الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: إِعْدَادُ الأَْمَةِ لأََنْ تَكُونَ مَوْطُوءَةً (1) .
2 -
وَيَتِمُّ التَّسَرِّي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَمْرَيْنِ: الأَْوَّل: أَنْ يُحْصِنَ الرَّجُل أَمَتَهُ، وَالثَّانِي: أَنْ يُجَامِعَهَا. وَتَحْصِينُهَا: بِأَنْ يُبَوِّئَهَا مَنْزِلاً وَيَمْنَعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ، فَلَوْ وَطِئَ دُونَ تَحْصِينٍ لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ التَّسَرِّي، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ.
وَالْجِمَاعُ بِأَنْ يُجَامِعَهَا فِعْلاً، فَلَوْ حَصَّنَهَا وَأَعَدَّهَا لِلْوَطْءِ لَمْ يَثْبُتِ التَّسَرِّي بِذَلِكَ مَا لَمْ يَطَأْ فِعْلاً. فَإِذَا وَطِئَ الْمُحْصَنَةَ ثَبَتَ التَّسَرِّي سَوَاءٌ أَفْضَى بِمَائِهِ إِلَيْهَا أَمْ لَا، بِأَنْ لَمْ يُنْزِل أَصْلاً، أَوْ أَنْزَل وَعَزَل. وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ، وَنُقِل عَنِ الشَّافِعِيِّ: لَا يَتِمُّ التَّسَرِّي إِلَاّ بِأَنْ يُفْضِيَ إِلَيْهَا بِمَائِهِ، فَلَوْ وَطِئَ فَلَمْ يُنْزِل، أَوْ أَنْزَل وَعَزَل، لَمْ يَثْبُتِ التَّسَرِّي بِذَلِكَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ. (2)
وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ التَّسَرِّيَ يَثْبُتُ بِوَطْءِ الأَْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى وَاطِئِهَا، سَوَاءٌ حَصَّنَهَا أَمْ لَا، أَنْزَل أَمْ لَا. وَفِي قَوْل الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى: لَا يَتِمُّ التَّسَرِّي إِلَاّ بِالْوَطْءِ وَالإِْنْزَال. وَلَمْ نَجِدْ لِلْمَالِكِيَّةِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(1) تعريفات الجرجاني (تسري) .
(2)
فتح القدير 4 / 440، 441، وابن عابدين 3 / 113، والمغني 8 / 723 ط ثالثة، القاهرة، دار المنار، 1367 هـ، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي 4 / 367.
وَسَوْفَ يَكُونُ هَذَا الْبَحْثُ عَلَى أَنَّ التَّسَرِّيَ هُوَ وَطْءُ الرَّجُل مَمْلُوكَتَهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْوَطْءِ تَحْصِينٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِيَكُونَ شَامِلاً لِكُل مَا يَتَعَلَّقُ بِوَطْءِ الإِْمَاءِ بِالْمِلْكِ، وَلأَِنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْخِلَافِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ، إِلَاّ فِي نَحْوِ الْحِنْثِ فِي الْحَلِفِ عَلَى التَّسَرِّي.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النِّكَاحُ:
3 -
النِّكَاحُ: هُوَ التَّزَوُّجُ بِعَقْدٍ. وَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُل أَمَةً لِغَيْرِهِ يُنْكِحُهُ إِيَّاهَا سَيِّدُهَا، وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ تَسَرِّيًا. وَلَا يَنْكِحُ الْحُرُّ الأَْمَةَ إِلَاّ إِذَا خَافَ الْعَنَتَ.
ب - الْحَظِيَّةُ:
4 -
الْحَظِيَّةُ: الْمَرْأَةُ تَنَال حُظْوَةً لَدَى الرَّجُل مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ زَوْجَةً أَمْ سُرِّيَّةً (1) .
ج - مِلْكُ الْيَمِينِ:
5 -
مِلْكُ الْيَمِينِ أَعَمُّ مِنَ التَّسَرِّي؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَطَأُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِدُونِ تَسَرٍّ، أَمَّا السُّرِّيَّةُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّةً لِلْوَطْءِ.
حُكْمُ التَّسَرِّي:
6 -
التَّسَرِّي جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ إِذَا تَمَّتْ شُرُوطُهُ كَمَا يَأْتِي.
(1) لسان العرب.
أَمَّا الْكِتَابُ فَفِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَاّ تَعُولُوا} (1) وَقَوْلُهُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ. . .} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (2) وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (3) قَال ابْنُ عَابِدِينَ (4) : فَمَنْ لَامَ الْمُتَسَرِّيَ عَلَى أَصْل الْفِعْل، بِمَعْنَى: أَنَّكَ فَعَلْتَ أَمْرًا قَبِيحًا فَهُوَ كَافِرٌ لِهَذِهِ الآْيَةِ، لَكِنْ لَا يَكْفُرُ إِنْ لَامَهُ عَلَى تَسَرِّيهِ؛ لأَِنَّهُ يَشُقُّ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً (5) وَأَعْطَى حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه إِحْدَى الْجَوَارِي الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، وَقَال لِحَسَّانَ دُونَكَ
(1) سورة النساء / 3.
(2)
سورة النساء / 24.
(3)
سورة المؤمنون / 6.
(4)
ابن عابدين 2 / 291.
(5)
حديث: " لا توطأ حامل حتى تضع. . . " رواه أبو داود (2 / 614 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في التلخيص (1 / 172 - ط شركة الطباعة الفنية) .
هَذِهِ بَيِّضْ بِهَا وَلَدَكَ (1) .
وَالسُّنَّةُ الْفِعْلِيَّةُ أَيْضًا دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِ التَّسَرِّي، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ سَرَارٌ: قَال ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} قَال: أَيْ وَأَبَاحَ لَكَ التَّسَرِّيَ مِمَّا أَخَذْتَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَقَدْ مَلَكَ صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ رضي الله عنهما، فَأَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا، وَمَلَكَ رَيْحَانَةَ بِنْتَ شَمْعُونَ النَّصْرَانِيَّةَ وَمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ رضي الله عنهما، وَكَانَتَا مِنَ السَّرَارِيِّ. (2) أَيْ فَكَانَ يَطَؤُهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم اتَّخَذُوا السَّرَارِيَّ، فَكَانَ لِعُمَرَ رضي الله عنه أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَوْصَى لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَرْغَبُونَ فِي أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ حَتَّى وُلِدَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، فَرَغِبَ النَّاسُ فِيهِنَّ. (3)
(1) قصة إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الجواري لحسان. . . أخرجها ابن سعد في طبقاته (1 / 135 - ط دار بيروت) ، وأوردها ابن هشام في السيرة (2 / 306 - ط الحلبي) وابن حجر في الإصابة (4 / 339 - ط السعادة) .
(2)
تفسير ابن كثير 3 / 499 بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة عن الطبعة المصرية القديمة.
(3)
المغني 9 / 529، وابن عابدين 2 / 291، وشرح المنهاج 4 / 374.