الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ النَّاسَ مِنْ خِضَابِ الشَّيْبِ بِالسَّوَادِ إِلَاّ الْمُجَاهِدَ، وَدَلِيل تَحْرِيمِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ وَالِدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا (1) فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: غَيِّرُوا هَذَا، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ، (2) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَكُونُ قَوْمٌ يُخَضِّبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِل الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، (3) وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ. . هَذَا مَذْهَبُنَا، وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهُوَيْهِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ تَتَزَيَّنُ بِهِ لِزَوْجِهَا.
وَقَال النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَةِ الطَّالِبِينَ: خِضَابُ الْمَرْأَةِ بِالسَّوَادِ إِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً مِنَ الزَّوْجِ وَفَعَلَتْهُ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً وَفَعَلَتْهُ بِإِذْنِهِ فَجَائِزٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيل: وَجْهَانِ كَوَصْل الشَّعْرِ.
وَقَال الرَّمْلِيُّ: يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ؛ لأَِنَّ
(1) نبت يكون بالجبال غالبا إذا يبس ابيض، ويشبه به الشيب.
(2)
حديث: " غيروا هذا. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1663 - ط الحلبي) .
(3)
حديث: " يكون قوم يخضبون في. . . " أخرجه أبو داود (4 / 419 - ط عزت عبيد دعاس) . وقال ابن حجر في الفتح (10 / 499 - ط السلفية) : إسناده قوي.
لَهُ غَرَضًا فِي تَزَيُّنِهَا لَهُ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الأَْوْجَهُ. (1)
هَذَا فِي خَضْبِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ الشَّعْرَ بِالسَّوَادِ، أَمَّا خَضْبُهُمَا الشَّعْرَ بِغَيْرِ السَّوَادِ، كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ مَثَلاً، وَخَضْبُهُمَا غَيْرَ الشَّعْرِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُذْكَرُ فِي مَوْطِنِهِ.
وَقَال الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إِنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَخَّصَ فِي الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ لِلرِّجَال دُونَ النِّسَاءِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(اخْتِضَابٌ) .
ب -
لُبْسُ السَّوَادِ فِي الْحِدَادِ
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لُبْسُ السَّوَادِ مِنَ الثِّيَابِ. . . وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، بَل لَهَا أَنْ تَلْبَسَ غَيْرَهُ.
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ فِيهَا السَّوَادَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا تُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَلَكِنَّ فُقَهَاءَ الْمَذْهَبِ - وَمِنْهُمْ ابْنُ عَابِدِينَ - حَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى مَا تَصْبُغُهُ الزَّوْجَةُ بِالسَّوَادِ وَتَلْبَسُهُ تَأَسُّفًا عَلَى زَوْجِهَا، أَمَّا مَا كَانَ مَصْبُوغًا بِالسَّوَادِ قَبْل مَوْتِ زَوْجِهَا، فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ مُدَّةَ الْحِدَادِ كُلَّهَا. وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ لُبْسَ السَّوَادِ فِي الْحِدَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ.
(1) المجموع 1 / 294، وروضة الطالبين 1 / 276، ونهاية المحتاج 2 / 23.