الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَبِّ ارْحَمْهُمَا} (1) حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عِبَادَهُ بِالتَّرَحُّمِ عَلَى آبَائِهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ.
وَمَحَل طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ لَهُمَا إِنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ، أَمَّا إِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ (2) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (3) .
و
التَّرَحُّمُ فِي التَّحِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ:
10 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل أَنْ يَقُول الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ فِي التَّحِيَّةِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (4)، وَيَقُول الْمُجِيبُ أَيْضًا: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، لِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَال: عِشْرُونَ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقَال: ثَلَاثُونَ (5) قَال
(1) سورة الإسراء / 24.
(2)
الشرح الصغير 4 / 741، والقليوبي 3 / 175، وتفسير القرطبي 8 / 272، 10 / 244، 245، والأذكار ص 335.
(3)
سورة التوبة / 113.
(4)
ابن عابدين 5 / 266، والقوانين الفقهية ص 447، والأذكار ص 218.
(5)
حديث عمران بن حصين: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه الترمذي (5 / 53 ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح.
التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَهَذَا التَّعْمِيمُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَرَحُّمَ عَلَى كَافِرٍ لِمَنْعِ بَدْئِهِ بِالسَّلَامِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ تَحْرِيمًا، لِحَدِيثِ: لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ (1) . وَلَوْ سَلَّمَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ، فَلَا بَأْسَ بِالرَّدِّ، وَلَكِنْ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ:" وَعَلَيْكَ "(2) .
وَاَلَّذِينَ جَوَّزُوا ابْتِدَاءَهُمْ بِالسَّلَامِ، صَرَّحُوا بِالاِقْتِصَارِ عَلَى:" السَّلَامُ عَلَيْكَ " دُونَ الْجَمْعِ، وَدُونَ أَنْ يَقُول:" وَرَحْمَةُ اللَّهِ "(3) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْل الْكِتَابِ، فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ (4) بِغَيْرِ وَاوٍ.
ز -
التَّرَحُّمُ عَلَى الْكُفَّارِ:
11 -
صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الأَْذْكَارِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى لِلذِّمِّيِّ بِالْمَغْفِرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فِي حَال حَيَاتِهِ مِمَّا لَا يُقَال لِلْكُفَّارِ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى لَهُ
(1) حديث: " لا تبدءوا اليهود ولا النصارى. . . " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم 4 / 1707 ط الحلبي) .
(2)
ابن عابدين 5 / 265.
(3)
الأذكار ص 277، والقوانين الفقهية ص 448.
(4)
قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا سلم عليكم أهل الكتاب. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 42 - ط السلفية) .