الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللُّغَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ. فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ السَّلَفَ أَوِ السَّلَمَ: بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، يَتَقَدَّمُ فِيهِ رَأْسُ الْمَال، وَيَتَأَخَّرُ الْمُثَمَّنُ لأَِجَلٍ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 -
السَّلَفُ جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ. أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (2) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ الآْيَةَ (3) .
وَأَمَّا السَّلَفُ الَّذِي بِمَعْنَى السَّلَمِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ، السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَال: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. (4)
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ، فَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ
(1) المغني لابن قدامة 4 / 304، 305، والمبدع في شرح المقنع 4 / 177، والمبسوط 12 / 124، وفتح القدير 5 / 323.
(2)
سورة البقرة / 282.
(3)
أثر ابن عباس: أشهد أن السلف المضمون. أخرجه الحاكم (2 / 286 ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه ووافقه الذهبي. رواه الشافعي والطبراني والبيهقي. (نصب الراية 4 / 44) .
(4)
حديث: " قدم المدينة وهم يسلفون. . . " تقدم تخريجه (ف / 1) .
نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السَّلَمَ جَائِزٌ، وَلأَِنَّ الْمُثَمَّنَ فِي الْبَيْعِ أَحَدُ عِوَضَيِ الْعَقْدِ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ؛ وَلأَِنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَيْهِ - لأَِنَّ أَرْبَابَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالتِّجَارَاتِ يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى الزُّرُوعِ وَنَحْوِهَا حَتَّى تَنْضَجَ - فَجُوِّزَ لَهُمُ السَّلَمُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ.
وَقَدِ اسْتُثْنِيَ عَقْدُ السَّلَمِ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةٍ لِلنَّاسِ، رُخْصَةً لَهُمْ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ (1) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (سَلَمٌ) .
3 -
وَالسَّلَفُ - بِمَعْنَى الْقَرْضِ - ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ فِي آيَةِ الْمُدَايَنَةِ السَّابِقَةِ، وَبِالسُّنَّةِ فِيمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَقْرَضَ مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ مِثْل أَجْرِ أَحَدِهِمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (2) .
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ الْقَرْضِ، وَهُوَ قُرْبَةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، مُبَاحٌ لِلْمُقْتَرِضِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ
(1) المبسوط 12 / 124 ط السعادة بمصر، وفتح القدير 6 / 204 - 206 ط بيروت / لبنان، ورد المحتار 4 / 202، وبداية المجتهد 2 / 217، ومغني المحتاج 2 / 102 ط بيروت / لبنان، والمغني لابن قدامة 4 / 304، 305 ط الرياض، والمبدع في شرح المقنع 4 / 77 ط المكتب الإسلامي.
(2)
حديث: " من أقرض مرتين. . . " أخرجه ابن حبان في صحيحه (ص 281 - موارد الظمآن - ط السلفية) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.