الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّسْلِيمِ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ. (1)
أ -
التَّسْلِيمُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ:
2 -
ابْتِدَاءُ السَّلَامِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ (2) وَيُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةُ صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا، أَخْذًا بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّهُ يَقْصِدُ مَعَ الْوَاحِدِ الْمَلَائِكَةَ. (3)
وَيَجِبُ الرَّدُّ إِنْ كَانَ السَّلَامُ عَلَى وَاحِدٍ. وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَالرَّدُّ فِي حَقِّهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ رَدَّ أَحَدُهُمْ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ رَدَّ الْجَمِيعُ كَانُوا مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ، سَوَاءٌ رَدُّوا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ، فَإِنِ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ أَثِمُوا لِخَبَرِ؛ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ. . . (4)
وَيُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُل بِهِ الإِْسْمَاعُ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ
(1) فتح القدير 5 / 469، وابن عابدين 5 / 265، ومواهب الجليل 3 / 348، وحاشية الجمل 5 / 184 - 188، وكشاف القناع 2 / 152، 153.
(2)
حديث: " أفشوا السلام بينكم ". أخرجه مسلم (1 / 74 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
الأذكار ص 218، والجمل 5 / 184.
(4)
حديث: " حق المسلم على المسلم خمس رد السلام. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 112 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1705 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
مُتَّصِلاً بِالسَّلَامِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى صِيغَةِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ فِي الرَّدِّ أَفْضَل، وَيُسَنُّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عِنْدَ الإِْقْبَال وَالاِنْصِرَافِ، (1) لِخَبَرِ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ (2) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ (3) (ر: سَلَامٌ وَتَحِيَّةٌ) .
ب -
التَّسْلِيمُ لِلْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ:
3 -
التَّسْلِيمَةُ الأُْولَى لِلْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ حَال الْقُعُودِ فَرْضٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ أَيْضًا إِلَاّ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ؛ لأَِنَّ الْجُزْءَ الأَْخِيرَ مِنَ الْجُلُوسِ الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ فَرْضٌ.
وَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " بِالْعَرَبِيَّةِ بِتَقْدِيمِ " السَّلَامِ " وَتَأْخِيرِ " عَلَيْكُمْ " وَهَذَا لِلْقَادِرِ
(1) فتح القدير 5 / 469 وما بعدها ط دار صادر، ورد المحتار على الدر المختار 5 / 265 وما بعدها، ومواهب الجليل 3 / 348 ط دار الفكر، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 184 - 188، وكشاف القناع 2 / 152 - 154.
(2)
حديث: " إن أولى الناس بالله. . . " أخرجه أبو داود (5 / 380 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات (5 / 327 - ط المنيرية) .
(3)
حديث: " إذا لقي أحدكم. . . " أخرجه أبو داود (5 / 381 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (5 / 318 - ط المنيرية)
عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ وَلَا بِمُرَادِفِهَا مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنِ الْعَرَبِيَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا، وَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهَا بِالْعَجَمِيَّةِ صَحَّ عَلَى الأَْظْهَرِ، قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ. وَالأَْفْضَل كَوْنُ السَّلَامِ مُعَرَّفًا بِأَل. (1) لِخَبَرِ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ (2) فَقَوْلُهُ: تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ لَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَاّ بِهِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ صَلَاتِهِ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الأَْيْمَنِ، وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الأَْيْسَرِ. (3)
وَلِحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: كُنْتُ أَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى
(1) حاشية الدسوقي 1 / 240 وما بعدها، والشرح الصغير 1 / 315، 321، ومغني المحتاج 1 / 177، 178 وما بعدها، وحاشية الباجوري 1 / 163، 164 ط الحلبي بمصر، وكشاف القناع 1 / 388 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 1 / 551 - 558.
(2)
حديث: " تحريمها التكبير. . . " أخرجه الترمذي (1 / 9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصححه ابن حجر في الفتح (2 / 322 - ط السلفية) .
(3)
حديث: " كان يسلم من صلاته عن يمينه يقول:. . . ". أخرجه النسائي (3 / 64 - ط المكتبة التجارية) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ (1) وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدِيمُ ذَلِكَ وَلَا يُخِل بِهِ وَقَال: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. (2)
وَأَقَل مَا يُجْزِئُ فِي التَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ قَوْلُهُ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " مَرَّةً عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَرَّتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا سَبَقَ، وَأَكْمَلُهُ " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " يَمِينًا وَشِمَالاً مُلْتَفِتًا فِي الأُْولَى حَتَّى يُرَى خَدُّهُ الأَْيْمَنُ، وَفِي الثَّانِيَةِ حَتَّى يُرَى خَدُّهُ الأَْيْسَرُ، نَاوِيًا السَّلَامَ عَمَّنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَإِنْسٍ وَصَالِحِ الْجِنِّ.
وَيَنْوِي الإِْمَامُ أَيْضًا - زِيَادَةً عَلَى مَا سَبَقَ - السَّلَامُ عَلَى الْمُقْتَدِينَ، وَهُمْ يَنْوُونَ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَنْوِيهِ الْمُقْتَدُونَ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْ يَسَارِهِ بِالتَّسْلِيمَةِ الأُْولَى. (3) وَلِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَال: أَمَرَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَرُدَّ عَلَى
(1) حديث سعد: " كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه مسلم (1 / 409 - ط الحلبي) .
(2)
المغني لابن قدامة 1 / 558 - 559، ومراقي الفلاح ص 149، 150. وحديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث.
(3)
مغني المحتاج 1 / 178.