الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَمْ تُشْتَهَرْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما، وَبِهِ قَال الشَّعْبِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1) وَتَمَامُهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِأَفْعَالِهِمَا عَلَى الْكَمَال بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْقَارِنِ وَغَيْرِهِ.
وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ طَوَافَانِ (2) وَلأَِنَّهُمَا نُسُكَانِ، فَكَانَ لَهُمَا طَوَافَانِ، كَمَا لَوْ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ.
وَأَثَرُ هَذَا الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِي الْقَارِنِ إِذَا قَتَل صَيْدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالتَّدَاخُل. (3)
(1) سورة البقرة / 196
(2)
حديث: " من جمع بين الحج والعمرة فعليه طوافان. . . " ورد من فعله صلى الله عليه وسلم ولم يرد من قوله، أخرجه الدارقطني في سننه (2 / 258 - ط شركة الطباعة الفنية) وقال: لم يروه عن الحكم - يعني ابن عتيبة - غير الحسن بن عمارة، وهو متروك الحديث
(3)
مسلم الثبوت 2 / 48 ط. الأميرية، وابن عابدين 2 / 192 ط المصرية، والخرشي 2 / 309 ط دار صادر، والدسوقي 2 / 28 ط. الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 171 ط دار المعرفة، والقرطبي 2 / 369 ط دار الكتب، وروضة الطالبين 3 / 44 ط المكتب الإسلامي، والمنثور للزركشي 1 / 272 ط الأولى، وفتح الباري 3 / 493، 494 ط، الرياض، وكشاف القناع 2 / 412 ط النصر، والمغني 3 / 465، 466 ط الرياض
خَامِسًا: تَدَاخُل الْفِدْيَةِ:
14 -
ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَتَدَاخَل. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ قَلَّمَ أَظَافِرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَاحِدًا؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْمَحْظُورَاتِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَضَاءِ التَّفَثِ، وَهِيَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُزَادُ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَ قَلَّمَهَا فِي مَجَالِسَ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لأَِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّدَاخُل كَكَفَّارَةِ الْفِطْرِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يَجِبُ لِكُل يَدٍ دَمٌ، وَلِكُل رِجْلٍ دَمٌ إِذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ فِي الْفِدْيَةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فَيَتَقَيَّدُ التَّدَاخُل بِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي آيَةِ السَّجْدَةِ؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْعْضَاءَ مُتَبَايِنَةٌ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْجِنَايَةُ - وَهِيَ تَقْلِيمُ الأَْظَافِرِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ - جِنَايَةً وَاحِدَةً فِي الْمَعْنَى لاِتِّحَادِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الرِّفْقُ. (1)
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِمِثْل ذَلِكَ فِيمَنْ فَعَل شَيْئًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَجَامَعَ بَعْدَهُ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ فِدْيَةَ الْمُقَدِّمَةِ تَدْخُل فِي الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ جَزَاءً عَنِ الْجِمَاعِ. (2)
وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ فِيمَنْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ، بِأَنَّ عَلَيْهِ فِدْيَةً وَاحِدَةً فِي أَصَحِّ
(1) تبيين الحقائق 2 / 55 ط دار المعرفة، والاختيار 1 / 162 ط، دار المعرفة
(2)
حاشية قليوبي 2 / 137 ط. الحلبي، والمنثور 1 / 272 ط الأولى، ونهاية المحتاج 3 / 329 ط المكتبة الإسلامية