الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عز وجل (1) وَذَلِكَ لأَِنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلسُّؤْدُدِ، أَيْ لِلأَْسْبَابِ الْعَالِيَةِ الَّتِي تُؤَهِّلُهُ لِذَلِكَ، فَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَإِنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالنَّقَائِصِ، فَوَصْفُهُ بِذَلِكَ وَضْعٌ لَهُ فِي مَكَانٍ لَمْ يَضَعْهُ اللَّهُ فِيهِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَحِقَّ وَاضِعُهُ بِذَلِكَ سُخْطَ اللَّهِ. وَقِيل مَعْنَاهُ: إِنْ يَكُ سَيِّدًا لَكُمْ فَتَجِبْ عَلَيْكُمْ طَاعَتُهُ، فَإِذَا أَطَعْتُمُوهُ فِي نِفَاقٍ فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ. وَقَال ابْنُ الأَْثِيرِ: لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ سَيَّدَكُمْ وَهُوَ مُنَافِقٌ فَحَالُكُمْ دُونَ حَالِهِ، وَاللَّهُ لَا يَرْضَى لَكُمْ ذَلِكَ. (2)
(ثَانِيًا)
التَّسْوِيدُ مِنَ السَّوَادِ
أ -
التَّسْوِيدُ بِالْخِضَابِ:
12 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ خِضَابَ الرَّجُل بِالسَّوَادِ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يُكْرَهُ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ أَيْ
(1) حديث: " لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه. . . " أخرجه أبو داود (5 / 257 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 606 - ط المكتب الإسلامي) .
(2)
عون المعبود 1313 ? / 324، وفضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 230، والآداب الشرعية 3 / 465، ولسان العرب 2 / 235.
لِغَيْرِ الْحَرْبِ، قَال فِي الذَّخِيرَةِ: أَمَّا الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ لِلْغَزْوِ - لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ - فَهُوَ مَحْمُودٌ بِالاِتِّفَاقِ. وَإِنْ كَانَ لِيُزَيِّنَ نَفْسَهُ لِلنِّسَاءِ فَمَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَال: كَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ إِذَا كَانَ لِلتَّغْرِيرِ فَهُوَ حَرَامٌ. كَمَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَصَبَغَ شَعْرَ لِحْيَتِهِ الأَْبْيَضَ، بِالسَّوَادِ. وَإِنْ كَانَ لِلْجِهَادِ حَتَّى يُوهِمَ الْعَدُوَّ الشَّبَابَ نُدِبَ. وَإِنْ كَانَ لِلتَّشَابِّ كُرِهَ. وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَقَوْلَانِ: بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ حَرَامٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ. قَال النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: اتَّفَقُوا عَلَى ذَمِّ خِضَابِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالسَّوَادِ، ثُمَّ قَال: قَال: الْغَزَالِيُّ فِي الإِْحْيَاءِ، وَالْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ، وَآخَرُونَ مِنَ الأَْصْحَابِ: هُوَ مَكْرُوهٌ. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَالصَّحِيحُ - بَل الصَّوَابُ - أَنَّهُ حَرَامٌ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِتَحْرِيمِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي بَابِ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ، قَال: إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَادِ، وَقَال فِي آخِرِ كِتَابِ الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
(1) ابن عابدين 5 / 271 - 481، وكفاية الطالب الرباني 2 / 356، وكشاف القناع 1 / 77، والآداب الشرعية 3 / 351 - 354.