الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالضَّبْطِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ، وَأَلَاّ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، وَعَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُول الشَّهَادَةِ، وَأَلَاّ تَجُرَّ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّاهِدِ نَفْعًا. وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ هِيَ فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ فِي كُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ. وَهَذَا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ.
أَمَّا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَمَّنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ فِيهَا، وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ شُهُودِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالشَّهَادَةِ أَمَامَ الْقَاضِي.
وَيَخْتَلِفَانِ فِي أَنَّ شَاهِدَ التَّزْكِيَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ: مُبْرَزًّا فِي الْعَدَالَةِ فَطِنًا حَذِرًا لَا يُخْدَعُ وَلَا يُسْتَغْفَل.
قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي النَّوَادِرِ: كَمْ مِنْ رَجُلٍ أَقْبَل شَهَادَتَهُ وَلَا أَقْبَل تَعْدِيلَهُ؛ لأَِنَّهُ يُحْسِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا سَمِعَ وَلَا يُحْسِنُ التَّعْدِيل. (1)
وَفِي كِتَابِ (الْمُتَيْطِيَّةِ) مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: شُهُودُ التَّزْكِيَةِ بِخِلَافِ شُهُودِ الْحُقُوقِ. قَال مَالِكٌ: قَدْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُل وَلَا يَجُوزُ تَعْدِيلُهُ، وَلَا يَجُوزُ إِلَاّ تَعْدِيل الْعَارِفِ.
وَقَال سَحْنُونٌ: لَا يَجُوزُ فِي التَّعْدِيل إِلَاّ الْعَدْل الْمُبَرَّزُ الْفَطِنُ الَّذِي لَا يُخْدَعُ فِي عَقْلِهِ وَلَا يَسْتَزِل فِي رَأْيِهِ. وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَل. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: شُهُودُ التَّزْكِيَةِ كَشُهُودِ سَائِرِ الْحُقُوقِ. (2)
(1) معين الحكام ص 106.
(2)
تبصرة الحكام 1 / 255.
17 -
وَمِثْل مَا تَقَدَّمَ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيل؛ لأَِنَّهُ يَشْهَدُ بِهِمَا.
وَالأَْمْرُ الثَّانِي: خِبْرَةُ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ أَوْ يُجَرِّحُهُ، بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ، لِيَتَأَتَّى لَهُ بِهَا التَّعْدِيل أَوِ الْجَرْحُ. (1)
وَلَا يَخْرُجُ كَلَامُ الْحَنَابِلَةِ عَنْ ذَلِكَ. فَقَدْ قَالُوا: لَا يُقْبَل التَّعْدِيل إِلَاّ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ الْمُتَقَادِمَةِ؛ وَلأَِنَّ عَادَةَ النَّاسِ إِظْهَارُ الصَّالِحَاتِ وَإِسْرَارُ الْمَعَاصِي، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَا خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ رُبَّمَا اغْتَرَّ بِحُسْنِ ظَاهِرِهِ، وَهُوَ فِي بَاطِنِهِ فَاسِقٌ. (2)
تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ الذِّمِّيِّينَ لِمِثْلِهِمْ:
18 -
إِذَا تَرَافَعَ الذِّمِّيُّونَ أَمَامَ قَاضٍ مُسْلِمٍ، وَطَلَبُوا مِنْهُ الْفَصْل فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ الذِّمِّيِّينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمُ الذِّمِّيِّينَ، فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: التَّزْكِيَةُ لِلذِّمِّيِّ تَكُونُ بِالأَْمَانَةِ فِي دِينِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَأَنَّهُ صَاحِبُ يَقَظَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُسْلِمُونَ سَأَلُوا عَنْهُ عُدُول الذِّمِّيِّينَ. (3)
(1) قليوبي وعميرة 4 / 307.
(2)
المغني 9 / 68 - 69.
(3)
ابن عابدين 4 / 375.