الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ أَدْعِيَةً يُسَمُّونَ فِيهَا اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ أَسْمَائِهِ، وَيَذْكُرُونَهُ بِغَيْرِ مَا يُذْكَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ.
وَنُقِل عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: أَنَّهُ لَا يُدْعَى اللَّهُ إِلَاّ بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. (1)
وَقَال صَاحِبُ رُوحِ الْمَعَانِي: اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الإِْسْلَامِ عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى الْبَارِي تَعَالَى إِذَا وَرَدَ بِهِمَا الإِْذْنُ مِنَ الشَّارِعِ، وَعَلَى امْتِنَاعِهِ إِذَا وَرَدَ الْمَنْعُ عَنْهُ. وَاخْتَلَفُوا حَيْثُ لَا إِذْنَ وَلَا مَنْعَ فِي جَوَازِ إِطْلَاقِ مَا كَانَ سبحانه وتعالى مُتَّصِفًا بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأَْسْمَاءِ الأَْعْلَامِ الْمَوْضُوعَةِ فِي سَائِرِ اللُّغَاتِ، إِذْ لَيْسَ جَوَازُ إِطْلَاقِهَا عَلَيْهِ تَعَالَى مَحَل نِزَاعٍ لأَِحَدٍ، وَلَمْ يَكُنْ إِطْلَاقُهُ مُوهِمًا نَقْصًا، بَل كَانَ مُشْعِرًا بِالْمَدْحِ، فَمَنَعَهُ جُمْهُورُ أَهْل الْحَقِّ مُطْلَقًا لِلْخَطَرِ، وَجَوَّزَهُ الْمُعْتَزِلَةُ مُطْلَقًا. (2)
تَسْمِيَةُ الْمُحَرَّمَاتِ بِغَيْرِ أَسْمَائِهَا:
20 -
إِذَا سُمِّيَتِ الْمُحَرَّمَاتُ بِغَيْرِ أَسْمَائِهَا الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ الَّتِي اقْتَرَنَ بِهَا التَّحْرِيمُ، بِأَنْ سُمِّيَتْ بِأَسْمَاءَ أُخْرَى لَمْ يَقْتَرِنِ التَّحْرِيمُ بِهَا: فَإِنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لَا تُزِيل عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ صِفَةَ الْحُرْمَةِ. مِثَال ذَلِكَ: الْخَمْرُ، فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى حَرَّمَهَا بِنَفْسِ هَذَا الاِسْمِ حَيْثُ قَال
(1) القرطبي 7 / 328 ط. دار الكتب المصرية.
(2)
روح المعاني 9 / 121.
سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) فَلَوْ سُمِّيَتْ بِاسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَاءِ الأَْشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ، فَإِنَّ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ لَا تُزِيل عَنْهَا صِفَةَ الْحُرْمَةِ، لأَِنَّ الْعِلَّةَ - وَهِيَ الإِْسْكَارُ - لَا تَزُول بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، وَهَذَا تَلَاعُبٌ بِالدِّينِ وَاحْتِيَالٌ يَزِيدُ فِي إِثْمِ مُرْتَكِبِ الْحَرَامِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَال: دَخَل عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ فَتَذَاكَرْنَا الطِّلَاءَ فَقَال: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الأَْشْعَرِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا. (2) وَالطِّلَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: هُوَ الشَّرَابُ الَّذِي يُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَكَانَ الْبَعْضُ يُسَمِّي الْخَمْرَ طِلَاءً. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا أَيْ: يَتَسَتَّرُونَ بِشُرْبِهَا بِأَسْمَاءِ الأَْنْبِذَةِ الْمُبَاحَةِ كَمَاءِ الْعَسَل وَمَاءِ الذُّرَةِ
(1) سورة المائدة / 90.
(2)
حديث: " ليشربن أناس. . . " أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا، وفي إسناده مقال، وذكر له ابن حجر شواهد جيدة في الفتح (عون المعبود 3 / 379) ط الهند وسنن ابن ماجه (2 / 1333 ط عيسى الحلبي) ، ومسند أحمد بن حنبل (5 / 342 ط الميمنية) ، وفتح الباري (10 / 51 - 52 ط السلفية) .