الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَدْخُلُهُ التَّسْعِيرُ
18 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الأَْشْيَاءِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا التَّسْعِيرُ عَلَى الأَْصْل الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي حُكْمِهِ التَّكْلِيفِيِّ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ - وَهُوَ قَوْل الْقُهُسْتَانِيِّ الْحَنَفِيِّ - إِلَى أَنَّ التَّسْعِيرَ يَجْرِي فِي الْقُوتَيْنِ (قُوتِ الْبَشَرِ، وَقُوتِ الْبَهَائِمِ) وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِالأَْطْعِمَةِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ. (1)
وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ - بِنَاءً عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَجْرِ لِلضَّرَرِ، وَقَوْل أَبِي يُوسُفَ فِي الاِحْتِكَارِ - جَوَازَ تَسْعِيرِ مَا عَدَا الْقُوتَيْنِ أَيْضًا كَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ.
وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْعَتَّابِيُّ وَالْحَسَّاسُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَنَّ التَّسْعِيرَ يَكُونُ فِي الْقُوتَيْنِ فَقَطْ. (2) وَعَلَيْهِ اخْتِيَارُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَلَمْ يَقْصُرِ التَّسْعِيرَ عَلَى الطَّعَامِ، بَل ذَكَرَهُ كَمِثَالٍ كَمَا سَبَقَ.
وَانْتَهَجَ ابْنُ الْقَيِّمِ مَنْهَجَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَطْلَقَ جَوَازَ التَّسْعِيرِ لِلسِّلَعِ أَيًّا كَانَتْ، مَا دَامَتْ لَا تُبَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَبِقِيمَةِ الْمِثْل.
(1) ابن عابدين 5 / 256، 257، وروضة الطالبين 3 / 411، 412، وأسنى المطالب 2 / 38.
(2)
ابن عابدين 5 / 257، والدر المنتقى 2 / 548.
وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِلْزَامَ أَهْل السُّوقِ الْمُعَاوَضَةَ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَقَال: إِنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إِلَاّ بِهَا كَالْجِهَادِ. ثُمَّ يَقُول صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَهُوَ إِلْزَامٌ حَسَنٌ فِي مَبِيعٍ ثَمَنُهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَفَاوَتُ كَمَوْزُونٍ وَنَحْوِهِ. (1)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ كَذَلِكَ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَكُونُ التَّسْعِيرُ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ فَقَطْ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ فَلَا يُمْكِنُ تَسْعِيرُهُ لِعَدَمِ التَّمَاثُل فِيهِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ حَبِيبٍ. قَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: هَذَا إِذَا كَانَ الْمَكِيل وَالْمَوْزُونُ مُتَسَاوِيَيْنِ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يُؤْمَرْ صَاحِبُ الْجَيِّدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِمِثْل سِعْرِ مَا هُوَ أَدْوَنُ، لأَِنَّ الْجَوْدَةَ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ كَالْمِقْدَارِ.
الْقَوْل الثَّانِي: يَكُونُ التَّسْعِيرُ فِي الْمَأْكُول فَقَطْ وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَرَفَةَ (2) .
مَنْ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِ
19 -
مَنْ يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ هُمْ أَهْل الأَْسْوَاقِ.
وَأَمَّا مَنْ لَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ فَهُمْ:
(1) الحسبة في الإسلام ص 17، والطرق الحكمية ص 245، ومطالب أولي النهى 3 / 162.
(2)
المنتقى للباجي 5 / 18، 19، والطرق الحكمية ص 257.