الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْرْضِ السَّطْحِيِّ الْمُتَجَانِسِ التَّرْكِيبِ، أَوِ الَّذِي تَتَنَاوَلُهُ آلَاتُ الْحِرَاثَةِ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الرَّمْل وَنُحَاتَةَ الصَّخْرِ لَيْسَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِنْ أُعْطِيَا حُكْمَهُ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الصَّعِيدُ:
2 -
الصَّعِيدُ: وَجْهُ الأَْرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، قَال الزَّجَّاجُ: وَلَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْل اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ. (3)
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّعِيدُ أَعَمَّ مِنَ التُّرَابِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
أ -
فِي التَّيَمُّمِ:
3 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَصِحُّ بِكُل تُرَابٍ طَاهِرٍ فِيهِ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (4) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: كَانَ كُل نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ
(1) المصطلحات العلمية ملحق لسان العرب ط بيروت مادة: " ترب ".
(2)
حاشية قليوبي 1 / 86.
(3)
المصباح المنير، والمغرب، مادة:" صعد ".
(4)
سورة المائدة / 6.
خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُل أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِل لأَِحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَْرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيَّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ بِمَا عَدَا التُّرَابَ، كَالنُّورَةِ وَالْحِجَارَةِ وَالرَّمْل وَالْحَصَى وَالطِّينِ الرَّطْبِ وَالْحَائِطِ الْمُجَصَّصِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ التَّيَمُّمِ بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ إِلَاّ بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ ذِي الْغُبَارِ الْعَالِقِ. وَكَذَا يَصِحُّ بِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي قَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ (2) .
وَالتَّفَاصِيل يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ (تَيَمُّمٌ) .
ب -
فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ:
4 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَا نَجَسَ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ، مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، يُغْسَل سَبْعَ مَرَّاتٍ: إِحْدَاهُنَّ
(1) حديث: " أعطيت خمسا. . . " أخرجه مسلم (1 / 371 - ط الحلبي) .
(2)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 1 / 53، والدر المختار 1 / 160، والقوانين الفقهية ص 30، والشرح الكبير للدردير 1 / 156، ومغني المحتاج 1 / 96، والمغني لابن قدامة 1 / 247، والفروع 1 / 223.
بِالتُّرَابِ. سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لُعَابَهُ أَوْ بَوْلَهُ أَوْ سَائِرَ رُطُوبَاتِهِ أَوْ أَجْزَاءَهُ الْجَافَّةَ إِذَا لَاقَتْ رَطْبًا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَفِي رِوَايَةٍ: أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَفِي أُخْرَى وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ (1) وَأُلْحِقَ الْخِنْزِيرُ بِالْكَلْبِ لأَِنَّهُ أَسْوَأُ حَالاً. (2) وَلِهَذَا قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (3)
وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى بِوُجُوبِ غَسْل نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ: وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ (4) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ التُّرَابُ الْمَحَل، وَأَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، وَأَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَيَكْتَفِي بِوُجُودِ التُّرَابِ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الأَْخِيرَةِ، وَجَعْلُهُ فِي الأُْولَى أَوْلَى. (5)
(1) حديث: " طهور إناء أحدكم. . . " أخرجه مسلم (1 / 234 - 235 - ط الحلبي) .
(2)
مغني المحتاج 1 / 83، والمغني لابن قدامة 1 / 52، وسبل السلام 1 / 25.
(3)
سورة الأنعام / 145.
(4)
المغني لابن قدامة 1 / 52.
(5)
مغني المحتاج 1 / 83، والمغني لابن قدامة 1 / 52 وما بعدها، والجمل على شرح المنهاج 1 / 184 وما بعدها.
وَالأَْظْهَرُ تَعَيُّنُ التُّرَابِ جَمْعًا بَيْنَ نَوْعَيِ الطَّهُورِ. فَلَا يَكْفِي غَيْرَهُ، كَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ. وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ التُّرَابُ. وَيَقُومُ مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ. وَهُنَاكَ رَأْيٌ ثَالِثٌ: بِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ عِنْدَ فَقْدِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يَقُومُ عِنْدَ وُجُودِهِ. وَفِي قَوْلٍ رَابِعٍ: أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا يُفْسِدُهُ التُّرَابُ، كَالثِّيَابِ دُونَ مَا لَا يُفْسِدُهُ. (1)
وَيَرَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْخِنْزِيرَ لَيْسَ كَالْكَلْبِ، بَل يَكْفِي لإِِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ تُرَابٍ، كَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الأُْخْرَى؛ لأَِنَّ الْوَارِدَ فِي التَّتْرِيبِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلْبِ فَقَطْ. (2)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: فَيَرَوْنَ الاِكْتِفَاءَ بِغَسْل مَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ مِنَ الأَْوَانِي مِنْ غَيْرِ تَتْرِيبٍ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رِوَايَاتِ التَّتْرِيبِ فِي الْحَدِيثِ مُضْطَرِبَةٌ حَيْثُ وَرَدَتْ بِلَفْظِ: إِحْدَاهُنَّ، فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى بِلَفْظِ: أُولَاهُنَّ، وَفِي ثَالِثَةٍ بِلَفْظِ: أُخْرَاهُنَّ، وَفِي رَابِعَةٍ: السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ، وَفِي خَامِسَةٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ، وَالاِضْطِرَابُ قَادِحٌ فَيَجِبُ طَرْحُهَا. ثُمَّ إِنَّ ذِكْرَ التُّرَابِ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُل الرِّوَايَاتِ. (3)
(1) مغني المحتاج 1 / 83، والمغني لابن قدامة 1 / 53.
(2)
مغني المحتاج 1 / 84، والمغني لابن قدامة 1 / 55.
(3)
حاشية ابن عابدين 1 / 139، والبدائع 1 / 87، ومواهب الجليل 1 / 179، وجواهر الإكليل 1 / 14، وسبل السلام 1 / 25، والمغني لابن قدامة 1 / 53.