الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيَامُ الإِْشْهَادِ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ:
27 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ شَيْئًا، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ، فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ، وَالإِْشْهَادُ يُغْنِي عَنِ الْقَبْضِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَال: مَنْ نَحَل وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ نِحْلَتُهُ، فَأَعْلَنَ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَإِنَّ وَلِيَّهَا أَبُوهُ. وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهُمَا الْوَاهِبُ، وَالْمَلْبُوسَ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ، إِذَا وَهَبَهُمَا لِمَحْجُورِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالإِْشْهَادِ عَلَى الْهِبَةِ، بَل لَا بُدَّ مِنْ إِخْلَائِهِ لِلدَّارِ، وَمِثْلُهَا الْمَلْبُوسُ. وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلإِْخْلَاءِ. وَإِنْ لَمْ تُعَايِنِ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ فَالإِْشْهَادُ بِالْهِبَةِ يُغْنِي عَنِ الْحِيَازَةِ فِيمَا لَا يَسْكُنُهُ الْوَلِيُّ وَلَا تَلْبَسُهُ. وَاسْتَثْنَوْا كَذَلِكَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، كَالْمَعْدُودِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَكِيل فَلَا بُدَّ مِنْ حِيَازَتِهِ. (1) وَالْهِبَةُ تَتِمُّ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالإِْعْلَامِ وَالإِْشْهَادِ، إِلَاّ أَنَّ الإِْشْهَادَ لَيْسَ شَرْطًا، وَإِنَّمَا هُوَ لِلاِحْتِيَاطِ. (2) وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَتَوَلَّى الأَْبُ طَرَفَيِ الْعَقْدِ. وَكَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ أَنْ يَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانٍ لآِخَرَ. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنَ اشْتَرَطَ الإِْشْهَادَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنْ جَاءَ فِي الأُْمِّ: أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إِلَاّ بِأَمْرَيْنِ: الإِْشْهَادِ، وَالْقَبْضِ، وَلَا يُغْنِي الإِْشْهَادُ عَنِ الْقَبْضِ. (3)
(1) بداية المجتهد 2 / 301 ط التجارية، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 105، والمغني 5 / 662، 663.
(2)
المبسوط 12 / 61.
(3)
الروضة 5 / 367، والجمل على المنهج 3 / 598، والأم 4 / 52.
الإِْشْهَادُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَوْهُوبِ قَبْل قَبْضِهِ:
28 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إِذَا بَاعَ مَا اتَّهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ مَاضٍ، وَفِعْلَهُ ذَلِكَ حَوْزٌ لَهُ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْلَنَ بِمَا فَعَلَهُ. (1) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ لَا يَكُونُ الإِْشْهَادُ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ، وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْهِبَةِ إِلَاّ بِقَبْضِهَا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ اللَّذَيْنِ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُمَا إِلَاّ بِالْقَبْضِ عِنْدَهُمْ. (2) وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَلَوْ دَفَعَ مَالاً لِمَنْ يُفَرِّقُهُ صَدَقَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ، وَاسْتَمَرَّ الْمَال عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُل وَتَرْجِعُ إِلَى وَرَثَتِهِ. أَمَّا إِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ حِينَ دَفَعَ الْمَال إِلَى مَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ، وَتَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. (3) وَيَنْطَبِقُ عَلَى الصَّدَقَةِ مَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْهِبَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ إِغْنَاءِ الإِْشْهَادِ عَنِ الْقَبْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (4) .
الإِْشْهَادُ فِي الْوَقْفِ:
29 -
عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَهُوَ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ الَّذِي فِي حِجْرِهِ، أَوِ السَّفِيهُ أَوِ الْوَصِيُّ عَلَى يَتِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَوْزِ الْوَقْفِ الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ،
(1) الخرشي 7 / 108.
(2)
المبسوط 12 / 48، والأم 4 / 55، والمغني 5 / 649 وما بعدها.
(3)
الخرشي 7 / 106، 107.
(4)
المبسوط 2 / 48، والأم 4 / 52، والمغني 5 / 649.