الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَصِحَّ الاِعْتِكَافُ، لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ الاِعْتِكَافِ لِلنَّهَارِ.
مِثَالُهُ: لَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا، أَوْ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ، ثُمَّ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنِ اعْتَكَفَ هَذَا الْيَوْمَ، لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ، لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ النَّهَارِ بِالاِعْتِكَافِ، وَعَدَمِ اسْتِيعَابِهِ بِالصَّوْمِ الْوَاجِبِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَقَلُّهُ أَكْثَرُ النَّهَارِ، فَإِنْ كَانَ قَالَهُ قَبْل نِصْفِ النَّهَارِ لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْهُ قَضَاهُ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِعْتِكَافَ بِقِسْمَيْهِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ يَصِحُّ بِأَيِّ صَوْمٍ كَانَ سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ، أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ، أَوْ أُطْلِقَ كَتَطَوُّعٍ، فَلَا يَصِحُّ الاِعْتِكَافُ مِنْ مُفْطِرٍ، وَلَوْ لِعُذْرٍ، فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ (2) .
نَذْرُ الاِعْتِكَافِ:
19 -
إِذَا نَذَرَ الاِعْتِكَافَ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُنَجَّزًا أَمْ مُعَلَّقًا، وَيَنْقَسِمُ إِلَى مُتَتَابِعٍ وَغَيْرِ مُتَتَابِعٍ، أَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً.
أ -
النَّذْرُ الْمُتَتَابِعُ:
20 -
وَذَلِكَ كَأَنْ يَنْذِرَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةً، أَوْ شَهْرًا مُتَتَابِعًا مَثَلاً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا (3) ، فَلَوْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ اسْتِثْنَاؤُهُ بِفَوَاتِ التَّتَابُعِ.
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 120، 121 ط بولاق، والفتاوى الهندية 1 / 211.
(2)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 542.
(3)
كشاف القناع 2 / 348، وبلغة السالك 1 / 542.
ب -
النَّذْرُ الْمُطْلَقُ وَالْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ:
21 -
وَهُوَ أَنْ يُنْذِرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ، فَإِنْ نَوَى أَيَّامًا غَيْرَ مُتَتَابِعَةٍ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ مُتَتَابِعَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّ إِيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مُتَتَابِعًا إِذَا أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا لَزِمَهُ الاِسْتِقْبَال، كَصَوْمِ الظِّهَارِ وَالْقَتْل. وَالإِْطْلَاقُ فِي الاِعْتِكَافِ كَالتَّصْرِيحِ بِالتَّتَابُعِ، بِخِلَافِ الإِْطْلَاقِ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الاِعْتِكَافَ يَدُومُ بِاللَّيْل وَالنَّهَارِ، فَكَانَ مُتَّصِل الأَْجْزَاءِ، وَمَا كَانَ مُتَّصِل الأَْجْزَاءِ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ إِلَاّ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ لَيْلاً، فَكَانَ مُتَفَرِّقًا، وَمَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فِي نَفْسِهِ لَا يَجِبُ الْوَصْل فِيهِ إِلَاّ بِالتَّنْصِيصِ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَاّ إِذَا نَذَرَهَا مُتَفَرِّقَةً فَتَجِبُ مُتَفَرِّقَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ عِنْدَهُمْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ التَّتَابُعُ، فَيَجُوزُ أَدَاؤُهُ مُفَرَّقًا (1) .
وَعَلَى هَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ خِلَال أَيَّامِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، إِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ احْتَاجَ إِلَى اسْتِئْنَافِ نِيَّةِ الاِعْتِكَافِ، سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ، لأَِنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ، وَهُوَ يُرِيدُ اعْتِكَافًا جَدِيدًا، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (2) .
(1) كشاف القناع 2 / 349، وبلغة السالك 1 / 542، ومغني المحتاج 1 / 453، وابن عابدين 2 / 131، والفتاوى الهندية 1 / 214، ومغني المحتاج 1 / 454، وحاشية العدوي مع شرح أبي الحسن 1 / 409، وابن عابدين 2 / 133، ط بولاق، والبحر الرائق 2 / 329 ط العلمية.
(2)
مغني المحتاج 1 / 453 - 454، والمقنع 1 / 282، وكشاف القناع 2 / 355.