الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ لَا غَيْرَ. وَيُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ أَوِ الصَّدَقَةُ. وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَذَلِكَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ. (1)
أَمَّا الرَّمَل وَالاِضْطِبَاعُ فِي الطَّوَافِ فَهُمَا سُنَّتَانِ فِي حَقِّ الرِّجَال، فِي الأَْشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الأُْولَى مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ خَاصَّةً، فَلَوْ تَرَكَهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهُ تَدَارُكُهُمَا، وَمِثْلُهُمَا تَرْكُ الرَّمَل بَيْنَ الْمِيلَيْنِ (الأَْخْضَرَيْنِ) فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ أَوِ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: إِنْ تَرَكَ الرَّمَل فِي أَشْوَاطِ الطَّوَافِ الأُْولَى لَا يَرْمُل بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ خِلَافُ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَقْضِي الاِضْطِبَاعَ فِي طَوَافِ الإِْفَاضَةِ. (2)
ج -
التَّدَارُكُ فِي السَّعْيِ:
20 -
الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ إِنْ لَمْ يَسْعَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَدَارُكُ السَّعْيِ، فَيَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الإِْفَاضَةِ وَلَا بُدَّ، وَإِلَاّ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّ السَّعْيَ عِنْدَهُمْ رُكْنٌ. وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَاجِبٌ
(1) ابن عابدين 2 / 209، والدسوقي على الشرح الكبير 2 / 34
(2)
الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 43، والمغني لابن قدامة 3 / 375 - 377، 388، وشرح المنهاج للمحلي 2 / 108، وفتح القدير 2 / 358.
فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ يُجْبَرُ بِدَمٍ وَحَجُّهُ تَامٌّ. وَهَذَا إِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّعْيَ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَقَل فَلَيْسَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَاّ التَّصَدُّقُ بِنِصْفِ صَاعٍ عَنْ كُل شَوْطٍ، وَكُل هَذَا عِنْدَهُمْ إِنْ كَانَ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ. (1)
وَلَوْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَتَرَكَ بَعْضَ الأَْشْوَاطِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ تَرَكَ فِي بَعْضِهَا أَنْ يَصِل إِلَى الصَّفَا أَوْ إِلَى الْمَرْوَةِ لَمْ يَصِحَّ سَعْيُهُ، وَلَوْ كَانَ مَا تَرَكَهُ ذِرَاعًا وَاحِدًا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ، وَيُمْكِنُ التَّدَارُكُ بِالإِْتْيَانِ بِالْبَعْضِ الَّذِي تَرَكَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ. وَلَا يَلْزَمُهُ إِعَادَةُ السَّعْيِ كُلِّهِ؛ لأَِنَّ الْمُوَالَاةَ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِيهِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ. (2) وَقِيل: هِيَ مُشْتَرَطَةٌ فِي السَّعْيِ أَيْضًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَمِثْل ذَلِكَ: مَا لَوْ سَعَى مُبْتَدِئًا بِالْمَرْوَةِ، فَإِنَّ الشَّوْطَ الأَْوَّل لَا يُعْتَبَرُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (3) الآْيَةَ ثُمَّ قَال: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ (4)
(1) الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 34، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 110، والمغني 3 / 388، وفتح القدير 2 / 466
(2)
المغني 3 / 396
(3)
سورة البقرة / 158.
(4)
حديث " نبدأ بما بدأ الله " وفي رواية " ابدؤوا بما بدأ الله به " أخرجه مسلم (2 / 888 - ط الحلبي) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ: " أبدأ بما بدأ الله "، وأخرجه مالك في الموطأ (1 / 372 ط الحلبي) من حديثه كذلك بلفظ:" نبدأ بما بدأ الله ". ولمح الحافظ ابن حجر في التلخيص (2 / 250 ط شركة الطباعة الفنية) إلى شذوذ رواية " ابدؤوا ".