الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ إِلَى حِينِ انْتِهَاءِ الرِّقِّ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ كَثُرَ التَّسَرِّي فِي الْعَصْرِ الأُْمَوِيِّ وَالْعَصْرِ الْعَبَّاسِيِّ لِكَثْرَةِ السَّبْيِ فِي الْفُتُوحِ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنْ نِسَاءِ الْخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيِّينَ كُنَّ مِنَ السَّرَارِيِّ. وَكَثِيرًا مِنْهُنَّ وَلَدْنَ الْخُلَفَاءَ. (1)
هَذَا وَلَيْسَ التَّسَرِّي خَاصًّا بِالأُْمَّةِ الإِْسْلَامِيَّةِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام تَسَرَّى بِهَاجَرَ الَّتِي وَهَبَهُ إِيَّاهَا مَلِكُ مِصْرَ (2) ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِسْمَاعِيل عليه السلام، وَقِيل: كَانَ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام ثَلَاثُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ، (3) وَكَانَ التَّسَرِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا.
مِلْكُ السَّيِّدِ لأَِمَتِهِ يُبِيحُ لَهُ وَطْأَهَا دُونَ عَقْدٍ:
7 -
لَا يَحْتَاجُ وَطْءُ السَّيِّدِ لأَِمَتِهِ إِلَى إِنْشَاءِ عَقْدِ زَوَاجٍ، وَلَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ عَلَى مَمْلُوكَتِهِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَلَمْ تَكُنْ بِذَلِكَ زَوْجَةً. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَإِبَاحَةَ الْبُضْعِ، فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَقْدٌ أَضْعَفُ مِنْهُ. وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةٍ، ثُمَّ مَلَكَ زَوْجَتَهُ
(1) نساء الخلفاء المسمى جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والإماء، تحقيق د. مصطفى جواد. القاهرة، دار المعارف بمصر.
(2)
صحيح البخاري وفتح الباري، القاهرة، المكتبة السلفية، 1370 هـ.
(3)
تفسير القرطبي 5 / 252، القاهرة، دار الكتب المصرية.
الأَْمَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ. (1)
حِكْمَةُ إِبَاحَةِ التَّسَرِّي:
8 -
الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ - بِالإِْضَافَةِ إِلَى اسْتِعْفَافِ مَالِكِ الأَْمَةِ بِهَا - أَنَّ فِي التَّسَرِّي تَحْصِينَ الإِْمَاءِ لَكَيْ لَا يَمِلْنَ إِلَى الْفُجُورِ، وَثُبُوتَ نَسَبِ أَوْلَادِهِنَّ إِلَى السَّيِّدِ، وَكَوْنَ الأَْوْلَادِ أَحْرَارًا. وَإِذَا وَلَدَتِ الأَْمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ، فَتَصِيرُ حُرَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي.
حُكْمُ السُّرِّيَّةِ إِذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا
9 -
إِذَا وَلَدَتِ السُّرِّيَّةُ لِسَيِّدِهَا اسْتَحَقَّتِ الْعِتْقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ (أُمَّ وَلَدٍ) وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنَ اسْتِمْرَارِ تَسَرِّي سَيِّدِهَا بِهَا إِلَى أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا، وَلَا تُبَاعُ، وَلَهَا أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ (ر: أُمُّ وَلَدٍ) .
شُرُوطُ إِبَاحَةِ التَّسَرِّي
10 -
يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ التَّسَرِّي مَا يَلِي:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: الْمِلْكُ. فَلَا يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً فِي غَيْرِ زَوَاجٍ إِلَاّ بِأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
(1) المغني 6 / 610، والفروق للقرافي 3 / 136، الفرق 153، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 247.