الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ
أ - الْكَذِبُ:
2 -
الْكَذِبُ هُوَ: الإِْخْبَارُ بِمَا لَيْسَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّزْوِيرِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ، فَالتَّزْوِيرُ يَكُونُ فِي الْقَوْل وَالْفِعْل، وَالْكَذِبُ لَا يَكُونُ إِلَاّ فِي الْقَوْل.
وَالْكَذِبُ قَدْ يَكُونُ مُزَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُزَيَّنٍ، وَالتَّزْوِيرُ لَا يَكُونُ إِلَاّ فِي الْكَذِبِ الْمُمَوَّهِ. (1)
ب - الْخِلَابَةُ:
3 -
الْخِلَابَةُ هِيَ: الْمُخَادَعَةُ، وَتَكُونُ بِسَتْرِ الْعَيْبِ، وَتَكُونُ بِالْكَذِبِ وَغَيْرِهِ. (2)
ج - التَّلْبِيسُ:
4 -
التَّلْبِيسُ مِنَ اللَّبْسِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الأَْمْرِ، وَهُوَ سَتْرُ الْحَقِيقَةِ وَإِظْهَارُهَا بِخِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهَا. (3)
د - التَّغْرِيرُ:
5 -
التَّغْرِيرُ هُوَ: الْخَدِيعَةُ وَالإِْيقَاعُ فِي الْبَاطِل وَفِيمَا انْطَوَتْ عَاقِبَتُهُ.
هـ - الْغِشُّ:
6 -
الْغِشُّ مَصْدَرُ غَشَّهُ إِذَا لَمْ يُمَحِّضْهُ النُّصْحَ، بَل خَدَعَهُ.
(1) تاج العروس.
(2)
اللسان وتاج العروس والمصباح.
(3)
التعريفات للجرجاني.
وَالْغِشُّ يَكُونُ بِالْقَوْل وَالْفِعْل، فَالتَّزْوِيرُ وَالْغِشُّ لَفْظَانِ مُتَقَارِبَانِ.
و التَّدْلِيسُ:
7 -
التَّدْلِيسُ: كِتْمَانُ الْعَيْبِ، وَهُوَ فِي الْبَيْعِ كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي.
وَالتَّدْلِيسُ أَخَصُّ مِنَ التَّزْوِيرِ؛ لأَِنَّهُ خَاصٌّ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ، أَمَّا التَّزْوِيرُ فَهُوَ أَعَمُّ، لأَِنَّهُ يَكُونُ بِالْقَوْل وَالْفِعْل وَفِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ وَغَيْرِهَا.
ز - التَّحْرِيفُ:
8 -
التَّحْرِيفُ: تَغْيِيرُ الْكَلَامِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْعُدُول بِهِ عَنْ حَقِيقَتِهِ.
ج - التَّصْحِيفُ:
9 -
وَالتَّصْحِيفُ: هُوَ تَغْيِيرُ اللَّفْظِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ فِي مُصْطَلَحِ (تَدْلِيسٌ)(وَتَحْرِيفٌ) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
10 -
الأَْصْل فِي التَّزْوِيرِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا فِي الشَّهَادَةِ لإِِبْطَال حَقٍّ أَوْ إِثْبَاتِ بَاطِلٍ. (1)
وَالدَّلِيل عَلَى حُرْمَتِهِ قَوْله تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا
(1) المغني 9 / 260.
الرِّجْسَ مِنَ الأَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ} (1)
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَال الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، ثُمَّ قَال: أَلَا وَقَوْل الزُّورِ. فَمَا يَزَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. (2)
11 -
وَقَدِ اسْتُثْنِيَ مِنْ حُرْمَةِ التَّزْوِيرِ أُمُورٌ:
مِنْهَا الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَتَطْيِيبُ خَاطِرِ زَوْجَتِهِ لِيُرْضِيَهَا، وَالإِْصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ. (3)
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا: لَا يَحِل الْكَذِبُ إِلَاّ فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُل امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ (4) وَمِنْهُ: الْكَذِبُ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عِرْضٍ، وَفِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. (5) وَقَدْ نُقِل عَنْ النَّوَوِيِّ: الظَّاهِرُ إِبَاحَةُ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فِي الأُْمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيضَ أَوْلَى.
(1) سورة الحج / 30.
(2)
حديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 405 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 91 ط عيسى الحلبي) .
(3)
فتح الباري 6 / 156.
(4)
حديث: " لا يحل الكذب إلا في ثلاث. . . " أخرجه أحمد (6 / 459، 461 ط المكتب الإسلامي)، والترمذي (تحفة الأحوذي 6 / 70 ط الليثي) . واللفظ له وقال: هذا حديث حسن.
(5)
قليوبي 3 / 215.
وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ هُوَ مِنَ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِزِ بِالنَّصِّ. (1)
قَال صلى الله عليه وسلم: الْحَرْبُ خُدْعَةٌ (2)، وَفِيهِ: الأَْمْرُ بِاسْتِعْمَال الْحِيلَةِ فِي الْحَرْبِ مَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ. وَفِيهِ: التَّحْرِيضُ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ فِي الْحَرْبِ، وَالنَّدْبُ إِلَى خِدَاعِ الْكُفَّارِ.
وَقَال النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَمَا أَمْكَنَ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ، فَلَا يَجُوزُ. وَأَصْل الْخُدَعِ إِظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ خِلَافِهِ. (3)
وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَْشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَأَتَاهُ، فَقَال: هَذَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ. قَال: وَأَيْضًا وَاَللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَال: فَإِنَّا اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ. قَال: فَلَمْ يَزَل يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ. (4)
(1) فتح الباري 6 / 158 - 159، والمغني 8 / 369.
(2)
حديث: " الحرب خدعة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 158) ط السلفية.
(3)
المراجع السابقة.
(4)
حديث: " مَنْ لكعب بن الأشرف. . .؟ " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 159 ط السلفية) .
فَقَوْلُهُ: عَنَّانَا أَيْ: كَلَّفَنَا بِالأَْوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَقَوْلُهُ: سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ أَيْ: طَلَبَهَا مِنَّا لِيَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا، وَقَوْلُهُ: نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ أَيْ نَكْرَهُ فِرَاقَهُ. فَقَوْلُهُ لَهُ مِنْ قَبِيل التَّعْرِيضِ وَالتَّمْوِيهِ وَالتَّزْوِيرِ، حَتَّى يَأْمَنَهُ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: ائْذَنْ لِي أَنْ أَقُول. قَال: قُل (1) فَيَدْخُل فِيهِ الْكَذِبُ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا
وَفِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ: أَتَى نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أَنْتَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذِّل عَنَّا إِنِ اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. فَخَرَجَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَال لَهُمْ: لَا تُقَاتِلُوا مَعَ الْقَوْمِ - الأَْحْزَابِ - حَتَّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِيكُمْ ثِقَةً لَكُمْ عَلَى أَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ مُحَمَّدًا، حَتَّى تُنَاجِزُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَال لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي لَكُمْ وَفِرَاقِي مُحَمَّدًا، وَأَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَمْرٌ قَدْ رَأَيْتُ عَلَيَّ حَقًّا أَنْ أُبَلِّغَكُمُوهُ، نُصْحًا لَكُمْ. تَعْلَمُوا أَنَّ مَعْشَرَ يَهُودَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ:
(1) وفي وراية: " ائذن لي أن أقول. قال: قل " أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 336) ط السلفية.
إِنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا فَعَلْنَا، فَهَل يُرْضِيكَ أَنْ نَأْخُذَ لَكَ مِنَ الْقَبِيلَتَيْنِ، مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ، رِجَالاً مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَنُعْطِيكَهُمْ، فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ نَكُونَ مَعَكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُمْ؟ فَأَرْسَل إِلَيْهِمْ: أَنْ نَعَمْ. فَإِنْ بَعَثَتْ إِلَيْكُمْ يَهُودُ يَلْتَمِسُونَ مِنْكُمْ رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ فَلَا تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ مِنْكُمْ رَجُلاً وَاحِدًا.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى غَطَفَانَ، فَقَال لَهُمْ مِثْل مَا قَال لِقُرَيْشٍ، وَحَذَّرَهُمْ مَا حَذَّرَهُمْ
وَأَرْسَل أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَرُءُوسُ غَطَفَانَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: فَاغْدُوا لِلْقِتَال حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِمَّا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ: وَلَسْنَا بِاَلَّذِينَ نُقَاتِل مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِينَا ثِقَةً لَنَا، حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا، فَإِنَّا نَخْشَى إِنْ ضَرَّسَتْكُمُ الْحَرْبُ وَاشْتَدَّ عَلَيْكُمُ الْقِتَال أَنْ تَنْشَمِرُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَتَتْرُكُونَا، وَالرَّجُل فِي بَلَدِنَا، وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِمُ الرُّسُل بِمَا قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَالَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ: وَاَللَّهِ إِنَّ الَّذِي حَدَّثَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ. فَأَرْسَلُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: إِنَّا وَاَللَّهِ لَا نَدْفَعُ إِلَيْكُمْ رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ رِجَالِنَا، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَال فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا. فَقَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، حِينَ انْتَهَتِ الرُّسُل إِلَيْهِمْ بِهَذَا: إِنَّ الَّذِي ذَكَرَ لَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ إِلَاّ أَنْ يُقَاتِلُوا، فَإِنْ رَأَوْا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ انْشَمَرُوا إِلَى