الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوُجُوبِ فَإِنَّ شِرَاءَهَا لَا يُوجِبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا مَعَهُ سِتَّةً أَوْ أَقَل يُرِيدُونَ الْقُرْبَةَ، لَكِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لأَِنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَعْدًا أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا كُلَّهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِخْلَافُ الْوَعْدِ مَكْرُوهٌ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ مِمَّنْ أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه دِينَارًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَى شَاةً وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ، وَاشْتَرَى بِأَحَدِهِمَا شَاةً وَجَاءَ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ، فَأَمَرَهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّاةِ، وَيَتَصَدَّقَ بِالدِّينَارِ (1) هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (2)
وَخَالَفَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَأَجَازُوا أَنْ يَشْتَرِكَ مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ مَعَ مُرِيدِ اللَّحْمِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ سُبْعُ الْبَدَنَةِ، وَلِمُرِيدِ الْهَدْيِ سُبْعُهَا، وَلِمُرِيدِ الْعَقِيقَةِ سُبْعُهَا، وَلِمُرِيدِ اللَّحْمِ بَاقِيهَا، فَذُبِحَتْ بِهَذِهِ النِّيَّاتِ جَازَ، لأَِنَّ
(1) حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أخرجه الترمذي وأبو داود بهذا المعنى. أما حديث الترمذي فمنقطع لعدم سماع حبيب من حكيم. كما أن في إسناد أبي داود راويا مجهولا. وأخرج البخاري القصة من حديث عروة، وليس فيه ذكر التصدق، وقال ابن حجر: له متابع عند أحمد وأبي دا وعون المعبود 3 / 264 - 266 ط الهند، وفتح الباري 6 / 632 - 635 ط السلفية، ونيل الأوطار 6 / 5 - 6 ط دار الجيل) .
(2)
البدائع 5 / 71 - 72، حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 201.
الْفِعْل إِنَّمَا يَصِيرُ قُرْبَةً مِنْ كُل وَاحِدٍ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ شَرِيكِهِ، فَعَدَمُ النِّيَّةِ مِنْ أَحَدِهِمْ لَا يَقْدَحُ فِي قُرْبَةِ الْبَاقِينَ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَجُوزُ الاِشْتِرَاكُ فِي الثَّمَنِ أَوِ اللَّحْمِ، فَإِنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الثَّمَنِ، بِأَنْ دَفَعَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مِنْهُ، أَوِ اشْتَرَكُوا فِي اللَّحْمِ، بِأَنْ كَانَتِ الشَّاةُ أَوِ الْبَدَنَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ لَمْ تُجْزِئْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ إِشْرَاكِهِمْ فِي الثَّوَابِ مِمَّنْ ضَحَّى بِهَا قَبْل الذَّبْحِ كَمَا مَرَّ.
وَقْتُ التَّضْحِيَةِ مَبْدَأٌ وَنِهَايَةٌ
مَبْدَأُ الْوَقْتِ:
39 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَدْخُل وَقْتُ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ، وَهَذَا الْوَقْتُ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُضَحِّي فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ. لَكِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي صِحَّتِهَا لِمَنْ يُضَحِّي فِي الْمِصْرِ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَوْ قَبْل الْخُطْبَةِ، إِلَاّ أَنَّ الأَْفْضَل تَأْخِيرُهُ إِلَى مَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَإِذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْمِصْرِ كَفَى فِي صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ الْفَرَاغُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ الْمَوَاضِعِ.
وَإِذَا عُطِّلَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِأَنْ تَزُول الشَّمْسُ، ثُمَّ يَذْبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ يُضَحِّي فِي غَيْرِ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ هَذِهِ الشَّرِيطَةُ، بَل يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، لأَِنَّ أَهْل غَيْرِ الْمِصْرِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ.
(1) المجموع للنووي 8 / 397، والمغني لابن قدامة 11 / 97، 118.