الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمُرَادُ بِالْفِعْل الْمَكْفُول بِهِ فِعْل التَّسْلِيمِ، وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَتُسَمَّى الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ كَمَا تُسَمَّى الْكَفَالَةَ بِالْوَجْهِ: وَهِيَ الْتِزَامُ إِحْضَارِ الْمَكْفُول إِلَى الْمَكْفُول لَهُ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا؛ ذَلِكَ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ كَفَالَةٌ بِالْفِعْل، وَهُوَ تَسْلِيمُ النَّفْسِ، وَفِعْل التَّسْلِيمِ مَضْمُونٌ عَلَى الأَْصِيل فَجَازَتِ الْكَفَالَةُ بِهِ.
وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إِذَا كَانَتْ بِسَبَبِ الْمَال؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: الزَّعِيمُ غَارِمٌ (1) وَهَذَا يَشْمَل الْكَفَالَةَ بِنَوْعَيْهَا؛ وَلأَِنَّ مَا وَجَبَ تَسْلِيمُهُ بِعَقْدٍ وَجَبَ تَسْلِيمُهُ بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ كَالْمَال؛ وَلأَِنَّ الْكَفِيل يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِ الأَْصِيل، بِأَنْ يُعْلِمَ مَنْ يَطْلُبُهُ مَكَانَهُ فَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِأَعْوَانِ الْقَاضِي فِي التَّسْلِيمِ. (2)
وَإِذَا اشْتَرَطَ الأَْصِيل فِي الْكَفَالَةِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُول بِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَ الْكَفِيل إِحْضَارَ الْمَكْفُول بِهِ إِذَا طَالَبَهُ بِهِ فِي الْوَقْتِ، وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَهُ
(1) حديث: " الزعيم غارم " أخرجه أحمد (5 / 293 ط الميمنية) وقال الهيثمي في المجمع (4 / 145 - ط القدسي)" رجاله ثقات ".
(2)
البدائع 6 - 8 وما بعدها، والمبسوط 19 / 162، وحاشية الدسوقي 2 / 344 - 436، ومغني المحتاج 2 / 203 وما بعدها، والمهذب 1 / 349 - 351، والمغني 4 / 556، 557، وكشاف القناع 3 / 62.
كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّل، فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ لاِمْتِنَاعِهِ عَنْ إِيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُطَالِبِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى إِحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ، مِثْل أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرٍ مِنَ الأَْمْصَارِ بَرِئَ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأَِنَّ التَّسْلِيمَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَكْفُول بِنَفْسِهِ وَالْمَكْفُول لَهُ؛ وَلأَِنَّهُ أَتَى بِمَا الْتَزَمَهُ وَحَصَل الْمَقْصُودُ مِنَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَهُوَ إِمْكَانُ الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي. (1)
وَيَتَعَيَّنُ مَحَل التَّسْلِيمِ بِالتَّعْيِينِ، وَإِنْ أُطْلِقَ وَلَمْ يُعَيَّنْ، وَجَبَ التَّسْلِيمُ فِي مَكَانِ الْكَفَالَةِ؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي ذَلِكَ. (2)
ط -
التَّسْلِيمُ فِي الْوَكَالَةِ:
14 -
الْوَكَالَةُ بِأَجْرٍ (بِجُعْلٍ) حُكْمُهَا حُكْمُ الإِْجَارَاتِ، فَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيل الْجُعْل بِتَسْلِيمِ مَا وُكِّل فِيهِ إِلَى الْمُوَكِّل - إِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ - كَثَوْبٍ يَخِيطُهُ فَمَتَى سَلَّمَهُ مَخِيطًا فَلَهُ الأَْجْرُ. وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ، وَقَال: إِذَا بِعْتَ الثَّوْبَ وَقَبَضْتَ ثَمَنَهُ وَسَلَّمْتَهُ إِلَيَّ فَلَكَ الأَْجْرُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنَ الأُْجْرَةِ شَيْئًا حَتَّى يُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ. فَإِنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.
(1) البدائع 6 / 10 - 12، والمبسوط 19 / 165، 166، 175، والدر المختار 4 / 253، 256، وما بعدها، وحاشية الدسوقي 3 / 349، والمغني لابن قدامة 4 / 557.
(2)
كفاية الأخيار 1 / 173.