الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
أَنْ يَسُوقَهَا إِلَى مَكَانِ الذَّبْحِ سَوْقًا جَمِيلاً لَا عَنِيفًا وَلَا يَجُرُّ بِرِجْلِهَا إِلَيْهِ، (1) لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. (2)
(4)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ لِمَنْ يُرِيدُ التَّضْحِيَةَ وَلِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ يُضَحِّي عَنْهُ أَلَاّ يُزِيل شَيْئًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا شَيْئًا مِنْ أَظْفَارِهِ بِتَقْلِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا شَيْئًا مِنْ بَشَرَتِهِ كَسِلْعَةٍ لَا يَضُرُّهُ بَقَاؤُهَا، (3) وَذَلِكَ مِنْ لَيْلَةِ الْيَوْمِ الأَْوَّل مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ، لَا مَسْنُونٌ، وَحُكِيَ الْوُجُوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ.
وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ. (4) وَعَلَى الْقَوْل بِالسُّنِّيَّةِ يَكُونُ الإِْقْدَامُ عَلَى هَذِهِ الأُْمُورِ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا، وَعَلَى الْقَوْل بِالْوُجُوبِ يَكُونُ مُحَرَّمًا.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا دَخَل الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ
(1) البدائع 5 / 78، والفتاوى الهندية 5 / 300.
(2)
حديث: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " أخرجه مسلم (4 / 1548 - ط الحلبي) .
(3)
السلعة - كما نقل الفيومي عن الأطباء: هي ورم غليظ غير ملتزق باللحم يتحرك بالتحريك (المصباح المنير) .
(4)
المجموع للنووي 8 / 392، والمغني لابن قدامة 11 / 96، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 141 ط دار المعارف.
بَشَرِهِ شَيْئًا. (1)
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهَا رضي الله عنها أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَال ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ. (2)
وَالْقَائِلُونَ بِالسُّنِّيَّةِ جَعَلُوا النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ.
وَالْحَدِيثُ الدَّال عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ الْفِعْل هُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِل قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُقَلِّدُهُ وَيَبْعَثُ بِهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ. (3) قَال الشَّافِعِيُّ: الْبَعْثُ بِالْهَدْيِ، أَكْثَرُ مِنْ إِرَادَةِ التَّضْحِيَةِ فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ.
وَالْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الإِْمْسَاكِ عَنِ الشَّعْرِ وَالأَْظْفَارِ وَنَحْوِهِمَا قِيل: إِنَّهَا التَّشَبُّهُ بِالْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْحِكْمَةَ أَنْ يَبْقَى مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ كَامِل الأَْجْزَاءِ رَجَاءَ أَنْ يُعْتَقَ مِنَ النَّارِ بِالتَّضْحِيَةِ.
مَا يُكْرَهُ قَبْل التَّضْحِيَةِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا قَبْل التَّضْحِيَةِ أُمُورٌ:
46 -
(الأَْمْرُ الأَْوَّل) : حَلْبُ الشَّاةِ الَّتِي اشْتُرِيَتْ لِلتَّضْحِيَةِ أَوْ جَزُّ صُوفُهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا، وَكَذَا الشَّاةُ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بِالنَّذْرِ، كَأَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ، أَوْ قَال:
(1) حديث: " إذا دخل العشر. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1565 - ط الحلبي) .
(2)
حديث: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة. . . " أخرجه مسلم (3 / 1565 - ط الحلبي) .
(3)
حديث: " كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . " أخرجه البخاري (4 / 492 - الفتح ط السلفية) ، ومسلم (2 / 957 ط الحلبي) .
جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّةً.
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ عَيَّنَهَا لِلْقُرْبَةِ فَلَا يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا قَبْل إِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فِيهَا، كَمَا لَا يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا، وَلأَِنَّ الْحَلْبَ وَالْجَزَّ يُوجِبَانِ نَقْصًا فِيهَا وَالأُْضْحِيَّةُ يَمْتَنِعُ إِدْخَال النَّقْصِ فِيهَا.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الشَّاةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُوسِرُ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ، لأَِنَّ شِرَاءَهُ إِيَّاهَا لَمْ يَجْعَلْهَا وَاجِبَةً، إِذِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَهَذَا الاِسْتِثْنَاءُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهَا مُتَعَيَّنَةٌ لِلْقُرْبَةِ مَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، فَقَبْل أَنْ يَذْبَحَ غَيْرَهَا بَدَلاً مِنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَهَا، وَلَا أَنْ يَجُزَّ صُوفَهَا لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ.
وَلِهَذَا لَا يَحِل لَهُ لَحْمُهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا. فَإِنْ كَانَ فِي ضَرْعِ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَبَنٌ وَهُوَ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّرَرَ وَالْهَلَاكَ إِنْ لَمْ يَحْلُبْهَا نَضَحَ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حَتَّى يَتَقَلَّصَ اللَّبَنُ، لأَِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى الْحَلْبِ.
فَإِنْ حَلَبَهُ تَصَدَّقَ بِاللَّبَنِ، لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ شَاةٍ مُتَعَيِّنَةٍ لِلْقُرْبَةِ.
فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ شَرِبَهُ مَثَلاً وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ.
وَمَا قِيل فِي اللَّبَنِ يُقَال فِي الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: (2) يُكْرَهُ - أَيْ تَنْزِيهًا - شُرْبُ لَبَنِ الأُْضْحِيَّةِ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا أَوْ تَعْيِينِهَا مِنْ بَيْنِ بَهَائِمِهِ
(1) البدائع 5 / 76، والفتاوى 5 / 201.
(2)
الدسوقي 2 / 123، والشرح الصغير 2 / 146 ط دار المعارف.
لِلتَّضْحِيَةِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا جَزُّ صُوفِهَا قَبْل الذَّبْحِ، لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ جَمَالِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُورَتَانِ:
أُولَاهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَنْبُتُ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ قَبْل الذَّبْحِ.
ثَانِيَتُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَهَا بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَيَّنَهَا لِلتَّضْحِيَةِ بِهَا مِنْ بَيْنِ بَهَائِمِهِ نَاوِيًا جَزَّ صُوفِهَا، فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يُكْرَهُ جَزُّ الصُّوفِ.
وَإِذَا جَزَّهُ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كُرِهَ لَهُ بَيْعُهُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: (1) لَا يُشْرَبُ مِنْ لَبَنِ الأُْضْحِيَّةِ إِلَاّ الْفَاضِل عَنْ وَلَدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْضُل عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ الْحَلْبُ يَضُرُّ بِهَا أَوْ يُنْقِصُ لَحْمَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهُ وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ.
وَقَالُوا أَيْضًا: إِنْ كَانَ بَقَاءُ الصُّوفِ لَا يَضُرُّ بِهَا أَوْ كَانَ أَنْفَعَ مِنَ الْجَزِّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهَا أَوْ كَانَ الْجَزُّ أَنْفَعَ مِنْهُ جَازَ الْجَزُّ وَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْمَجْزُوزِ.
47 -
(الأَْمْرُ الثَّانِي) : مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل التَّضْحِيَةِ - بَيْعُ الشَّاةِ الْمُتَعَيِّنَةِ لِلْقُرْبَةِ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالنَّذْرِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ بَيْعُهَا، لأَِنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلْقُرْبَةِ، فَلَمْ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِثَمَنِهَا كَمَا لَمْ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا وَصُوفِهَا، ثُمَّ إِنَّ الْبَيْعَ مَعَ كَرَاهَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لأَِنَّهُ بَيْعُ مَالٍ مَمْلُوكٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَنْفُذُ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ.
وَبِنَاءً عَلَى نَفَاذِ بَيْعِهَا فَعَلَيْهِ مَكَانَهَا مِثْلُهَا أَوْ أَرْفَعُ مِنْهَا فَيُضَحِّي بِهَا، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
(1) المغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 105، 106، تحفة المحتاج 8 / 163.
آخَرُ، وَإِنِ اشْتَرَى دُونَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَرْقِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَصَل بِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إِنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْقِيمَةِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ بَيْعُ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ وَإِبْدَالُهَا، وَأَمَّا الَّتِي لَمْ تَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَبْدِل بِهَا مَا هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَقَل مِنْهَا.
فَإِذَا اخْتَلَطَتْ مَعَ غَيْرِهَا وَاشْتَبَهَتْ وَكَانَ بَعْضُ الْمُخْتَلَطِ أَفْضَل مِنْ بَعْضٍ كُرِهَ لَهُ تَرْكُ الأَْفْضَل بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. (2)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الأُْضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ وَلَا إِبْدَالُهَا وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَدِّل الأُْضْحِيَّةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ (3) .
47 -
(الأَْمْرُ الثَّالِثُ) : - مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل التَّضْحِيَةِ - بَيْعُ مَا وُلِدَ لِلشَّاةِ الْمُتَعَيِّنَةِ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ بَيْعُهُ، لأَِنَّ أُمَّهُ تَعَيَّنَتْ لِلأُْضْحِيَّةِ، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الأُْمَّ فِي الصِّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَكَانَ يَجِبُ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِ حَتَّى يُذْبَحَ مَعَهَا. فَإِذَا بَاعَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ.
وَقَال الْقُدُورِيُّ: يَجِبُ ذَبْحُ الْوَلَدِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا جَازَ، لأَِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَسْرِ إِلَيْهِ وَلَكِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ،
(1) البدائع 5 / 79.
(2)
الدسوقي 2 / 123، وبلغة السالك 1 / 311.
(3)
المغني لابن قدامة 11 / 112.
فَكَانَ كَجِلِّهَا وَخِطَامِهَا، (1) فَإِنْ ذَبَحَهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ بِهِ حَيًّا، وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ، وَإِذَا ذُبِحَ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ، فَإِنْ أَكَل مِنْهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَل.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ بَيْعُ وَلَدِ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ، وَيُنْدَبُ ذَبْحُ وَلَدِ الأُْضْحِيَّةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ أَمْ لَا إِذَا خَرَجَ قَبْل ذَبْحِهَا، فَإِذَا ذُبِحَ سُلِكَ بِهِ مَسْلَكَ الأُْضْحِيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يُذْبَحْ جَازَ إِبْقَاؤُهُ وَصَحَّتِ التَّضْحِيَةُ بِهِ فِي عَامٍ آخَرَ.
وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ الذَّبْحِ، فَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا، وَكَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ كَانَ كَجُزْءٍ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً وَجَبَ ذَبْحُهُ لاِسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ. (2)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا نَذَرَ شَاةً مُعَيَّنَةً أَوْ قَال: جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً، أَوْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَوَلَدَتْ الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ وَجَبَ ذَبْحُ وَلَدِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَفْرِقَتُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ أُمِّهِ، إِلَاّ إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ فَيَجِبُ تَفْرِقَتُهُ عَلَيْهِمْ، وَوَلَدُ الأُْضْحِيَّةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَا يَجِبُ ذَبْحُهُ، وَإِذَا ذُبِحَ لَمْ يَجِبِ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَيَجُوزُ فِيهِ الأَْكْل وَالتَّصَدُّقُ وَالإِْهْدَاءُ، وَإِذَا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يُغْنِ عَنْ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. (3)
(1) الجل: بضم الجيم وفتحها هو ما تغطى به الدابة لصيانتها ويجمع على جلال. والخطام، بكسر الخاء الزمام الذي تقاد به البهيمة وسمي خطاما، لأنه في كثير من الأحيان يوضع في خطمها أي أنفها.
(2)
الدسوقي 2 / 122.
(3)
المنهج مع حاشية البجيرمي 4 / 299.