الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَمُوتُ عَاصِيًا. وَكَذَا إِذَا تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَمْ يَمُتْ؛ لأَِنَّ الْمُوَسَّعَ صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيَّقًا، وَانْتَفَى بِذَلِكَ اخْتِيَارُهُ. فَإِنْ أَخَّرَهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْفِعْل أَثِمَ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنْ أَخَّرَهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَتَّسِعُ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ أَثِمَ أَيْضًا.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالتَّعْيِينُ لِلْمُصَلِّي بِاخْتِيَارِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْل.
فَإِذَا شَرَعَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَذَا إِذَا شَرَعَ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ. وَمَتَى لَمْ يُعَيِّنْ بِالْفِعْل حَتَّى بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِلأَْدَاءِ فِعْلاً، حَتَّى يَأْثَمَ بِتَرْكِ التَّعْيِينِ؛ لأَِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِهِ. (1)
7 -
وَدَلِيل التَّخْيِيرِ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ حَدِيثُ جِبْرِيل عليه السلام الَّذِي يَرْوِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: أَمَّنِي جِبْرِيل عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْل الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُل
(1) روضة الطالبين 1 / 183 ط المكتب الإسلامي، والمغني 1 / 395 ط الرياض الحديثة - السعودية، وحاشية الدسوقي 1 / 176 - ط دار الفكر بيروت مصورة عن الطبعة الأميرية. بدائع الصنائع 1 / 96 الطبعة الأولى 1327 هـ - شركة المطبوعات العلمية - مصر
شَيْءٍ مِثْل ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرِقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَْمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَْوَّل، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْل، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الأَْرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيل وَقَال: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَْنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (1) .
وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عَنْ مُسْلِمٍ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ (2) .
ثَانِيًا: التَّخْيِيرُ فِي نَوْعِ مَا يَجِبُ إِخْرَاجُهُ فِي الزَّكَاةِ
8 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَقَرَ إِذَا بَلَغَتْ مِائَةً
(1) حديث: " أمني جبريل عند البيت مرتين. . . " أخرجه الترمذي (1 / 279 - 280 ط مصطفى الحلبي من حديث ابن عباس) وقال ابن حجر: وفي إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، مختلف فيه، لكنه توبع. أخرجه عبد الرزاق عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس نحوه، قال ابن دقيق العيد: هي متابعة حسنة (التلخيص الحبير لابن حجر 1 / 173 - ط شركة الطباع
(2)
حديث بريدة: " وقت صلاتكم بين ما رأيتم ". أخرجه مسلم (1 / 428 - ط عيسى الحلبي)
وَعِشْرِينَ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ زَكَاتِهَا بَيْنَ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعِ تَبِيعَاتٍ. وَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلسَّاعِي عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلِلْمَالِكِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهَكَذَا كُلَّمَا أَمْكَنَ أَدَاءُ الْوَاجِبِ مِنَ الأَْتْبِعَةِ أَوِ الْمُسِنَّاتِ.
أَمَّا الإِْبِل فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ زَكَاتُهَا حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْخِيَارُ فِيهِ لِلسَّاعِي. فَإِنِ اخْتَارَ السَّاعِي أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، وَكَانَ عِنْدَ رَبِّ الْمَال مِنَ الصِّنْفِ الآْخَرِ أَفْضَل أَجْزَأَهُ مَا أَخَذَهُ السَّاعِي، وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ زَائِدٍ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ زَكَاتُهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ بِلَا تَخْيِيرٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ، (1) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٌ) .
9 -
أَمَّا إِذَا ضَمَّتْ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِتَكْمِيل نِصَابِ السَّائِمَةِ، كَأَنْ تَضُمَّ الْعِرَابَ إِلَى الْبَخَاتِيِّ مِنَ الإِْبِل، وَالْجَوَامِيسَ إِلَى الْبَقَرِ، وَالضَّأْنَ إِلَى الْمَعْزِ مِنَ الْغَنَمِ: فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُخَيَّرُ السَّاعِي فِي الأَْخْذِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ إِذَا تَسَاوَى النَّوْعَانِ الْمَضْمُومَانِ، وَإِذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا أَخَذَ مِنَ الأَْكْثَرِ إِذْ الْحُكْمُ لِلأَْغْلَبِ.
(1) حاشية الدسوقي 1 / 435 - 436، والمجموع 5 / 382، 416، وكشاف القناع 2 / 187، 192، والبناية 3 / 52، وفتح القدير 2 / 131
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمَذْهَبِ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الأَْغْلَبِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا يُؤْخَذُ مِنَ الأَْغْبَطِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، كَاجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الأَْعْلَى، كَمَا لَوِ انْقَسَمَتْ إِلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الْوَسَطِ كَمَا فِي الثِّمَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ الْمُزَكَّيَيْنِ، فَإِذَا كَانَ النَّوْعَانِ سَوَاءً، وَقِيمَةُ الْمُخْرَجِ مِنْ أَحَدِهِمَا اثْنَا عَشَرَ، وَالْمُخْرَجُ مِنَ الآْخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ. (1)
10 -
فَإِنِ اتَّفَقَ فِي نِصَابٍ فَرْضَانِ، كَالْمِائَتَيْنِ مِنَ الإِْبِل، وَهِيَ نِصَابُ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَنِصَابُ أَرْبَعِ حِقَاقٍ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ؛ لِحَدِيثِ: فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ (2) ، وَلأَِنَّهُ وَجَدَ مَا يَقْتَضِي إِخْرَاجَ كُل نَوْعٍ مِنْهُمَا.
(1) حاشية الدسوقي 1 / 436، والمجموع 5 / 424، وبدائع الصنائع 2 / 33، وكشاف القناع 2 / 193
(2)
حديث: " فإذا كانت مائتين ففيها. . . " أخرجه أبو داود (2 / 227 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 393 - 394 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وصححه الحاكم على شرط الشيخين