الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د -
تَسْمِيَةُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ
9 -
يَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَقَبْل أَنْ يُسَمَّى، فَإِنَّهُ يُسَمَّى.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِذَا اسْتَهَل صَارِخًا فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الْكَبِيرِ، وَتَثْبُتُ لَهُ كَافَّةُ الْحُقُوقِ. (1) وَتَسْمِيَةُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. (2)
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُسَمَّى إِذَا مَاتَ قَبْل تَمَامِ السَّبْعِ، كَمَا قَال النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ.
وَقَال صَاحِبُ مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: لَوْ مَاتَ قَبْل التَّسْمِيَةِ اسْتُحِبَّ تَسْمِيَتُهُ. (3)
وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ تَسْمِيَةَ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ؛ لأَِنَّهُمْ يُجِيزُونَ تَسْمِيَةَ السِّقْطِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، فَعَلَى هَذَا تَسْمِيَةُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ جَائِزَةٌ عِنْدَهُمْ، بَل أَوْلَى (4) .
مَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ بِهِ مِنَ الأَْسْمَاءِ:
10 -
الأَْصْل جَوَازُ التَّسْمِيَةِ بِأَيِّ اسْمٍ إِلَاّ مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ مِمَّا سَيَأْتِي.
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 141، 5 / 268.
(2)
مواهب الجليل 3 / 256، وجواهر الإكليل 1 / 224 ط دار المعرفة، وحاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 525.
(3)
روضة الطالبين 3 / 232، ومغني المحتاج 4 / 294.
(4)
المغني لابن قدامة 2 / 523.
وَتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ بِكُل اسْمٍ مُعَبَّدٍ مُضَافٍ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، أَوْ إِلَى أَيِّ اسْمٍ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْخَاصَّةِ بِهِ سبحانه وتعالى؛ لأَِنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْسَانِ التَّسْمِيَةِ بِهِ.
وَأَحَبُّ الأَْسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَقَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ أَسْمَاءُ الأَْنْبِيَاءِ. (1)
وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُل عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الأَْسْمَاءِ إِلَيْهِ سبحانه وتعالى: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَيَدُل لِذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. (2)
وَلِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي الْجُشَمِيِّ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الأَْنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الأَْسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا: حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا: حَرْبٌ وَمُرَّةٌ. (3)
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي حَاشِيَتِهِ نَقْلاً عَنِ الْمُنَاوِيِّ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَفْضَل مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ
(1) تحفة المودود ص 89.
(2)
حديث: " أحب أسمائكم إلى الله. . . " أخرجه مسلم (3 / 1682 - ط الحلبي) .
(3)
حديث: " تسموا بأسماء الأنبياء. . . " أخرجه أبو داود (5 / 237 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله ابن القطان كما في فيض القدير للمناوي (3 / 246 - ط المكتبة التجارية) .
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَفْضَل الأَْسْمَاءِ بَعْدَهُمَا مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَحْمَدُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ. (1)
وَالْجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ بِكُل مُعَبَّدٍ مُضَافٍ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى كَعَبْدِ اللَّهِ، أَوْ مُضَافٍ إِلَى اسْمٍ خَاصٍّ بِهِ سبحانه وتعالى كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الْغَفُورِ. (2)
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَهُمْ مَعَ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّ أَحَبَّ الأَْسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، إِلَاّ أَنَّ صَاحِبَ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ قَال: وَلَكِنَّ التَّسْمِيَةَ بِغَيْرِ هَذِهِ الأَْسْمَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الْعَوَامَّ يُصَغِّرُونَهَا لِلنِّدَاءِ. (3)
وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ التَّسْمِيَةَ بِالْعُبُودِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ عَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ الدَّارِ، فَجَاءَتِ الأَْفْضَلِيَّةُ، فَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ اسْمَ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ الأَْسْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (4)
وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ اسْمِ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ فِيمَا هُوَ مُضَافٌ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا مُشْتَهَرٌ فِي
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 268.
(2)
مواهب الجليل 3 / 256، وتحفة المحتاج 9 / 373، وكشاف القناع 3 / 26.
(3)
الفتاوى الهندية 5 / 362.
(4)
حاشية ابن عابدين 5 / 268.
زَمَانِنَا حَيْثُ يُنَادُونَ مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَثَلاً، فَيَقُولُونَ: رُحَيِّمٌ وَكُرَيِّمٌ وَعُزَيِّزٌ بِتَشْدِيدِ يَاءِ التَّصْغِيرِ، وَمَنِ اسْمُهُ عَبْدُ الْقَادِرِ قُوَيْدِرٌ وَهَذَا مَعَ قَصْدِهِ كُفْرٌ.
فَفِي الْمُنْيَةِ: مَنْ أَلْحَقَ التَّصْغِيرَ فِي آخِرِ اسْمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوْ نَحْوِهِ - مِمَّا أُضِيفَ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْحُسْنَى - إِنْ قَال ذَلِكَ عَمْدًا قَاصِدًا التَّحْقِيرَ كَفَرَ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا يَقُول وَلَا قَصْدَ لَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ ذَلِكَ يَحِقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُول: رَحْمُونٌ لِمَنِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. (1)
11 -
وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ بِأَسْمَاءِ الأَْنْبِيَاءِ فَقَدِ اخْتَلَفَ، الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا، فَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَال صَاحِبُ تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ: وَلَا تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ بِاسْمِ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ، بَل جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ بِاسْمِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام فَضَائِل. (2) وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْعُتْبِيُّ أَنَّ أَهْل مَكَّةَ يَتَحَدَّثُونَ: مَا مِنْ بَيْتٍ فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَاّ رَأَوْا خَيْرًا وَرُزِقُوا. (3)
وَذَكَرَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَحْسُنُ التَّسْمِيَةُ بِأَسْمَاءِ الأَْنْبِيَاءِ. (4)
(1) نفس المرجع.
(2)
تحفة المحتاج 9 / 373.
(3)
مواهب الجليل 3 / 256.
(4)
كشاف القناع 3 / 26، وتحفة المودود ص 100.