الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَلَا يَلْزَمُ الإِْمْهَال، وَالأَْظْهَرُ إِمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ، وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ بِنَفَقَتِهِ إِلَاّ أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ.
وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ الْعَارِضِ، أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ (1) . وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُعْسِرِ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ فِرَاقِهِ. رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَبِيعَةُ وَحَمَّادٌ وَغَيْرُهُمْ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.
وَلَمْ يُعْثَرْ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى نَصٍّ فِي لُزُومِ الإِْعْذَارِ لِلإِْعْسَارِ عَنِ النَّفَقَةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَى الْفَوْرِ.
وَتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ فِي مُصْطَلَحَيْ (إِعْسَارٌ، وَنَفَقَةٌ)(2) .
الإِْعْذَارُ إِلَى الْمُعْسِرِ بِمُعَجَّل الْمَهْرِ:
23 -
إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُ الزَّوْجِ بِمُعَجَّل الصَّدَاقِ وَطَالَبَتْهُ الزَّوْجَةُ بِهِ فَهَل يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فَوْرَ الثُّبُوتِ، أَوْ يُعْذَرُ إِلَيْهِ قَبْل الطَّلَاقِ، أَوْ لَا إِعْذَارَ وَلَا تَطْلِيقَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ وَفِي الإِْعْذَارِ إِلَيْهِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ لَكِنْ بَعْدَ الإِْعْذَارِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَقْوَالٌ وَتَفْصِيلَاتٌ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ. أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ.
(1) قليوبي وعميرة 4 / 81 - 83.
(2)
المغني 77 / 573 - 577، واللجنة ترى أن تحديد الإعذار بمدة - كما تقدم هنا - ليس مبنيا على نص وإنما هو اجتهاد زمني تراعى فيه الظروف والملابسات التي تقنع القاضي بإعساره أو عدمه.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الزَّوْجَةَ إِنْ طَالَبَتِ الزَّوْجَ بِالصَّدَاقِ الْوَاجِبِ وَلَمْ يَجِدْهُ، فَإِنِ ادَّعَى الْعُدْمَ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، وَلَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَلَا مَال لَهُ ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ أَجَّلَهُ الْحَاكِمُ لإِِثْبَاتِ عُسْرِهِ، إِنْ أَعْطَى حَمِيلاً " كَفِيلاً " بِالْوَجْهِ، وَإِلَاّ حَبَسَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. وَمُدَّةُ التَّأْجِيل مَتْرُوكَةٌ لِلْقَاضِي. ثُمَّ إِذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ تُلُوِّمَ لَهُ (تَمْكُثُ) بِالنَّظَرِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فِي مُدَّةِ التَّأْجِيل وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، فَقَال الْحَطَّابُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ إِنْ جُهِل حَالُهُ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ تُلُوِّمَ لَهُ ابْتِدَاءً. فَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءَةِ (الْغِنَى) فَيُحْبَسُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ، إِلَاّ أَنْ يَحْصُل لَهَا ضَرَرٌ بِطُول الْمُدَّةِ فَلَهَا طَلَبُ التَّطْلِيقِ. (1)
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى فَسْخِ النِّكَاحِ بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِمُعَجَّل الْمَهْرِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ قَالُوا: يَثْبُتُ لَهَا الْفَسْخُ بِالإِْعْسَارِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا إِعْذَارًا، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْفَسْخَ لَا يَكُونُ إِلَاّ مِنَ الْحَاكِمِ. (2)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الزَّوْجَةِ مُعَجَّل مَهْرِهَا أَنَّهَا تَمْلِكُ أَنْ تَمْتَنِعَ عَنِ الدُّخُول فِي طَاعَتِهِ، وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ نَاشِزَةً، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا وَمَنْعُهَا مِنَ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ.
وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ عَدَمِ الإِْقْبَاضِ الْعُسْرُ أَوْ غَيْرُهُ، لأَِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا الْمَنْعَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْمُعَجَّل، فَيُفِيدُ الإِْطْلَاقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ لَهَا الاِمْتِنَاعَ مُطْلَقًا فِي
(1) حاشية الدسوقي 2 / 299 - 300.
(2)
المجموع 15 / 255 مكتبة الإرشاد، والمغني 7 / 579 ط الرياض.