الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّبَبُ الثَّانِي: الإِْسْكَارُ أَوِ التَّخْدِيرُ أَوِ التَّرْقِيدُ:
10 -
فَيَحْرُمُ الْمُسْكِرُ، وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْل دُونَ الْحَوَاسِّ مَعَ نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ، كَالْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ، وَسَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالنَّبِيذِ الشَّدِيدِ الْمُسْكِرِ، أَمْ مِنَ الْحَيَوَانِ كَاللَّبَنِ الْمَخِيضِ الَّذِي تُرِكَ حَتَّى تَخَمَّرَ وَصَارَ مُسْكِرًا.
وَيَحْرُمُ أَكْل كُل شَيْءٍ مُخَدِّرٍ (وَيُقَال لَهُ: الْمُفْسِدُ) ، وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْل دُونَ الْحَوَاسِّ بِلَا نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ، كَالْحَشِيشَةِ.
وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْمُرَقِّدُ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْل وَالْحَوَاسَّ مَعًا، كَالأَْفْيُونِ وَالسَّيْكَرَانِ.
فَمَا كَانَ مِنَ الْمُسْكِرَاتِ الَّتِي تُشْرَبُ شُرْبًا فَإِنَّهُ يَتْبَعُ مَوْضُوعَ الأَْشْرِبَةِ، وَيُرَى تَفْصِيل أَحْكَامِهِ فِيهَا، وَقَدْ يُشَارُ إِلَيْهِ هُنَا بِمُنَاسَبَةِ الضَّرَرِ. وَمَا كَانَ مِنَ الْمُخَدَّرَاتِ أَوِ الْمُرَقِّدَاتِ الْجَامِدَةِ الَّتِي تُؤْكَل أَكْلاً فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي مَوْضُوعِ الأَْطْعِمَةِ هُنَا، وَقَدْ يُذْكَرُ فِي مَوْضُوعِ الأَْشْرِبَةِ بِالْمُنَاسَبَةِ.
السَّبَبُ الثَّالِثُ: النَّجَاسَةُ:
11 -
فَيَحْرُمُ النَّجِسُ وَالْمُتَنَجِّسُ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ: - فَالنَّجِسُ كَالدَّمِ.
- وَالْمُتَنَجِّسُ كَالسَّمْنِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ وَكَانَ مَائِعًا فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ كُلُّهُ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا يُنَجَّسُ مَا حَوْل الْفَأْرَةِ فَقَطْ، فَإِذَا طُرِحَ مَا حَوْلَهَا حَل أَكْل بَاقِيهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَنَجِّسِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: مَا سَقَطَ أَوْ سُمِّدَ بِنَجِسٍ، مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ لِتَنَجُّسِهِ،
وَلَا يَحِل حَتَّى يُسْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ، وَنُقِل فِي الإِْنْصَافِ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُهُ: لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ، بَل يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ، كَالدَّمِ يَسْتَحِيل لَبَنًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ. (1) وَمِمَّا يُذْكَرُ هُنَا أَنَّ رَوْثَ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ طَاهِرٌ، فَالتَّسْمِيدُ بِهِ لَا يُحَرِّمُ الزَّرْعَ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَسْقِيِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ وَلَا يَحْرُمُ. (2)
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَنَجِّسِ - عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ - الْبَيْضُ الَّذِي سُلِقَ بِمَاءٍ نَجِسٍ، (3) وَتَفْصِيلُهُ فِي (بَيْضٌ) .
السَّبَبُ الرَّابِعُ: الاِسْتِقْذَارُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ:
12 -
وَمَثَّل لَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَالْعَرَقِ وَالْمَنِيِّ، فَكُل هَذِهِ طَاهِرَةٌ مِنَ الإِْنْسَانِ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهَا لِلاِسْتِقْذَارِ. وَاسْتَثْنَوْا مَا كَانَ الاِسْتِقْذَارُ فِيهِ لِعَارِضٍ كَغُسَالَةِ يَدٍ فَلَا تَحْرُمُ. (4) وَمَثَّل الْحَنَابِلَةُ لِلْمُسْتَقْذَرَاتِ بِالرَّوَثِ وَالْبَوْل وَالْقَمْل وَالْبُرْغُوثِ. (5)
(1) الإنصاف 10 / 368، والمغني مع الشرح الكبير 11 / 82.
(2)
ابن عابدين 5 / 217، والخرشي 1 / 88، وتحفة المحتاج 8 / 149.
(3)
الشرح الصغير 1 / 57 ط - دار المعارف، وتحفة المحتاج 8 / 149.
(4)
مثلوا أيضا للاستقذار لسبب عارض باللحم إذا أنتن، فلا يحرم (تحفة المحتاج 8 / 148) ، ومعنى ذلك قطعا أنه لا يحرم استقذارا، فلا ينافي أنه يحرم طبا للضرر إذا كان إنتانه قد وصل إلى درجة ضارة، فإن الشافعية كغيرهم في تحريم تناول ما يضر (اللجنة) .
(5)
مطالب أولي النهى 6 / 309.