الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُسْتَهْلَكُ فِيهِ، وَيَجِبُ الْحَدُّ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَمْزُوجَةً بِشَيْءٍ آخَرَ تُسْتَهْلَكُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّدَاوِي مِنَ الطَّاهِرَاتِ، وَحِينَئِذٍ تَجْرِي فِيهِ قَاعِدَةُ الضَّرُورَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَإِذًا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِذَلِكَ لِتَعْجِيل شِفَاءٍ، بِشَرْطِ إِخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ بِذَلِكَ، أَوْ مَعْرِفَتِهِ لِلتَّدَاوِي بِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الْمُسْتَعْمَل قَلِيلاً لَا يُسْكِرُ. وَذَهَبَ الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ إِلَى الْجَزْمِ بِحُرْمَتِهَا فَقَال: الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي. (1)
حُكْمُ سَقْيِهَا لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ:
29 -
يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَسْقِيَ الْخَمْرَ الصَّبِيَّ، أَوِ الْمَجْنُونَ، فَإِنْ أَسْقَاهُمْ فَالإِْثْمُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الشَّارِبِ، وَلَا حَدَّ عَلَى الشَّارِبِ، لأَِنَّ خِطَابَ التَّحْرِيمِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْبَالِغِ الْعَاقِل. (2) وَقَدْ قَال صلى الله عليه وسلم:{الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ} (3) وَقَال: {لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَآكِل ثَمَنِهَا} . (4) وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُسْقِيَ الْخَمْرَ لِلدَّوَابِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
(1) المجموع 9 / 51، والقليوبي 4 / 203، ونهاية المحتاج 8 / 12، ومغني المحتاج 4 / 188.
(2)
البدائع 6 / 2935، ومغني المحتاج 4 / 188، وحاشية عميرة على المحلي 4 / 202.
(3)
حديث: " لعن الله الخمر. . . . . " أخرجه أبو داود وابن ماجه وزيادة " وآكل ثمنها " له من حديث ابن عمر مرفوعا، وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أنس بن مالك مرفوعا، ولفظ الترمذي: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1121، 1122 ط عيسى الحلبي، وتحفة الأحوذي 4 / 516، 517 نشر المكتبة السلفية، والتلخيص الحبير 4 / 73 ط شركة الطباعة الفنية، والترغيب والترهيب 4 / 292، 293 ط مطبعة السعادة)
(4)
حديث: " لعن الله الخمر. . . . . " أخرجه أبو داود وابن ماجه وزيادة " وآكل ثمنها " له من حديث ابن عمر مرفوعا، وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أنس بن مالك مرفوعا، ولفظ الترمذي: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1121، 1122 ط عيسى الحلبي، وتحفة الأحوذي 4 / 516، 517 نشر المكتبة السلفية، والتلخيص الحبير 4 / 73 ط شركة الطباعة الفنية، والترغيب والترهيب 4 / 292، 293 ط مطبعة السعادة)
الاِحْتِقَانُ أَوِ الاِسْتِعَاطُ
(1)
بِالْخَمْرِ:
30 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا الاِحْتِقَانُ بِالْخَمْرِ (بِأَخْذِهَا حُقْنَةً شَرَجِيَّةً) أَوْ جَعْلِهَا فِي سَعُوطٍ، لأَِنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْمُحَرَّمِ النَّجِسِ، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْحَدُّ، لأَِنَّ الْحَدَّ مُرْتَبِطٌ بِالشُّرْبِ، فَهُوَ سَبَبُ تَطْبِيقِ الْحَدِّ. وَيُلَاحَظُ - كَمَا سَبَقَ - أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ عُقُوبَةً أُخْرَى زَاجِرَةً بِطَرِيقِ التَّعْزِيرِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الاِحْتِقَانَ بِهَا يُعْتَبَرُ حَرَامًا. وَخِلَافُهُمْ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَةِ، فَالْحَنَفِيَّةُ يُسَمُّونَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ تَرْكَهُ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ وَالإِْلْزَامِ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا، وَالْجُمْهُورُ يُسَمُّونَهُ حَرَامًا. وَهُمْ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي حَالَةِ الاِحْتِقَانِ بِالْخَمْرِ، لأَِنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ، وَلَا حَاجَةَ لِلزَّجْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لأَِنَّ النَّفْسَ لَا تَرْغَبُ فِي مِثْل ذَلِكَ عَادَةً. وَلَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا بِوُجُوبِ الْحَدِّ فِي حَالَةِ الاِسْتِعَاطِ، لأَِنَّ الشَّخْصَ أَوْصَل الْخَمْرَ إِلَى بَاطِنِهِ مِنْ حَلْقِهِ. (2)
حُكْمُ مُجَالَسَةِ شَارِبِي الْخَمْرِ:
31 -
يَحْرُمُ مُجَالَسَةُ شُرَّابِ الْخَمْرِ وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا، أَوِ الأَْكْل عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْمُسْكِرَاتِ خَمْرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
(1) استعاط الدواء إدخاله في الأنف.
(2)
نهاية المحتاج 8 / 11، والمغني 8 / 307، والشرح الكبير 4 / 352، وحاشية ابن عابدين مع الدر المختار 5 / 290.