الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا وَالتَّدَاخُل يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَالْفِدْيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْعِدَدِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ وَالأَْطْرَافِ وَالدِّيَاتِ، وَالْحُدُودِ وَالْجِزْيَةِ، وَفِي حِسَابِ الْمَوَارِيثِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي: -
أَوَّلاً - الطِّهَارَاتُ:
8 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْغُسْل: الْوُضُوءَ قَبْلَهُ، لأَِنَّهُ صِفَةُ غُسْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ رضي الله عنهما وَنَصُّ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَل مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِل يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِل فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ وَيُدْخِل أَصَابِعَهُ فِي أُصُول الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ، حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَل رِجْلَيْهِ (1) .
هَذَا عَنْ تَحْصِيل السُّنَّةِ. أَمَّا الأَْجْزَاءُ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الطِّهَارَاتِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْل إِذَا تَكَرَّرَتْ أَسْبَابُهُمَا الْمُخْتَلِفَةُ كَالْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ، أَوِ الْمُتَمَاثِلَةُ كَالْجَنَابَتَيْنِ، وَالْمُلَامَسَتَيْنِ، فَإِنَّ تِلْكَ الأَْسْبَابَ تَتَدَاخَل، فَيَكْفِي فِي الْجَنَابَتَيْنِ، أَوْ فِي
(1) حديث: " كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 360 - ط السلفية) ومسلم (1 / 253 - ط عيسى الحلبي) واللفظ لمسلم
الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ، أَوْ فِي الْجَنَابَةِ وَالْمُلَامَسَةِ غُسْلٌ وَاحِدٌ، لَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إِلَى وُضُوءٍ؛ لاِنْدِرَاجِ سَبَبِهِ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْل. (1)
وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ الْفِعْلَيْنِ فِي الْعِبَادَاتِ، إِنْ كَانَا فِي وَاجِبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي الْقَصْدِ، تَدَاخَلَا، كَغُسْل الْحَيْضِ مَعَ الْجَنَابَةِ، فَإِذَا أَجْنَبَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، كَفَى لَهُمَا غُسْلٌ وَاحِدٌ (2) .
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي تَدَاخُل الْوُضُوءِ وَالْغُسْل إِذَا وَجَبَا عَلَيْهِ - كَمَا لَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ - أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، انْفَرَدَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَوَّلِهَا، وَاتَّفَقُوا مَعَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْبَاقِي.
أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدِ انْفَرَدُوا فِيهِ عَنِ الْحَنَابِلَةِ، لَكِنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ اخْتَارَهُ: أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْغُسْل، نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، غَسَل الأَْعْضَاءَ مُرَتَّبَةً أَمْ لَا؛ لأَِنَّهُمَا طَهَارَتَانِ، فَتَدَاخَلَتَا. (3)
وَالثَّانِي، وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَيْضًا الْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْل؛ لأَِنَّهُمَا
(1) الفروق للقرافي، الفرق السابع والخمسون 2 / 29 ط دار المعرفة، والأشباه لابن نجيم / 132 ط الهلال
(2)
المنثور 1 / 269 ط الأولى
(3)
نهاية المحتاج 1 / 213، 214 ط المكتبة الإسلامية، وتحفة المحتاج 1 / 286 ط دار صادر، وحاشية قليوبي 1 / 68 ط دار المعرفة، والمنثور 1 / 269 ط الأولى، والمهذب 1 / 39 ط دار المعرفة