الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرْمِيمٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
لِلتَّرْمِيمِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ. مِنْهَا: الإِْصْلَاحُ. يُقَال: رَمَّمْتُ الْحَائِطَ وَغَيْرَهُ تَرْمِيمًا: أَصْلَحْتُهُ.
وَرَمَّمْتُ الشَّيْءَ أَرُمُّهُ وَأَرِمُّهُ رَمًّا وَمَرَمَّةً: إِذَا أَصْلَحْتُهُ.
وَيُقَال: قَدْ رَمَّ شَأْنَهُ. وَاسْتَرَمَّ الْحَائِطَ: أَيْ حَانَ لَهُ أَنْ يُرَمَّ، وَذَلِكَ إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ بِالتَّطْيِينِ وَنَحْوِهِ.
وَالرَّمُّ: إِصْلَاحُ الشَّيْءِ الَّذِي فَسَدَ بَعْضُهُ مِنْ نَحْوِ حَبْلٍ يَبْلَى فَيَرُمُّهُ، أَوْ دَارٍ تُرَمُّ مَرَمَّةً. (1)
وَلَا يَخْرُجُ فِي مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيِّ عَنْ هَذَا.
وَالتَّرْمِيمُ قَدْ يَكُونُ بِقَصْدِ التَّقْوِيَةِ، إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ، وَقَدْ يَكُونُ بِقَصْدِ التَّحْسِينِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً: تَرْمِيمُ الْوَقْفِ:
2 -
إِذَا احْتَاجَتْ عَيْنُ الْوَقْفِ إِلَى تَرْمِيمٍ، فَإِنَّهُ
(1) المصباح المنير، والصحاح للمرعشلي، ولسان العرب، ومختار الصحاح مادة:" رمم ".
يَبْدَأُ بِهِ مِنْ غَلَّتِهِ قَبْل الصَّرْفِ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لأَِنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ صَرْفُ الْغَلَّةِ مُؤَبَّدًا، وَلَا تَبْقَى دَائِمَةً إِلَاّ بِعِمَارَتِهِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ يُصْرَفُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، هَذَا مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَفِي هَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ، ثُمَّ الْفَاضِل لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، لَزِمَ النَّاظِرَ إِمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُهُ الْعِمَارَةُ كُل سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ وَقْتَ الإِْمْسَاكِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ التَّوْزِيعِ حَدَثٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَرْمِيمٍ وَلَا يَجِدُ غَلَّةً يُرَمِّمُ بِهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ: أَنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَلَا يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَمَعَ الاِشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لأَِنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا جَعَل الْفَاضِل عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا، فَعِمَارَتُهَا عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَيْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ مَالِهِ لَا مِنَ الْغَلَّةِ، إِذْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَمُفَادُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلسُّكْنَى غَيْرَ سَاكِنٍ فِيهَا يَلْزَمُهُ التَّعْمِيرُ مَعَ السَّاكِنِينَ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُ لِحَقِّهِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْوَقْفِ، فَيُعَمِّرُ مَعَهُمْ، وَإِلَاّ تُؤَجَّرُ حِصَّتُهُ. وَلَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَوْ عَجَزَ لِفَقْرِهِ، آجَرَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَا
كَعِمَارَةِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَرُدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إِلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ.
3 -
فَإِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ يُؤَجِّرُهَا الْمُتَوَلِّي وَيُعَمِّرُهَا مِنْ غَلَّتِهَا؛ لأَِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ لِلْغَلَّةِ.
وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ وَامْتَنَعَ مِنْ عِمَارَتِهَا يَنْصِبُ غَيْرَهُ لِيُعَمِّرَهَا، أَوْ يُعَمِّرُهَا الْحَاكِمُ. وَلَوْ احْتَاجَ الْخَانُ (1) الْمَوْقُوفُ إِلَى الْمَرَمَّةِ آجَرَ بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ مِنْهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤْذَنُ لِلنَّاسِ بِالنُّزُول فِيهِ سَنَةً، وَيُؤَجَّرُ سَنَةً أُخْرَى، وَيُرَمُّ مِنْ أُجْرَتِهِ. (2)
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ إِصْلَاحَ الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إِصْلَاحَهُ يُلْغَى الشَّرْطُ، وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ، وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الإِْصْلَاحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لَا بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا.
فَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ، وَيَتْرُكَ إِصْلَاحَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ يَتْرُكَ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا بَطَل شَرْطُهُ، وَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِمَرَمَّتِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ. (3)
وَلَمَّا كَانَتْ رَقَبَةُ الْوَقْفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْوَاقِفِ وَالْغَلَّةُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ فَلِلْوَاقِفِ إِنْ كَانَ حَيًّا - وَلِوَارِثِهِ إِنْ مَاتَ - مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إِصْلَاحَهُ إِذَا خَرِبَ أَوِ احْتَاجَ
(1) مكان عام لنزول المسافرين وإيواء دوابهم وبضائعهم.
(2)
ابن عابدين 3 / 376 - 382.
(3)
الشرح الكبير 4 / 89 - 92، وجواهر الإكليل 2 / 209.
لِلإِْصْلَاحِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إِلَاّ بِإِذْنِهِ، وَلأَِنَّ إِصْلَاحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ، وَهَذَا إِذَا أَصْلَحَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ، وَإِلَاّ فَلَيْسَ لَهُمُ الْمَنْعُ، بَل الأَْوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إِذَا خَرِبَ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدِ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا. (1)
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَمْ يُعَمِّرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ مَالٌ كَانَتْ عِمَارَتُهُ فِي مَال الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُوجِرَ وَعُمِّرَ مِنْ أُجْرَتِهِ. فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَكَانَ حَيَوَانًا كَخَيْل الْجِهَادِ، فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
أَمَّا عِمَارَةُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ. وَرَيْعُ الأَْعْيَانِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ إِذَا انْهَدَمَ وَتُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَإِلَاّ فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إِلَيْهِ، وَإِلَاّ فَمُنْقَطِعُ الآْخِرِ فَيُصْرَفُ لأَِقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
4 -
أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَل مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يُشْتَرَى بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ
(1) الشرح الكبير 4 / 47.