الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى النَّاسِ فَيَكُونُ الْغَرَرُ بِهَا أَكْبَرَ. بِخِلَافِ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّ مَا يَضْرِبُهُ مِنْ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ يُشْهَرُ وَيُعْرَفُ مِقْدَارُهُ.
كَمَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الإِْمَامِ ضَرْبُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ غَيْرِ الْمَغْشُوشَةِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهَا الْغِشُّ وَالْفَسَادُ. (1)
صُوَرُ التَّزْوِيرِ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ وَطُرُقُ التَّحَرُّزِ مِنْهَا:
17 -
جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ: وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: يَنْبَغِي لِلْمُوَثِّقِ أَنْ يَتَأَمَّل الأَْسْمَاءَ الَّتِي تَنْقَلِبُ بِإِصْلَاحٍ يَسِيرٍ، فَيَتَحَفَّظُ فِي تَغْيِيرِهَا، نَحْوُ مُظْفِرٍ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ إِلَى مُظْهِرٍ، وَنَحْوُ بَكْرٍ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ إِلَى بُكَيْرٍ، وَنَحْوُ عَائِشَة فَإِنَّهُ يَصْلُحُ عَاتِكَةَ. وَقَدْ يَكُونُ آخِرُ السَّطْرِ بَيَاضًا يُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ فِيهِ شَيْءٌ آخَرُ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ مِنْ أَنْ يُتَمِّمَ عَلَيْهِ زِيَادَةَ حَرْفٍ مِنَ الْكِتَابِ مِثْل أَنْ يَكْتُبَ فِي الْوَثِيقَةِ: أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَقِبَ الْعَدَدِ بَيَانَ نِصْفِهِ بِأَنْ يَقُول:(الَّذِي نِصْفُهُ خَمْسُمِائَةٍ مَثَلاً) أَمْكَنَ زِيَادَةُ أَلْفٍ فَتَصِيرُ (أَلْفَا دِرْهَمٍ)(2) .
وَفِي التَّنْبِيهِ لاِبْنِ الْمُنَاصِفِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْصَبَ لِكِتَابَةِ الْوَثَائِقِ إِلَاّ الْعُلَمَاءُ الْعُدُول، كَمَا قَال مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَا يَكْتُبُ
(1) المجموع 6 / 10، ونهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 74 - 78، ومعالم القربة ص 85.
(2)
تبصرة الحكام 1 / 185، ومعين الحكام ص 89.
الْكُتُبَ بَيْنَ النَّاسِ إِلَاّ عَارِفٌ بِهَا، عَدْلٌ فِي نَفْسِهِ، مَأْمُونٌ عَلَى مَا يَكْتُبُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْل} (1) وَأَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُ وُجُوهَ الْكِتَابَةِ، وَلَا يَقِفُ عَلَى فِقْهِ الْوَثِيقَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِصَابِ لِذَلِكَ؛ لِئَلَاّ يُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنْ مُعَامَلَاتِهِمْ. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْكِتَابَةِ إِلَاّ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي دِينِهِ، فَلَا يَنْبَغِي تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَضَعُ اسْمَهُ بِشَهَادَةٍ فِيمَا يَكْتُبُ؛ لأَِنَّ مِثْل هَذَا يُعَلِّمُ النَّاسَ وُجُوهَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَيُلْهِمُهُمْ تَحْرِيفَ الْمَسَائِل لِتَوَجُّهِ الإِْشْهَادِ، فَكَثِيرًا مَا يَأْتِي النَّاسُ الْيَوْمَ يَسْتَفْتُونَ فِي نَوَازِل مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الرِّبَوِيَّةِ وَالْمُشَارَكَةِ الْفَاسِدَةِ وَالأَْنْكِحَةِ الْمَفْسُوخَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ، فَإِذَا صَرَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَهْل الدِّيَانَةِ أَتَوْا إِلَى مِثْل هَؤُلَاءِ، فَحَرَّفُوا أَلْفَاظَهَا، وَتَحَيَّلُوا لَهَا بِالْعِبَارَةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صَرِيحِ الْفَسَادِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا. وَتَمَالأََ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى التَّهَاوُنِ بِحُدُودِ الإِْسْلَامِ، وَالتَّلَاعُبِ فِي طَرِيقِ الْحَرَامِ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (2) .
وَجَاءَ فِي " تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ " أَيْضًا، وَفِي " الْعَالِي الرُّتْبَةِ فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ " لأَِحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ النَّحْوِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الشَّافِعِيِّ
(1) سورة البقرة / 282.
(2)
تبصرة الحكام ص 89، ومعين الحكام ص 92. والآية في سورة الشعراء آية 227
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَثِّقِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَال: فَإِذَا فَرَغَ الْكَاتِبُ مِنْ كِتَابَتِهِ اسْتَوْعَبَهُ (أَيْ كِتَابَتَهُ) وَقَرَأَهُ وَتَمَيَّزَ أَلْفَاظُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَيِّزَ فِي خَطِّهِ بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَتَبَ بَعْدَهَا (وَاحِدَةً) وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ نِصْفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ (أَيِ الدَّرَاهِمُ) أَلْفًا كَتَبَ وَاحِدًا وَذَكَرَ نِصْفَهُ رَفْعًا لِلَّبْسِ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ آلَافٍ زَادَ فِيهَا لَا مَا تُصَيِّرُهَا (آلَافَ) لِئَلَاّ تُصَلَّحَ الْخَمْسَةُ فَتَصِيرُ خَمْسِينَ أَلْفًا وَيُحْتَرَزُ بِذِكْرِ التَّنْصِيفِ مِمَّا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَالْخَمْسَةَ عَشَرَ تَصِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَالسَّبْعِينَ تِسْعِينَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْكَاتِبُ النِّصْفَ مِنَ الْمَبْلَغِ فَيَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا الْمَبْلَغَ فِي شَهَادَتِهِمْ لِئَلَاّ يَدْخُل عَلَيْهِمُ الشَّكُّ لَوْ طَرَأَ فِي الْكِتَابِ تَغْيِيرٌ وَتَبْدِيلٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ إِصْلَاحٌ وَإِلْحَاقٌ نُبِّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَحَلِّهِ فِي الْكِتَابِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكْمِل أَسْطُرَ الْمَكْتُوبِ جَمِيعَهَا لِئَلَاّ يُلْحَقَ فِي آخِرِ السَّطْرِ مَا يُفْسِدُ بَعْضَ أَحْكَامِ الْمَكْتُوبِ أَوْ يُفْسِدُهُ كُلَّهُ، فَلَوْ كَانَ آخِرُ سَطْرٍ مَثَلاً. (وَجَعَل النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ) وَفِي أَوَّل السَّطْرِ الَّذِي يَلِيهِ (لِزَيْدٍ) وَكَانَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يُلْحِقَ فِيهَا (لِنَفْسِهِ) ثُمَّ لِزَيْدٍ، فَيَبْطُل الْوَقْفُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنَّهُ بَقِيَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ الْكَلِمَةَ الَّتِي يُرِيدُ كِتَابَتَهَا لِطُولِهَا وَكَثْرَةِ حُرُوفِهَا، فَإِنَّهُ يَسُدُّ تِلْكَ الْفُرْجَةَ بِتَكْرَارِهِ تِلْكَ الْكَلِمَةَ الَّتِي وَقَفَ
عَلَيْهَا أَوْ كَتَبَ فِيهَا صَحَّ، أَوْ صَادًا مَمْدُودَةً، أَوْ دَائِرَةً مَفْتُوحَةً، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَل بِهِ تِلْكَ الْفُرْجَةَ، وَلَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهَا بِمَا يُخَالِفُ الْمَكْتُوبَ. وَإِنْ تَرَكَ فُرْجَةً فِي السَّطْرِ الأَْخِيرِ كَتَبَ فِيهَا حَسْبِي اللَّهُ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، مُسْتَحْضِرًا لِذِكْرِ اللَّهِ نَاوِيًا لَهُ، أَوْ يَأْمُرُ أَوَّل شَاهِدٍ يَضَعُ خَطَّهُ فِي الْمَكْتُوبِ أَنْ يَكْتُبَ فِي تِلْكَ الْفُرْجَةِ. وَإِنْ كَتَبَ فِي وَرَقَةٍ ذَاتِ أَوْصَالٍ كَتَبَ عَلَامَتَهُ عَلَى كُل وَصْلٍ، وَكَتَبَ عَدَدَ الأَْوْصَال فِي آخِرِ الْمَكْتُوبِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ عَدَدَ أَسْطُرِ الْمَكْتُوبِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَكْتُوبِ نُسَخٌ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ عُدَّتَهَا، وَأَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ، وَهَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا.
وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا وَقَال: إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه. (1)
وَجَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ (الْمَادَّةُ 1814) وَنَصُّهَا:
يَضَعُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ دَفْتَرًا لِلسِّجِلَاّتِ، وَيُقَيِّدُ وَيُحَرِّرُ فِي ذَلِكَ الدَّفْتَرِ الإِْعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي يُعْطِيهَا بِصُورَةٍ مُنْتَظِمَةٍ سَالِمَةٍ عَنِ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ، وَيَعْتَنِي بِالدِّقَّةِ بِحِفْظِ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ، وَإِذَا عُزِل سَلَّمَ السِّجِلَاّتِ الْمَذْكُورَةَ إِلَى خَلَفِهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ.
(1) تبصرة الحكام 1 / 89، ومعين الحكام ص 92، 93.