الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّوَسُّطُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِي التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} (1) وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ. فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي يَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ. قَال: وَمَرَّ بِعُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ قَال: فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَا أَبَا بَكْرٍ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ صَوْتَكَ؟ قَال: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: فَارْفَعْ قَلِيلاً، وَقَال لِعُمَرَ: مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ؟ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ. قَال: اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا (2)
وَقَال أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه اعْتَكَفَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَال: أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ قَال فِي الصَّلَاةِ (3) .
(1) سورة الإسراء / 110.
(2)
حديث: " مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك. . . " أخرجه أبو داود (2 / 82 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 310 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(3)
حديث: " ألا إن كلكم مناج ربه. . . " أخرجه أبو داود (2 / 83 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 311 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
وَالْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ. (1)
مَا يَجُوزُ بِهِ التَّسْبِيحُ:
10 -
أَجَازَ الْفُقَهَاءُ التَّسْبِيحَ بِالْيَدِ وَالْحَصَى وَالْمَسَابِحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَعَدِّهِ بِقَلْبِهِ أَوْ بِغَمْزِهِ أَنَامِلَهُ. أَمَّا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِل جَمِيعًا مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَالْعَمَل بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ دَخَل مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ، فَقَال: أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَل. فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَْرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْل ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْل ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ مِثْل ذَلِكَ، وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ مِثْل ذَلِكَ (2) فَلَمْ يَنْهَهَا
(1) ابن عابدين 5 / 255، وحاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 496، والأذكار للنووي ص 100، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 2 / 29، والمغني لابن قدامة 2 / 139 ط الرياض الحديثة.
(2)
حديث: سعد بن أبي وقاص: " أخبرك بما هو أيسر عليك. . . " أخرجه أبو داود (2 / 169 - 170 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وفي إسناده جهالة. (ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 653 - ط الحلبي) .