الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا ذُكِرَ؛ لأَِنَّ شَهَادَتَهُ تَتَضَمَّنُ مِثْل هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْقَضَاءُ بِهَا، فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرِ الشَّرْعُ مَعَ عَدَالَتِهِ ذَلِكَ مَانِعًا، كَذَلِكَ تَعْدِيلُهُ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ. (1)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الشَّاهِدَ لَا يُزَكِّي مَنْ شَهِدَ مَعَهُ، وَلَا تُقْبَل مَعَهُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ.
وَأَجَازَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَتْ طَائِفَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُزَكِّيَ كُل طَائِفَةٍ صَاحِبَتَهَا، وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَتَا فِي حَقَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ شَهِدَتَا فِي حَقَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. (2)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الآْخَرَ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجُوزُ. (3)
التَّزْكِيَةُ تَكُونُ عَلَى عَيْنِ الْمُزَكِّي:
21 -
التَّزْكِيَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ وَتُقْبَل تَكُونُ عَلَى عَيْنِ الْمُزَكِّي، وَذَلِكَ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ. وَصِفَتُهَا: أَنْ يُحْضِرَ الْقَاضِي الْمُزَكِّيَ - بَعْدَمَا زَكَّى الشُّهُودَ فِي السِّرِّ - لِيُزَكِّيَهُمْ عَلَانِيَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيُشِيرَ إِلَيْهِمْ فَيَقُول: هَؤُلَاءِ عُدُولٌ عِنْدِي، إِزَالَةً لِلاِلْتِبَاسِ، وَاحْتِرَازًا عَنِ التَّبْدِيل وَالتَّزْوِيرِ.
قَال ابْنُ فَرْحُونَ: لَا يُزَكَّى الشَّاهِدُ إِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْقَاضِي إِلَاّ عَلَى عَيْنِهِ، وَلَيْسَ عَلَى
(1) ابن عابدين 4 / 394.
(2)
تبصرة الحكام 1 / 258.
(3)
روضة الطالبين 11 / 172، والمغني 1 / 63، 67.
الْقَاضِي أَنْ يَسْأَل الْمُزَكِّيَ عَنْ تَفْسِيرِ الْعَدَالَةِ إِذَا كَانَ الْمُزَكِّي عَالِمًا بِوُجُوهِهَا، وَلَا عَنِ الْجُرْحَةِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهَا. (1)
وَلَمْ يُصَرِّحِ الْحَنَابِلَةُ بِتَكْرَارِ سُؤَال الْمُزَكِّي أَمَامَ الشُّهُودِ وَإِشَارَتِهِ إِلَى عَيْنِ مَنْ يُزَكِّيهِمْ. (2)
الإِْعْذَارُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي تَزْكِيَةِ الْمُزَكِّينَ
22 -
هَل عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَعْذُرَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَنْ زَكَّى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ؟ أَوْ يَطْلُبَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا يَعْذُرَ أَصْلاً.
الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَعْذُرُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَنْ زَكَّى شُهُودَ الْمُدَّعِي. إِذْ قَالُوا: الْيَوْمَ وَقَعَ الاِكْتِفَاءُ بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ؛ لِمَا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ مِنْ بَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ. (3)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مِمَّا لَا يُعْذَرُ فِيهِ مُزَكِّي السِّرِّ، وَهُوَ مَنْ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ فِي السِّرِّ بِحَال الشُّهُودِ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ جَرْحٍ. وَلَوْ سَأَل الطَّالِبُ الْمُقِيمَ لِلْبَيِّنَةِ عَمَّنْ جَرَّحَهَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى سُؤَالِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَل الْمَطْلُوبُ عَمَّنْ زَكَّى بَيِّنَةَ الطَّالِبِ، فَإِنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُقِيمُ لِذَلِكَ إِلَاّ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَاضِي فَلَا يُعْذَرُ فِي نَفْسِهِ.
(1) معين الحكام ص 105، وتبصرة الحكام 1 / 256، والروضة 11 / 169، ومغني المحتاج 4 / 403.
(2)
المغني 10 / 60، مكتبة القاهرة، والإنصاف 11 / 286، وكشاف القناع 6 / 350 - 351.
(3)
معين الحكام ص 105.