آلة
…
ورأي يصدع صم الصفا.
وكل طريق أتاه الفتى
…
على قدر الرجل فيه الخطى.
خ لقد كنت أحسب قبل الخصي أن الرؤوس محل النهى.
خ فلما نظرت إلى عقله
…
رأيت النهى كلها في الخصى.
ومن جهلت نفسه قدره
…
رأى غيره منه ما ل يرى.
خ الحزن يقلق والتجمل يردع
…
والدمع بينهما عصي طيع.
خ إني لا أجبن من فراق أحبتي
…
وتحس نفسي بالحمام فأشجع.
خ ويزيدني غضب الأعادي قسوة
…
ويلم بي عتب الصديق فأجزع.
تصفو الحياة لجاهل أو غافل
…
عما مضى فيها وما يتوقع.
ولمن يغالط في الحقيقة نفسه
…
ويسومها طلب المحال فتطمع.
أين الذي الهرمان من بنيانه
…
ما قومه ما يومه ما المصرع.
بأبي الوحيد وجيشه متكاثر
…
يبكي ومن شر السلاح الأدمع.
وإذا حصلت من السلاح على البكا
…
فحشاك رعن به وخدك تقرع.
خ قبحا لوجهك يا زمان فإنه
…
وجه له من كل قبيح برقع.
ومن ضاقت الأرض على نفسه
…
حرى أن يضيق بها جسمه.
تسود الشمس منا بيض أوجهنا
…
ولا تسود بيض العذر والمم.
وكان حالهما في الحكم واحدة
…
لو احتكمنا من الدنيا إلى حكم.
خ حتى رجعت وأقلامي قوائل لي
…
المجد للسيف ليس المجد للقلم.
توهم القوم أن العجز قربنا
…
وفي التقريب ما يدعو إلى التهم.
خ ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة
…
بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم.
هون على بصر ما شق منظره
…
فإنما يقظات العين كالحلم.
ولا تشك إلى خلق فتشتمه
…
شكوى الجريح إلى العقبان والرخم.
وكن على حذر للناس تستره
…
ولا يغرك منهم ثغر مبتسم.
غاض الوفاء فما تلقاه في عدة
…
وأعوز الصق في الإخبار والقسم.
إن أوحشتك المعالي
…
فإنها دار غربة.
كدعواك كل يدعي صحة العقل
…
ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهل.
دريني أنل مالا ينال من العلي
…
فصعب العلي في الصعب والسهل في السهل.
خ تريدين لقيان المعالي رخيصة
…
ولابد دون الشهد من إبر النحل.
وليس الذي يتبع الوبل رائدا
…
كمن جاءه في داره رائد الوبل.
وما أنا ممن يدعي الشوق قلبه
…
ويحتج في ترك الزيارة بالشغل.
تحاذر هزل المال وهي ذليلة
…
وأشهد أن الذل شر من الهزل.
قد كنت أحذر بينهم من قبله
…
لو كان ينفع حاذرا أن يحذرا.
إن في الموج للغريق لعذرا
…
واضحا أن يفوته تعداده.
ما سمعنا بمن أحب العطايا
…
وأشتهي أن يكون فيها فؤاده.
خ وغيظ على الأيام كالنار في الحشا
…
ولكنه غيظ الأسير على القد.
خ وليس حياء الوجه في الذئب شيمة
…
ولكنه من شيمة الأسد الورد.
خ يعللنا هذا الزمان بذا الوعد
…
ويخدع عما في يديه من النقد.
كل جريح ترجى سلامته
…
إلا فؤادا دهته عيناها.
وخل زيا لمن يحققه
…
ما كل دام جبينه عابد.
لابد للإنسان من ضجعة
…
لا تقلب المضجع عن جنبه.
ينسى بها ما كان من عجبه
…
وما أذاق الموت من كربه.
نحن بنوا الموتى فما بالنا
…
نعاف ما لابد من شربه.
تبخل أيدينا بأرواحنا
…
على زمان هي من كسبه.
لو أفكر العاشق في منتهى
…
حسن الذي يسبيه لم يسبه.
لم ير قرن الشمس في شرقه
…
فشكت الأنفس في غربة.
يموت راع الضان في جهله
…
ميتة جالينوس في طبه.
خ وربما زاد على عمره
…
وزاد في الأمن على سربه.
خ وغاية المفرط في سلمه
…
كغاية المفرط في حربه.
فلا قضى حاجته طالب
…
فؤاده يخفق من رعبه.
ما كان عندي أن بدر الدجى
…
يوحشه المفقود من شهبه.
إن النفوس عدد الآجال
…
ورب قبح وحلى ثقال.
أحسن منها الحسن في المعطال
…
فخر النفس بالنفس والأفعال.
من قبله بالعم والأحوال.
هذا أخر ما استخرجه الصاحب كافي الكفاة رحمه الله تعالى من شعر المتنبي من الأمثال، وإنما أثبتناها برمتها هنا لتكون عمد لأهل الإنشاء وغيرهم إذا أوردوها في ترسلاتهم وكلامهم وشواهدهم على اختلاف أنواعها فإن المدار عليها كما ذكرناها سابقا، وليس ذلك لعمري مخصوصا بأمثاله فقط، بل جميع شعره يتداوله أصناف الناس، في فنون الأغراض، كما قال أبو منصور الثعالبي في يتيمة الدهر: ليست اليوم مجالس الدرس، أعمر بشعر أبي الطيب من مجالس الإنس ولا أقلام كتاب الرسائل؛ أجرى به من ألسن الخطباء في المحافل؛ ولا لحون المغنين والقوالين، أشغل به من كتب المؤلفين والمصنفين. انتهى.
وقال ابن رشيد العمدة: ليس في المولدين أشهر اسماً من الحسن ابن هاني؛ ثم حبيب والبحتري؛ ويقال أنهما أخملا خمسمائة شاعر في زمانهما كلهم مجيد؛ ثم يتبعهما في الاشتهار ابن الرومي وابن المعتز؛ ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا. انتهى.
ولأبي الفضل أحمد بن محمد بن يزيد السكري المروزي من شعراء اليتيمة مزدوجة ترجم فيها أمثالا للفرس، منها قوله:
أحسن ما في ضفة الليل وجد
…
الليل حبلى ليس يدري ما تلد.
من مثل الفرس ذوي الأبصار
…
الثوب رهن في يد القصار.
إن البعير يبغض الخشاشا
…
لكنه في أنفه ما عاشا.
نال الحمار بالسقوط في الوحل
…
ما كن يهوى ونجى من العمل.
نحن على الشرط القديم المشترط
…
لا الزق منشق ولا العير سقط.
في المثل السائر للحمار
…
قد ينفق الحمار للبيطار.
العنز لا يسمن إلا بالعلف
…
لا يسمن العنز بقول ذي لطف.
البحر غمر الماء في العيان
…
والكلب يروي منه باللسان.
لا تك من نصحي ذا ارتياب
…
ما بعتك الهرة في الجراب.
من لم يكن في بيته طعام
…
فماله في محفل مقام.
منيتني الإحسان دع إحسانك
…
اترك بحشو الله باذنجانك.
كان يقال من أتى خوانا
…
من غير أن يدعى إليه هانا.
وكان الشاعر المذكور مولع بنقل أمثال الفرس إلى العربية، فمن ذلك قوله في غير المزدوجة:
إذا الماء فوق غريق طما
…
فقاب قناة وألف سوا.
إذا وضعت على الرأس التراب فضع
…
من أعظم التل أن النفع منه يقع.
في كل مستحسن عيب بلا ريب
…
ما يسم الذهب الإبريز من عيب.
ما كنت لو أكرمت أستقصي
…
لا يهرب الكلب من القرص.
طلب الأعظم من بيت الكلاب
…
كطلاب الماء في لمع السراب.
هو الثعلب الرواغ في مهمه سلك
…
يرى إليه فيه ما أن يرى الشبك.
من مثل الفرس سار في الناس
…
التين يسقي بعلة الآس.
تبختر إخفاء لما فيه من عرج
…
وليس له فيما تكلفه فرج.
ولأبي عبد الله الأبيودري قصيدة ترجم فيها أمثال الفرس، منها قوله:
صيامي إذا أفطرت بالسحت ضلة
…
وعلمي إذا لم يجد ضرب من الجهل.
وتزكيتي مالا جمعت من الربا
…
رياء وبعض الجود أخزى من البخل.
كسارقة الرمان من كرم جارها
…
تعود به المرضى وتطمع من الفضل.
ألا رب ذئب مر بالقوم خاويا
…
فقالوا علاه البهر من كثرة الآكل.
وكم عقعق قد رام مشية قبجة
…
فأنسى ممشاه ولم يمش كالحجل.
ولبعض الأدباء قصيدة أيضاً في ذلك، منها:
ما أقبح الشيطان لكنه
…
ليس كما ينقش أو يذكر.
يكفي قليل الماء رطب الثرى
…
والطين رطبا بله أيسر.
إلى شفا النار أماشي أخي
…
كنني أن خاضها أصدر.
أنتهز الفرصة في حينها
…
وألتقط الجوز إذ ينثر.
يطلب أصل المرء من فعله
…
ففعله عن أصله يخبر.
كم ماكر حاق به مكره
…
وواقع في بعض ما يحفر.
فررت من قطر غلى مشغب
…
علي بالوابل يثعنجر.