الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعَدَالَةِ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَذَا الإِْقْرَارِ، وَلَوْ عَلِمَ خِلَافَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ إِقْرَارَهُ بِعَدَالَتِهِ كَإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ، حَتَّى لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ. (1)
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: فَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مَجْهُول الْحَال، فَقَال الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ قَوْلَانِ، وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
أَوَّلاً - لَا يَكْفِي فِي الأَْصَحِّ فِي التَّعْدِيل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، وَقَدْ غَلِطَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ.
وَقِيل: يَكْفِي فِي حَقِّهِ؛ لأَِنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يُقْضَى عَلَيْهِ. (2)
وَالْقَوْلَانِ هُمَا الْوَجْهَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
الأَْوَّل: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لأَِنَّ الْبَحْثَ عَنْ عَدَالَتِهِ لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِعَدَالَتِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِخَصْمِهِ عَلَيْهِ، فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَسَائِرِ أَقَارِيرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لأَِنَّ فِي الْحُكْمِ بِهَا تَعْدِيلاً لَهُ، فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ؛ وَلأَِنَّ اعْتِبَارَ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ الْخَصْمُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ
(1) الشرح الكبير 4 / 159.
(2)
قليوبي وعميرة 4 / 307.
بِقَوْل فَاسِقٍ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِهِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ مَعَ تَعْدِيلِهِ أَوْ مَعَ انْتِفَائِهِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَال مَعَ تَعْدِيلِهِ؛ لأَِنَّ التَّعْدِيل لَا يَثْبُتُ بِقَوْل الْوَاحِدِ. وَلَا يَجُوزُ مَعَ انْتِفَاءِ تَعْدِيلِهِ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْل غَيْرُ جَائِزٍ، بِدَلِيل شَهَادَةِ مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالأَْوَّل فَلَا يَثْبُتُ تَعْدِيلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيل، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ لإِِقْرَارِهِ بِوُجُودِ شُرُوطِ الْحُكْمِ، وَإِقْرَارُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ. (1)
تَجْدِيدُ التَّزْكِيَةِ:
14 -
قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَل عَنْ شُهُودِهِ كُل قَلِيلٍ؛ لأَِنَّ الرَّجُل يَنْتَقِل مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَل هَذَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ وَاجِبٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ مَا كَانَ، فَلَا يَزُول حَتَّى يَثْبُتَ الْجَرْحُ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ الْبَحْثُ كُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَغَيَّرُ الْحَال فِيهَا؛ لأَِنَّ الْعَيْبَ يَحْدُثُ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ.
وَلأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ مِثْل هَذَيْنِ. (2)
(1) المغني 9 / 66 - 67.
(2)
المغني 9 / 71.