الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي دَمَهُ وَمَالَهُ (1) فَإِنْ أَبَوِا الإِْجَابَةَ إِلَى الإِْسْلَامِ دَعَوْهُمْ إِلَى الذِّمَّةِ إِلَاّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ (لأَِنَّهُ لَا يُقْبَل مِنْهُمْ إِلَاّ الإِْسْلَامُ) فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا اسْتَعَانُوا بِاَللَّهِ سبحانه وتعالى عَلَى قِتَالِهِمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ إِلَى أَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ وُجُوبًا سَوَاءٌ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا، مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَال أَوْ يَكُونُ الْجَيْشُ قَلِيلاً، قَالُوا: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل كَانَتْ إِغَارَةُ سَرَايَاهُ عليه الصلاة والسلام.
وَلِلْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ ابْنُ قُدَامَةَ بِقَوْلِهِ: أَهْل الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ لَا يُدْعَوْنَ قَبْل الْقِتَال، لأَِنَّ الدَّعْوَةَ قَدِ انْتَشَرَتْ وَعَمَّتْ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ إِلَاّ نَادِرًا بَعِيدًا. وَأَمَّا عَبَدَةُ الأَْوْثَانِ فَإِنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنْهُمْ لَا يُدْعَوْنَ، وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ دُعِيَ قَبْل الْقِتَال، قَال أَحْمَدُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو إِلَى الإِْسْلَامِ قَبْل أَنْ يُحَارِبَ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ الدِّينَ وَعَلَا الإِْسْلَامُ، وَلَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَدًا يُدْعَى، قَدْ بَلَغَتِ الدَّعْوَةُ كُل أَحَدٍ، فَالرُّومُ قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ وَعَلِمُوا مَا يُرَادُ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ، وَإِنْ دَعَا فَلَا بَأْسَ. (2)
(1) حديث: " من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني دمه وماله " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله "(فتح الباري / 12 / 275 ط السلفية) ، وصحيح مسلم (1 / 52 ط الحلبي) .
(2)
بدائع الصنائع 7 / 100 نشر دار الكتاب العربي، والزرقاني 3 / 111، وقليوبي وعميرة 4 / 218، والدسوقي 2 / 176، والمغني 8 / 361 - 362.
الإِْعْذَارُ إِلَى الْبُغَاةِ:
15 -
الْبُغَاةُ: هُمُ الْخَارِجُونَ عَلَى الإِْمَامِ الْحَقِّ بِتَأْوِيلٍ، وَلَهُمْ مَنَعَةٌ (1) . وَقَدِ اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِمُ الإِْمَامُ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةً أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا، فَإِنْ أَصَرُّوا بَعْدَ الإِْعْذَارِ نَصَحَهُمْ، بِأَنْ يَعِظَهُمْ وَيَأْمُرَهُمْ بِالْعَوْدَةِ إِلَى طَاعَتِهِ، فَإِنِ اسْتَمْهَلُوهُ اجْتَهَدَ فِي الإِْمْهَال، وَفَعَل مَا رَآهُ صَوَابًا.
وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُعَاجِلُوا بِالْقِتَال، فَإِنْ عَاجَلُوا قُوتِلُوا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ دَعْوَتَهُمْ إِلَى طَاعَةِ الإِْمَامِ وَكَشْفَ شُبْهَتِهِمْ أَمْرٌ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ وَاجِبًا، وَلَوْ قَاتَلَهُمْ بِلَا دَعْوَةٍ جَازَ. (2)
الإِْعْذَارُ فِي الدَّعْوَى:
16 -
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ كُل مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ، إِمَّا بِإِقْرَارٍ، إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إِمْرَارُهُ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ الدَّعْوَى وَبَعْدَ الإِْعْذَارِ إِلَيْهِ قَبْل الْحُكْمِ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الاِسْتِبْرَاءِ، إِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ، وَإِمَّا بِلَدَدِهِ وَتَغَيُّبِهِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَدَدِهِ عَنِ الْجَوَابِ عَنِ الدَّعْوَى.
وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِمْ أَنْوَاعٌ: مِنْهُمُ الْحَاضِرُ الْمَالِكُ
(1) ابن عابدين 3 / 427، والشرح الكبير 4 / 298، وقليوبي وعميرة 4 / 170، والمغني 8 / 107.
(2)
حاشية الدردير 4 / 299، وقليوبي وعميرة 4 / 171، والمغني 8 / 107، وابن عابدين 3 / 429.