الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:
أ -
التَّرَحُّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ فِي الصَّلَاةِ:
5 -
وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ خَارِجَهُ. وَقَدْ وَرَدَ التَّرَحُّمُ عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ، وَهُوَ عِبَارَةُ:" السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ "(1) وَتَفْصِيل أَحْكَامِ التَّشَهُّدِ فِي مُصْطَلَحِهِ.
أَمَّا التَّرَحُّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَارِجَ التَّشَهُّدِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ:" وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآل مُحَمَّدٍ " فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ.
وَعِبَارَةُ الرِّسَالَةِ لاِبْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ: اللَّهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآل مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَال: قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ: قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَال: قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَل صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل
(1) ابن عابدين 1 / 344، 345، والأذكار ص 107، والفتوحات الربانية 3 / 329.
مُحَمَّدٍ، كَمَا جَعَلْتَهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إِبْرَاهِيمَ إِنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ (1) .
قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: فَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ - وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الأَْسَانِيدِ - إِلَاّ أَنَّهَا يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَقْوَاهَا أَوَّلُهَا، وَيَدُل مَجْمُوعُهَا عَلَى أَنَّ لِلزِّيَادَةِ أَصْلاً. وَأَيْضًا الضَّعِيفُ يُعْمَل بِهِ فِي فَضَائِل الأَْعْمَال (2) .
وَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الاِقْتِصَارُ عَلَى صِيغَةِ الصَّلَاةِ دُونَ إِضَافَةِ (التَّرَحُّمِ) كَمَا وَرَدَ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، بَل ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ " وَارْحَمْ مُحَمَّدًا. . . إِلَخْ " بِدْعَةٌ لَا أَصْل لَهَا، وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ وَتَخْطِئَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَتَجْهِيل فَاعِلِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ. فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِقْصَارٌ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتِدْرَاكٌ عَلَيْهِ.
وَانْتَصَرَ لَهُمْ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، فَقَال: وَلَا يُحْتَجُّ بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ، فَإِنَّهَا كُلَّهَا وَاهِيَةٌ جِدًّا. إِذْ لَا يَخْلُو سَنَدُهَا مِنْ كَذَّابٍ أَوْ مُتَّهَمٍ بِالْكَذِبِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ
(1) حديث: " قد علمنا كيف نسلم عليك. . . " أخرجه بهذا اللفظ المعمرين في عمل اليوم والليلة كما في الفتوحات الربانية لابن علان (3 / 330 ط المنيرية) وضعفه ابن حجر كما نقله ابن علان في المصدر السابق.
(2)
الفتوحات الربانية 3 / 327 وما بعدها.