الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِلَى أَنَّ الشُّرَكَاءَ يَقْتَسِمُونَ الشِّقْصَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ، وَعَلَى هَذَا يُقْسَمُ النِّصْفُ فِي الْمِثَال السَّابِقِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ؛ لأَِنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ هُوَ أَصْل الشَّرِكَةِ، وَهُمْ مُسْتَوُونَ فِيهَا، فَيَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي اقْتِسَامِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ. (1)
التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرَافِقَ الْعَامَّةَ - مِنَ الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقِ، وَأَفْنِيَةِ الأَْمْلَاكِ، وَالرِّحَابِ بَيْنَ الْعُمْرَانِ، وَحَرِيمِ الأَْمْصَارِ، وَمَنَازِل الأَْسْفَارِ، وَمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ، وَالْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ، وَالأَْنْهَارِ الَّتِي أَجْرَاهَا اللَّهُ سبحانه وتعالى، وَالْعُيُونِ الَّتِي أَنْبَعَ اللَّهُ مَاءَهَا، وَالْمَعَادِنَ الظَّاهِرَةَ وَهِيَ الَّتِي خَرَجَتْ بِدُونِ عَمَل النَّاسِ كَالْمِلْحِ وَالْمَاءِ وَالْكِبْرِيتِ وَالْكُحْل وَغَيْرِهَا وَالْكَلأَِ - اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ، فَهُمْ فِيهَا سَوَاسِيَةٌ، فَيَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِلْمُرُورِ وَالاِسْتِرَاحَةِ وَالْجُلُوسِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدِّرَاسَةِ وَالشُّرْبِ وَالسِّقَايَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ.
وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ اقْتِطَاعُهَا لأَِحَدٍ مِنَ النَّاسِ،
(1) ابن عابدين 5 / 139، والقوانين الفقهية ص 292، وتحفة المحتاج 6 / 75، ومغني المحتاج 2 / 305 والإنصاف 6 / 275.
وَلَا احْتِجَازُهَا دُونَ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِينَ وَتَضْيِيقًا عَلَيْهِمْ.
وَيَكُونُ الْحَقُّ فِيهَا لِلسَّابِقِ حَتَّى يَرْتَحِل عَنْهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا. (1)
وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الإِْضْرَارِ، فَإِذَا تَضَرَّرَ بِهِ النَّاسُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بِأَيِّ حَالٍ، (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ. (3)
تَسْوِيَةُ الْقَبْرِ:
15 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْقَبْرِ مِقْدَارَ شِبْرٍ مِنَ الأَْرْضِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِقَلِيلٍ إِنْ لَمْ يُخْشَ نَبْشُهُ مِنْ كَافِرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ قَبْرٌ فَيُزَارَ، وَيُتَرَحَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَيُحْتَرَمَ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّ قَبْرَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم رُفِعَ نَحْوَ شِبْرٍ (4) فَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ
(1) حديث: " منى مناخ من سبق إليها " أخرجه الترمذي (3 / 219 ط مصطفى الحلبي) . وقال حديث حسن صحيح، والحاكم (1 / 467 ط دار الكتاب العربي) وقال: صحيح على شرط مسلم.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 177 - 198، مغني المحتاج 2 / 361، المغني لابن قدامة 5 / 570.
(3)
حديث: " لا ضرر ولا ضرار " أخرجه البيهقي (6 / 69 - 70 ط دار المعرفة) ، والحاكم (2 / 57 - 58، ط دار الكتاب العربي) وقال: هذا صحيح الإسناد على شرط مسلم.
(4)
حديث: " رفع قبره عن الأرض قدر شبر. . . " أخرجه البيهقي (3 / 410 ط دار المعرفة) . موصولا ومرسلا ورجح إرساله. وعزاه الزيلعي في نصب الراية (2 / 303) إلى ابن حبان في صحيحه.