الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ رَدِّ التَّسْعِيرِ فِي حَالَةِ إِلْزَامِ النَّاسِ أَنْ لَا يَبِيعَ الطَّعَامَ أَوْ غَيْرَهُ إِلَاّ أُنَاسٌ مَعْرُوفُونَ، فَهُنَا يَجِبُ التَّسْعِيرُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ لَا يَبِيعُونَ إِلَاّ بِقِيمَةِ الْمِثْل، وَلَا يَشْتَرُونَ إِلَاّ بِقِيمَةِ الْمِثْل. لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ مَنَعَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ النَّوْعَ أَوْ يَشْتَرِيَهُ، فَلَوْ سَوَّغَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا بِمَا اخْتَارُوا، أَوْ يَشْتَرُوا بِمَا اخْتَارُوا لَكَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا لِلْبَائِعِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بَيْعَ تِلْكَ الأَْمْوَال، وَظُلْمًا لِلْمُشْتَرِينَ مِنْهُمْ.
فَالتَّسْعِيرُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَحَقِيقَةُ إِلْزَامِهِمْ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَوْ لَا يَشْتَرُوا إِلَاّ بِثَمَنِ الْمِثْل (1) .
هـ -
تَوَاطُؤُ الْبَائِعِينَ ضِدَّ الْمُشْتَرِينَ أَوِ الْعَكْسِ:
13 -
إِذَا تَوَاطَأَ التُّجَّارُ أَوْ أَرْبَابُ السِّلَعِ عَلَى سِعْرٍ يُحَقِّقُ لَهُمْ رِبْحًا فَاحِشًا، أَوْ تَوَاطَأَ مُشْتَرُونَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ يَجِبُ التَّسْعِيرُ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَأَضَافَ قَائِلاً:
وَلِهَذَا مَنَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - الْقُسَّامَ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ بِالأَْجْرِ أَنْ يَشْتَرِكُوا، فَإِنَّهُمْ إِذَا اشْتَرَكُوا، وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ أَغَلَوْا عَلَيْهِمُ الأَْجْرَ، فَمَنْعُ الْبَائِعِينَ - الَّذِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعُوا إِلَاّ بِثَمَنٍ
(1) الحسبة في الإسلام ص 18، 19، والطرق الحكمية ص 245.
قَدَّرُوهُ - أَوْلَى، وَكَذَلِكَ مَنْعُ الْمُشْتَرِينَ إِذَا تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ، حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ أَوْلَى (1) . لأَِنَّ إِقْرَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُعَاوَنَةٌ لَهُمْ عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) . وَقَدْ قَال تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . (3)
و
احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ:
14 -
وَهَذَا مَا يُقَال لَهُ التَّسْعِيرُ فِي الأَْعْمَال: وَهُوَ أَنْ يَحْتَاجَ النَّاسُ إِلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ كَالْفِلَاحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ بِذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل إِذَا امْتَنَعُوا عَنْهُ، وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِزِيَادَةٍ عَنْ عِوَضِ الْمِثْل، وَلَا يُمَكِّنُ النَّاسَ مِنْ ظُلْمِهِمْ بِأَنْ يُعْطُوهُمْ دُونَ حَقِّهِمْ (4) .
15 -
وَخُلَاصَةُ رَأْيِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةٌ إِلَاّ بِالتَّسْعِيرِ سَعَّرَ عَلَيْهِمُ السُّلْطَانُ تَسْعِيرَ عَدْلٍ بِلَا وَكْسٍ وَلَا شَطَطٍ، وَإِذَا انْدَفَعَتْ حَاجَتُهُمْ، وَقَامَتْ مَصْلَحَتُهُمْ بِدُونِهِ لَمْ يَفْعَل (5) .
(1) المراجع السابقة.
(2)
الطرق الحكمية / 247.
(3)
سورة المائدة / 2.
(4)
الطرق الحكمية ص 247.
(5)
الحسبة في الإسلام ص 44، 45، والطرق الحكمية ص 264.