الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَتَى تَسْقُطُ التَّزْكِيَةُ:
5 -
قَال إِسْمَاعِيل بْنُ حَمَّادٍ نَاقِلاً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَرْبَعَةُ شُهُودٍ لَا يُسْأَل عَنْ عَدَالَتِهِمْ: شَاهِدَا رَدِّ الظِّنَّةِ، وَشَاهِدَا تَعْدِيل الْعَلَانِيَةِ، وَشَاهِدَا الْغُرْبَةِ، وَشَاهِدَا الأَْشْخَاصِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الشَّاهِدَ الْمُبْرِزَ فِي الْعَدَالَةِ - أَيِ الْفَائِقَ أَقْرَانَهُ فِيهَا - لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ، وَيُعْذَرُ فِيهِ فِيهَا. وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ إِلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ. (2)
وَنَقَل صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يُقْبَل شَهَادَةُ الْمُتَوَسِّمِينَ، وَذَلِكَ إِذَا حَضَرَ مُسَافِرَانِ، فَشَهِدَا عِنْدَ حَاكِمٍ لَا يَعْرِفُهُمَا، يُقْبَل شَهَادَتُهُمَا إِذَا رَأَى فِيهِمَا سِيمَا الْخَيْرِ، لأَِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمَا، فَفِي التَّوَقُّفِ عَنْ قَبُولِهَا تَضْيِيعُ الْحُقُوقِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِمَا إِلَى السِّيمَا الْجَمِيلَةِ. (3)
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الشُّهُودَ الْمَذْكُورِينَ لَا يُسَمُّونَ لِمَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ لِيُزَكِّيَهُمْ أَوْ يَطْعَنَ فِيهِمْ، بَل يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ؛ لِلأَْسْبَابِ الَّتِي أَوْرَدُوهَا.
(1) معين الحكام ص 106.
(2)
الخرشي 7 / 159.
(3)
المغني 9 / 70.
أَقْسَامُ التَّزْكِيَةِ:
6 -
التَّزْكِيَةُ نَوْعَانِ: تَزْكِيَةُ السِّرِّ، وَتَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ.
أَمَّا تَزْكِيَةُ السِّرِّ، فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنِ الشُّهُودِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ النَّاسِ وَأَوْرَعُهُمْ دِيَانَةً وَأَعْظَمُهُمْ دِرَايَةً وَأَكْثَرُهُمْ خِبْرَةً وَأَعْلَمُهُمْ بِالتَّمْيِيزِ فِطْنَةً، فَيُوَلِّيهِ الْبَحْثَ عَنْ أَحْوَال الشُّهُودِ؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالتَّفَحُّصِ عَنِ الْعَدَالَةِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ فِي الاِحْتِيَاطِ فِيهِ. وَبَعْدَ أَنْ يَخْتَارَ، يَكْتُبَ فِي رُقْعَةٍ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ جُمْلَةً بِأَنْسَابِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ وَمَحَالِّهِمْ وَمُصَلَاّهُمْ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ كُل مَا يُمَيِّزُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ تَمْيِيزًا لَا تَتَمَكَّنُ مَعَهُ الشُّبْهَةُ، فَقَدْ يَتَّفِقُ أَنْ تَتَّحِدَ الأَْسْمَاءُ وَتَتَّفِقَ الأَْوْصَافُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
فَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي دَفَعَ الْمَكْتُوبَ إِلَى مَنْ يَسْتَأْمِنُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخْفَاهُ عَنْ كُل مَنْ سِوَاهُ؛ لِئَلَاّ يَعْلَمَ أَحَدٌ فَيَخْدَعَ الأَْمِينَ، وَعَلَى الْمُرْسَل أَمِينِ الْقَاضِي أَنْ يَتَعَرَّفَ أَحْوَال الشُّهُودِ مِمَّنْ يَعْرِفُ حَالَهُمْ، فَيَسْأَل عَنْهُمْ أَهْل الثِّقَةِ مِنْ جِيرَانِهِمْ وَأَهْل مَحِلَاّتِهِمْ، وَأَنْ يَسْأَل أَهْل أَسْوَاقِهِمْ.
أَمَّا تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ، فَتَكُونُ بَعْدَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ. وَكَيْفِيَّتُهَا: أَنْ يُحْضِرَ الْقَاضِي الْمُزَكِّيَ بَعْدَمَا زَكَّى؛ لِيُزَكِّيَ الشُّهُودَ أَمَامَهُ. وَهَل يَلْزَمُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ التَّزْكِيَةِ فِي السِّرِّ وَالتَّزْكِيَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.