الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَذْرُ الصَّلَاةِ فِي الاِعْتِكَافِ:
24 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا فَالصَّلَاةُ لَا تَلْزَمُهُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إِلَاّ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ (1) . وَالاِسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، وَتُقَاسُ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّوْمِ، وَلأَِنَّ كُلًّا مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الاِعْتِكَافِ فَلَزِمَتْ بِالنَّذْرِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ، وَيَكْفِيهِ رَكْعَةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ (2) .
هَذَا وَلَمْ أَرَ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
نَذْرُ الاِعْتِكَافِ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ:
25 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ - الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى - لَزِمَهُ النَّذْرُ وَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ، وَلَا يُجْزِئُهُ الاِعْتِكَافُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ، لِفَضْل الْعِبَادَةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا، فَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ.
وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1) حديث: " ليس على المعتكف صيام. . . " أخرجه الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: على شرط مسلم وعارض هذا ما لم يصح. وأخرجه الدارقطني والبيهقي بنفس الإسناد ورجحا وقفه. (المستدرك 1 / 439 نشر د وسنن الدارقطني 2 / 199 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة، والسنن الكبرى للبيهقي 4 / 319 ط الهند، ونيل الأوطار 4 / 268 ط المطبعة العثمانية المصرية) .
(2)
كشاف القناع 2 / 349، ومغني المحتاج 1 / 453.
، ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى.
وَإِلْحَاقُ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ بِهَا مُمْتَنِعٌ لِثُبُوتِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا بِالنَّصِّ، قَال عليه الصلاة والسلام: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَل مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَاّ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَل مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ (1) .
وَوَرَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ (2) .
فَإِذَا عَيَّنَ الأَْفْضَل فِي نَذْرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الاِعْتِكَافُ فِيمَا دُونَهُ، لِعَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لَهُ.
فَإِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَا يُجْزِئُهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى.
وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى، وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ، فَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الأَْقْصَى جَازَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ جَازَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (3) .
(1) حديث: " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة. . . " أخرجه ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا. وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناد حديث جابر صحيح ورجاله ثقات (سنن ابن ماجه 1 / 450 ط عيسى الحلبي) وأخرج البخاري الشطر الأول منه بلفظ " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 3 / 63 ط السلفية) .
(2)
حديث: " أن الصلاة بالمسجد الأقصى. . . " أورده المنذري في الترغيب والترهيب وعزاه إلى الطبراني وابن خزيمة والبزار من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. ولفظ البزار " فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المق
(3)
كشاف القناع 2 / 353، ومغني المحتاج 1 / 451.