الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْمُبَرَّزُ فِي الْعَدَالَةِ الْفَائِقُ أَقْرَانَهُ فِيهَا لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ، وَيُعْذَرُ فِيهِ فِيهَا، وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ. وَكَذَلِكَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ إِلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَى مَنْ يُخْشَى مِنْهُ لَا يُسَمَّى لَهُ. (1)
وَمُؤَدَّى ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِينَ يُعْذَرُ فِيهِمْ إِلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: بَعْدَ السُّؤَال وَالْبَحْثِ وَمُشَافَهَةِ الْمُزَكِّي بِمَا عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ جَرْحًا سَتَرَهُ، وَقَال لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي فِي شُهُودِكَ، أَوْ تَعْدِيلاً عَمِل بِمُقْتَضَاهُ. (2)
وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَل بِمُقْتَضَى الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيل، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُول لِلْمُدَّعِي الَّذِي أَحْضَرَ الشُّهُودَ: إِنَّ شُهُودَكَ قَدْ جَرَّحَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَلَا يَقُول لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّ مَنْ شَهِدُوا عَلَيْكَ قَدْ عَدَّلَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ.
هَذَا وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
تَزْكِيَةُ رُوَاةِ الأَْحَادِيثِ:
23 -
الأَْحْكَامُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ هِيَ فِي شُهُودِ الدَّعَاوَى.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرُوَاةِ الأَْحَادِيثِ فَقَدْ أَجْمَعَ جَمَاهِيرُ
(1) الخرشي 7 / 158 - 159.
(2)
نهاية المحتاج 8 / 265 ط البابي الحلبي.
أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ: أَنْ يَكُونَ عَدْلاً ضَابِطًا لِمَا يَرْوِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلاً، سَالِمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَمَا يُخِل بِالْمُرُوءَةِ مُتَيَقِّظًا غَيْرَ مُغَفَّلٍ، حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطًا لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ. وَإِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِالْمَعْنَى اشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يُحِيل الْمَعَانِيَ.
وَعَدَالَةُ الرَّاوِي تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالاِسْتِفَاضَةِ، فِيمَنِ اشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ مِنْ أَهْل النَّقْل أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَمَنْ شَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالأَْمَانَةِ اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ الاِعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُول الْفِقْهِ. وَذَلِكَ مِثْل الإِْمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ الْحَافِظِ.
وَالتَّعْدِيل مَقْبُولٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ؛ لأَِنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ يَصْعُبُ حَصْرُهَا، بِخِلَافِ الْجَرْحِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل إِلَاّ مُفَسَّرًا مُبَيَّنَ السَّبَبِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يُجَرَّحُ وَلَا يُجَرَّحُ. (1)
وَهُنَاكَ تَفْصِيلَاتٌ وَأَحْكَامٌ أُخْرَى يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ، وَفِي عِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ.
(1) علوم الحديث لابن الصلاح 94 - 96.