الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأُْنْمُلَةِ وَالأُْصْبُعِ أَوِ الْيَدِ أَنَّهَا تَعْمَل بِخِلَافِهِمَا، وَعِنْدَهُمْ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا قَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ الْجَوَازَ عَلَى الأَْنْفِ فَقَطْ لِضَرُورَةِ نَتْنِ الْفِضَّةِ؛ لأَِنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُبَاحُ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ. قَالُوا: وَقَدِ انْدَفَعَتْ فِي السِّنِّ بِالْفِضَّةِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الأَْعْلَى، وَهُوَ الذَّهَبُ. (1)
تَدَاوِي الْمُحْرِمِ:
11 -
الأَْصْل أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنَ الطِّيبِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ فَمَاتَ: لَا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُحَنِّطُوهُ (2) فَلَمَّا مُنِعَ الْمَيِّتُ مِنَ الطِّيبِ لإِِحْرَامِهِ فَالْحَيُّ أَوْلَى، وَمَتَى تَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لأَِنَّهُ اسْتَعْمَل مَا حُظِرَ عَلَيْهِ بِالإِْحْرَامِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَاللِّبَاسِ.
وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الأَْصْل مَا لَوْ تَدَاوَى الْمُحْرِمُ بِالطِّيبِ، أَوْ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، وَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ خَصُّوا الْحُكْمَ بِالطِّيبِ بِنَفْسِهِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَل مِمَّا فِيهِمَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ بِسَبَبِ مَا يُلْقَى فِيهِمَا مِنَ الأَْنْوَارِ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 231، وحاشية الدسوقي 1 / 63، والفواكه الدواني 2 / 404، وقليوبي وعميرة 2 / 23، 24، وكشاف القناع 2 / 238.
(2)
حديث: " لا تمسوه طيبا ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 137 - ط السلفية) .
فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِنْ تَدَاوَى بِهَا.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَإِنْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ، ثُمَّ خَرَجَتْ قُرْحَةٌ أُخْرَى فَدَاوَاهَا مَعَ الأُْولَى، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ تَبْرَأِ الأُْولَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِهِ وَعَدَمِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ إِذَا خَضَّبَ (أَيِ الْمُحْرِمُ) رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لأَِجْل الْمُعَالَجَةِ مِنَ الصُّدَاعِ، فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: هَذَا صَحِيحٌ أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ؛ لأَِنَّ التَّغْطِيَةَ مُوجِبَةٌ بِالاِتِّفَاقِ، غَيْرَ أَنَّهَا لِلْعِلَاجِ، فَلِهَذَا ذَكَرَ الْجَزَاءَ وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّمَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: فِيهِ صَدَقَةٌ؛ لأَِنَّهُ يُلَيِّنُ الشَّعْرَ وَيَقْتُل الْهَوَامَّ، فَإِنِ اسْتَعْمَل زَيْتًا مُطَيَّبًا كَالْبَنَفْسَجِ وَالزَّنْبَقِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَدُهْنِ الْبَانِ وَالْوَرْدِ، فَيَجِبُ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّمُ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأَِنَّهُ طِيبٌ، وَهَذَا إِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّطَيُّبِ، وَلَوْ دَاوَى بِهِ جُرْحَهُ أَوْ شُقُوقَ رِجْلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ فِي نَفْسِهِ، إِنَّمَا هُوَ أَصْل الطِّيبِ، أَوْ طِيبٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيُشْتَرَطُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى وَجْهِ التَّطَيُّبِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَدَاوَى بِالْمِسْكِ وَمَا أَشْبَهَهُ؛ لأَِنَّهُ طِيبٌ بِنَفْسِهِ، فَيَجِبُ الدَّمُ بِاسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي. (1)
وَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ: أَنَّ الْجَسَدَ وَبَاطِنَ
(1) فتح القدير 2 / 225 - 227 ط دار صادر.