الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنْ كَانَ اخْتِلَافُ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي فِعْل شَيْءٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، كَدَعْوَى إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ فَعَل كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا، وَقَالَتِ الْبَيِّنَةُ الأُْخْرَى: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ قُضِيَ بِشَهَادَةِ الْجَرْحِ؛ لأَِنَّهَا زَادَتْ عِلْمًا فِي الْبَاطِنِ. وَإِنْ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ الْمَجْلِسَيْنِ قُضِيَ بِآخِرِهِمَا تَارِيخًا، وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَدْلاً فَفَسَقَ، أَوْ كَانَ فَاسِقًا فَتَزَكَّى، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ تَقْيِيدِ الْجَرْحِ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ فَبَيِّنَةُ الْجَرْحِ مُقَدَّمَةٌ؛ لأَِنَّهَا زَادَتْ. (1)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْجَرْحُ عَلَى التَّعْدِيل لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ.
فَإِنْ قَال الْمُعَدِّل: عَرَفْتُ سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ، قُدِّمَ قَوْلُهُ عَلَى قَوْل الْجَارِحِ. (2)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ قَال فِي الْمُغْنِي: فَإِذَا رَجَعَ أَصْحَابُ مَسْأَلَةٍ فَأَخْبَرَ اثْنَانِ بِالْعَدَالَةِ، قَبِل الْقَاضِي شَهَادَتَهُ. وَإِنْ أَخْبَرَا بِالْجَرْحِ رَدَّ شَهَادَتَهُ وَإِنْ أَخْبَرَ أَحَدُهُمَا بِالْعَدَالَةِ وَالآْخَرُ بِالْجَرْحِ بَعَثَ آخَرَيْنِ، فَإِنْ عَادَا فَأَخْبَرَا بِالتَّعْدِيل تَمَّتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيل، وَسَقَطَ الْجَرْحُ لأَِنَّ بَيِّنَتَهُ لَمْ تَتِمَّ، وَإِنْ أَخْبَرَا بِالْجَرْحِ ثَبَتَ وَرَدَّ الشَّهَادَةَ. وَإِنْ أَخْبَرَ أَحَدُهُمَا بِالْجَرْحِ وَالآْخَرُ بِالتَّعْدِيل تَمَّتِ الْبَيِّنَتَانِ وَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ. (3)
(1) فتح العلي المالك 1 / 259.
(2)
قليوبي وعميرة 4 / 107.
(3)
المغني 9 / 65، 66 ط الرياض.
وَقْتُ التَّزْكِيَةِ:
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّزْكِيَةَ تَكُونُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لَا قَبْلَهَا. (1)
عَدَدُ مَنْ يُقْبَل فِي التَّزْكِيَةِ:
10 -
تَقَدَّمَ أَنَّ التَّزْكِيَةَ نَوْعَانِ: تَزْكِيَةُ السِّرِّ، وَتَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِتَزْكِيَةِ السِّرِّ، قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إِنَّ الْقَاضِيَ يَجْتَزِئُ بِوَاحِدٍ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ شَهَادَةً بَل هِيَ إِخْبَارٌ.
وَالْقَوْل الآْخَرُ لِمَالِكٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، فَالأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَل فِيهَا إِلَاّ اثْنَانِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ.
وَقَال ابْنُ كِنَانَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّ أَقَل مَا يُزَكِّي الرَّجُل أَرْبَعَةُ شُهُودٍ. وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ: وَالتَّزْكِيَةُ تَخْتَلِفُ، فَتَكُونُ بِالْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ، بِقَدْرِ مَا يَظْهَرُ لِلْحَاكِمِ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ.
قَال الْمُتَيْطِيُّ: وَمَا كَثُرَ مِنَ الشُّهُودِ فَهُوَ أَحْسَنُ، إِلَاّ أَنْ تَكُونَ التَّزْكِيَةُ فِي شَاهِدٍ شَهِدَ
(1) ابن عابدين 4 / 573، وتبصرة الحكام 1 / 257، وقليوبي وعميرة 4 / 306، والمغني 9 / 63.