الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمْرَهُ، وَمِنْهُمُ الْغَائِبُ الصَّغِيرُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمُ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَمِنْهُمُ الْوَرَثَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فِي مَال الْمَيِّتِ وَفِيهِمُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ. (1)
فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَادُّعِيَتِ الدَّعْوَى وَكَانَتْ مُسْتَوْفِيَةَ الشُّرُوطِ، طَلَبَ الْقَاضِي مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابَ عَنْهَا، وَسَارَ الْقَاضِي فِيهَا حَسْبَمَا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ.
فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى، فَهَل يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى الإِْقْرَارِ حَالاً، أَوْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ إِجْرَاءً آخَرَ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا؟
قَال الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ آخَرَ كَالإِْعْذَارِ وَنَحْوِهِ. (2)
وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الإِْقْرَارِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الإِْقْرَارِ شَاهِدَانِ.
وَفِي الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلَاتٌ فِي الإِْعْذَارِ إِلَى الْغَائِبِ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فِي حُكْمِ الإِْعْذَارِ وَفِي وَقْتِهِ، وَفِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يُعْذَرُ إِلَيْهِ فِيهَا، وَفِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَمْتَنِعُ الإِْعْذَارُ إِلَيْهِ.
وَفُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ إِلَاّ بَعْدَ الإِْعْذَارِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُقْضَى عَلَيْهِ. وَتَخْتَلِفُ الْمَذَاهِبُ
(1) تبصرة الحكام 1 / 72.
(2)
ابن عابدين 4 / 688، وقليوبي وعميرة 3 / 2.
فِي زَمَنِ الإِْعْذَارِ وَكَيْفِيَّتِهِ (1) .
مَا يَسْقُطُ بِهِ الإِْعْذَارُ:
17 -
قَال الْمَالِكِيَّةُ: كُل مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ دَعْوَى بِفَسَادٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ غَصْبٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ الإِْعْذَارِ إِلَيْهِ قَبْل الْحُكْمِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْفَسَادِ الظَّاهِرِ، أَوْ مِنَ الزَّنَادِقَةِ الْمَشْهُورِينَ بِمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ، فَلَا يُعْذَرُ إِلَيْهِمْ فِيمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ. كَمَا حَدَثَ بِالنِّسْبَةِ لأَِبِي الْخَيْرِ الزِّنْدِيقِ، لَمَّا شَهِدَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَاهِدًا أَمَامَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ بِأَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالْكُفْرِ وَالاِنْسِلَاخِ مِنَ الإِْيمَانِ، فَأَشَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنْ يُعْذَرَ إِلَيْهِ فِيمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ وَبَعْضٌ آخَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ يُقْتَل بِغَيْرِ إِعْذَارٍ، لأَِنَّهُ مُلْحِدٌ كَافِرٌ، وَقَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَقُتِل بِغَيْرِ إِعْذَارٍ، فَقِيل لأَِحَدِهِمْ أَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ وَجْهَ الْحُكْمِ، فَذُكِرَ أَنَّ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا بِالْقَتْل بِدُونِ إِعْذَارٍ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ قَطْعُ الإِْعْذَارِ عَمَّنِ اسْتَفَاضَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَاتُ فِي الظُّلْمِ، وَعَلَى مَذْهَبِهِ فِي السَّلَاّبَةِ وَالْمُغَيِّرِينَ وَأَشْبَاهِهِمْ، إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِمُ الْمَسْلُوبُونَ وَالْمُنْتَهَبُونَ أَنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِمْ - إِذَا كَانُوا مِنْ أَهْل الْقَبُول - بِدُونِ إِعْذَارٍ. وَكَذَلِكَ لَا يُعْذَرُ فِي مِثْل رَجُلٍ يَتَعَلَّقُ بِرَجُلٍ، وَجُرْحُهُ يُدْمِي، فَيُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ. وَفِي الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالرَّجُل فِي
(1) ابن عابدين 4 / 520، والفتاوى الطرطوسية / 313، وتبصرة الحكام 1 / 73، 139، والمغني 9 / 55، 61، وقليوبي وعميرة 4 / 30. وترى اللجنة أن هذه التفصيلات هي من قبيل الأوضاع الزمنية التي تتغير بتغير الظروف والملابسات بما يحقق اطمئنان القاضي إلى أن كلا من الخصمين قد أخذ حقه في المرافعة.