الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَانِيًا: التَّزَاحُمُ فِي الطَّوَافِ:
4 -
إِذَا مَنَعَتِ الزَّحْمَةُ الطَّائِفَ مِنْ تَقْبِيل الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ أَوِ اسْتِلَامِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الإِْشَارَةِ إِلَيْهِ وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لِعُمَرَ: رضي الله عنه يَا عُمَرُ إِنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُؤْذِ الضَّعِيفَ، إِذَا أَرَدْتَ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ، فَإِنْ خَلَا لَكَ فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَاّ فَاسْتَقْبِلْهُ وَكَبِّرْ (1) ،.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِشَارَةٌ وَطَوَافٌ) .
ثَالِثًا: تَزَاحُمُ الْغُرَمَاءِ فِي مَال الْمُفْلِسِ:
5 -
إِذَا أَقَرَّ الْمَدِينُ الْمُفْلِسُ - بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ - بِدَيْنٍ قَدْ لَزِمَهُ قَبْل الْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَهَل يُقْبَل فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّهِمْ وَيُزَاحِمُهُمُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَال، أَمْ يَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِئَلَاّ يَتَضَرَّرَ الْغُرَمَاءُ بِالْمُزَاحَمَةِ؟
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّهُ لَا يُقْبَل إِقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ، إِنْ أَقَرَّ فِي حَال الْحَجْرِ؛ لأَِنَّ هَذَا الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الأَْوَّلِينَ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يُقْبَل إِقْرَارُهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ.
وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُقْبَل أَيْضًا فِي حَقِّهِمْ وَيُزَاحِمُهُمْ فِي الْمَال، كَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي
(1) حديث: " يا عمر إنك رجل قوي. . . " أخرجه البيهقي (5 / 80 - ط دائرة المعارف العثمانية) من طريقين يقوي أحدهما الآخر.
مَرَضِهِ بِدَيْنٍ يُزَاحِمُ غُرَمَاءَ دَيْنِ الصِّحَّةِ. (1)
هَذَا إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَزِمَ الدَّيْنُ قَبْل الْحَجْرِ. أَمَّا إِذَا لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (تَفْلِيسٌ) .
تَزَاحُمُ الْوَصَايَا:
6 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَزَاحَمَتِ الْوَصَايَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى: فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا فَرَائِضٌ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ، أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا وَاجِبَاتٍ كَالْكَفَّارَاتِ وَالنَّذْرِ، وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا تَطَوُّعَاتٍ: كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي. وَإِنْ جَمَعَتْ مَا ذُكِرَ كَحَجَّةِ الإِْسْلَامِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنَّذْرِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيُبْدَأُ بِالْفَرْضِ، ثُمَّ بِالْوَاجِبِ، ثُمَّ بِالتَّطَوُّعِ أَمَّا إِذَا جَمَعَتْ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهَا؛ لأَِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كُلَّهَا لِلَّهِ فِي وَاقِعِ الأَْمْرِ فَكُل وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَنْفَرِدُ.
فَلَوْ قَال: ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَلِزَيْدٍ وَالْكَفَّارَاتِ. قُسِمَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَلَا يُقَدَّمُ الْفَرْضُ عَلَى حَقِّ الآْدَمِيِّ لِحَاجَتِهِ.
هَذَا إِذَا كَانَ الآْدَمِيُّ مُعَيَّنًا، أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْسَمُ بَل يُقَدَّمُ الأَْقْوَى فَالأَْقْوَى؛ لأَِنَّ
(1) فتح القدير 8 / 208، وروضة الطالبين 4 / 132 - 133، والمغني 4 / 486.