الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ لِمَا بَعْدَ أَدَاةِ الإِْضْرَابِ، وَجَعَل الأَْوَّل (الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ) كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُول مَثَلاً لِغَيْرِ الْمُدْخَل بِهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَل ثِنْتَيْنِ، أَوْ يَقُول فِي الإِْقْرَارِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَل دِرْهَمَانِ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِثْنَاءُ:
2 -
الاِسْتِثْنَاءُ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ دُخُول بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ فِي حُكْمِهِ بِإِلَاّ أَوْ بِإِحْدَى أَخَوَاتِهَا. أَوْ هُوَ قَوْلٌ وَصِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ مَحْصُورَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ بَعْدَ أَدَاةِ الاِسْتِثْنَاءِ لَمْ يُرَدْ بِالْقَوْل الأَْوَّل.
فَهُوَ عَلَى هَذَا يُخَالِفُ الإِْضْرَابَ، لأَِنَّ الإِْضْرَابَ إِقْرَارٌ لِلأَْوَّل عَلَى رَأْيٍ، وَتَبْدِيلٌ لَهُ عَلَى رَأْيٍ آخَرَ، وَهَذَا يُخَالِفُ الاِسْتِثْنَاءَ، لأَِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ تَغْيِيرٌ لِمُقْتَضَى صِيغَةِ الْكَلَامِ الأَْوَّل وَلَيْسَ بِتَبْدِيلٍ، إِنَّمَا التَّبْدِيل أَنْ يَخْرُجَ الْكَلَامُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا بِالْوَاجِبِ أَصْلاً (2) .
ب - النَّسْخُ:
3 -
النَّسْخُ رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّسْخِ وَبَيْنَ الإِْضْرَابِ أَنَّ الإِْضْرَابَ مُتَّصِلٌ، أَمَّا النَّسْخُ فَمُنْفَصِلٌ (3) .
(1) مسلم الثبوت 1 / 236.
(2)
مسلم الثبوت 1 / 236، وكشف الأسرار 3 / 840 ط الآستانة 1307 هـ.
(3)
مسلم الثبوت 2 / 53، وكشف الأسرار 3 / 8381.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ، وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 -
(الإِْضْرَابُ) إِبْطَالٌ وَإِلْغَاءٌ لِلأَْوَّل وَرُجُوعٌ عَنْهُ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ مَا بَيْنَ الإِْنْشَاءِ وَالإِْقْرَارِ: فَلَا يُقْبَل رُجُوعُ الْمُقِرِّ عَنْ إِقْرَارِهِ إِلَاّ فِيمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَيُحْتَاطُ لإِِسْقَاطِهِ، فَأَمَّا حُقُوقُ الآْدَمِيِّينَ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَلَا يُقْبَل رُجُوعُهُ عَنْهَا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. (1) وَيُفَصِّل الْحَنَفِيَّةُ حُكْمَ الإِْضْرَابِ فَيَقُولُونَ: الأَْصْل فِي ذَلِكَ أَنَّ " لَا بَل " لاِسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ، وَالْغَلَطُ إِنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ، إِلَاّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ كَانَ رُجُوعًا عَنِ الأَْوَّل فَلَا يُقْبَل، وَيَثْبُتُ لِلثَّانِي بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي، وَإِذَا كَانَ الإِْقْرَارُ الثَّانِي أَكْثَرَ صَحَّ الاِسْتِدْرَاكُ، وَيُصَدِّقُهُ الْمُقَرُّ لَهُ. وَإِنْ كَانَ أَقَل كَانَ مُتَّهَمًا فِي الاِسْتِدْرَاكِ، وَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يُصَدِّقُهُ فَيَلْزَمُهُ الأَْكْثَرُ، فَلَوْ قَال: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، لَا بَل أَلْفَانِ يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ، وَهَذَا عِنْدَ غَيْرِ زُفَرَ، أَمَّا عِنْدَهُ فَيُلْزَمُ بِإِقْرَارَيْهِ (الأَْوَّل وَالثَّانِي) أَيْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَجْهُ قَوْل زُفَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فَيَلْزَمُهُ، وَقَوْلُهُ:" لَا " رُجُوعَ، فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفَيْنِ فَصَحَّ الإِْقْرَارُ، وَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، لَا بَل اثْنَتَيْنِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الإِْقْرَارَ إِخْبَارٌ يَجْرِي فِيهِ الْغَلَطُ فَيَجْرِي فِيهِ الاِسْتِدْرَاكُ فَيَلْزَمُهُ الأَْكْثَرُ، وَالطَّلَاقُ إِنْشَاءٌ وَلَا يَمْلِكُ إِبْطَال مَا أَنْشَأَ فَافْتَرَقَا.
كَمَا أَنَّ الأَْصْل أَنَّ " لَا بَل " مَتَى تَخَلَّلَتْ بَيْنَ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ لَزِمَ الْمَالَانِ الْمُقِرَّ (2) وَتَفْصِيلُهُ فِي الإِْقْرَارِ وَالأَْيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.
(1) المغني 5 / 172، 173 ط الرياض.
(2)
الاختيار 2 / 134 ط المعرفة.